مقابلات

البروفيسور مروان غصن

البروفيسور مروان غصن

الأخصائي في أمراض الدم والأورام في مركز كليمنصو الطبي في بيروت

البحث عن السبب أفضل الحلول لعلاج الأنيميا

عندما يعجز الجسم عن إنتاج كريات الدم الحمراء المحمّلة بالأوكسجين أي الهيموغلوبين، يصاب المرء بفقر الدم الذي يمكن أن يتطور إلى الأنيميا ما لم يتم علاجه بالأساليب المناسبة. الأنيميا من الأمراض الشائعة في المجتمع والذي يسهل اكتشافه من قبل أخصائيي الطب العام أو الطب العائلي بمجرد القيام بفحص دم بسيط، وفي حال عدم وجود سبب واضح أو عدم نجاح العلاجات التقليدية المعتمدة، ينبغي الإنتقال إلى الأخصائي في أورام الدم. لكن، ما هي الأسباب؟ وكيف يمكن علاج حالات الأنيميا؟

الأخصائي في أمراض الدم والأورام في مركز كليمنصو الطبي البروفيسور مروان غصن يقول في حديثه إلى مجلةالمستشفى العربيإن الأنيميا هو من أكثر أنواع فقر الدم شيوعاً، يحدث بسبب وجود نقص في عدد خلايا الدم الحمراء السليمة أو في مستوى الهيموغلوبين الذي يعتبر المكوّن الرئيسي لكريات الدم الحمراء، وهو العنصر المسؤول عن نقل الأوكسجين لأنحاء الجسم كافة.

طبيعة الدورة الشهرية

هناك أكثر من سبب يمكن أن يؤدي للإصابة بالأنيميا. يقول بروفيسور غصن إن طول فترة الدورة الشهرية لدى النساء وطبيعتها يؤديان إلى إصابة المرأة بفقر الدم كبداية ومن ثم الأنيميا مع تقدم الحالة ومرور السنوات. “فعندما تصل أيام الدورة الشهرية إلى سبعة وتعاني المرأة خلالها من نزيف، فذلك ليس بالأمر الطبيعي لأنه مع مرور الوقت سوف تصل إلى مرحلة تعاني من الأنيميا بسبب خسارة الكثير من الدم ونقص في مخزون الحديد (Ferritine)”.

في مثل هذه الحالات، يقول بروفيسور غصن إن الأنيميا تزداد سوءًا بشكل تدريجي وتكون مزمنة، ففي البداية قد لا تشعر المرأة بأي عوارض تُذكر ولكن يزداد تأثيرها شيئاً فشيئاً ليبدأ الشعور بالتعب والإرهاق الشديدين والدوار وغيرها من أعراض الأنيميا المزعجة. 

أما العلاج، ففي حالات النقص الشديد الذي لا يمكن تعويضه بتغيير النظام الغذائي، يضطر الطبيب إلى إعطاء الحديد عبر المصل حيث يتوافر اليوم نوعية جيدة جداً منه ولا ينتج عنها أي عوارض تُذكر على عكس ما كان يحدث في الماضي. 

نزيف الجهاز الهضمي

من أسباب الأنيميا النزيف في الجهاز الهضمي سواء في المعدة أو في القولون خاصة بعد عمر الخمسين. بالنسبة لنزيف المعدة، ينتج في غالبية الحالات عن تقرحات تؤدي إلى زيادة فقر الدم والأنيميا بسبب عدم قدرة المعدة على امتصاص فيتامين (ب) والـFolic Acid التي يحصل عليها الجسم من الطعام.

ما إن يعالج الطبيب التقرحات لدى المريض حتى يبدأ الجهاز الهضمي بامتصاص تلك الفيتامينات ليستعيد الجسم عافيته، وقد يحتاج الأمر في بعض الحالات المتقدمة إلى تناول مكملات فيتامين (ب) أو الـFolic Acid.

أما سبب النزيف في القولون فهو وجود لحميات ونادراً ما يتم اكتشاف سرطان، ولكن يؤكد بروفيسور غصن في هذا المجال على ضرورة إجراء منظار القولون لكل من هو فوق عمر الخمسين في الحالات العادية. المنظار ضروري لاكتشاف أي نوع من اللحميات التي يمكن أن تتحول مع مرور السنوات من حميدة إلى سرطانية، فضلاً عن أنها يمكن أن تكون سبباً للنزيف فيقوم الطبيب باستئصالها على الفور خلال المنظار.

وفي هذا الإطار، استطرد بروفيسور غصن في حديثه لافتا إلى أنه وفي بعض الحالات قد يكشف المنظار وجود شرايين معقّدة ومتداخلة فيما بينها تكون متواجدة على غشاء القولون وتركيبتها تجعلها تنزف من وقت لآخر. يمكن إصلاح هذه المشكلة خلال المنظار وبالتالي علاج النزيف المُسبب لخسارة الدم.

أمراض سرطانية

السبب الثالث، والأقل شيوعاً، فقد يكون سبب الأنيميا هو وجود أمراض سرطانية في الدم أو أورام تصيب النخاع العظمي.

 فمع اكتشاف الطبيب لوجود فقر دم حاد أو أنيميا من دون وجود سبب واضح، تبدأ عملية البحث عن السبب وهنا يجب زيارة الأخصائي في أمراض الدم كونه يمتلك الخبرة اللازمة في هذا المجال، وعند إجراء المزيد من الفحوصات المخبرية قد يكتشف الطبيب وجود المرض في معمل الدم والحالات هنا كثيرة تشمل اللوكيميا بنوعيها المزمنة أو الحادة، والـ Multiple Myeloma.

كما أن هناك عدة أمراض سرطانية وصلت إلى مراحل متقدمة وتؤدي إلى مضاعفات وتعقيدات كثيرة في الجسم والأنيميا هي واحدة منها.

من هنا، أكد بروفيسور غصن على ضرورة عدم إهمال فقر الدم أو الأنيميا لما لها من مضاعفات طويلة الأمد، إذ ينبغي زيارة الطبيب المختص في أمراض الدم للبحث عن السبب الكامن وراء خسارة الدم والعمل على علاجه سواء بتناول الأدوية اللازمة أو الفيتامينات مع إدخال تغييرات على النمط الغذائي، أو بواسطة تعليق الدم في حالات الأنيميا الشديدة وربما الحديد إذا استدعت الحاجة. والأهم هو علاج العامل المسبب سواء طول فترة الدورة الشهرية أو نزيف الجهاز الهضمي أو بروتوكول العلاج المناسب لأورام الدم بحسب النوع في حال اكتشافه.

من الأعراض التي يمكن أن يعاني منها مرضى فقر الدم والأنيميا:

    • التعب والإرهاق.
    • ضيق النفَس.
    • شحوب اللون. 
    • عدم انتظام ضربات القلب.
    • الدوخة أو الدوار.
    • برودة الأطراف.
    • الصداع.

العامل الوراثي

هناك فئة من المرضى الذين يعانون من فقر الدم بسبب وجود العامل الوراثي، فتجدهم يعانون من الثلاسيميا أو فقر الدم المنجلي وهي كلها أمراض تؤثر على الهيموغلوبين.

ومن المعروف أن الثلاسيميا ينتقل بالوراثة من الآباء إلى الأبناء ويؤثر على صنع الدم فتصبح مادة الهيموغلوبين في كريات الدم الحمراء غير قادرة على القيام بوظيفتها، ما يسبب فقر الدم عند المريض. وهناك نوعان من الثلاسيميا نوع يكون الشخص فيه حاملاً للمرض ولا تظهر عليه أعراض ويكون هذا الشخص قادراً على نقل المرض لأبنائه، ونوع يكون الشخص فيه مصاباً بالمرض وتظهر عليه أعراض واضحة للمرض منذ الصغر.

فقر الدم المنجلي أو الأنيميا المنجلية (Sickle cell anemia) هو أيضا مرض وراثي ناتج عن تغيّر في بروتين خضاب الدم أي الهيموغلوبين. الأنيميا المنجلية يندرج ضمن أنواع فقر الدم التي تصيب كريات الدم الحمراء وتؤدي إلى تكسرها. 

من هنا نشأت الحاجة إلى ضرورة إجراء فحوصات ما قبل الزواج للكشف ما إذا كان أحد الزوجين مريضاً بأحد أمراض الدم أو حاملاً للمرض من دون أن تظهر عليه أية أعراض. في حال التأكد من أن الأطفال سيولدون وهم يعانون من أمراض الدم الوراثية، من الأفضل عدم الإقدام على خطوة الزواج لكي لا يولد الأبناء وهم مرضى نظراً لما يمكن أن يعانيه الطفل والذي قد يحتاج إلى عملية زرع نقي العظم في المستقبل. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى