كليات الطب

”جُزيء جميل ومثير للاهتمام حقًّا“ بعد ثلاثة عقود من الأبحاث، لا يزال العميد ”أندرسون“ يصبّ تركيزه على ”CaMKII“

جُزيء جميل ومثير للاهتمام حقًّابعد ثلاثة عقود من الأبحاث، لا يزال العميدأندرسونيصبّ تركيزه على ”CaMKII“

من مستشفى جامعة شيكاغو

كان الطبيب الحاصل على شهادة دكتوراه في الطبّ،مارك أندرسون، يعتقد دائمًا خلال نشأته، أنّه سيكون محاميًا. وقال، مشيرًا إلى أنّ جدّته وجدّه ووالده كانوا جميعهم أطبّاء بأنفسهم: “في الغالب لأنّني لم أرغب في الشعور بأنّني مقدّر لي أن أصبح طبيبًا. لكنّني دائمًا ما أحببت علم الأحياء. وفي النهاية، أحببت العلوم كثيرًا، لذلك انتهى بي المطاف بالالتحاق بكلّيّة الطبّ”.

وبفضل صديقته السابقة، حصل أيضًا على شهادة الدكتوراه. ولعدم رغبته في تركها وراءه في سعيه للحصول على شهادة في الطبّ، اختار تأجيل الالتحاق بكلّيّة الطبّ، وبدلًا من ذلك، البدء ببرنامج الدكتوراه. وقالأندرسونبضحكة، وهو يشغل الآن مناصب نائب الرئيس التنفيذيّ للشؤون الطبّيّة، وعميد قسم العلوم البيولوجيّة، وعميد كلّيّةبريتزكرللطبّ: “لم تدمْ علاقتنا، ولكنّ الانبهار بالقنوات الأيونيّة دام”.

خلال سنوات الزمالة في جامعةستانفورد، تعرّف، لأوّل مرّة، على موضوع دراسته مدى الحياة: بروتين كيناز 2 المعتمد على الكالسيوم/كالمودولين. ويُعرف هذا البروتين باسم “CaMKII”، وهو جزء من مجموعة متنوّعة من سلاسل الإشارات، وربّما يشتهر بدوره في الدماغ، حيث يُعتقد أنّه يؤدّي أدوارًا أساسيّة في التعلّم والذاكرة. ويُعتبر “CaMKII”، أيضًا، مهمًّا لخلايا عضلة القلب، لأنّه يحافظ على استتباب الكالسيوم واستعادة امتصاصه، ممّا يدعم بيئة مثاليّة لنشاط القلب.

رُبِط سوء تنظيم “CaMKII” بعدم انتظام ضربات القلب، ممّا جذب الاهتمام السريريّ لـأندرسون”.

 وقال هذا الأخير: “يبدو أنّ البروتين يقود أنماطًا ظاهريّة فيزيولوجيّة كهربائيّة مهمّة في القلب، وهو ما كنت أدرسه في ذلك الوقت. وتركّزت أطروحة الدكتوراه الخاصّة بي على كيفيّة تقلّص عضلة القلب. وبعد ذلك، عندما التحقت بكلّيّة الطبّ، بدت مختبرات الفيزيولوجيا الكهربائيّة القديمة تشبه، إلى حدّ كبير، المختبرات التي كنت أجري أبحاثي فيها. لقد شعرت بأنّها مألوفة جدًّا، لكنّ المجال كان أيضًا مجالًا ناشئًا، مع خيارات جديدة لتعديل النشاط الكهربائيّ للقلب بطريقة غير جراحيّة”.

خلال مسيرته البحثيّة التي امتدّت عقودًا، بما في ذلك الوقت الذي شغل فيه منصب مدير قسم الطبّ، وأستاذ الطبّ فيويليام أوسلرومدير قسم الطبّ في مستشفىجونز هوبكنز، والرئيس والمدير التنفيذيّ لقسم الطبّ الداخليّ في جامعة آيواكلّيّةكارفرللطبّ، واصل صبّ تركيزه على فهم أدوار “CaMKII” في صحّة القلب، وكيف أنّ استهداف هذا البروتين قد يوفّر فرصًا علاجيّة جديدة لحالات مثل عدم انتظام ضربات القلب وحالات نقص التروية في عضلة القلب.

ففي القلب، يتوسّط تنشيط “CaMKII” فسفرة القنوات الأيونيّة والبروتينات الأخرى التي تساهم في إحداث تغيّرات سريعة في نشاط القلب، بما في ذلك معدّل ضربات القلب والأداء الانقباضيّ لعضلاته. ويمكن أن يكون هذا التنشيط حاسمًا للتغيّرات السريعة في الحالة، مثل بدء استجابة الكرّ والفرّ في الجسم. ولكن الإفراط في النشاط يمكن أن يسبّب ضعف وظائف القلب وموت الخلايا، ممّا قد يؤدّي بدوره إلى نتائج صحّيّة سيّئة للقلب.

وأتى أحد الاكتشافات الأساسيّة لـأندرسونفي دراسة أُجريت في العام 2008، حدّد فريقه فيها آليّة جديدة لتنشيط “CaMKII” – يمكن أن تحافظ أكسدة الحمض الأمينيّ ميثيونين داخل البروتين، على نشاطها حتّى بدون وجود الكالسيوم أو الكالمودولين. ونتيجة لذلك، يمكن تنشيط “CaMKII” عن طريق الأكسدة الناتجة من الأنجيوتنسين 2، التي تؤدّي، بدورها، إلى الموت المبرمج لخلايا عضلة القلب. وأظهر بحث إضافيّ من مختبره، منذ ذلك الحين، أنّ “CaMKII” المؤكسد يمكن أن يؤدّي إلى الرجفان الأذينيّ، راسمًا خطًّا بين عوامل الخطر المعروفة والحالة، ومظهرًا بشكل مباشر أنّ المرضى الذين يعانون من الرجفان الأذينيّ، كانت لديهم مستويات متزايدة من “CaMKII” المؤكسد في الأذين.

في الآونة الأخيرة، وجد فريقأندرسوندليلًا على أنّ هذه الآليّة هي نتيجة للمفاضلات التطوّريّة بين السمات التي تضاعف اللياقة الشبابيّة، ولكنّها في النهاية تؤثّر سلبًا في الصحّة أثناء الشيخوخة. ويوفّر تنشيط “CaMKII” بواسطة أنواع الأوكسجين التفاعليّة، ميزة للفقاريّات لأنّه يؤدّي إلى زيادة الكالسيوم داخل الخلايا، الذي بدوره ينشّط برامج النسخ المهمّة أثناء التمرين ولدعم جهاز المناعة، على الرغم من أنّ فرط نشاط النظام يمكن أن يؤثّر سلبًا في صحّة القلب على المدى الطويل. وهذا يعني أنّ النظام يعمل بشكل متوازن، ويدعم نظريّة التطوّر التأسيسيّة المعروفة باسم تعدّد النمط الظاهريّ المعاكسفكرة أنّ الأمراض المرتبطة بالعمر هي نتيجة لسمات وراثيّة تطوّرت لأنّها كانت مفيدة خلال سنوات الإنجاب السابقة.

وكما يقول، كلّ هذا البحث يشير إلى إمكانيّة استهداف “CaMKII” لعلاج عدم انتظام ضربات القلب، بما في ذلك الرجفان الأذينيّ، وفشل القلبوهو أمر لم تتمّ دراسته بعد في تجربة سريريّة. ويكمن أحد التحدّيات في حقيقة أنّ “CaMKII” هو جُزيء مهمّ جدًّا في الدماغ. وأوضح: “إنّ شركات الأدوية لم تطوّر مثبّطات “CaMKII” لأنّ ثمّة مخاوف من أنّها قد تؤثّر في التعلّم والذاكرة. لكنّ فريقنا يُجري فحوصًا عالية الإنتاجيّة للأدوية المستخدمة بالفعل في المرضى لأسباب أخرى. وقد حدّدنا الكثير من الأدوية التي يبدو أنّها تثبّط “CaMKII”، ما يوفّر بعض الأدلّة على أنّنا قد نكون قادرين على منع نشاطه أو تقليله بدون آثار ضارّة كبيرة”.

وهو يأمل أنّ تثبيط “CaMKII” المفرط النشاط يمكن أن يكون له تأثيراثنين بواحدفي منع كلّ من عدم انتظام ضربات القلب وفشل القلب، بناءً على النتائج التي شاهدها فريقه وآخرون في نماذج الفئران. وقال: “الكثير من الأدوية التي نمتلكها حاليًّا، يمكن أن تجعل الناس يشعرون بتحسّن قليل فترةً من الوقت، ولكنّها تؤدّي في النهاية إلى موتهم بسرعة أكبر. يبدو أنّ “CaMKII” هو الخيار المثاليّ حقًّا”.

سيشهد المستقبل استخدام تقنيّات جديدة لاستهداف أكسدة “CaMKII” في القلب بشكل انتقائيّ أكثر. ويشير إلى دراسة حديثة وردت في مجلّة “Science” وأُجريت في المركز الطبّيّ في جامعةتكساس ساوثويسترن، حيث استخدم الباحثون تقنيّةكريسبر” (CRISPR) لاستهداف موقع الميثيونين وتعديله على شكل “CaMKII” الأكثر انتشارًا في أنسجة القلب. ومن خلال تغيير الميثيونين إلى الفالين، وهو الحمض الأمينيّ الموجود في اللافقاريّات “CaMKII”، تمكّنوا من منع الأكسدة، وبالتالي، زيادة نشاط البروتين. وهذا، بدوره، يحمي من قصور القلب بدون التسبّب في تثبيط عامّ لـ”CaMKII”، وبالتالي، القضاء على أيّ تأثير في الدماغ. في حين يتمركزأندرسونفي دوره الجديد في جامعة شيكاغو، إلّا أنّه ليس متأكّدًا من الخطوات التالية لأبحاثه، لكنّه يواصل العمل على إبراز أهمّيّة “CaMKII” كهدف في صحّة القلب.

وقال: “من الممكن أن يكون القضاء الانتقائيّ على التنشيط المؤكسد لـ”CaMKII” من خلال تقنيّات مثلكريسبر، مفيدًا على نطاق واسع في العلاجات للمرضى الذين يعانون من احتشاء عضلة القلب (أزمة قلبيّة)، وعدم انتظام ضربات القلب، والأمراض غير القلبيّة مثل الربو وبعض أنواع السرطان. من المثير للاهتمام التفكير في كيفيّة استهداف العلاجات في المستقبل أنشطة إنزيميّة ضارّة معيّنة بدون تثبيط الإشارات الإنزيميّة الأساسيّة، التي قد تلزم للحفاظ على العمليّات الفيزيولوجيّة الطبيعيّة”.

مارك أندرسون، حاصل على شهادة دكتوراه في الطبّ

مارك إ. أندرسون، حاصل على شهادة دكتوراه في الطبّ، هو نائب الرئيس التنفيذيّ للشؤون الطبّيّة، وعميد قسم العلوم البيولوجيّة، وعميد كلّيّةبريتزكرللطبّ في جامعة شيكاغو، حيث يرأس أقسام الأبحاث الطبّيّة والبيولوجيّة، والتعليم، وتقديم الرعاية، والمشاركة المجتمعيّة.

لمعرفة المزيد من المعلومات، يُرجى زيارة الموقع  https://uchicagomedicine.org/global

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى