مقابلات

الدكتورة منى العيان

الدكتورة منى العيان

استشارية جراحة أورام الثدي ومديرة مستشفى صقر برأس الخيمة

نسعى إلى تمكين أفراد المجتمع للمساهمة في تعزيز ثقافة الكشف المبكر

يقوم مستشفى صقر برأس الخيمة، أحد منشآت مؤسسة الامارات للخدمات الصحية، بنشاطات وحملات توعية للنساء فوق سن الأربعين للتوعية حول سرطان الثدي. ويتميز المستشفى بوجود مركز تميز للعناية بالثدي يتم من خلاله تقديم خدمات الكشف المبكر والفحوصات التشخيصية والعمليات الجراحية والترميمية لأورام الثدي، وفق ما تحدثت بها الدكتورة منى العيان، استشارية جراحة أورام الثدي مديرة مستشفى صقر برأس الخيمة في حوار خاص مع مجلةالمستشفى العربي”. 

ما هي أهمية الفحص المبكر وما دوره في الكشف عن سرطان الثدي في المراحل الأولى؟

سرطان الثدي هو نمو غير طبيعي لخلايا الثدي بشكل خارج عن السيطرة لتشكل أوراما، حيث يعد الأكثر شيوعا بين نساء العالم وفي دولة الامارات وهو السبب الرئيسي للوفاة من السرطان لدى النساء ويمثل 21.4% من حالات السرطان المسجلة في دولة الامارات.

ولا يزال السبب الرئيسي للسرطان غير واضح حيث ترتبط أقل من 10% من الحالات المصابة بالطفرات الجينية والعوامل الوراثية. جدير بالذكر أن هناك عدة عوامل قد ترفع من نسبة التعرض لسرطان الثدي أبرزها التقدم بالعمر، التاريخ الشخصي أو العائلي بالإصابة بسرطان الثدي أو المبيض، استخدام العلاجات الهرمونية وموانع الحمل لفترات طويلة، السمنة واتباع نمط حياة غير صحي، التدخين وشرب الكحول.

ويساهم الكشف المبكر باستخدام الاشعة السينية (الماموغرام) أهم طرق الوقاية باكتشاف الحالات في مراحلها الأولى، ما يؤدي الى التدخل العلاجي في الوقت المناسب حيث تصل نسبة الشفاء إلى أكثر من 98%.

كيف تنسجم حملة التوعية التي يقوم بها مستشفى صقر مع النهج العام الذي ترتكز عليه مؤسسة الامارات للخدمات الصحية بمختلف منشآتها؟ وكيف تعكس هذه النشاطات الاهتمام بصحة المرأة وأهمية الكشف المبكر؟

تلبي حملة التوعية للكشف المبكر عن سرطان الثدي  التي أطلقها مستشفى صقر في مطلع شهر أغسطس المنصرم من العام الجاري وعد حكومة دولة الامارات المتمثل  بأن الانسان اولاً باعتبارها  خدمة مبنية على الانسان وتطلعاته وتهدف الى تحقيق استراتيجية المؤسسة في تعزيز نمط الحياة الصحي من خلال البرامج الوقائية وبرامج الكشف المبكر بطرق استباقية ومبتكرة وذلك من خلال تمكين أفراد المجتمع للمساهمة في هذه المبادرة وتعزيز ثقافتهم بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي ودفع سيدات المجتمع للإقبال على الكشف المبكر والاطمئنان على صحتهن وترسيخ روح العمل التطوعي والمسؤولية المجتمعية وتمكين المرأة،  كما تهدف الى الاستدامة.

ما هي نشاطاتكم في هذا المجال؟

يتميز مستشفى صقر بوجود وحدة متكاملة للعناية بالثدي حيث يتم تقديم خدمات الكشف المبكر والاستشارات الطبية والفحوصات التشخيصية لتشمل الاشعة السينية، والموجات الفوق الصوتية، والرنين المغناطيسي، والتدخل الجراحي لأورام الثدي والجراحات التجميلية الترميمية كذلك يتميز المركز بتقديم خدمات متكاملة في زيارة واحدة من خلال عيادة (One stop clinic) لتلبي احتياجات أكثر من  75% من المرتادين للعيادات وذلك من خلال الاجهزة المطورة وفريق مختص ومؤهل لذلك.

كذلك تعنى بتنظيم الحملات المجانية الخاصة بالكشف المبكر عن سرطان الثدي والاشراف على تنفيذها سنويا، حيث يتم تقديم خدمات مجانية لتشمل الاستشارة الطبية والفحص السريري وفحص الاشعة السينية للثدي (الماموغرام) والموجات الفوق الصوتية عند الحاجة. ولا يقتصر عملها فقط على تقديم الفحوصات إنما يتم التنسيق لاستكمال الفحوصات التشخيصية اللازمة وتقديم الدعم للمرضى للوصول الى التشخيص النهائي عند الحاجة لتشمل أخذ العينات والرنين المغناطيسي.

وانطلقت الحملة في هذ العام في شهر أغسطس الماضي تحت شعار (منك المبادرة ومنا الامل) لتبدأ المرحلة الاولى بالتعاون مع شريكها الداعم جمعية أصدقاء مرضى السرطان من خلال تقديم خدمة العيادة المتنقلة المجهزة بأحدث الاجهزة  وطاقم طبي مع تقديم خدمات مجانية لأفراد المجتمع، حيث تم إتمام 10 حملات ميدانية من خلال زيارة مناطق مختلفة في إمارة رأس الخيمة خلال فترة لا تتجاوز الخمسة أسابيع.

بالحديث عن سرطان الثدي، ما هي أحدث العلاجات في هذا المجال والتي باتت متوفرة في دولة الإمارات اليوم؟

دولة الامارات تعتمد في خدماتها العلاجية المقدمة لمرضى السرطان على التوصيات المعتمدة عالميا وتبادر في تطبيق التحديثات في البروتوكولات الخاصة بالعلاج. إضافة الى أن دولة الامارات تعتبر من الدول السباقة في ادخال الادوية الجديدة المعتمدة في علاج الاورام السرطانية، ومؤخرا تم الاعلان عن ادخال دواء هرموني جديد لعلاج سرطان الثدي في المراحل المتقدمة ويقلل من تطور المرض بنسبة تصل الى 45%، وتم الاعلان عنه في المؤتمر السنوي الرابع لجمعية الإمارات للأورام 2023. 

الجراحة وترميم الثدي من المجالات التي شهدت تطورا ملحوظا، إذ لم يعد هناك حاجة للإستئصال الكامل. هلا حدثتنا عن تطور الجراحة في مجال سرطان الثدي؟ ما هي الحالات التي تتطلب الإستئصال الكلي؟ وهل يمكن إجراء عملية ترميم الثدي مباشرة بعد الإستئصال؟

جدير بالذكر أن الخطة العلاجية لسرطان الثدي تشمل التدخل الجراحي والعلاج الكيميائي والعلاج الاشعاعي والعلاج الهرموني والعلاج المناعي أو الموجه التي قد تختلف من مريضة لأخرى بناءا على عدة عوامل أبرزها نوع الورم والسلوك البيولوجي والمرحلة المرضية والحالة العامة للمريضة والامراض المزمنة التي تعاني منها لتتضمن أحد هذه العلاجات أو أكثر أو جميعها.

ونشهد اليوم تغيرا كبيرا في العلاجات الجراحية التي تتجه نحو الاستئصال الجزئي (التحفظي من خلال استئصال الكتلة الورمية فقط) اذا امكن عوضا عن الاستئصال الكامل مع مراعاة الحفاظ على شكل الثدي، وفي حالة الاستئصال الكامل يتم دراسة امكانية اجراء العمليات الترميمية المباشرة اذا أمكن.

أبرز الاسباب التي تدفع الطبيب الى الاتجاه نحو قرار الاستئصال الكامل للثدي من خلال تقييم الحالة العامة للمريضة ونوعية الورم واتصاله مع الانسجة المحيطة وحجم الورم بالمقارنة مع حجم الثدي وعدد الاورام السرطانية الموجود في مناطق مختلفة وصعوبة استئصال كل منها على حدة مما يكون لها تأثير سلبي على النتيجة النهائية للثدي. كذلك وجود طفرة جينية مسببة للسرطان مما يدفع للاستئصال الوقائي للجهة الاخرى أيضا ووجود تكلسات دقيقة ذو دلائل غير مستحبة تشغل حيزا كبيرا من الثدي ومثبت من خلال العينة بوجود خلايا سرطانية. 

اضافة الى ان اكتشاف السرطان خلال الحمل يحتاج الى تقييم التحديات التي قد تعيق من البدء بالعلاجات التكميلية الاخرى للسرطان (الذي يصعب خلاله اتخاذ قرار الولادة المبكرة والحاجة الى البدء بالعمل الجراحي المتبوع بالاشعاع الذي يكون له آثارا سلبية على الجنين). وتم دائما تقديم الخيارات الخاصة بالترميم المباشر لإعادة بناء الثدي للمريضة اذا امكن من خلال دراسة الحالة المرضية والعوامل التي قد تعوق من نجاحها والخيارات المقترحة والآثار الايجابية والسلبية والوقت المناسب اذا كان مباشرة أو في وقت لاحق، حيث أن عمليات الترميم لها دور كبير في التأثير على نفسية المريضة بطريقة ايجابية واعادة الشعور بالإحساس بالتعافي الكامل والبُعد عن الشعور بالنقص وهذا ما لمسناه من خلال التجارب المختلفة للمريضات والدراسات القائمة عليه.

الجانب النفسي يحتل حيزا مهما خلال مرحلة العلاج لدى المريضة. كيف تؤثر حالة المريضة النفسية على العلاج؟ وهل من خطوات تقومون بها للتخفيف من عبء العلاج على المريضات؟ 

لا يقتصر تأثير السرطان على الجانب الجسدي فقط للمريض ولكن له تأثير على الجانب النفسي، حيث تبدأ التغيرات النفسية في وقت تشخيص المرض فتبدأ المريضة بالإحساس بشعور غريب قد يتفاوت ما بين الغضب والخوف والحزن والشعور بالذنب والرغبة بالعزلة والدخول في عالم لا تعرف ما هي نهايته والرغبة بالوحدة والابتعاد عن الجميع، وقد تصل الى الرضا والقبول بالواقع والرغبة بالمباشرة بالعلاجات الموصى بها.  

هذا الشعور قد يدفع المريضة الى التفكير بطريقة إما ايجابية تدفعها الى اعادة ترتيب الافكار واتخاذ الخطوات اللازمة للبدء بالعلاج وطلب الاستشارة من المختصين بالمرض، وإما سلبية تؤدي الى الحزن والاكتئاب والرغبة بالوحدة والبدء بالمقارنات مع تجارب غير ناجحة والتفكير بالتأثيرات السلبية قبل الايجابية واستشارة اشخاص غير مختصين.

جدير بالذكر بأن كل حالة لها طريقة علاج معينة كما تم ذكره في ما سبق والخطة العلاجية تختلف من شخص الى اخر. ومقدمو الخدمات الصحية مؤهلون للتعامل مع مريضات السرطان حيث أن أساليب التواصل مبنية على دراسة لشخصية المريضة منذ الزيارة الاولى وخبرة في التعامل معها للتغلب على التحديات

النفسية التي قد تنتج من الاصابة بالمرض ومحاولة معرفة المخاوف التي لديها ومساعدتها للتغلب عليها. ويتم توجيه المريضة في حالة الحاجة الى استشارة أخرى الى المنشآت الصحية التي تتوفر لديها الخدمات الخاصة بسرطان الثدي وكيفية الحصول على المعلومات الصحيحة عن المرض والتواجد من قِبل مقدمي الخدمات للاستفسار والاجابة على الاسئلة وتوجيه أفراد العائلة حول كيفية تقديم الدعم للمريضة وتوفير فريق دعم سواء في المستشفى أو المنزل والتوجيه الى بعض الناجيات من المرض الذين لديهن قصص نجاح من قِبل فريق العمل في المستشفى، ما يساهم في زيادة ادراك المريضة للمرض  وطرق العلاج والاقبال على العلاج والنظر الى المستقبل بطريقة ايجابية. 

كيف يمكن أن نشجع النساء على اتخاذ خطوة متقدمة نحو التوجه إلى الطبيب للكشف المبكر من دون وجود أعراض؟

تعتبر الاشعة السينية للثدي (الماموغرام) هي الطريقة المعتمدة للكشف المبكر عن سرطان الثدي، والخضوع لهذا الفحص يعد خطوة وقائية هامة تهدف بالدرجة الاولى الى الاطمئنان وتساهم في تشخيص السرطان في مراحله الاولى وذلك قبل ظهور أي أعراض مرضية، حيث لا يمكن ملاحظتها أو الشعور بها ما  يؤدي الى التدخل الجراحي في الوقت المناسب ونسبة شفاء تفوق الـ 98%.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى