مقالات طبية

شهادات الإعتماد في المستشفيات

شهادات الإعتماد في المستشفيات

أسسها وأهميتها والفوائد المرجوّة منها

إن حصول المستشفى على شهادة اعتماد يسهم في إظهار نقاط التميّز على مستوى الخدمات الصحية والرعاية الآمنة والفعّالة التي يتم تقديمها للمرضى؛ تساعد هذه البيئة على تحسين سلامة المريض من جهة ورفع كفاءة الطاقم الطبي ومقدمي الرعاية الصحية من جهة ثانية ليكونوا على اطلاع دائم بكل ما هو جديد في مجال الرعاية الصحية.

اليوم، وفي ظل الإستثمارات الضخمة التي تُصرف في القطاع الصحي، يزداد الطلب على تحسين نوعية الخدمة المقدّمة في المستشفى لتزداد معها التوقعات العامة على أهمية التحكم بجودة خدمات المستشفيات وسبل تحسينها، والحصول على شهادة اعتماد من جهة مرموقة هي أولى الخطوات نحو تحقيق هذا الهدف.

الدراسات الحديثة أثبتت العلاقة الوطيدة بين برامج الإعتماد في المستشفيات وتحسين الخدمات الصحية التي تقدمها، فأضحى اليوم اعتماد المستشفيات شرطًا أساسيًا لجميع منشآت الرعاية الصحية الراغبة في الّلحاق بركب التطور وتوفير الكفاءة والجودة والسلامة في خدمات الرعاية الصحية للمرضى. الإعتماد إذن هو عملية تقييم معترف بها دولياً تُستخدم لتقييم المنشأة الصحية وإعطائها شهادة تثبت كفاءة عملها، على أن يعاد تقييمها وتحديثها في أطر زمنية منتظمة لضمان مستوى الجودة والتحسين المستمر.

كل مستشفى يحرص على توفير فريق متميز من مقدمي الرعاية الصحية ذوي خبرة عالية ومدرب على تقديم الرعاية الطبية اللازمة القائمة على الأدلة مع الإلتزام الصارم ببروتوكولات العلاج الدولية، حيث يساعد الإعتماد أي مستشفى أو منشأة صحية على تعزيز رعاية المريض في عملية متواصلة لتحسين برامج الجودة بشكل يلبي، وربّما يتجاوز، توقعات المرضى. 

تقييم ذاتي وخارجي

لقد تحوّل اعتماد المستشفيات في هذا العصر إلى جزء أساسي من رحلة التطور المستمر، وتأكيداً على التزامها برعاية المرضى وتعزيز ثقافة السلامة والجودة والسعي نحو التحسين المستمر. 

ورغم أن لكل منشأة أو مستشفى نوعًا من المعايير والقواعد الداخلية لنظام العمل، لكن حصولها على شهادة اعتماد يضمن أنها تفي بالخصائص والمعايير التي تضعها منظمة خارجية معترف بها. يُعتبر الإعتماد عملية متعددة الخطوات تبدأ بالتقييم الذاتي من قبل المؤسسة ومن ثم تخضع للتقييم الخارجي من قِبل خبراء مستقلين لاتخاذ قرار نهائي على أساس معايير تقييم الجودة المقبولة دولياً للتأكد من مواكبة التطور العلمي في مجالات المواصفات والمقاييس وتقييم المطابقة واعتماد المختبرات، لتُمنح بعد ذلك الشهادة العالمية المرموقة بعد أن تحقق أعلى مستويات الامتياز في سياساتها وإجراءاتها الخاصة.

المواصفات المطلوبة يجب أن تكون واضحة بما يكفي لكي تتمكن المستشفيات من فهم أهداف المعايير والأدلة المطلوبة لإثبات امتثالها لها. وهنا، يمكن لمنظمة الإعتماد المساعدة في إرشادات تكميلية مفصلة مثل إخضاع العاملين ومقدمي الرعاية الصحية لدورات تدريبية للتركيز على سلامة المريض وتحسين الجودة بشكل متواصل، بالإضافة إلى معالجة التغييرات الديناميكية في بيئة الرعاية الصحية. وعليه، تعتبر معايير الجودة في المستشفيات والمنشآت الصحية بمثابة لغة مشتركة على المستوى المحلي والمستوى الدولي لتحديد الجودة ووضع أسس السلامة للخدمة التي يتم تقديمها، حيث تضع المستشفيات معايير محدّدة وتعمل باستمرار على تطويرها التزاماً منها بتطبيق أعلى معايير الجودة في الرعاية الصحية من قبل جميع الأفرقاء ضمن بيئة العمل.

الأسس والمعايير

تبقى سلامة المرضى هي الهدف الأسمى الذي يسعى إليه كل مستشفى إثر تطبيقه مجموعة من التدابير والإجراءات لحماية المريض من أيّ خطأ طبي أو نتائج سلبية أثناء تلقيه الخدمات الصحية التي يحتاجها. تتمثّل أهم الأسس والمعايير التي تسعى المنشآت الصحية إلى اكتسابها خلال رحلتها للحصول على شهادة الإعتماد تقديم خدمات صحية ذات مستوى مرموق من الجودة بهدف رضا العملاء الذين هم المرضى، والعمل على تحسين تلك الخدمات باستمرار والتفوق على احتياجاتهم، واستغلال الموارد البشرية والمادية للوصول إلى الهدف المنشود. لتحقيق الهدف المنشود، وضعت الجهات المعنية مواصفات ومقاييس صارمة ومنضبطة لإدارة جودة الرعاية الصحية، التي تركز على تقديم أفضل رعاية صحية وتستهدف إرضاء المرضى مع أقصى درجات السلامة. 

تتمثل التوقعات طويلة الأجل في تحسين رعاية المرضى وسلامتهم من خلال الوصول إلى الخبرة اللازمة وتحسين النتائج وجودة الخدمة إضافة إلى تحديد المبادئ الأخلاقية وتطبيقها أثناء رعاية المرضى. إن شهادة الإعتماد تلعب دوراً أساسياً في تعزيز رعاية المريض كونها عملية متواصلة من تحسين الجودة، وتتوافر اليوم العديد من برامج الإعتماد المتخصصة والتي يمكن للمستشفيات الحصول عليها لضمان تطبيق مستوى جودة عالٍ لخدماتها.

تُوفر تلك الإعتمادات كذلك دليلاً ملموساً على التزام المستشفى بتحسين مستوى جودة الرعاية المقدمة للمرضى، وذلك لضمان وجود بيئة آمنة والعمل باستمرار على تقليل أي مخاطر ممكنة قد يواجهُها المرضى أو كادر العمل. فمعايير الإعتماد المتّبعة ضمن المنشآت الصحية وُضعت على أساس مبدأ التطور المستمر من أجل تحسين جودة الرعاية.يقوم مجموعة من الخبراء الدّوليين بتدريس برامج الإعتماد الواجب اتّباعها للحصول على الشهادة عبر القيام بورشات عمل وبرامج تدريبية وأنشطة إجتماعية وغيرها، على أن يتم بعد ذلك تتبّع العمل ضمن بيئة المستشفى على اختلاف أقسامها وتقييم الخدمة المقدّمة والجهود المعتمدة في سبيل تحسين الجودة، حيث يساعد الإعتماد المستشفى على تعزيز رعاية المريض في عملية متواصلة من تحسين الجودة. وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن الحفاظ على الصحة وتحسين نوعية الخدمات الطبية يسهم في الحد من معدل الوفيات؛ للوصول إلى الهدف المنشود، ينبغي أن تكون الخدمة الصحية آمنة وفعّالة يتم تقديمها في الوقت المناسب وبشكل كفوء.

من أهم الأسس المعتمدة في المستشفيات ما يلي:

  • تقديم الرعاية الصحية بطريقة تقلّل من المخاطر والأخطاء الطبية والأضرار التي قد تلحق بالمرضى.
  • تقديم الرعاية الصحية في الوقت المناسب، وتقليص فترات الإنتظار والتأخير لما له من تأثيرات سلبية على صحة المريض.
  • تقديم الرعاية الصحية لجميع المرضى من دون أي تمييز وبشكل منصف مهما كانت الحالة الاجتماعية للمريض من حيث الجنس والعرق والموقع الجغرافي والحالة الاقتصادية وغيرها من الخصائص؛ الرعاية الصحية يجب أن تكون بالكفاءة ذاتها لجميع المرضى من دون استثناء.
  • متابعة التطورات والعمل على تحسين الخدمة المقدّمة للمرضى بشكل يفوق توقعاتهم.

فوائد وإيجابيات 

الحصول على شهادة اعتماد معترف بها دولياً هو دليل ملموس على التزام المؤسسة بتحسين مستوى جودة الرعاية المقدمة للمرضى، ووجود بيئة آمنة والعمل باستمرار على تقليل أي مخاطر ممكنة قد يواجهها المرضى أو كادر العمل. يكتسب المستشفى ثقة المرضى وكذلك المجتمع في الرعاية الصحية التي سيحصلون عليها عند الحاجة؛ فقد بات جلياً بالنسبة لهم أن هذا المستشفى في سعي دؤوب نحو تقديم أرقى الخدمات الطبية وأكثرها دقة وحداثة طالما أنه يحصل على شهادة الإعتماد باستمرار. لقد بات لدى المجتمع الوعي الكافي بأهمية حصول المستشفى على الإعتماد الدولي والجهد المستمر الذي يبذله للحفاظ على هذا الإعتماد وهو ما ينعكس من خلال الخدمة المقدّمة للمرضى.

من فوائد الحصول على شهادة اعتماد دولية أيضاً تحسين الكفاءة والعمليات التشغيلية، حيث يُمكن أن يساعد الإعتماد في الرعاية الصحية المنشآت الصحية على إجراء تحوّلات استراتيجية إذ توفر معظم المعايير إطارًا للمساعدة على إنشاء نظام عمل أفضل لتحقيق التميز التشغيلي. 

تقليص الأخطاء الطبية والحد من حصولها، فالتحضير للاعتماد يتطلّب إجراء مراجعة شاملة لكيفية عمل كل قسم بدقة متناهية ما يتيح اكتشاف مكامن الخلل والفجوات التي تكون فيها أكثر عرضة للخطر فيتم العمل على تعزيزها مع مراقبتها باستمرار من أجل ضمان عدم حصول أي خطأ؛ وبهذا، يستفيد المستشفى من رفع مستوى الخدمة الطبية خلال فترة تحضيره للحصول على الإعتماد.

ومن أبرز فوائد الإعتماد اكتساب ميزة التنافسية، حيث تسعى المستشفيات إلى إظهار أفضل ما لديها لتكون الخيار الأول للمرضى.

مع حصول المستشفى على شهادة اعتماد معترف بها دولياً، فإن ذلك يفتح الآفاق أمام الشراكات الجديدة لاستقطاب كفاءات خارجية، فضلاً عن السعي نحو توفير أحدث التقنيات والأجهزة الطبية فتتغير السياسات والإجراءات المتبعة لتسير نحو الأفضل والأكثر جودة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى