كليات الطب

”غرفة العمليات المستقبلية“ في مستشفى جامعة شيكاغو 

غرفة العمليات المستقبليةفي مستشفى جامعة شيكاغو 

تقنيات جديدة لمراقبة الدماغ كما لم يحدث من قبل

يقوم بيتر وارنك، دكتوراه في الطب، وزميل له بإجراء جراحة دقيقة في الجهاز العصبي داخل غرفة العمليات المتطورة، حيث تعرض الشاشات صورًا مهمة لدماغ المريض بهدف توجيه الإجراء

ربما سمعتَ قصصًا عن مرضى يظلّون مستيقظين أثناء خضوعهم لجراحة في الدماغ، ويُطلب منهم التحدث أو حتى الغناء. وعلى الرغم من أن ذلك قد يبدو غريبًا، إلا أن هذه الممارسة لطالما كانت وسيلة فعّالة لجرّاحي الدماغ لتقييم وظائف الدماغ أثناء الجراحة، للمساعدة في ضمان عدم تضرُّر الأنسجة أو الخلايا العصبية المهمة.

لكن الآن، يمتلك جرّاحو الأعصاب البارزون أدوات تفوق بكثير دقة تلك الجراحاتجراحة الدماغ أثناء استيقاظ المريض“.

في مستشفى جامعة شيكاغو، تعاون خبراء جراحة الأعصاب والمهندسون والبنّاؤون والفنيون لإنشاء نوع جديد من غرف العمليات مصمَّم لمنح الأطباء معلوماتٍ أكثر من أي وقت مضى، بهدف توجيه الإجراءات الجراحية العصبية.

قال بيتر وارنك، دكتوراه في الطب، مدير جراحة الأعصاب الوظيفية والتوجيهية في مستشفى جامعة شيكاغو: “طالب برنامجنا البحثي النابض بالحياة بتكامل التقنية في الوقت الفعلي كخطوة منطقية تالية”.

افتُتِحَتغرفة العمليات المستقبليةهذه، كما وصفها وارنك، في يناير 2023، وهي تتميّز بأدوات رائدة وشاشات عالية الدقة تسمح لجرّاحي الدماغ بفحص ومشاهدة مناطق مهمة في الدماغ طوال العملية. ومنذ ذلك الحين، استخدم جرّاحو الأعصاب في مستشفى جامعة شيكاغو، هذه التقنية في إجراءات دقيقة ومعقدة مثل زرع الأقطاب الكهربائية وجراحة الليزر التي أعادت الحواس لمريض وشفته تمامًا من النوبات.

التصوير الوظيفي أثناء الجراحة

لفت وارنك إلى أن أبرز ما في تكامل التقنية هو جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي الجديد الذي تم تركيبه مؤخرًا داخل غرفة العمليات في مركز جامعة شيكاغو الطبي في هايد بارك.

الآن، يمكن للأطباء إجراء فحوصات بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) أثناء الجراحة لرؤية، ليس فقط ترتيب الدماغ، ولكن أيضًا كيف يعمل في الوقت الفعلي. يمكن أن يشمل ذلك النظر في استجابة الدماغ لتدخلات جراحية مثل التحفيز الكهربائي، وإجراء التصوير بالرنين المغناطيسي لرؤية كيفية إنتاج الخلايا الدماغية المختلفة للطاقة واستخدامها، وتتبُّع الاستجابات الفيزيولوجية. تطلَّبَ التركيب تخطيطًا كبيرًا. فتقنية التصوير بالرنين المغناطيسي تتطلب بناء درع من النحاس في جدران الغرفة لمنع الترددات الراديوية الخارجية من تشويه التصوير، ولحماية العالم الخارجي من المجال المغناطيسي القوي الذي تولده عملية التصوير.

بالإضافة إلى تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الجراحي، أضاف مستشفى جامعة شيكاغو أيضًا جِهازَين متحرِّكين للتصوير المقطعي المحوسب، بما في ذلك جهاز متقدم يعمل بـ 64 شريحة ويمكن تحريكه حول غرف العمليات المتعددة. كجزء من هذا الإعداد ثلاثي الأبعاد للتصوير، تم تزويد قسم جراحة الأعصاب مؤخرًا بأجهزة روبوت جراحية عصبية جديدةنظامي Autoguide و ROSA – لجعل جميع الجراحات دقيقة وآمنة قدر الإمكان.

وفي هذا الإطار قال وارنك: “يمكننا الجمع بين فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الجراحي والتصوير الوظيفي مع فحوصات التصوير المقطعي المحوسب والروبوتات أثناء الجراحة، مما يسمح بإجراء جراحات مختلطة حقيقية تمنحنا أفضل مزايا لجميع هذه التقنيات”.

تحول جذري في المفاهيم

يمكن لفريق طب مستشفى جامعة شيكاغو استخدام شاشات الجدار عالية الدقة في غرفة العمليات لعرض النتائج من التصوير بالرنين المغناطيسي، والتصوير المقطعي، وجميع خطط الجراحة، بما في ذلك المسارات الروبوتية والصور ذات الصلة من سجل المريض الطبي. القدرة على الرجوع إلى هذه الصور أثناء الجراحة يمكن أن تساعد الجرّاحين على تفصيل منهجهم الجراحي بدقة ملليمتريّة.

أكّد وارنك: “نحن قادرون على تقييم دوائر الدماغ لدى كل مريض، واستهداف تلك الدوائر بدقة وبشكل فردي”.

كما يمكن للفريق الجراحي النظر إلى الإتصالات بين مناطق الدماغ المختلفة، وهو أمر أساسي لإجراءات معقّدة مثل جراحة الصرع عند الأطفال وعلاج الأورام العميقة.

وتابع وارنك: “لقد انتقلنا من الاستئصال المبسَّط لأنسجة الدماغ، إلى الفصل والتعديل المعقَّد لمناطق بدء النوبات. وبفضل التصوير الدقيق، يمكننا استخدام أدوات طفيفة التوغّل مثل الليزر البيني وأنظمة التحفيز الاستجابية المغلقة لتقليل المضاعفات بشكل كبير. إنه تحوّل جذري في علم الأعصاب”.

يمكن أن تشمل كل خطوة جراحية فحصًا جديدًا يسمح للخبراء بتحديث خطة الجراحة وتأكيد دقتها. وعندما يقوم الجرّاحون بإزالة أو تدمير ورم ما، يمكنهم إجراء فحص للتأكُّد من أن العلاج كامل قدر الإمكان قبل إغلاق الشقوق.

وأكّد وارنكأنَّ تجهيز غرفة العمليات الجديدة سيعزز أيضًا تعليم المتدرّبين في المركز الطبي الأكاديمي. إذ من القيِّم جدًا للمتدربين أن يروا تأثير الجراحة بصريًا أثناء أدائها”.

التمكين المستقبلي لعلوم الأعصاب

لسنوات، كان مستشفى جامعة شيكاغو رائدًا في مجال بحوث نظام برمجة التقاط إشارات الدماغ المتعلقة بالتحكم الحركي والإحساس. قام وارنك بإجراء جراحات أعادت الشعور باللمس والتحكم الحركي عبر الأيدي الإصطناعية للمرضى المصابين بالشلل، وكان آخرها في واحدة من غرف العمليات الجديدة.

ويشير وارنك: “إن تأثير التصوير أثناء العملية الجراحية على برنامج آلة الدماغ لدينا على وجه الخصوص هائل”. يمكننا الآن النظر إلى وظيفة الدماغ أثناء وضع القطب الكهربائي أو الألياف الليزرية، وبالتالي توجيهها بدقة أكثر من أي 

وقت مضى.”

مباشرةً بعد وضع الغرسة، يمكن لعلماء الأعصاب استخدام تقنيات التصوير المختلفة لاختبار وظيفة الزرع قبل الإنتهاء من الجراحة. يتيح ذلك لهم جمع بيانات مهمة للتحليل البحثي، وكذلك التأكد من أن الغرسة تعمل بشكل صحيح، مما يُقلِّل الحاجة لجراحات لاحقة للمتابعة وضبط موضعها.

في أكتوبر 2023، تلقت مجموعة البحث في جامعة شيكاغو منحة بقيمة 3.4 مليون دولار من المعاهد الوطنية للصحة لدعم بحوثهم في تطوير واجهات أكثر تعقيدًا بين الدماغ والكمبيوتر. على وجه التحديد، يهدف الباحثون إلى تطوير مُشفرات الدماغ والكمبيوتر التي تحاكي التنسيق السلس لحركات الذراع واليدواختبار هذه المُشفرات المتقدِّمة داخل بيئة الواقع الإفتراضي التي تحاكي الأنشطة اليومية.

يؤكد وارنك أنه مجرد عضو واحد فيبرنامج بحث الجراحة العصبية النابض بالحياةفي الجامعة.

على سبيل المثال، يُقدِّم الزملاء في مركز جروسمان للبيولوجيا الكمّية والسّلوك البشري، تقنيات حسابية لا مثيل لها لمجموعات بيانات علم الأعصاب الضخمة. بينما يبحث آخرون في طرق تحسين علاجات الصرع وتشوهات الأوعية الدموية وأورام الدماغ باستخدام تقنيات تشخيصية أقل تدخلاً وعمليات جراحية أكثر فعالية بجهد أقل، والتي ستتلقى دفعة من قدرات غرفة العمليات الجديدة.

وختم وارنك: “كل هذا جزء من عالم أوسع من علم الأعصاب المبتكر الذي يجلب إلى غرفة العمليات تكنولوجيا جديدة وأبحاثًا مثيرة ذات فائدة فورية للمريض”.

بيتر وارنك، دكتوراه في الطب أستاذ علم الأعصاب وجراحة الأعصاب 

مدير جراحة الأعصاب التوجيهية والوظيفية.

أجرى الجرّاح العالمي المشهور في مجال الأعصاب الدكتور بيتر وارنك، أكثر من 5000 عملية جراحية توجيهية وأكثر من 2000 جراحة لأورام الدماغ. يقدم الدكتور وارنك الرعاية الجراحية العصبية لعلاج البالغين والأطفال المصابين بالاضطرابات الحركية، والصرع، وأورام الدماغ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى