أمراض وعلاجات

عيوب القلب الخلقية…تعهّدها الطب وغيّرت مسارها العلاجات

عيوب القلب الخلقية

تعهّدها الطب وغيّرت مسارها العلاجات

تؤثر عيوب القلب الخلقية على نسبة لا بأس بها من الأطفال حديثي الولادة وينعكس ذلك على حياتهم ومستقبلهم الصحي ما لم يتم الكشف المبكر والتدخل الطبي او الجراحي للتعامل مع الحالة المرضية في الوقت المناسب قبل تفاقمها.

بعض عيوب القلب الخلقية يكتشفها الطبيب خلال فترة الحمل من خلال الفحص بالموجات الصوتية على قلب الجنين fetal echo، وربما يكتشف الطبيب الحالة المرضية بعد ولادة الطفل بساعات قليلة حيث يسمع صوتًا غير طبيعي صادر من قلب المولود من خلال الفحص الروتيني بالسمّاعة، أو تلاحظ الممرضة أو الأم ازرقاق المولود، فيُطلب إجراء الموجات الصوتية على القلب لتشخيص الحالة.

تشمل عيوب القلب الخلقية الثقوب في أحد جدران القلب، أو تضيق وانسداد تام في أحد صمامات القلب لا سيما الأورطي أو الرئوي أو ثلاثي الشرفات، ولعل أخطر أنواع العيوب الخلقية هي العيوب المركبة التي تؤثر على نسبة تشبع الدم بالأوكسجين، حيث يصاب الطفل بالإزرقاق ويختنق من أقل مجهود.

هناك العديد من الأسباب التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة مثل العوامل الوراثية أو الجينية، فيروس الحصبة الألمانية، داء السكري، أو ربما مضاعفات تناول بعض الأدوية أثناء الحمل. على الوالدين، وتحديداً الأم، ملاحظة أي عارض خارج عن المألوف مهما كان بسيطاً وإعلام طبيب الأطفال. 

أما أبرز العلامات والأعراض التي قد تشكل دلالة على وجود أحد تلك العيوب الخلقية:

  • إزرقاق الطفل أثناء الرضاعة.
  • ضيق تنفس الطفل أثناء الرضاعة.
  • عدم قدرة الرضيع على إكمال الرضاعة نتيجة ضيق التنفس.
  • تسارع ملحوظ في معدلات تنفس أو ضربات قلب الطفل.
  • تورم الساقين أو البطن أو حول العينيْن.
  • تأخر في نمو الطفل الذهني أو الجسماني.
  • عدم الوصول الى الوزن والطول الطبيعيين بحسب العمر. 

كيف تنشأ؟

معظم عيوب القلب الخلقية تحدث بسبب مشكلة ما خلال فترة نمو القلب لدى الجنين لا يُعرف سببها. تكوين القلب يبدأ خلال الأسابيع الأولى من الحمل في أخذ الشكل والنبض، كما يبدأ تكوين الأوعية الدموية الرئيسية التي تمتد من القلب وإليه في أثناء هذه الفترة.

هذه هي مرحلة نمو الجنين التي يمكن أن تنشأ خلالها عيوب القلب؛ ورغم عدم وجود سبب لمعظم هذه العيوب، إلا أن هناك بعض عوامل الخطورة التي يمكن أن تلعب دوراً في الإصابة.

من أبرز العوامل التي ترفع من خطر إصابة الطفل بعيوب القلب الخلقية:

  • إصابة الأم بالحصبة الألمانية خلال أشهر الحمل التي قد تتسبب في حدوث مشكلات خلال فترة نمو قلب الطفل. 
  • العامل الوراثي مسؤول عن الكثير من عيوب القلب الخلقية، ومن الأمثلة على ذلك فإن الكثير من الأطفال المصابين بمتلازمة داون التي تحدث بسبب وجود نسخة إضافية من كروموسوم 21 يعانون عيوبًا في القلب. 
  • الحالات المزمنة مثل داء السكر غير المسيطر عليه؛ على المرأة أن تدير مستوى السكر في الدم بشكل جيد نظراً لإمكانية تعرض جنينها لعيوب القلب الخلقية. يمكن الوقاية من خلال السيطرة على داء السكري قبل محاولة الإنجاب وخلال فترة الحمل. 
  • تناول أنواع معينة من الادوية من دون إشراف طبي قد يتسبب في حدوث عيوب القلب الخلقية. على الحامل ان تُعلم طبيبها الخاص بأي علاج تتناوله قبل الحمل.
  • التدخين خلال فترة الحمل يزيد من احتمالية إصابة الطفل بعيوب القلب الخلقية.

أنواع عيوب القلب

هناك مجموعة كبيرة من عيوب القلب الخلقية التي يمكن تصنيفها على النحو التالي:

وجود ثقوب في القلب أي في الجدران الموجودة بين حجرات القلب أو بين الأوعية الدموية الرئيسية الخارجة من القلب. في حالات معينة، تسمح هذه الثقوب بخلط الدم غير المحمّل بالأوكسجين مع الدم الغني بالأوكسجين والنتيجة هي نقل كمية أقل من الأوكسجين إلى باقي أنحاء جسم الطفل. وبحسب حجم الثقب تظهر أعراض وعلامات نقص الأوكسجين مثل إزرقاق الجلد والأظافر. 

تشوه الحاجز البطيني هو ثقب في الجدار بين الحجرتين اليمنى واليسرى في النصف السفلي من القلب (البطينين). يحدث عيب الحاجز الأذيني عندما تكون هناك فتحة بين غرفتي القلب العلويتين (الأذينين).  أما القناة الشريانية السالكة، فهي عبارة عن وصلة بين الشريان الرئوي الذي يحتوي على دم بدون أوكسجين والأبهر الذي يحتوي على دم غني بالأوكسجين.

انسداد تدفق الدم يحدث عندما تكون الأوعية الدموية أو صمامات القلب ضيقة بسبب عيب في القلب، حيث ينبغي أن يعمل القلب بقوة أكبر لضخ الدم عبرها. ويؤدي هذا في النهاية إلى زيادة حجم القلب وكثافة عضلة القلب. من أمثلة هذا النوع من العيب التضيق الرئوي أو التضيق الأبهري.

الأوعية الدموية غير الطبيعية. العديد من أمراض القلب الخلقية تحدث عندما لا يكون شكل الأوعية الدموية المتجهة إلى القلب والخارجة منه سليمًا أو لا يكون موضعها كما ينبغي أن يكون. يحدث عيب يُسمى تحويل الشرايين الكبيرة عندما يكون الشريان الرئوي والأبهر على جانبين خطأ من القلب. كما يمكن أن تحدث حالة تُسمى تضيق الأبهر عندما يكون الوعاء الدموي الرئيسي الذي يضخ الدم في الجسم ضيقًا جدًا. 

اضطرابات صمام القلب في حال لا تستطيع صمامات القلب أن تنفتح وتنغلق بشكل صحيح، وبالتالي لا يتدفق الدم بالشكل اللازم. أبرز الأمثلة حول هذا النوع من العيب ما يُسمى شذوذ إبشتاين حيث يكون الصمام ثلاثي الشرفات الذي يقع بين الأذين الأيمن والبطين الأيمن، مشوهًا وغالبًا ما يكون فيه تسريب، أو رتق الرئة بحيث يكون الصمام الرئوي مفقودًا ما يؤدي الى تدفق غير طبيعي للدم إلى الرئتين.

عدم اكتمال نمو القلب حيث يتوقف جزء كبير من القلب أحيانًا عن النمو بالشكل الطبيعي. 

رباعية فالو عبارة عن مزيج من أربعة عيوب هي فتحة في الجدار بين البطينين في القلب، وممر ضيق بين البطين الأيمن والشريان الرئوي، وتحول في وصلة الأبهر بالقلب، وكثافة عضلة البطين الأيمن. 

كيف يتم تشخيص الحالة؟

تطورت وسائل التشخيص بشكل كبير الى حد بات من الممكن تشخيص الحالة خلال فترة الحمل قبل ان يولد الطفل. وهناك عدة اختبارات ووسائل تصوير تكشف حالة القلب لدى الجنين او الطفل بعد الولادة.  يمكن أن تشمل هذه الاختبارات:

  • تخطيط صدى القلب للجنين خلال أشهر الحمل لمعرفة صحة القلب قبل الولادة فيتمكن الطبيب من التخطيط للعلاج بشكل أفضل. خلال التخطيط يقوم الطبيب بإجراء كشف بالموجات فوق الصوتية لعمل صورة للجنين.
  • تخطيط صدى القلب بعد الولادة بشكل منتظم لتشخيص أداء القلب بشكل منتظم. 
  • تخطيط كهربية القلب لتسجيل النشاط الكهربائي وتشخيص عيوب القلب أو مشكلات نظم القلب. 

توضع أقطاب كهربائية متصلة بكمبيوتر وطابعة على صدر الطفل وتعرض موجات تشير إلى طريقة دقات قلب الطفل.

تصوير الصدر بالأشعة السينية لمعرفة ما إذا كان القلب متضخماً أو الرئتان تحتويان على دم زائد أو سائل لأنها علامات على الإصابة بفشل القلب.

قياس التأكسج لقياس مقدار الأوكسجين في دم الطفل، عبر وضع مستشعر على طرف إصبعه حيث يشير القدر الضئيل جداً من الأوكسجين إلى أن الطفل يعاني من مشكلة في القلب.

قسطرة القلب حيث يتم إدخال أنبوب رفيع ومرن (قسطرة) في أحد الأوعية الدموية في فخذ الطفل ويتم توجيهه عبر الوعاء الدموي إلى القلب.

تصوير القلب والأوعية الدموية بالرنين المغناطيسي (MRI) لتشخيص عيوب القلب الخلقية وتقييمها لدى المراهقين والبالغين.

تطور العلاجات

الإنجازات في مجال عيوب القلب الخلقية لم تنحصر فقط في التشخيص خلال فترة الحمل، بل طالت كذلك العلاج حيث من الممكن إجراء قسطرة للطفل لإصلاح وعلاج الكثير من العيوب الخلقية وبالتالي تجنب الجراحة، اما جراحة القلب المفتوح فلا تزال خياراً قائماً في عدد من الحالات المرضية التي لا يمكن علاجها بواسطة القسطرة. لكن بعض الأطفال المصابين بعيوب القلب الخلقية الخفيفة وليس لديهم أعراض ولديهم النمو طبيعي قد لا يحتاجون إلى العلاج، أما المرضى الذين يعانون من أعراض شديدة مثل فشل القلب وضيق في التنفس والتعب بسهولة هم بحاجة إلى العلاج للتحكم في الأعراض والسيطرة عليها. عندما لا تتحسن الأعراض بالعلاج، يلجأ الطبيب المتخصص إلى إجراء القسطرة أو جراحة القلب لتصحيح العيوب وقد تتم معالجة بعض أنواع العيوب مثل الثقوب بالقسطرة لتجنب الجراحة.  لكن جراحة القلب المفتوح تصبح حاجة ملحة لإصلاح عيوب القلب الخطيرة عندما تفشل كل العلاجات السابقة وعندما تكون الاعراض شديدة ولا يمكن التحكم بها. في السنوات الأخيرة، تم تطوير أجهزة ميكانيكية لحالات الأطفال المصابين بفشل شديد في القلب ولا يستجيبون للأدوية؛ تحتوي على مضخة تساعد على إرسال كمية كافية من الدم إلى الرئتين وإلى الجسم عندما يكون القلب غيرَ قادر على الضخ بشكلٍ فعال. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى