مقابلات

الدكتور عادل الطبشي

الدكتور عادل الطبشي

الأخصائي في أمراض الدم والأورام والمتخصص في علاج الأورام النسائية والثدي في مركز كليمنصو الطبي في بيروت

“الوقاية تبقى أفضل من العلاج مهما كان متطوراً”

كثيرة هي المؤتمرات الطبية التي تتناول التطورات حول علاج سرطان الثدي، كان آخرها المؤتمر العالمي للأورام في أميركا  ASCO 2023 –  American Society of Clinical Oncology الذي ضمّ عدداً كبيراً من الأطباء تبادلوا الخبرات واستفادوا من الأبحاث والأوراق العلمية في مجال السرطان عموماً وسرطان الثدي على وجه الخصوص. الدكتور عادل الطبشي، الأخصائي في أمراض الدم والأورام والمتخصص في علاج الأورام لدى النساء والثدي في مركز كليمنصو الطبي في بيروت، أثنى في حديثه إلى مجلةالمستشفى العربيعلى الكم الهائل من العلاجات المتقدّمة التي يتم طرحها في المؤتمرات العلمية والتي أفضت إلى علاج الكثير من حالات سرطان الثدي. الدكتور الطبشي أكّد على أهمية التخصص الفرعي لطبيب الأورام لما يمنحه ذلك من إلمام تام ينعكس على معالجة المرضى من خلال اكتسابه خبرة في هذا المجال دون سواه لاسيما في ظل ما نشهده اليوم من تطورات متلاحقة. الدكتور الطبشي، الحائز على شهادة البورد الأميركي في إختصاص الأورام وفي الطب الداخلي، يحظى بسنوات طويلة من الخبرة في مجال الأورام النسائية بعد أن مارس مهنته في مركز MD Anderson للسرطان في ولاية تكساس.

أحدث التطورات حول علاج السرطان وسرطان الثدي على وجه الخصوص. هلّا حدّثتنا عن أحدث العلاجات التي تم طرحها في مؤتمر ASCO الأخير؟

في الواقع هناك الكثير من المؤتمرات الهامة التي تبحث آخر التطورات العلاجية في مجال الأورام ويعتبر المؤتمر العالمي للأورام ASCO 2023 (American Society of Clinical Oncology -ASCO) في أميركا والذي يجمع تحت مظلّته حوالى 50 ألف طبيب وباحث لعرض الأوراق البحثية والدراسات التي تتناول أحدث الإكتشافات على مستوى الأورام والعلاجات لشتى أنواع السرطانات وسرطان الثدي من أهمها. 

من المؤتمرات في هذا المجال أيضاً ESMO وهو مؤتمر الجمعية الأوروبية للأورام الذي يُعقد في شهر أكتوبر من كل عام، بالإضافة إلى المنتدى السنوي المخصص حول سرطان الثدي في سان أنطونيو في شهر ديسمبر من كل عام والذي يجمع بدوره حوالى 20 ألف طبيب وباحث ويتمحور فقط حول سرطان الثدي.

بالعودة للحديث عن آخر التطورات على مستوى العلاجات، نحن اليوم نستخدم العلاجات المناعية لأنواع عدة من سرطان الثدي؛ فهناك دراسة شملت آلاف النساء المريضات اللواتي يعانين من سرطان الثدي ثلاثي السلبية (triple negative breast cancer)  خضعن للعلاجات المناعية في مقابل جزء آخر من النساء خضعن فقط للعلاج الكيميائي فأظهرت الدراسة نتائج واعدة على مستوى شفائهن وكذلك على مستوى إطالة أمد الحياة.

هناك اليوم أمل ملموس للحالات الأكثر عدوانية من سرطان الثدي والنتائج أظهرت أن العلاج الجديد يمنح المريضة الأمل في الشفاء فضلاً عن إطالة أمد حياتها وهو ما تركّز عليه الدراسات والأبحاث الطبية الآخذة بالإنتشار، إلى جانب نوعية الحياة بمعنى أن تكون المريضة قادرة على ممارسة حياتها الطبيعية قدر الإمكان.

فقبل طرح أي علاج جديد، نقوم بدراسات إكلينيكية على آلاف المريضات اللواتي وصلن إلى مراحل متقدمة من المرض؛ ومنذ بضع سنوات بدأنا بالدراسات حول فعالية العلاج المناعي على مريضات في المرحلة الرابعة تبيّن أنه يسهم في إطالة أمد الحياة، عندها قدّمنا هذا العلاج لحالات سرطانية أقل تقدماً أي في المرحلتين الثانية والثالثة فكانت النتائج واعدة وارتفعت نسبة الشفاء. 

ما هي الخصائص أو المميزات التي يتمتع بها العلاج المناعي في محاربته لسرطان الثدي؟

يعمل العلاج المناعي على تدريب جهاز المناعة لدى الإنسان ليتعرّف على الخلية السرطانية ويكتشفها ليقوم بعد ذلك بالقضاء عليها. PD1 –PDL1 هي مستقبلات تتواجد على الخلية السرطانية وهي أشبه بهوية الخلية التي تسمح لها بالمرور، الهوية تصبح مزوّرة إذا كانت سرطانية بالنسبة للجهاز المناعي فتخدعه. يأتي العلاج المناعي بكسر PD1  فيُفقد الخلية السرطانية هويتها ليقوم عندها جهاز المناعة لدى الإنسان بقتلها.

من خصائص العلاج المناعي أنه يستهدف الخلية وهو علاج يتفرّع من العلاج الموجّه، ما يجعله أفضل من العلاج الكيميائي، وما نعتمده اليوم هو الدمج بين العلاجين المناعي والكيميائي ليشكّلان معا فعالية عالية في القضاء على السرطان وتكون الفعالية أعلى وأهم من استعمال كل نوع على حدة. الفرق بين العلاج الموجّه والعلاج المناعي هو أن الأول لا يعمل على المناعة بل هو يستهدف الخلية السرطانية مباشرة. 

العلاج الكيميائي بدوره شهد الكثير من التطورات من حيث المضاعفات ونوعية الحياة، ما هي خصائصه الجديدة؟

العلاج الكيميائي لا يزال هو جزء مهم في علاج سرطان الثدي ومكافحته، إذ إن بروتوكولات العلاج تعتمد على الدمج بينه وبين أنواع العلاجات الأخرى، والسنوات الماضية كانت كفيلة بتطوير نماذج حديثة من العلاج الكيميائي أدّت إلى خفض مضاعفاته وزادت من فعاليته؛ ولا ننسى التطور الذي طال الأدوية التحضيرية التي تسهم في التقليل من مضاعفات العلاج الكيميائي وتخفّف منها.

وفي هذا الإطار، أود الإضاءة على نوع حديث من العلاجات هو Antibody Drug Conjugate, ADC – والذي أظهر نتائج واعدة في العامين الأخيرين على صعيد علاج سرطان الثدي لا سيما نوع HER2-Low وهو ما لم يتم اكتشافه سابقاً، فلم يكن هناك علاج فعّال له واليوم تبيّن أنه يتجاوب مع نوع من الأجسام المضادة التي هي أشبه بالصاروخ الموجّه يعلق على الخلية السرطانية فيدخل إليها وسرعان ما تتفتت من داخلها من دون أن تتأثر الخلية السليمة.

متى تنتقلون إلى دواء تاموكسيفن الهرموني؟

إنه علاج موجّه للهرمونات لأن غالبية سرطانات الثدي تتغذى على الهرمونين النسائيين البروجيسترون والإستروجين، وإحدى الطرق الموجّهة لقتل السرطان هو أن نقطع عنه الهرمون النسائي. تاموكسيفن هو أحد هذه الأنواع (estrogen receptor blocker) يعمل على منع وصول الهرمون إلى الخلية فلا تتغذى وتموت مع الوقت. ورغم أنه من الإكتشافات القديمة على مستوى علاجات سرطان الثدي إلا أنه لا يزال يحظى بأهمية بالغة نظراً لفعاليته العالية ونستعمله عادة لفترة ما بين الخمس إلى العشر سنوات.

هل من أنواع سرطان الثدي لا علاج لها؟

يوماً بعد يوم يشهد مجال علاج سرطان الثدي تطوراً ملحوظاً في ظل المؤتمرات العالمية التي تعرض أحدث الأبحاث العلمية والتجارب والتي تمنح الأطباء حول العالم فرصة لتبادل المعرفة والإستفادة من تجارب الغير. واليوم، العلاجات المتطورة والدمج فيما بينها منح مريضات سرطان الثدي أملاً أكبر بالشفاء وإطالة أمد الحياة مع الحفاظ على نوعية الحياة الجيدة.

وهنا، ينبغي الإضاءة على أهمية أن يكون لدى الطبيب تخصص فرعي في نوع معين من أنواع السرطانات نظراً لما يشهده العلم والطب من تطور مذهل على جميع الأصعدة؛ إنها الطريقة الأمثل لكي يضع الطبيب جلّ تركيزه على نوع محدد ليبرع فيه.

هل من كلمة في ختام الحديث؟

في الواقع، ما أود التركيز عليه هو أنه ليس المهم نوع السرطان أو طريقة علاجه بقدر أهمية الكشف المبكر وما لذلك من فوائد في اكتشاف المرض في أولى مراحله؛ ففي شهر التوعية، هذا ما نركّز عليه على الرغم من العلاجات الحديثة وما يعد به العلم من المزيد من الإكتشافات في المستقبل.

للأسف في السنوات القليلة الماضية وفي ظل انتشار كورونا وعدم التركيز على فحوصات الكشف المبكر لسرطان الثدي، بتنا نرى اليوم الكثير من حالات سرطان الثدي المتقدمة في لبنان والعالم أيضاً. لذلك ندعو إلى إعادة التركيز على أهمية الفحوصات المبكرة والمتابعة الدورية وعدم إهمال ذلك لأنه السبيل الوحيد نحو الوقاية. 

الوقاية دائماً أفضل من العلاج مهما كان متطوراً، واليوم بات بالإمكان التخلص من السرطان مع الحفاظ على الثدي فلا تفقد المرأة رمز أنوثتها؛ المهم هو الكشف المبكر وذلك من خلال الفحص السنوي عبر التصوير الشعاعي الماموغرافي والـUltrasound بعد سن الأربعين وربما قبل ذلك في حال وجود تاريخ عائلي، بالإضافة إلى الفحص الذاتي للثدي الذي تجريه السيدة كل شهر أمام المرآة لكي تتحسّس ثدييها وتلاحظ وجود أي اختلاف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى