كليات الطبمقابلات

الدكتورة ريشما بولاه 

الدكتورة ريشما بولاه 

الأستاذ المساعد لطب الأطفال في وايل كورنيل للطبقطر واستشاري طب كُلى الأطفال في سدرة للطب

الكُليتان من أهم الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، فهما تساعدان على تنظيم الهرمونات والنمو وضغط الدم

تشغل الدكتورة ريشما بولاه منصب الأستاذ المساعد لطب الأطفال في وايل كورنيل للطبقطر ومنصب استشاري طب كُلى الأطفال في سدرة للطب. تخرّجت الدكتورة بولاه من وايل كورنيل للطبقطر في عام 2011، ثم عكفت على إجراء بحوث عن أمراض المسالك التنفسية التفاعلية في جامعة كورنيل في نيويورك، وأكملت برنامج إقامة الأطباء في طب الأطفال في عام 2015، ثم اختارت طب كُلى الأطفال تخصصاً طبياً فرعياً للتدريب في عام 2018 في جامعة فرجينيا كومنولث في ريتشموند بولاية فرجينيا، وهي حاصلة على البورد في طب الأطفال العام وطب كُلى الأطفال من المجلس الأميركي لطب الأطفال (ABP).  تحدّثت الدكتورة ريشما بولاه إلى مجلةالمستشفى العربيعن طب كُلى الأطفال كأحد التخصصات الطبية المهمة وما ينطوي على ممارسة هذا التخصص.

حدّثينا عن ممارسة طب كُلى الأطفال.

طب كُلى الأطفال هو أحد التخصصات الفرعية المنبثقة عن طب الكُلى، وينصبّ اهتمامه على أمراض الكُلى لدى الأطفال. الكُليتان من أهم الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان، فهما تساعدان على تنظيم الهرمونات والنمو وضغط الدم، وإزالة السموم، وتحقيق توازن السوائل، والتوازن الحمضي القاعدي، والأملاح والمعادن. والكليتان ترسلان إشارات مهمة إلى سائر أعضاء الجسم، لذلك عندما تتضرّر الكُليتان يمتد تأثير ذلك إلى سائر جسم الإنسان. وقد تتأثر الكُليتان بأمراض عابرة أو قصيرة الأجل أو أمراض مزمنة تستلزم رعاية متواصلة، وربما تستلزم في بعض الأحيان غسل الكُليتين في حال لم تعد الكُليتان تقومان بوظائفهما كما يجب.

ولكي أكون متخصصة في طب كُلى الأطفال، أكملتُ في البداية التدريب في مجال طب الأطفال، ومن ثم أكملتُ التدريب في تخصص طب كُلى الأطفال.

هل يمكن أن تصفي لنا بإيجاز مهامّ منصبك في الوقت الحاضر؟

أقوم حالياً بتدريس مواد مختلفة من منهج الطب في وايل كورنيل للطبقطر لطلاب الطب من السنة الأولى وحتى السنة الرابعة. بالنسبة لطلاب السنة الأولى ببرنامج الطب، أقوم بتدريس أساسيات اللقاءات الأولى للطبيب بمرضاه، ومن ثم تدوين سيرته المرضيّة، والقيام بالفحوص الجسدية لمختلف أعضاء الجسم.

 وفي الوقت نفسه، أساعد طلاب الطب في توثيق الحالات المرضيّة، وهي عملية جمع المعلومات عن كل مريض بطريقة منهجية. ومع تقدّم طلاب الطب في الدراسة، أبدأ بتدريسهم أساسيات طب الأطفال وطب كُلى الأطفال. وأدير أيضاًالمساقات الانتقاليةمثل الانتقال إلى مساق التدريبات الإكلينيكية، وهو ما ييسّر انتقال الطلاب من المساقات ما قبل الإكلينيكية إلى المساقات الإكلينيكية، وأيضاً الانتقال إلى مساقات إقامة الأطباء، وهو ما يساعد طلاب الطب على الانتقال من برنامج الطب إلى برنامج التعليم الطبي العالي الذي تتيحه برامج إقامة الأطباء.

ما الحالات المرضيّة التي تتعاملين معها في إطار مزاولة تخصّصك؟

نحن كاختصاصيين في طبّ كُلى الأطفال، نتعامل مع المرضى من لحظة الولادة وحتى سنّ المراهقة. فبُعيد الولادة، نتعامل في العادة مع مواليد مصابين بعيوب خِلقية في الكُليتين، وأما الحالات المرضيّة المزمنة التي أتابعها فتشمل وجود الدم في البول، ووجود البروتين في البول، وحصى الكُلى، والتهابات المسالك البولية المعقدة، والجَزْر المثاني الحالبي، ومختلف التشوهات الهيكلية في الكُليتين. وبالإضافة إلى ذلك، يراجعني مرضى يعانون ارتفاعَ ضغط الدم وأمراضاً متعددة تؤثر في كُبيبات الكُليتين، وهي المرشّحات الدقيقة في الكُليتين.

ما أريد أن أؤكد عليه هنا أن طب الكُلى يتّبع نهجاً متعدد التخصصات إزاء المريض، بمعنى أننا لا نعمل بمعزل عن التخصصات الطبية ذات الصلة. فبالإضافة إلى اختصاصيي كُلى الأطفال، يضمّ فريق الرعاية لدينا اختصاصي التغذية، وله دور مهم للغاية بالنسبة للمصابين بأمراض كُلى مزمنة لأن من مسؤوليتنا أن نكفل لهم التغذية الكافية. ويضم الفريق أيضاً اختصاصياً اجتماعياً يساعد المريض في ما يتعلق بالموارد المالية، وفريق ممرضين متخصصين في دعم كافة أشكال غسل الكُليتين. وليس هذا فحسب، فنحن نعمل أيضاً مع أطباء في تخصصات أخرى، مثل أطباء وحدة العناية الحثيثة، وأطباء اختصاصيين في مجالات الروماتيزم والغدد الصماء وأمراض القلب والمسالك البولية وآخرين، لأننا بطبيعة الحال نتعامل مع مرضى يعانون أمراضاً جهازيةً تشمل الكُليتين ومختلف أعضاء جسم الإنسان. والعمل في شراكة مع فرق الأطباء المختلفة يمكّننا من توفير الرعاية الشاملة لمرضانا، وللرعاية الشاملة أهمية بالغة في تقديم الرعاية المثلى للمرضى.

ما العوامل التي أثّرت في قرارك باختيار هذا المسار في مهنة الطب؟

خلال تدريباتي في طب الأطفال، كثيراً ما طُلب مني توفير الرعاية لأطفال مصابين بأمراض الكُلى. كذلك توطّدت علاقتي مع اختصاصيي أمراض كُلى الأطفال الذين عملت معهم، واستفدتُ كثيراً منهم في فهم جوهر هذا التخصص وأساسياته. وبطبيعة الحال، عندما يعمل المرء مع آخرين شغوفين بمجال عملهم فإن حماسهم يكون مصدر إلهام له.

ومع ذلك، لم تكن العمليات المرضيّة وحدها التي وجدتها محفزة فكرياً، ولكن أيضاً كيفية تعامُل فريق الأطباء معها. وبدأت أهتمّ بالالتقاء بمرضى يعانون فروقاً دقيقة مختلفة من حيث العمليات المرضيّة. وعلى سبيل المثال، عند توفير الرعاية الطبية لمريض في حالة صحية حرجة، فإن الطبيب يعمل جنباً إلى جنب مع أطباء الرعاية الحثيثة في وحدة العناية الحثيثة للأطفال أو المواليد الجدد، وتوفير الرعاية الطبية في الوقت نفسه لحالات أكثر استقراراً بكثير في الجناح العام. وما أحبّه في هذه المهنة تباين وتيرة العمل وطبيعته من يوم إلى آخر. فأنا شخصياً لا أحبّذ الجلوس وراء مكتب والالتقاء بمريض تلو آخر في العيادة طوال اليوم. أفضّل اختلاف وتيرة العمل من يوم إلى آخر، ومهنتي تمنحني مثل هذه المرونة.

ما الجوانب المجزية بصفة خاصة في مهنتك؟

أحد الجوانب المجزية لهذه المهنة متابعة الطبيب لمرضاه لفترة زمنية طويلة. فأنا شخصياً أتابع حالة مرضاي لسنوات عدة، ما يتيح لي بناء علاقة معهم، وأنا أقدّر بحقّ هذا الجانب من رعاية الطبيب لمرضاه. وأميلُ كذلك إلى الاعتقاد بأن الجانب الأهمّ لمزاولة مهنة الطب هو مفهوم تقديم الطبيب كل رعاية ممكنة لمرضاه. فمن الأفكار المغلوطة السائدةالناجمة جزئياً عن الممارسة الحديثةأن وظيفة الطبيب هي وصف الأدوية. فعلى العكس من ذلك، وظيفة الطبيب هي أن يحاول الإحاطة برعاية المرضى بكل جوانبها المختلفة والدقيقة ليتمكن من معرفة ما يلزم المريض في كل مرحلة من مراحل علاجه. ومن خلال بناء علاقة ووجود نوع من العلاقة الاجتماعية الوثيقة، ينفتح المريض وأسرته على طبيبه. وأعتقدُ أنه في حال إخفاق الطبيب في بناء مثل هذه العلاقة الوثيقة مع مرضاه وأسرهم فإنه لن يتمكن من توفير الدعم اللازم لهم.

وبالإضافة إلى ذلك، يلائم هذا التخصص الباحثين عن ما يحفّزهم فكرياً. طب كُلى الأطفال يجعل الطبيب متواضعاً بسبب تعقيدات الكُليتين ووظائفهما الدقيقة، وهو مجال يستأثر باهتمام العلماء والأطباء وبإجراء بحوث متواصلة تثمر عن المزيد من المعرفة العلمية. ويحفّز هذا التخصص أيضاً على الإلمام بسائر أعضاء جسم الإنسان لأن الكُليتين متداخلتين مع الكثير من أعضاء الجسم، إمّا سببياً أو تبعيّاً. ويستلزم طب كُلى الأطفال أيضاً التفكير بطريقة نقدية وشحذ الطبيب لحَدْسه في ما يتعلق بمريضه. وبالتالي، نجد الاختصاصيين في هذا المجال متيقّظين متابعين لما يدور حولهم، وهذا أمر مجزٍ بحق.

كيف ترين مستقبل هذا التخصص؟

في جميع أنحاء العالم، أجد نفسي ضمن مجموعة فرعية محدودة جداً من الأطباء المتخصصين في طب كُلى الأطفال. وإذا ما استمر النقص الراهن في أعداد أطباء كُلى الأطفال، لن يحصل الأطفال الذين يعانون أمراض الكُلى المختلفة على الرعاية اللازمة والكافية! وسيشكّل ذلك تحدياً لمختلف البلدان والسكان لعدم وجود الاختصاصيين القادرين على مساعدة هؤلاء الأطفال وتمكينهم من أن ينعموا بأفضل صحة ممكنة. ومع ذلك، أنا متفائلة بأن الحالة الراهنة ستتغيّر نحو الأحسن وسنستمر في جذب المزيد من الأطباء إلى هذا المجال بكلّ جوانبه المجزية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى