مقابلات

الدكتور خالد زامل 

الدكتور خالد زامل 

زميل الجمعية الأميركية للفسيولوجيا العصبية الإكلينيكية

الأستاذ المشارك لطب الأطفال الإكلينيكي وطب الأعصاب الإكلينيكي وايل كورنيل للطبقطر

للمراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة أهمية بالغة لضمان سلامة المريض خلال العمليات الجراحية المعقدة

الدكتور خالد زامل هو طبيب أعصاب الأطفال واختصاصي الفسيولوجيا العصبية الإكلينيكية، ويشغل حالياً منصب أستاذ مشارك في وايل كورنيل للطبقطر. قبل انضمامه إلى وايل كورنيل للطبقطر شغل الدكتور زامل منصب رئيس قسم طب أعصاب الأطفال وطبيب معالِج أول في سدرة للطب، وما زال يقدّم خدماته الإكلينيكية هناك. أكمل الدكتور زامل برنامج إقامة الأطباء في طب أعصاب الأطفال وزمالة في الفسيولوجيا العصبية الإكلينيكية والصرع في جامعة ولاية نيويورك. ثم انضمّ إلى هيئة التدريس في كلية طب جامعة ولاية أوهايو وفريق العمل في مستشفى نيشن وايد تشيلدرن. كما أنه حاصل على البورد الأميركي في كل من طب أعصاب الأطفال والفسيولوجيا العصبية الإكلينيكية. نشر الدكتور زامل العديد من الدراسات الخاضعة لاستعراض الأقران وألّف فصولاً في كتب واشترك في تأليف أحد المراجع الدراسية عن المراقبة الفسيولوجية العصبية في أثناء الجراحة. ومن أبرز اهتماماته البحثية والأكاديمية الصرع والفسيولوجيا العصبية والسكتة الدماغية لدى الأطفال والتصلب الحدبي المعقد. مجلةالمستشفى العربيأجرت مع الدكتور زامل مقابلة تحدّث خلالها عن الأهمية المتنامية للمراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة لضمان سلامة المريض طوال العمليات الجراحية المعقدة.

في البداية، نريد منكم تعريفاً عاماً يشرح مفهوم المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة؟

المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة، المعروفة اختصاراً باللغة الإنجليزية باسم NIOM، هي تقنية بالغة الأهمية خلال العمليات الجراحية المعقدة التي تطال الدماغ، وجذع الدماغ، والأعصاب القحفية، والحبل الشوكي، والجذور العصبية، والأعصاب الطرفية. وفي المقام الأول، تكمن أهمية المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة في تقييم سلامة الجهاز العصبي للمريض والتحقق من قيامه بوظائفه الطبيعية طوال العمليات الجراحية. تشمل المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة مراقبة آنية لحظية للأنشطة الكهربية وتحليلها في كل من الدماغ، والحبل الشوكي، والأعصاب الطرفية، والعضلات، إلى جانب المؤشرات القياسية العصبية الفسيولوجية. وتيسّر هذه المراقبة المتواصلة الكشف المبكر عن أي تغيّرات أو تشوهات، ما يمكّن فريق الجراحة من اتخاذ ما يلزم دون إبطاء للحؤول دون حدوث أي مضاعفات عصبية محتملة. ويعتمد اختيار تقنيات المراقبة على نوعية الجراحة والأجزاء العصبية التي هي عرضة للخطر.

ما الإجراءات الجراحية التي تستلزم في العادة استخدام المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة؟

تُطبّق المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة في مختلف الإجراءات الجراحية المنطوية على خطر التعرض لإصابة عصبية ما. ومن أمثلة ذلك الجراحات المعقدة في العمود الفقري، واستئصال الأورام الدماغية، وجراحات الأوعية الدموية المنطوية على تدخلات في الدماغ والحبل الشوكي، وجراحات إصلاح تلف الأعصاب الطرفية أو تخفيف الضغط عنها، إلى جانب بعض جراحات تقويم العظام. فمثل هذه العمليات الجراحية تصل في العادة إلى تراكيب تشريحية دقيقة محاذية للأعصاب الحرجة، ما يجعل المراقبة العصبية في مثل هذه التدخلات الجراحية تسهم في التقليل إلى أدنى حدّ ممكن من خطر إلحاق تلف بالأعصاب. 

لماذا تُعدّ المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة ذات أهمية حاسمة بالنسبة لسلامة المريض؟

للمراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة أهمية بالغة لضمان سلامة المريض خلال العمليات الجراحية المعقدة لأسباب عدة.

أولاً، من خلال المراقبة المتواصلة للإشارات العصبية الفسيولوجية، تسهّل المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة الكشف على الفور عن أيّ تغيرات تشير إلى إصابة محتملة لحقت بالجهاز العصبي خلال الجراحة. والكشف المبكر عن هذا التلف المحتمل يسمح لفريق الجراحة باتخاذ إجراءات فورية للحؤول دون حدوث مضاعفات عصبية أو جعلها ضمن أضيق نطاق ممكن.

ثانياً، المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة توفّر معلومات فورية عن حالة وظائف التراكيب العصبية، ما يساعد الجراحين على اتخاذ قرارات مدروسة خلال الخطوات الحاسمة من التدخلات الجراحية. وعلى سبيل المثال، في حال الكشف عن أنشطة عصبية معيّنة، يمكن أن يعدّل فريق الجراحة التقنيات الجراحية أو موضع التدخل في التراكيب التشريحية للحؤول دون حدوث مزيد من التلف.

وأخيراً، من خلال المراقبة الحثيثة للوظائف العصبية، تهدف تقنية المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة إلى الوقاية من الإصابة بعجز ما بعد انتهاء العملية الجراحية، مثل الشلل أو فقدان الحواس أو الاختلال الوظيفي الحركي. وهذا التركيز على الوقاية من المضاعفات يسهم حتماً في تحسين المحصلة العلاجية ونوعية حياة المريض.

كيف تنظر الأوساط الطبية لتقنية المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة؟

 يُنظر إلى المراقبة العصبية الفسيولوجية كتقنية قيّمة ومهمة، وقد حظيت بقبول واسع النطاق وتُستخدم مراراً في العديد من التخصصات الجراحية من أجل تحسين سلامة المريض. والجراحون وأطباء التخدير وغيرهم من المتخصصين في الرعاية الصحية يدركون أهمية المراقبة الآنية للوظائف العصبية، والفوائد المتأتية منها، في أثناء إجراء العمليات الجراحية المعقدة. ولا بدّ أن يتعاون أطباء الأعصاب واختصاصيو الفسيولوجيا العصبية والجراحون وغيرهم من فريق الجراحة لتنفيذ تقنية المراقبة العصبية الفسيولوجية كما يجب وتحقيق الغاية منها.

ولكن ما التحديات المنطوية على تقنية المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة؟

ثمة تحديات عدّة منطوية على تقنية المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة. فهذه التقنية تستلزم فريقاً متخصصاً ومدرّباً تدريباً عالياً من أطباء الأعصاب واختصاصيي الفسيولوجيا العصبية والتقنيين ممّن يملكون المهارات اللازمة لتفسير الإشارات المرصودة تفسيراً دقيقاً واتخاذ ما يلزم وفقاً لذلك. وعملية المراقبة الحثيثة قد تكون مستنزفة للوقت وربما تزداد بسببها مدة العملية الجراحية. أريد أن أشير أيضاً إلى وجود بعض القيود في توافر معدات المراقبة العصبية الفسيولوجية وإتاحتها والخبرات اللازمة لتشغيلها في بعض أماكن الرعاية الصحية. وفي حين أن تقنية المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة توفّر معلومات قيّمة، فإنها ليست معصومة من الخطأ وربما لا ترصد كل المضاعفات الممكنة، وهو ما يؤكد الحاجة إلى إجراء المزيد من البحوث وإدخال المزيد من التحسينات في هذا المجال.

ما الذي جعلكم تختارون مساراً مهنياً مثل هذا، وهل ترون أن تجربتكم في مجال تخصصكم كانت مجزية؟

اخترت هذا المسار انطلاقاً من شغفي بالفسيولوجيا العصبية والرغبة في النهوض بالمحصلة العلاجية للمريض خلال العمليات والتدخلات الجراحية المعقدة. فبعد أن أكملت زمالة في الفسيولوجيا العصبية الإكلينيكية في عام 2001 وحصلت على البورد في المجال نفسه، تكوّن لدي فهم عميق عن الجهاز العصبي بتعقيداته البالغة والمتداخلة وكيفية مراقبته بشكل فعّال في أثناء إجراء العمليات الجراحية. وبعد خبرة امتدّت لأكثر من عشرين عاماً، عملت خلالها في عدد من أشهر المؤسسات الطبية مثل مستشفى نيشن وايد تشيلدرن بالولايات المتحدة، رأيت عن كثب الأثر العميق للمراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة في المحصلة العلاجية للمريض. وقد ثبتت الأهمية البالغة والحاسمة لمراقبة سلامة الجهاز العصبي مراقبة آنية وتقييم حالته لحظة بلحظة في أثناء التدخلات الجراحية على صعيد الوقاية من المضاعفات المحتملة والنهوض بالمحصلة الجراحية. وعندما التحقت بسدرة للطب في عام 2014 أدركت الحاجة إلى إرساء دعائم خدمة المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة بمعايير عالمية رفيعة هنا في قطر. وبصفتي اختصاصي الفسيولوجيا العصبية الوحيد الذي يوفّر خدمة المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة، أنا فخور بأن أسهمت في تقدّم إجراءات جراحة الأعصاب وجراحة العظام في قطر. ومما يجعل هذه التجربة مجزية أن أشاهد الآثار الإيجابية لخبراتي في صحة مرضاي والفرصة السانحة للتعاون في هذا السياق مع الجراحين وأصحاب المهن الصحية الآخرين في إطار نهج متعدد التخصصات الطبية.

كيف ترون مستقبل هذه الخدمة؟

أعتقد أن المستقبل واعد لتقنية المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة، لأن التقدّم المتواصل في التقنيات والبحوث سيقود على الأرجح إلى تحسين تقنيات ومعدات المراقبة، ما يجعل العملية برمتها أكثر كفاءة وفعالية. وربما نشهد تطورات في خوارزميات المراقبة الآلية وأنظمة الذكاء الاصطناعي للمساعدة في التحليلات واتخاذ القرارات الآنية. وبالإضافة إلى ذلك، من شأن نشر التوعية وإدماج المراقبة العصبية الفسيولوجية في أثناء الجراحة في برامج تدريب الجراحين أن يعزّز سلامة المريض ويشجع على اعتماد هذه التقنية على نطاق أوسع. وأعتقد أن تقنية المراقبة العصبية الفسيولوجية ستستمر في التطور انطلاقاً من التزام ثابت بتحسين المحصلة الجراحية والنهوض بصحة المريض ورفاهه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى