مقابلات

دكتور أكرم خولاني

دكتور أكرم خولاني

الأخصائي في طب الأسرة في مركز ماربل الطبي في قطر

النظام الغذائي غير الصحي سبب رئيسي لفقر الدم بعوز الحديد

فقر الدم بعوز الحديد من الحالات المرضية الشائعة وأكثر أنواع فقر الدم المنتشرة بين الناس، لاسيما الأطفال والنساء. الأخصائي في طب الأسرة في مركز ماربل الطبي في قطر دكتور أكرم خولاني يحدّثنا عن هذه الحالة وكيفية علاجها والوقاية منها.

ما هي أسباب فقر الدم بعوز الحديد؟ 

  • تشمل أسباب فقر الدم بسبب نقص الحديد الآتي:
  • فقدان الدم الذي يحدث عادة بسبب نزيف في الجهاز الهضمي كما في داء الأمعاء الالتهابي أو القرحة المعدية أو سرطان القولون، أو النزيف النسائي كغزارة الدم أثناء الدورة الشهرية أو بسبب سرطان الرحم، أو التبرع بالدم بشكل متكرر ما يؤدي إلى استنزاف مخازن الحديد في الجسم.
  • نقص معدن الحديد نتيجة عدم اتباع نظام غذائي يومي صحي وعدم تناول الأطعمة التي تحتوي على الحديد، أو الإعتماد على تناول وجبة واحدة فقط في اليوم، أو اعتماد الطفل على الرضاعة حتى أعمار متقدمة من دون المشاركة مع الأغذية الأخرى.
  • سوء امتصاص الحديد في الأمعاء، مثلما يحدث عند وجود الداء البطني، أو انخفاض في حموضة المعدة، أو استئصال المعدة الجزئي، أو وجود بعض الطفيليات التي تعيق امتصاص الحديد؛ يعتبر هذا السبب هو الأكثر شيوعاً لنقص الحديد وفقر الدم كالإصابة بالدودة الشّصية وهي عدوى بنوع من الطفيليات المعوية، دودة الانكليستوما، الأميبا، البلهارسيا، والديدان السّوطية التي تسبّبها جرثومة طفيلية.
  • زيادة حاجة الجسم للحديد مثل زيادة استخدام الحديد خلال الحمل والإرضاع، وعند الأطفال في طور النمو وخلال مرحلة المراهقة.

كيف لنا أن نعرّف آلية حدوث هذه الحالة المرضية؟

تأتي أهمية الحديد لاعتباره مكوّن أساسي في تركيب خضاب الدم “Hemoglobin” المسؤول عن نقل الأوكسجين من الرئتين إلى أنسجة الجسم المختلفة، ونقل ثاني أوكسيد الكربون من الأنسجة إلى الرئتين. عند حدوث عوز الحديد (نقص الحديد)، يصبح الجسم غير قادر على تصنيع خضاب الدم بالكميات المطلوبة ما يؤدي إلى انخفاض مستوياته وحدوث فقر الدم “Anemia”، ونتيجة لنقص الخضاب تكون كريات الدم الحمراء أصغر من الحجم الطبيعي ويكون تركيز الخضاب أقل من التركيز الطبيعي، ولهذا يسمى فقر الدم بعوز الحديد بفقر الدم صغير الكريات ناقص الصباغ.

أين تكمن أهمية الحديد في الجسم؟ وما هو معدله الطبيعي؟

يحتوي جسم الإنسان على أربعة إلى خمسة غرامات من الحديد، وهو يوجد في جميع خلايا الجسم، وتأتي أهمّيته كونه يدخل في تركيب خضاب الدمالهيموغلوبين، وهو يمثل ما نسبته 80% من الحديد الفعّال في الجسم، بالإضافة إلى تركيب خضاب العضلاتالميوغلوبينالمسؤول عن تخزين الأوكسجين في العضلات. كما يسهم الحديد في صنع الإنزيمات المسؤولة عن أكسدة المواد الكربوهيدراتية والدهنية والبروتينية، ويشكل أيضًا جزءًا أساسيًا في تفاعلات الإنزيمات في مختلف أنسجة الجسم، إلى جانب أهميته لتقوية وسلامة جهاز المناعة وإنتاج الطاقة. يجب أن يحصل الفرد على الجرعة الموصى بها في النظام الغذائي اليومي، والتي تبلغ للرضع فوق 6 أشهر من العمر والأطفال والرجال والنساء بعد سن اليأس 10 ملغ من الحديد يوميًا، أما النساء في سن النشاط التناسلي 15 ملغ يوميًا. بالنسبة للحوامل فينصحن بتناول 30 ملغ من الحديد يوميًا.

ماذا عن الأعراض؟

في البداية، يمكن أن يكون فقر الدم الناتج عن نقص الحديد طفيفًا جدًّا لدرجة عدم ملاحظته، ولكن كلّما قلّ مستوى الحديد في الجسم وازداد فقر الدم سوءًا، تشتد مؤشّرات المرض والأعراض.

 قد تشمل مؤشّرات وأعراض فقر الدم الناتج عن نقص الحديد ما يلي:

  • الإرهاق والضعف غير المبرر.
  • ضيق النفس.
  • الدوخة والصداع.
  • الشعور بالخفقان وألم الصدر.
  • الطنين بالأذنين.
  • برودة اليدين والقدمين.
  • شحوب الجلد والأغشية المخاطية.
  • هشاشة الأظافر.
  • اشتهاء غير عادي للمواد غير الغذائية مثل الأتربة، أو الطين أو الثلج أو البن أو النشاء.
  • ضعف الشهية، وخصوصًا في الرّضع والأطفال.

ما علاقة الغذاء وكيف يؤثر طعامنا على معدلات فقر الدم ونقص الحديد؟

إن عدم اتباع نظام غذائي صحي هو السبب الرئيسي لنقص الحديد في الطعام، أو التركيز على تناول الأطعمة النباتية وتجاهل اللحوم، أو الإعتماد على تناول وجبة واحدة فقط في اليوم، أو دخول مواد إلى الجسم تعمل على إعاقة عملية امتصاص الأمعاء لعنصر الحديد، أو اعتماد الطفل الرضيع على الرضاعة الوالدية حتى أعمار متقدمة من دون المشاركة مع الأغذية الأخرى، إذ يكون لدى الطفل مخزون كافٍ من الحديد حتى عمر ستة أشهر وبعد ذلك تزداد احتياجاته من الحديد، ولكن حليب الأم وحليب الأطفال المعزّز بالحديد لا يوفران الكمية الكافية منه، لذلك يجب البدء بإدخال الطعام للأطفال بعد الستة أشهر، كما يعتبر الحليب البقري مصدرًا ضعيفًا للحديد.

ما هي الأغذية التي يجب تناولها في هذه الحالة وما هي الممنوعات؟

المصادر الجيـدة للحديــد تشــمل الكبــد، والفاصوليــا المجفّفــة، وصفــار البيــض، والكلـى، ولحم البقـر قليل الدهن ولحوم الدجاج الداكنة، والسلمون، والتونة، والفواكه المجفّفة، دبس السكر والمحـار، الحبوب الكاملة مثل حبــوب الإفطــار المدعّمــة وخبـز القمـح الكامـل ودقيـق الشـوفان، والزبيـب، والبازلاء والعدس والفول والكاجو، والمكسرات والبذور والدبس ومنتجات الألبان.

يتم امتصاص الحديد المستمد من المنتجات الحيوانية بسهولة أكبر من ذلك المستمد من المصادر النباتية؛ ولتعزيز امتصاص الحديد من المصادر النباتية والمكمّلات الغذائية يُنصح بتناولهما مع أطعمة أو مشروبات تحتوي على نسبة عالية من فيتامين C مثل عصير البرتقال أو عصير الطماطم أو الفراولة. 

هناك مواد تعمل على إعاقة امتصاص الحديد في الأمعاء مثل الشاي والمضادات الحيوية والكالسيوم، لذلك ينصح بتجنب هذه الأصناف عند تناول المكملات الغذائية التي تحتوي على الحديد.

كيف يمكن للمرأة الحامل المصابة بفقر الدم بعوز الحديد أن تتجنب المضاعفات الحادة؟

تكون كمية الحديد المطلوبة أثناء الحمل أكثر منها في الحياة العادية، وأكثر من الكمية الموجودة في النظام الغذائي الروتيني، لذلك تصاب النساء الحوامل بفقر الدم بعوز الحديد أكثر من غيرهن، ويمكن أن يزيد فقر الدم الحاد بنقص الحديد خلال فترة الحمل من احتمالية الولادة المبكرة ونقص وزن الطفل عند الولادة وحدوث اكتئاب ما بعد الولادة. لتجنب حدوث مضاعفات خطيرة يجب العلاج بمكملات الحديد الفموية، وإذا كانت الحامل قد خضعت مسبقًا لإجراء تحويل مسار المعدة أو جراحة في الأمعاء الدقيقة أو كانت غير قادرة على تحمل تناول مكملات الحديد، فقد تحتاج إلى تلقي الحديد من خلال الوريد.

لكن عادة ما توصى الحامل بتناول فيتامينات تحتوي على الحديد أثناء الحمل، وهذا يساعد في الوقاية من فقر الدم الناتج عن نقص الحديد خلال الحمل وبعد الولادة، كما يمكن أن تقي التغذية الجيدة أيضًا من الإصابة بفقر الدم الناتج عن نقص الحديد خلال فترة الحمل.

ماذا عن المواليد؟ وهل يحملون فقر الدم من أمهاتهم؟

يمكن أن يؤدي فقر الدم بعوز الحديد غير المُعالج عند الحامل إلى الولادة قبل الأوان أو نقص وزن الطفل عند الولادة، وهذا يزيد من احتمالية إصابة الوليد بفقر الدم بعوز الحديد، ويحتاج الرضيع عندها لتناول مكملات الحديد على شكل قطرات فموية.

ما هي العلاجات المعتمدة؟ ومتى يتطلب الأمر نقل الدم؟

في الحالات الخفيفة والمتوسطة يُفضل بشكل عام تناول الحديد عبر الأدوية الفموية (شراب أو أقراص) لكونها الطريقة الأسهل والأكثر أماناً، ويتطلب العلاج مدة 3 أشهر وربما 6 أشهر، وتكون عملية التعافي بطيئة وزيادة الهيموغلوبين تتراوح بين 1 – 1.5 ملغ/دل في الأسبوع، وتكمن المشكلة في هذه الطريقة بالعلاج أنها قد تُسبب آلاماً في المعدة، والإمساك أو الإسهال، والنفخة.

يمكن العلاج بتعويض الحديد عن طريق الوريد، وهذه الطريقة بالعلاج مُعَدٌّة للمرضى غير القادرة أجسامهم على امتصاص الحديد، أو لم ينجح العلاج عن طريق الفم بسبب الآثار الجانبية الهضمية، ويتطلب العلاج عن طريق التسريب الوريدي القيام بذلك بشكل متكرر بمعدل 100 – 200 ملغ لليوم، حتى نصل لمجموع حديد كلي 2 غرام تقريبًا. في الحالات الشديدة التي يكون فيها خضاب الدم أقل من 7 ملغ/دل قد نضطر لنقل الدم في المستشفى. ولا ننسى ضرورة علاج الإضطراب المسبب لفقر الدم بعوز الحديد والمؤثّر على تركيز الحديد، كغزارة الطمث، أو الطفيليات المعوية أو القرحة الهضمية أو سوء التغذية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى