مقابلات

الدكتور علي يوسف 

الدكتور علي يوسف 

الأخصائي في التورّم الخبيث والأورام في مركز كليمنصو الطبي في بيروت

“منظار المعدة العلوي هو الأساس في تشخيص سرطان المعدة”

تشكّل جرثومة المعدة Helicobacter pylori أحد أهم مسبّبات سرطان المعدة في حال عدم علاجها، حيث يمكن أن تبقى لسنوات قبل اكتشاف وجودها فتتفاقم الأعراض. الدكتور علي يوسف، الأخصائي في التورّم الخبيث والأورام في مركز كليمنصو الطبي في بيروت تحدّث إلى مجلة “المستشفى العربي” عن سرطان المعدة وأبرز مسبّباته بالإضافة إلى سبل العلاج المعتمدة. دكتور يوسف لفت إلى أن سرطان المعدة لا يدخل ضمن الأمراض التي تخضع لبرنامج الكشف المبكر في بلادنا العربية، على عكس أمراض سرطانية أخرى مثل سرطان الثدي أو القولون أو عنق الرحم، نظراً لعدم انتشاره بشكل كبير كما هو الحال في بعض الدول الأخرى مثل اليابان والصين وكوريا الجنوبية بسبب نوعية الغذاء المعتمد في تلك الدول. لكن ذلك لا يمنع أنه موجود ولو بحالات أقل؛ السبب في ذلك، بحسب دكتور يوسف أنه ومع الأسف فإن التغيّرات الحاصلة في نمط الحياة من حيث تناول الأطعمة غير الصحية وعدم القيام بالنشاط البدني اللازم زادت من مخاطر التعرّض لسرطان المعدة خصوصاً مع زيادة حالات ارتجاع حمض المعدة إلى المريء التي تعتبر من المسبّبات الأساسية لسرطان المعدة مع مرور الوقت والتقدّم في السن وعدم العلاج. وفي هذا الإطار، لفت دكتور يوسف إلى وجود نوعين من سرطان المعدة، الأول يصيب تجويف المعدة وداخلها والثاني ما بين المعدة والمريء) Gastro Esophageal Junction Cancer) وهو ما بتنا نراه اليوم في العيادات أكثر من قبل. هناك بعض الأنواع الأخرى مثل التورم الليمفاوي في المعدة ولكنه يندرج ضمن سرطانات الجهاز الليمفاوي، بالإضافة إلى أنواع أخرى، إلا أن علاج مثل تلك الحالات مختلف عن سرطان المعدة الأساسي.

علامات تستدعي القلق

عن أبرز العلامات التي تنذر بوجود سرطان المعدة وتستدعي الحصول على استشارة طبية، يقول دكتور يوسف إن وجود بعض الحالات المرضية مثل قرحة المعدة أو ارتجاع حمض المعدة يستدعي المتابعة الدورية مع الأخصائي في أمراض الجهاز الهضمي لأن هذه الحالات قد تكون من العلامات الأولى وقد تسهم في تطور السرطان مع التقدم في السن ما يتطلب معالجتها والسيطرة على عوارضها ومضاعفاته للحد من تطورها.

جرثومة المعدة Helicobacter pylori  تعتبر أحد أهم مسبّبات الإصابة بسرطان المعدة بحسب منظمة الصحة العالمية؛ يقول دكتور يوسف: “ في حال عدم الكشف عن هذه الجرثومة في وقت مبكر وتناول العلاج المناسب لها، من الممكن أن تتسبّب بحدوث السرطان مع مرور السنوات والتقدم في السن. تصيب هذه البكتيريا الأنسجة الواقية التي تبطن المعدة، ما يؤدي إلى إطلاق بعض الإنزيمات والسموم، فتصاب خلايا المعدة أو الإثني عشر بشكل مباشر أو غير مباشر. مع الوقت، يصاب جدار المعدة والإثني عشر بالتهاب مزمن ما يعرّضها للتلف الناجم عن عصارات الجهاز الهضمي مثل حامض المعدة”.

من الأعراض والعلامات أيضا فقدان الشهية غير المبرر وخسارة الوزن وآلام المعدة والنفخة. كما يزداد خطر الإصابة بسرطان المعدة مع التقدم في السن أي فوق عمر الـ60، ورغم أن هذا المرض يمكن أن يصيب الناس في أي عمر إلا أنه أكثر شيوعاً مع التقدم في السن أي فوق عمر الخمسين.

الكشف المبكر

يؤكد دكتور يوسف أن الكشف المبكر والمتابعة الدورية لدى الطبيب المتخصص هما السبيل نحو السيطرة على المرض والشفاء منه.  ويعتبر منظار المعدة العلوي هو الأساس في تشخيص سرطان المعدة حيث يساعد الطبيب على رؤية تجويف المعدة بشكل واضح مع إمكانية أخذ عيّنات (خزعة) لتحليلها في المختبر ومعرفة نوع الخلايا.

اليوم، تطوّرت آليات إجراء منظار المعدة بفضل تطور التخدير بحيث لا ينزعج المريض على الإطلاق أثناء إجرائه؛ يساعد التنظير الداخلي في تحديد مسبّبات بعض العلامات والأعراض الهضمية، مثل حرقة المعدة والغثيان والقيء وألم البطن وصعوبة البلع والنزيف المعدي المعوي.

كما يتيح فرصة لجمع عيّنات وتحليلها للكشف عن أمراض عن الإصابة ببعض أنواع سرطان الجهاز الهضمي العلوي.

العلاجات

عن آليات علاج سرطان المعدة، يقول دكتور يوسف إن الجراحة هي العلاج الأساسي لسرطان المعدة وقد تطورت بشكل ملحوظ في السنوات الماضية. وفي هذا الإطار، تناول دكتور يوسف التطور الحاصل على مستوى عمليات التنحيف ودوره في تطور جراحات سرطان المعدة. وتابع بالقول: “بعد أن تحول التنحيف والحصول على جسم مثالي هو التوجه المعتمد لدى الكثير من الناس، بالإضافة إلى أهمية خسارة الوزن في الوقاية من تطور بعض الأمراض وربما علاجها مثل السكري من النوع الثاني، تطوّرت الجراحات التي تهدف إلى تصغير حجم المعدة وباتت تتم اليوم بشكل آمن مثل عملية تكميم المعدة (Gastric Sleeve)، وتحويل مسار الأمعاء (Gastric Bypass)”.

لكن جراحة السرطان مختلفة بعض الشيء ولا تتم بالطريقة ذاتها، بحيث يجب إزالة المعدة بأكملها؛بعد إجراء منظار المعدة للتأكد من مدى انتشار الورم إلى جانب غير من الفحوصات المخبرية والشعاعية مثل الصور المقطعية أو التصوير النووي (CT Scan and/ or PET Scan or Endoscopic Ultrasound، يحدّد الطبيب مكان تواجد الورم فيما إذا كان في تجويف المعدة أو على مسافة قريبة من المريء أو في أسفل المعدة؛ عندها، يبدأ عمل الجرّاح، فوجود السرطان في تجويف المعدة أو على مقربة من المريء يستدعي استئصالها بالكامل بحيث يتم إحداث وصلة ما بين المريء والإثني عشر ليتمكن المريض من تناول الطعام كما هو الحال في عمليات تحويل مسار الأمعاء؛ أما إذا كان الورم السرطاني في أسفل المعدة فيتم استئصال جزء منها وربما يكون ثلثيها أو أكثر”.

بالحديث عن الجراحات المتبعة، أكد دكتور يوسف أنها تطوّرت بشكل ملحوظ في الحقبة الأخيرة وأسهم ذلك في إطالة معدلات البقاء على قيد الحياة ما بين المرضى الذين أجروا هذا النوع من الجراحات، لكنهم طبعاً خسروا الكثير من الوزن وهو أمر طبيعي في مثل هذه الحالات.

في الختام، أكد دكتور يوسف أن أهم ما في الأمر هو الكشف المبكر قبل أن ينتقل الورم إلى أعضاء أخرى أو إلى الجهاز الليمفاوي فيتطلّب ذلك اتباع بروتوكولات علاجية أخرى إلى جانب الجراحة. 

وعليه، لكل من يعاني من أعراض ومشاكل في الجهاز الهضمي لفترات طويلة يتوجب عليه إجراء منظار المعدة للتأكد من سلامتها؛ وبالتأكيد فإن اتباع نمط غذائي صحي والإمتناع عن التدخين وممارسة النشاط البدني كلها خطوات تقي المريض من تطور الأورام”.

 www.cmc.com.lb

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى