أمراض وعلاجات

مراكز معالجة السمنة وإدارة الوزن

مراكز معالجة السمنة وإدارة الوزن

نهج علاجي شامل للوصول إلى الوزن الصحي والحفاظ عليه

تقدم مراكز علاج السمنة حلولاً متكاملة تشمل العلاج الغذائي والسلوكي والرياضي وكذلك الحلول الجراحية إذا دعت الحاجة إلى جانب الدعم النفسي للمرضى، وذلك من خلال فرق متعددة التخصصات في مجال خدمات معالجة السمنة والمضاعفات الناتجة. 

تسعى المراكز المتخصصة في معالجة السمنة إلى تنمية الجانب الصحي وتقليل المخاطر التي تهدد المريض نتيجة وزنه الزائد. وانطلاقاً من مضاعفاتها وعلاقتها الوطيدة مع الكثير من الأمراض، لاسيما المزمنة منها، عمدت المستشفيات العالمية والمؤسسات الصحية إلى إنشاء هذا النوع من المراكز التي تُعنى بعلاج السمنة وإدارة الوزن.

لكن عمل المراكز المتخصصة في علاج السمنة لم يعد محصوراً بخسارة الوزن الزائد وعلاج السمنة بقدر ما هو الحفاظ على ما خسره المريض من وزن، فخسارة الوزن بمعدل متوسط وحماية الوزن المفقود أفضل من خسارة سريعة في الوزن وإعادة إكتسابه مرة أخرى.

تركّز الكثير من الدراسات اليوم على أن الحفاظ على الوزن المفقود، وهو الأساس في إدارة الوزن، بدلاً من التركيز على فقدان الكيلوغرامات فحسب. والهدف من علاج السمنة ليس فقط خسارة الوزن بل العمل على إدارته وذلك من خلال أساليب مهمة على المريض ان يعتمدها لتصبح نمط حياة بالنسبة له كالتمارين الرياضية والنشاط البدني وإتباع نمط طعام صحي بشكل عام.

يجمع الخبراء أن أهم الحلول لمكافحة السمنة وتجنّب الوزن الزائد يكمن في إدخال تعديلات على سلوكيات نمط الحياة اليومية لتبقى هذه الخطوة هي حجر الزاوية في إدارة معالجة السمنة وزيادة الوزن وهو ما يتطلب عزيمة قوية تحث المرء على اتّباع نمط حياة صحي لخسارة الوزن والوقاية من الأمراض؛ كما يحتاج إلى دعم من البيئة المحيطة وتقديم الدعم المعنوي والنفسي اللازم لمساعدة المرء على خسارة الوزن والإلتزام بالخطوات الواجب اتباعها.

نهج متعدد التخصصات

يجد مريض السمنة في تلك المراكز فريق عمل متكامل يشمل إستشاريين في طب السمنة والباطنية وأخصائيو العلاج السلوكي والتغذية والتمارين الرياضية، يعتمدون آخر الأساليب والطرق المعتمدة عالمياً لمعالجة السمنة ويقدمون الحلول والخيارات التي تلائم الحالات المرضية ضمن برنامج عمل متكامل ونهج علاجي متعدد التخصصات.

يضع الخبراء في طب السمنة نهجاً شمولياً لعلاج حالات السمنة لاسيما السمنة المفرطة، فبالإضافة إلى أخصائيي الغدد الصماء والجراحين، توفر هذه المراكز أطباء متخصصين في الإضطرابات النفسية والطب الرياضي في التشخيص والعلاج فيعمل الجميع كفريق واحد لتحديد الأسباب الطبية والنفسية الفردية للسمنة على أن يتم إنشاء برامج إنقاص الوزن تحتوي على النشاط البدني والدعم النفسي الجسدي.

البداية دوماً تكون بالبحث عن مسببات السمنة، فيقوم الفريق الطبي المتخصص بالكشف السريري والإستماع إلى التاريخ العائلي للمريض ثم يخضع لفحوصات مخبرية متنوعة، في وقت يتم فيه وضع برنامج غذائي وسلوكي ورياضي يناسب حالة المريض. برامج فقدان الوزن على اختلافها تتم عبر إدخال تغييرات في عادات الأكل وزيادة النشاط البدني، وتعتمد طرق العلاج السليمة على مستوى السمنة الذي يعاني منه المريض أي بحسب مؤشر كتلة الجسم لديه بالإضافة إلى حالته الصحية عموماً والأهم توفر الرغبة لديه في التخلص من الوزن الزائد. قد تتطلب بعض حالات السمنة نوعاً من أنواع الجراحات الخاصة بالسمنة وذلك بحسب مؤشر كتلة الجسم وبحسب عمر المريض وحالته الصحية عموماً، ويتم تنفيذ الجراحات بأحدث التقنيات في غرف عمليات مصممة خصيصاً لتلك الفئة من المرضى. 

تتضمن خطط علاج السمنة

نظام غذائي مناسب

اتباع نظام غذائي مناسب هو ما يبدأ به خبراء التغذية في تلك المراكز، حيث يعمدون الى وضع خطة غذائية مناسبة بحسب عمر المريض وما يعانيه من مشاكل صحية وكذلك بحسب الطول والوزن وغيرها من المعايير. يُجمع الخبراء على أن فقدان الوزن ببطء وثبات عبر فترة زمنية طويلة أكثر أمانًا من فقدان الوزن السريع لأن ذلك يضمن الحفاظ على الوزن المفقود. كما ينبغي الإمتناع عن الممارسات غير الواقعية من حيث الحميات القاسية والتغيرات الجذرية في النظام الغذائي. الكمية النموذجية تتراوح من 1,200 إلى 1,500 سعرة حرارية للنساء و1,500 إلى 1,800 سعرة حرارية للرجال. يجب الإمتناع عن تناول الوجبات السريعة واستبدالها بالطعام الصحي مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقول واللحوم الخالية من الدهون ومنتجات الألبان والأسماك والدواجن. كما يجب إختيار الطعام الذي يحتوي على نسبة عالية من العناصر الغذائية بدلاً من الطعام الغني بالسعرات الحرارية العالية، والإبتعاد عن الدهون غير المشبعة والأطعمة السكرية والمشروبات الغازية والأطعمة المصنعة.

النشاط البدني

تساعد التمارين الرياضية في الوصول الى الهدف المنشود لاسيما اذا ما ترافقت مع نظام غذائي صحي، حيث تؤدي الى تحقيق التوازن بين عدد السعرات الحرارية التي نتناولها مع تلك التي نحرقها. وعليه، للتخلّص من الوزن الزائد يجب أن يزيد عدد السعرات الحرارية التي نحرقها على عدد تلك التي نتناولها. وبما أنّ ممارسة الرياضة تستلزم حرق السعرات الحرارية، فمن البديهي أن تعتبر عاملاً مساعداً في إنجاح هذه المعادلة. للنجاح في تحقيق الإستمرارية في ممارسة الرياضة والتحكم بالوزن، هناك بعض الخطوات الواجب إتباعها وهي من الخدمات التي تقدمها تلك المراكز المتخصصة حيث يتم إجراء فحص طبي للتأكد من إمكانية ممارسة التمارين الرياضية، والبدء بممارسة الرياضة والتدرج في تنفيذ البرامج التدريبية بحيث تكون عدد مرات التدريب الأسبوعية من (3-5) وتتراوح فترة التدريب من ( 15-60 ) دقيقة. ينصح الخبراء بضرورة البدء بالإحماء والإنتهاء بالتهدئة، مع تنظيم مواعيد الرياضة قدر الإمكان والحرص على عدم الإنقطاع؛ من الخطوات المهمة كذلك إرتداء الملابس الرياضية الملائمة والمريحة.

الدعم النفسي

الدعم النفسي يساعد مريض السمنة على تخطي هذه العقبات فيتعرّف على طرق صحية للحد من الإحباط الذي يمر به، كما يساعده في معرفة كيفية مراقبة النمط الغذائي والتمارين الرياضية وتوقيتها وفهم محفزات تناول الطعام والتعامل مع حالات التوق الشديد للطعام التي يمر بها المرء بين الحين والآخر لاسيما بعد إتباع حمية غذائية لفترات طويلة. 

على مريض السمنة أن يدرك أن النظام الغذائي الصحي والتمارين الرياضية هي نمط حياة جديد وتغيير سلوكي في حياته اليومية عليه أن يتبعه مدى الحياة بشكل متوازن من دون أن يشعر بالحرمان.  لكن هذا التغير في السلوك قد يكون له تبعات نفسية وإحباط، فيحتاج مريض السمنة في مثل هذه الحالات الى دعم نفسي من قبل أخصائيي الصحة النفسية والمدربين للتعامل مع مثل هذه الحالات لتقديم المساعدة حول كيفية التعامل مع المشاكل السلوكية والعاطفية المرتبطة بتناول الطعام. 

العلاج السلوكي 

أثبت العلاجي السلوكي فعالية عالية في الحد من الإضطرابات النفسية التي يعاني منها الشخص البدين مع تشجيعه على التخلص من الوزن الزائد من خلال تعزيز الثقة بالنفس. المقصود هنا إدخال تغيير جذري في حياة مريض السمنة وتحويل عاداته اليومية إلى عادات صحية وتشمل نوعية الطعام وتوقيته وممارسة التمارين الرياضية، ووضع أهداف واقعية لخسارة الوزن فيشعر أنه قادر على تحقيقه في وقت قريب. ويتضمن العلاج السلوكي أيضاً دعم البيئة المحيطة وتشجيع المريض على تبني العادات الصحية وحثّه على ذلك.

العلاج السلوكي يساعد الأشخاص على تغيير سلوكيات تناول الطعام وممارسة التمارين الرياضة، وقد يكون ذلك من خلال سلسلة من جلسات الإرشاد الفردي أو الجماعي بحيث يتعامل أخصائيو العلاج السلوكي مع الجانب النفسي لإدارة الوزن من خلال مساعدة المريض على فهم أنماط تفكيره والإنفعالات والسلوكيات التي تحفّزه على تناول الطعام وبالتالي زيادة الوزن إذ من الممكن ان يتناول الطعام من دون الشعور بالجوع فقط لأنه حزين. يتم الإعتماد في هذا النوع من علاجات السمنة على تعزيز قدرة المريض على تطوير مهاراته وتعزيز ثقته بنفسه ليتمكن من تغيير نمط حياته والمواظبة على العادات الصحية من غذاء ورياضة لفقدان الوزن وتحقيق الفوائد الصحية المرجوة على المدى الطويل.

حقن التنحيف

من ضمن العلاجات التي باتت معتمدة في السنوات الأخيرة لعلاج السمنة ظهرت حقن التنحيف التي تشكل حلاً مثالياً للكثير من حالات السمنة المفرطة التي لم ينجح معها أي من الحميات الغذائية أو أدوية التنحيف، أو لمن لديه مخاطر صحية تمنعه من إجراء العملية، على أن يتم ذلك تحت إشراف الطبيب المعالج وهو الوحيد القادر على تحديد حجم المشكلة وحاجتها الى هذا النوع من الحقن.

هذا النوع من الحقن أثبت نتائج حقيقية وفعّالة بأعراض جانبية بسيطة أو غير موجودة أحياناً تحت إشراف الطبيب، بالإضافة إلى أنها بسيطة وسهلة مقارنة بوسائل فقدان الوزن الزائد الجراحية التي تعتبر مصدر خوف للبعض. يعتمد مفهوم عمل هذه الحقن على إفراز هرمون طبيعي داخل الجسم مسؤول عن تنظيم الشهية من خلال تنشيط مناطق معينة في المخ مسؤولة عن الشعور بالشبع والجوع، فتجعل الشخص يشعر بالشبع والإمتلاء بعد تناول كميات قليلة من الطعام؛ وعليه، يحصل الشخص على سعرات حرارية منخفضة ما يؤدي إلى فقدان الوزن بشكل آمن وصحي. توصف هذه الحقن لمن لديهم مؤشر كتلة الجسم (BMI) أكثر من 30، أو أكثر من 27 مع وجود أمراض مزمنة ومشاكل صحية خطيرة مصاحبة للسمنة مثل مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم.

تجدر الإشارة في هذا المجال إلى أن إرشادات إدارة الغذاء والدواء الأميركية توصي بالتوقف عن الحقن في حال لم يخسر الشخص 4 بالمائة من وزنه بعد مرور نحو ستة عشر أسبوعاً.

جراحات إنقاص الوزن

إذا كان مؤشر كتلة الجسم فوق 40، وعندما لا تُجدي الأنظمة الغذائية والتمرينات الرياضية نفعًا، أو عندما تتسبّب السمنة بمشكلة صحية خطيرة، يكون الحل الأمثل هو جراحة السمنة بعد دراسة الحالة عموماً والتأكد من عدم وجود مشاكل صحية تمنع من إجرائها. يوجد أنواع عدة من جراحات السمنة، على أن يحدد الجرّاح المتخصص نوع الجراحة الأمثل بحسب الحالة؛ فهناك عملية تحويل مسار المعدة أو تكميم المعدة أو تحويل مسار البنكرياس والقنوات الصفراوية وتحويل مجرى الإثني عشر.

على المريض أن يدرك أن جراحة السمنة لا تلغي إدخال تغييرات صحية دائمة على النظام الغذائي وممارسة التمارين للمساعدة في ضمان النجاح الطويل الأمد لجراحات علاج السمنة.

من أنواع العمليات التي يمكن اللجوء إليها:

  • تكميم المعدة عبر إزالة جزء كبير من المعدة فيصغر حجمها وبالتالي يشعر المريض بالشبع بعد تناول كمية قليلة من الطعام، ويتم كذلك سد الفجوات الموجودة باستخدام دبابيس. في هذه الحالة، يصف الطبيب بعض الفيتامينات نظراً للتغيرات التي ستطرأ في ما بعد.
  • ربط المعدة لتقليل كمية الطعام التي تستوعبها المعدة فتساعد على امتلائها سريعاً والشعور بالشبع في وقت أسرع، هذه الطريقة لا تؤثر على السعرات الحرارية ولكن تؤثر على كميتها فقط. يتم وضع حلقة حول الجزء العلوي من المعدة باستخدام المنظار ليقسم المعدة إلى قسمين بينهما ممر ضيق يسمح بوصول قدر بسيط من الطعام ببطء إلى القسم السفلي من المعدة.
  • جراحة المجازة المعدية تتضمن عمل جيب صغير من المعدة وتوصيله بالأمعاء الدقيقة مباشرةً. بعد تحويل مسار المعدة، سينتقل الطعام إلى الجيب الصغير للمعدة ومنه إلى الأمعاء الدقيقة مباشرةً، وبذلك يتجاوز معظم المعدة والجزء الأول من الأمعاء الدقيقة. هذه العملية ليست مناسبة لجميع الحالات بل هي فقط لمن لديه مؤشر كتلة الجسم 40 أو أكثر أي سمنة مفرطة، أو إذا كان المؤشر 35 مع وجود مشكلة صحية خطيرة متعلقة بالسمنة مثل السكري من النوع الثاني أو ارتفاع ضغط الدم وغيرها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى