مقالات طبية

دور فريق الرعاية الصحيّة إلى الواجهة

دور فريق الرعاية الصحيّة إلى الواجهة

مفاهيم جديدة بين المناهج والتطبيق.. نتائج أفضل ورضى أكبر للمرضى

فيما كان دور الممرضات والفريق الطبي المساعد يقتصر في الماضي على القيام ببعض الخدمات الإستشفائية وتقديم الأدوية والعناية الأساسية للمريض، تحوّل مع الوقت ليصبح أكثر تعقيداً وأفضل نتائج. حتى تخصّصات التمريض اختلفت حول العالم تماشياً مع المفهوم الجديد لدور الممرضة والبيئة الإجتماعية والعائلية المحيطة بالمريض. فبرامج التمريض المُسجلة في بكالوريوس العلوم لمستوى أعلى من الممارسة السريرية، باتت تتطلب تطبيق البحث القائم على الأدلة والتفكير النقدي والمعرفة العلمية لتقديم الرعاية الصحية. كما بات على الفريق الطبّي المساعد اكتساب معرفة أعمق بالمعدات والتكنولوجيا الطبية. ولكن مع ذلك تبقى الرعاية الإنسانية اللصيقة هي الأساس.

يعرّف قاموسميريام وبسترالرعاية بأنهاالشعور مع الآخرين أو إظهار الإهتمام بهم أو اللطف معهم”. وتُعتبر هذه الرعاية جزءاً مهمّاً من التمريض، تُظهر الدراسات تباعاً أن له أهمية كبيرة في سرعة التعافي ورضى المرضى. فرعاية المرضى لا تقتصر على الجانب الطبي للتمريض فقط. إذ قد يعانون من ضغوط بسبب حالتهم الصحية البدنية أو النفسية، أو إجراءاتهم أو جراحاتهم أو تعافيهم. لذلك فمن المهم للممرضات معالجة الإحتياجات النفسية للمريض كما الأمراض الجسدية.

وعندما تُظهر الممرضات أو الفريق الطبي التعاطف، فإنهم يعززون علاقة تعاون إيجابية ومفيدة مع المرضى، والتي يمكن أن تساعد في إزالة الأسباب أو الأعراض أو التفسيرات التي تؤدي إلى التشخيص المناسب والعلاجات المناسبة. فالتواصل المفتوح والاحترام المتبادل بين الممرضات ومرضاهم، يمكن أن يؤدي إلى العديد من النتائج الإيجابية للمرضى، ومنها: فترات إقامة أقصر في المستشفى، تسكين الآلام، تراجع القلق، نظرة متفائلة في شأن التعافي المبكر. وطبعاً غير ذلك من النتائج الحميدة.

سلوكيات وتداعيات مستهدفة

بداية وقبل وصول الممرضة إلى المستشفى، تعمل مدارس التمريض ومؤسسات الرعاية الصحية على تطوير واعتماد نهج جديد للرعاية قائم على القيمة الإنسانية والرعاية النفسية للمريض. وهي تستخدم بالتعاون مع المستشفيات تعليم المهارات المطلوب اكتسابها للتواصل الهادف مع المرضى. وفي ما يلي بعض الطرق التي يُطلَب من الممرضات اعتمادها لبلوغ نتائج التعافي المرجوّة ومنها: الإبتسامة الدائمة وعلامات الرضى، الإيحاء بأن كل شيء على ما يُرام، تحيّة المريض باسمه، الجلوس على كرسي بجنب المريض عند التحدث إليه، الإصغاء باهتمام ومن دون مقاطعة، سؤال المريض عمّا يحتاجه وتلبية المطالب ما أمكن، والتطمين دائماً بشأن الحالة الصحيّة والتعافي. 

وهناك عناصر محدّدة للرعاية أظهرت أهميتها عبر الممارسة مثل: الالتزام، والضمير، والكفاءة، والرحمة، والثقة. وتُعتبَر هذه العناصر الخمسة مفيدة لتحسين العلاقات بين زملاء العمل والمرضى، وزيادة فرص الممرضة في التقدم الوظيفي. فالضمير والرحمة مثلاً يرتبطان في شكل مباشر بتقديم أفضل رعاية ممكنة للمرضى بطريقة مسؤولة ومراعية أخلاقياً. إذ يجب أن يظل الممرضون دائمًا على دراية بالطريقة التي يريدون أن يعالجوا بها مرضاهم في حال تبدّل الوضع لأي سبب كان. 

وفقًا للدكتور جان واتسون، فإن الخدمة الطبية تدور حول بناءعلاقة رعاية حقيقيةوالحفاظ عليها. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون الممرضات حاضرات وداعمات لمشاعر المريض من دون تجاوز حدود العلاقة الشخصية القريبة. فعلاقة الرعاية الشخصية تتميّز بالالتزام الأخلاقي للممرضة بالتواصل مع المرضى، في حين أن ما تستغرقه عملية الرعاية تشكّل الوقت المناسب الذي تجده الممرضات مع المرضى لإحداث التقدّم الصحي والرضى الشخصي للمريض.

وتقول روزماري ثويت، مديرة التعليم في مستشفى ماونتن فيو في لاس فيغاس، في الولايات المتحدة الأميركية،إن هناك أسباباً وجيهة مستندة إلى التجربة لتعليم طلاب التمريض أهمية نظرية الرعاية الرحومة واللبقة للمرضى. ولذلك فقد تم إدخال هذا المفهوم في برامج التعليم والإعداد للفريق التمريضي. فنحن نريد أن نحصل على أفضل مستوى من الاحتراف والاحترام لأي دور يقوم به عامل الرعاية الصحية بهدف توفير رعاية عالية الجودة ورحيمة. ولذلك، يتعين على الممرضات تخطّي التحيزات الشخصية والأحكام المسبقة، وأن يكنَّ دوماً في استعداد لبذل جهد واعٍ لعلاج المرضى بطريقة إنسانية. إذ لا ينبغي أبدا للمرضى أن تتعرض كرامتهم للخطر”. 

الرعاية الصحية بمفهوم جديد

أثبتت التجارب أن الرعاية التي تركز على المريض تسعى لتحقيق أقصى قدر من السلامة والقيمة والراحة والدعم. وهذه المفاهيم باتت أعمدة أساسية في بناء مفهوم جديد للعناية الصحيّة وتحقيق التعافي السليم في وقت قصير. 

فالاستماع إلى المرضى وإبلاغهم وإشراكهم في رعايتهم يعطي نتائج لا لبس فيها. لذلك باتت مدارس التمريض تعمد إلى تقديم برامج الرعاية الصحية التي تركّز على المرضى، وتوفير رعاية تحترم التفضيلات الفردية وتستجيب للاحتياجات والقيم الشخصية. وتعتبر أنه مع مراعاة حالاتهم المرضية، يجب أن يشارك المرضى في جميع أنواع القرارات السريرية.

المبرر وراء جعل خدمات الرعاية الصحية لصيقة إلى هذه الدرجة بالمرضى، هو أن كل مريض مختلف ويستحق تلبية احتياجاته المختلفة واحترام تفضيلاته. يُترجم هذا الأمر عبر قيام مقدمي الرعاية الصحية بتخصيص البيئات لجعلها مريحة لكل فرد. على سبيل المثال، قد يرغب مريض في الاسترخاء في غرفة مبرّدة، فيما يفضّل آخر غرفة دافئة. هذه الرعاية لشخصية المريض وحفظ الكرامة والاحترام ومراعاة القيم الثقافية، تمثّل عنصرًا مهمًا وجزءاً أساسياً في عملية صنع القرار. 

لا تقدم مؤسسات الرعاية الصحية الرعاية فحسب، ولكنها توفر أيضًا العلاج والتعاون والعلاقات على المدى الطويل. وبالتالي، فإن برامج الرعاية الصحية التي تركّز على المرضى لا تقتصر على توفير جودة الرعاية الداخلية واتساقها، بل تركز أيضًا على تثقيف المرضى للاعتناء بأنفسهم بعد الخروج من المستشفى. لتقديم هذه الخدمة، هناك إجراءات وسياسات لا بد من اعتمادها من قِبل مقدمي الرعاية الصحية قبل خروج المريض، وهنا يكمن دور الممرضة في مشاركة نصائح مفهومة ومعلومات قيّمة في ما يتعلق بالقيود والاحتياجات الغذائية والأدوية وعلامات التحذير الجسدية.

فالبيئة التي تركز على المريض يجب أن تضمن أن جميع أعضاء فريق الرعاية على دراية مستمرة بحالة المريض وخطة الرعاية والمشاكل. وذلك يتطلب إبلاغ المرضى دائمًا وإشراكهم أثناء عملية اتخاذ القرار، من دون أن تتخطّى مسألة الإبلاغ والمناقشة بعض الحالات الخاصة للمرضى والتي تتطلّب عدم مناقشة المريض في شأن وضعه الصحي بل أفراد العائلة. وهذا لا يخرج عن إطار نظرية أهمية البيئة المرافقة للمريض لأن للعائلة دوراً بارزاً عمليّاً وعاطفيّاً في تسريع عملية التعافي. 

وتُعتبَر عائلات المرضى وأصدقاؤهم جزءًا أساسيًا من فريق الرعاية لأنهم يعززون عملية شفاء المريض. فيمكن للعائلة والأصدقاء دعم المرضى عاطفياً وجسدياً ونفسياً. كما يمكنهم مساعدتهم على فهم تعليمات الأطباء وطرح أسئلة صالحة بعد الرعاية. فبعض المستشفيات يطلب من المرضى إحضار أفراد من العائلة للمشاركة في تجربة الرعاية الصحية معهم. نظرًا لأن العديد من المرضى عندما يكونون في حالة من الخوف والألم وعدم الراحة، غالبًا ما يفشلون في سماع المعلومات الصحيحة أو معالجتها. وعندما يتعلق الأمر بتشجيع الأصدقاء والعائلة على المشاركة في عملية الرعاية التي تتمحور حول المريض، تحتاج المستشفيات إلى توفير أماكن إقامة وإشراكهم في صنع القرار والاعتراف بأفراد الأسرة كمقدمي رعاية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى