مقابلات

الدكتور فؤاد البرّي

الدكتور فؤاد البرّي

الأخصائي في أمراض الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والعنق في مركز كليمنصو الطبي في بيروت

جراحة المنظار أفضل الحلول لعلاج مشاكل الجيوب الأنفية وخبرة الطبيب تبقى الأهم

كثيرة هي مشاكل الجيوب الأنفية خاصة مع تبدّل المواسم وتغيّر الفصول ما بين الخريف والشتاء والربيع، مسببةً انسداداً في الأنف وصعوبة في التنفس فضلاً عن ألم الرأس أو الوجه مع تطور الحالة. مجلةالمستشفى العربيكان لها لقاء خاص مع الدكتور فؤاد البرّي، الأخصائي في أمراض الأنف والأذن والحنجرة وجراحة الرأس والعنق في مركز كليمنصو الطبي في بيروت، حيث تناول في حديثه أبرز أمراض الجيوب الأنفية وسبل علاجها لاسيما مع تطور جراحة المنظار. 

لماذا تزداد مشاكل الجيوب الأنفية مع تقلّبات الطقس؟

إن تغيّر درجات الحرارة بين البرودة والدفء يؤدي إلى تهيج أغشية الأنف والجيوب الأنفية، فيزيد إنتاج المخاط ويؤدي إلى انسدادها؛ كما أن الهواء الجاف، خاصةً في فصل الشتاء، ينتج عنه تهيّج واحتقان الأغشية المخاطية في الجيوب الأنفية وخاصة فتحات الجيوب الأنفية داخل الأنف، ما يُكثّف المخاط ويصعب خروجه ويُهيئ لحدوث التهاب الجيوب.

وفي فصل الشتاء، يزداد التعرض للفيروسات المسببة للإنفلونزا ونزلات البرد بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، وهذه الفيروسات يمكن أن تصيب أيضاً الجيوب الأنفية وتزيد من التهابها.

وهنا، أود الإشارة إلى أن الجيوب الأنفية هي عبارة عن تجاويف هوائية صغيرة توجد في الوجه وتحديداً على جانبي الأنف، اثنين تحت العينين واثنين فوقهما وبينهما بالإضافة إلى اثنين خلف الأنف؛ تلعب هذه الجيوب دوراً مهماً في ترطيب الهواء وتنقيته قبل أن يصل إلى الرئتين، كما تساهم في تحسين حاسة الشم وكذلك تساهم في حماية الدماغ من الصدمات وفي رنّة الصوت.

ما هي أبرز الأسباب التي تؤدي إلى حدوث انسداد في الجيوب الأنفية؟

هناك الكثير من الأسباب التي تؤدي الى حدوث مشاكل في الجيوب الأنفية منها ما هو مزمن ومنها ما هو حاد وعرضي يزول مع زوال المشكلة. من الأسباب المزمنة انحراف الحاجز الأنفي والذي يحدث بسبب مشكلة ميكانيكية في الأنف؛ يحدث الإنحراف الأنفي عندما يكون الجزء العظمي أو الغضروفي من الأنف منحرفًا أو غير مستقيم. قد يؤدي ذلك إلى انسداد الجيوب الأنفية وصعوبة في خروج المادة المخاطية من الجيوب الأنفية بسلاسة من خلالها.

ويعتبر التهاب الجيوب الأنفية من أبرز الأسباب المشتركة للإنسداد في الجيوب الأنفية. يحدث التهاب الجيوب الأنفية عندما تصبح الجيوب الأنفية المبطنة بالغشاء المخاطي ملتهبة ومتورمة بسبب التهاب فيروسي أو بكتيري.

كما يمكن أن يعاني مرضى الحساسية من انسداد في الجيوب الأنفية نتيجة التحسس لمواد معينة مثل حبوب اللقاح أو الغبار أو الفطريات.

يؤدي التعرض للمواد المسببة للحساسية إلى تورم الأنسجة في الأنف وزيادة إفراز المخاط، ما يسبّب الإنسداد واحتباس المخاط داخل الجيوب وتحوّله أحياناً إلى أكياس مخاطية (polyps)، وفي هذه الحالة تضعف حاسة الشم ثم حاسة الذوق وكلاهما من الحواس الأساسية التي يجب استعادتها. 

من الأسباب أيضاً الإحتقان الوعائي في الأنف والجيوب الأنفية والذي يسبّب انسدادًا مؤقتًا، ويحدث نتيجة توسع الأوعية الدموية في الأنف بسبب كثرة التعرض للهواء البارد وخاصة خلال فصل الصيف والحاجة المفرطة للمكيفات الهوائية، أو الحساسية أو التغيرات في درجة الحرارة.

تضخم اللحميات يؤدي إلى انسداد الجيوب الأنفية، فاللحمية هي نسيج ليّن موجود في الجزء الخلفي من الأنف للمساعدة على ترطيب الأنف وحمايته. في بعض الأحيان، تصبح اللحمية متضخمة، مما قد يُسبب انسدادًا في الأنف.

ماذا عن أبرز الأعراض؟

تختلف أعراض انسداد الجيوب الأنفية بحسب السبب، لكن بشكل عام من أكثر الشكاوى التي يعاني منها مرضى الجيوب الأنفية هي ألم الرأس والصداع الشديد لاسيما حول العينين، كما يعاني المريض من احتقان الأنف ما يؤدي إلى صعوبة في التنفس من خلال الأنف.

يعاني المريض كذلك من خروج إفرازات مخاطية من الأنف قد تكون شفافة أو بيضاء أو صفراء أو خضراء، وألم في الوجه او ضغط في منطقة حول العينين والأنف والجبين بالإضافة إلى سعال جاف أو سعال مع بلغم. مع تطور الحالة يفقد المريض حاسة الشم ويعاني من صعوبة في تمييز الروائح.

كيف تطورت العلاجات الجراحية لحل مشاكل الجيوب الأنفية؟

في الواقع، شهد هذا المجال تطوراً ملحوظاً في السنوات العشر الأخيرة مع تطور المنظار التي باتت الأكثر شيوعًا لعلاج مشاكل الجيوب الأنفية، بحيث يتم إدخال منظار صغير عبر الأنف لرؤية الجيوب الأنفية وإجراء الجراحة. تتيح الجراحة بالمنظار للجرّاح الوصول إلى الجيوب الأنفية من خلال فتحات صغيرة في الأنف من دون الحاجة إلى جراحة خارجية تسبب ندوباً في الوجه من خلال إدخال الأدوات الجراحية الرفيعة والمنظار عبر هذه الفتحات الصغيرة لإجراء العملية. إنها طريقة فعّالة وأقل تدخلاً مقارنةً بالجراحة التقليدية. العلاجات الدوائية بدورها تطوّرت بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة لاسيما أدوية المضادات الحيوية والكورتيزون والبخاخات أحادية المنشأ (Dupilumab) وغيرها، ولكن لا ينبغي تناولها إلا بعد استشارة الطبيب المعالج لأن ليس كل الحالات تستدعي التدخل الدوائي وفي حال تطلّب ذلك فيجب أن يكون لفترة محدّدة، وحده الطبيب قادر على تحديد ذلك.

في الختام، أود التأكيد على أن خبرة الطبيب ومدى ممارسته لهذا النوع من العمليات يعتبر من أهم الأمور التي يجب أخذها بعين الإعتبار قبل الخضوع للعملية نظراً لحساسية المكان ودقة العملية، فضلاً عن ضرورة تشخيص الحالة بدقة وتحديد مدى إمكانية نجاح الجراحة كحل جذري؛ واليوم، الأبحاث والتطورات مستمرة في هذا المجال وعلى الطبيب مواكبة التطورات والمشاركة في المؤتمرات الطبية للاطلاع على كل ما هو جديد والعمل به. يجب أن يكون الجرّاح بخبرته قادر على إضافة كل ما فيه خير للمريض خيراً مستداماً وأن لا يعتمد فقط على نقل ما هو معتمد في مدارس طبية وجرّاحين عالميين، إذ ما قد يصلح لمريض في ألمانيا قد لا يصلح لمريض في الخليج او العالم العربي. لذلك، إن الخبرة الطويلة في علاج أمراض وجراحة الجيوب الانفية هي الضمانة لشفاء المريض بإذن الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى