مقابلات

الدكتور علي بدرا

الدكتور علي بدرا

الأخصائي في جراحة الأوعية الدموية والعلاج بالقسطرة في مركز كليمنصو الطبي في بيروت

هناك علاقة تكامل بيننا وبين الكثير من التخصصات الطبية

كثيرة هي الأمراض المتعلقة بالشرايين والأوردة الدموية والتي تشمل على سبيل المثال تمدد الأوعية الدموية وتجلط الأوردة وانسداد الشرايين الطرفية والسكتات الدماغية، وكذلك توصيل الأوعية الدموية لغسيل الكلى والأورام والعلاجات الوريدية طويلة المدى وغيرها. الدكتور علي بدرا، الأخصائي في جراحة الشرايين والأوعية الدموية والعلاج بالقسطرة (Vascular and Endovascular Surgery) في مركز كليمنصو الطبي في بيروت والذي انضم حديثاً إلى المركز بخبرته التي تزيد عن الثلاثين عاماً، خصّ مجلةالمستشفى العربيبحوار تناول فيه أبرز الحالات المرضية التي يتعامل معها وما مدى استفادة هذا المجال من تطور الأجهزة والتقنيات التي سمحت بعلاج غالبية الحالات بأقل تدخل جراحي ممكن. 

ما هي الأمراض التي تندرج ضمن اختصاص الأوعية الدموية والشرايين؟

تنقسم الأمراض التي نعالجها إلى مجموعتين؛ المجموعة الأولى تتعلق بالشرايين والأمراض التي تصيبها مثل تضيق الشريان الأبهر، أو تمدد الشرايين مثل انتفاخ وتضخم في الشريان الأبهر، أو تسلّخ الشرايين وهو اضطراب يُصيب الطبقة الداخلية لجدار الشريان الأبهر ويؤدي إلى تمزقها وانفصالها عن الطبقة الوسطى في جدار الشريان.

فالأمراض المتعلقة بالشريان الأبهر كثيرة ومتنوعة حيث يصاب هذا الشريان بالعديد من الإضطرابات والتي غالباً ما تؤثر على تدفق الدم وضخ الدم في الجسم؛ ومن أبرز الحالات المرضية التي نصادفها تمدد الشريان الأبهر هي حالة تتمثّل بنوعين؛ الأولى هي تمدد الشريان الأبهر البطني ويصيب جزءًا من الشريان الأبهر الذي يمر عبر البطن، والثانية تمدد الشريان الأبهر الصدري الذي يصيب جزءًا من الشريان الأبهر في الصدر. 

من الأمراض التي نعالجها أيضاً انسداد الشريان السباتي (Carotid Artery) الذي يزوّد الدماغ بالدم، وهو ما يزيد من خطر التعرض للسكتة الدماغية ما لم يتم التدخل الطبي لإعادة فتح الشريان. انسداد شرايين الأطراف الناتج عن الإصابة ببعض الأمراض المزمنة كالسكري أو ارتفاع الكوليسترول وضغط الدم أو التدخين فيعاني المريض من مشاكل في المشي، وعند اشتداد العوارض والمضاعفات يمكن أن يصل الأمر إلى الإصابة بالغرغرينا وبتر الجزء المصاب؛ القدم السكري هي من أكثر المضاعفات الناتجة عن انسداد شرايين الأطراف. 

المجموعة الثانية من الأمراض التي نعالجها هي الأوردة أو الدوالي والمقصود هنا الفاريز وكل ما يتعلق به، وهذا المجال لا علاقة له بالشرايين.

الدوالي هي تمدد الأوردة السطحية والتي تؤدي إلى تجلطات بالأوردة في حال كبر حجمها؛ في السابق كان علاج هذه الحالة يتم من خلال سحب الفاريز، أما اليوم فنقوم بعلاجها بواسطة توجيه شعاع الليزر أو موجات صوتية عالية تصل إلى حوالى 120 درجة ما يؤدي إلى عزله عن الدورة الدموية.

انسداد الأوردة العميقة (Deep Vein Thrombosis- Iliac) الناتج عن بعض العوامل مثل العوامل الوراثية وغيرها، حيث يعاني المرضى من انسداد في شرايين الحوض والأطراف السفلية ما يؤدي إلى تورم وتقرحات في القدم فنقوم بإزالة هذا الإنسداد بواسطة القسطرة.

يمكن القول إننا نقوم بمعالجة جميع حالات ومشاكل الشرايين في الجسم ما عدا تلك التي تغذي القلب فهي من اختصاص طبيب القلب.

كيف استفاد هذا الإختصاص من التقنيات الحديثة؟ وهل لا زلتم تقومون بالجراحة التقليدية؟

في الواقع، لقد كان أثر التقنيات الحديثة والمتطورة كبيراً جداً في مجال عملنا خصوصاً أننا نجمع بين إمكانية إجراء الجراحات التقليدية والجراحات طفيفة التوغل بواسطة القسطرة التي باتت المحور الأساس في مجال معالجة أمراض الشرايين حيث أن حوالى 80 بالمئة من الحالات يمكن معالجتها بهذه الطريقة ما ينعكس إيجاباً على المريض بالدرجة الأولى من حيث سرعة التعافي والحد من التعقيدات أو المضاعفات المتعلقة بالتخدير والإلتهابات وغيرها.

كما شهدنا خلال السنوات الماضية تطوراً ملحوظاً على مستوى المواد والتقنيات المستخدمة مثل البالون والدعامات والأسلاك. السلك الذي نُدخله خلال القسطرة أصبح رفيعاً جداً وطرفه تغيّر بما يسمح بإدخاله إلى المنطقة المتضيقة بسهولة أكبر؛ البالون والدعامة المستخدمة تطورت بدورها وأصبحت مغلّفة بأدوية ومواد تمنع انسداد الشرايين أو تراكم الشحوم الثلاثية عليها مرة ثانية.

أما الحالات التي تحتاج إلى جراحة تقليدية فهي محدودة ولا نقوم بها إلا بعد التأكد من أنها هي الخيار الأمثل للحالة المرضية التي يعاني منها المريض. من الأمثلة على ذلك تضيق الشريان السباتي الذي يغذي الدماغ حيث أظهرت الدراسات أن القسطرة تسبب مشاكل أكثر من الجراحة التقليدية وقد توصلنا إلى هذه النتيجة بعد أن قمنا بأبحاث عدة أفضت إلى أن من يعاني من تضيق يصل إلى نحو 80 بالمئة في الشريان السباتي فإن وضع دعامة بواسطة القسطرة سيكون له مضاعفات أكثر من الجراحة التقليدية، وعليه من الأفضل معالجته بواسطة الجراحة التقليدية.

بالنسبة لتمدد الشريان الأبهر في حال كان المريض صغيراً في السن، فإن الجراحة التقليدية هي أفضل من القسطرة على المدى الطويل، على عكس كبار السن الذين يستفيدون من القسطرة بشكل أكبر.

كيف يدرك المريض أن عليه زيارة الأخصائي في امراض وجراحة الشرايين؟ أو بمعنى آخر ما هي العوارض التي تستدعي ذلك؟

من الصعب أن يدرك المريض أنّ عليه زيارة طبيب الشرايين والأوردة، وغالبية الحالات التي نقوم بمعاينتها يتم تحويلها إلينا من أطباء آخرين ومن اختصاصات متعددة حيث يوجد علاقة تكامل بين طبيب الشرايين والأوردة وبين الكثير من الإختصاصات الأخرى حيث يقومون بتحويل فئة من المرضى إلينا.  من الإختصاصات التي نتعامل

معها هي:

الأخصائي في أمراض القلب لأن بعض حالات تضيق الشريان السباتي يرافقها تضيق في شرايين القلب وذلك بنسبة تصل إلى نحو 30 بالمئة، عندها ينبغي على طبيب القلب تحويل مريضه إلى أخصائي الشرايين والأوردة.

الأخصائي في مرض السكري لعلاج  حالات القدم السكري لأنها حالة تتعلق بشرايين الأطراف وينبغي متابعتها منذ البداية بمجرد ظهور تقرحات في القدمين لتجنب الوصول إلى مراحل لا تُحمد عقباها. 

الأخصائي في أمراض الروماتيزم، فالمريض عندما يعاني من ألم في قدميه قد يظن أن المشكلة هي روماتيزم أو ما شابه فيحصل خطأ في التشخيص خصوصاً أنه وفي بعض الأحيان قد لا يتمكن المريض من شرح العوارض التي يشعر بها للطبيب بدقة؛ عند الفحص، وما إن يتبين وجود تضيق في شرايين الأطراف يجب تحويل المريض إلى الطبيب المختص. 

الأخصائي في أمراض الجهاز الهضمي يقوم بتحويل المرضى الذين يعانون من انسداد في شرايين الأمعاء والمعدة، حيث يعاني المريض من الألم بعد تناول الطعام بحوالى نصف ساعة فيظن أنها قرحة. إذا لم يضع الطبيب المعالج احتمال إصابة المريض بانسداد في شرايين الأمعاء فسوف تبقى المشكلة وتتفاقم وقد يؤدي ذلك إلى حدوث ذبحة في الأمعاء.

الأخصائي في الأمراض الجلدية حيث يزوره المسنّون الذين يعانون من تقرحات في القدمين أو حكة زائدة أو تنميل؛ التقرحات أو التنميل يمكن أن تحدث بسبب انسداد الشرايين والحكة الزائدة قد يكون سببها الدوالي. كما يزور طبيب الجلد من يعاني من التعرق المفرط سواء تحت الإبطين أو في الكفين؛ ولعله من غير المتداول بين الناس أن هذه الحالة يعالجها الأخصائي بأمراض وجراحة الشرايين بواسطة عملية لا تتعدى النصف ساعة يقوم خلالها بِقص عصب في الصدر يسمى sympathetic nerve عن طريق المنظار في الصدر.

الأخصائي في أمراض الكلى لتوسيع شرايين الكلى وعمل وصلة للشريان والوريد عند بدء المريض بغسيل الكلى؛ كل ما يتعلق بغسيل الكلى يتم تحويله إلينا، وكذلك يمكننا إجراء عمليات زرع الكلى.

الأخصائي في طب الاعصاب والدماغ ذلك أن بداية أعراض السكتة الدماغية والجلطات هي ضعف في الأطراف ورؤية مشوّشة نتيجة تضيق الشريان السباتي الذي يدخل في صلب عملنا.

هناك أمور ثانوية نقوم بها وتندرج ضمن اختصاصنا مثل تركيب قسطرة لمرضى السرطان لإدخال العلاج الكيميائي عن طريق الوريد. يمكن القول إن هذا الإختصاص يجمع طيفاً واسعاً من الامراض والمشاكل الصحية كونه يتعامل مع شرايين الجسم وأوردته كافة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى