مقابلات

الدكتورة مايا بركه

الأخصائية في أمراض الغدد والسكري في مستشفى مركز كليمنصو الطبي في دبي

الدكتورة مايا بركه

الغدّة النخاميةمايسترو الجسم رغم صغر حجمها

تعتبر الغدّة النخامية بمثابة مركز تحكّم ينظّم عمل بقية الغدد في الجسم عبر تنظيم إفرازات الهرمونات الخاصة بكل منها؛ تتأثر هذه الغدّة بالعوامل الفيزيولوجية والخارجية وتتعرّض أيضاً لبعض الأمراض والمشاكل الصحية. هكذا تختصر الدكتورة مايا بركه، الأخصائية في أمراض الغدد والسكري والمتخصّصة في الغدّة النخامية في مستشفى مركز كليمنصو في دبي، دور هذه الغدّة في الجسم. وفي حوار مع مجلةالمستشفى العربي، تقول الدكتورة بركه إنه في حال تعرّضت الغدّة النخامية لتغيّر في عملها بسبب عامل فيزيولوجي مثل وعكة صحية أو عملية جراحية، سرعان ما تعاود تنظيم عملها؛ أما إذا كان العامل مرضي كالورم البرولاكتيني مثلاً فإن الحالة هنا تحتاج الى علاج لتعود وتنتظم في عملها.

من أبرز الهرمونات التي تفرزها الغدّة النخامية:

  • هرمون البرولاكتين الذي يحفِّز الغدد الثدييّة في الثديين على إنتاج الحليب خلال فترة الرضاعة، وله تأثير مباشر على وظائف عدة في الجسم.
  • هرمون TSH الذي ينظم عمل الغدّة الدرقية.
  • هرمون النمو GH الذي يؤدي الى إفراز الـ IGF1 مما يؤثر على النمو بالإضافة الى مهام ووظائف أخرى في الجسم.
  • هرمون ACTH الذي يعمل على تحفيز الغدّة الكظريّة لإفراز هرموناتها ومنها الكورتيزول.
  • هرموني LH وFSH لتحفيز إنتاج هرمون التستوستيرون وتنشيط إنتاج الحيوانات المنوية عند الرجال، وإطلاق البويضات وتحفيز المبيضين على إنتاج الإستروجين عند النساء.

لكن الغدّة النخامية تعتبر ديناميكية في إفرازها لتلك الهرمونات. تقول الدكتورة بركه إن إفراز الهرمونات لا يتم بشكل مستمر. 

فالغدّة النخامية تعمل بشكل منظّم فائق الدقة لكنها عرضة للعوامل الخارجية والأمراض التي يمكن أن تصيب الجسم. فمثلاً، في حالات ممارسة الرياضات العنيفة من قبل المرأة، يمكن أن ينتج عن ذلك اضطرابات في عمل الغدّة النخامية فتتوقف الدورة الشهرية لأن الجسم يعتبر أن هذا المعدل العالي من النشاط الدائم غير صحيح. من الأمور التي تم اكتشافها أيضاً، تقول الدكتورة بركه إن الوزن الزائد والسمنة أو حتى النحافة الشديدة كلها عوامل تؤثر بشكل كبير على هرمونات الغدّة النخامية وينعكس ذلك من خلال وجود اضطرابات في الدورة الشهرية. 

التعرض للضغط والتوتر الشديدين أو ضربة على الرأس أو ربما جلطة كلها عوامل خارجية تؤثر على معدل إفراز هرمونات الغدّة النخامية.

أبرز الأمراض

عن أبرز الأمراض التي يمكن أن تصيب الغدّة النخامية، تحدّثنا الدكتورة بركه بالقول إن أكثر الحالات المرضية شيوعاً هي أورام الغدّة النخامية الحميدة Pituitary Adenomas والتي يندرج ضمنها الورم البرولاكتيني حيث ترتفع معدلات البرولاكتين بشكل كبير ما يؤدي الى مضاعفات عدة تشمل انخفاض مستويات هرمون الإستروجين لدى النساء والتستوستيرون لدى الرجال مما قد يؤثر على الدورة الشهرية أو على القدرة على الإنجاب، بالإضافة الى مشاكل صحية أخرى. 

أورام الغدّة النخامية الحميدة يمكن أن تكون ناشطة فتفرز واحدة أو أكثر من الهرمونات بشكل زائد ويمكن أن تكون صامتة. وجود ورم داخل الغدّة النخامية يمكن أن يؤثر على إفرازات هذه الغدّة. 

أما قصور الغدّة النخامية، فمن الممكن أن يكون كاملاً أو جزئياً بحسب الورم الموجود ومدى تأثيره، والمضاعفات تعتمد على نوع الهرمون الذي تأثر. 

فمثلاً قصور إفراز هرمون TSH يؤدي الى كسل في عمل الغدّة الدرقية، ونقص هرمون ACTH فيؤدي الى نقص في الكورتيزول وينتج عن ذلك تعب وقلة شهية وخسارة وزن، أما قصور إنتاج هرموني FSH وLH فإن ذلك يؤثر على الخصوبة لدى الجنسين بالإضافة الى اضطرابات أو غياب في الدورة الشهرية لدى النساء، ونقص هرمون النمو لدى الأطفال ما يؤدي الى الحد من الطول.

ماذا عن التشخيص؟

تقول الدكتورة بركه إن ما يكمل عمل الطبيب المتخصص في أمراض الغدّة النخامية ومشاكلها هو الطرق المتبعة في تشخيص هذه الحالات.

تكون بداية التشخيص عبر مجموعة من الفحوصات المخبرية التي تعطي دلالات وأرقام معينة تكون كافية في بعض الأحيان ولكن في أحيان أخرى قد يتطلب الأمر المزيد من التحرّي فنقوم بما نسميه Stimulation and Suppression Tests والمقصود هنا أننا نعطي المريض جرعات من هرمونات محدّدة ونجري الفحص مباشرة لنتأكد من وظيفة الغدّة النخامية؛ في بعض الحالات الأخرى قد يكون الأمر أكثر دقة حيث تتطلب الحالة إجراء قسطرة للوصول الى الغدّة النخامية مباشرة لنحصل على معدل الهرمونات”.

من وسائل التشخيص المهمة المعتمدة لأمراض الغدّة النخامية التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) التي تساعد الطبيب في الكشف عن الغدّة وعن وجود أي ورم ووضعه وحجمه؛ فالتطور بوسائل التصوير كان له الدور الفعال في الكشف عن حجم الورم مهما كان صغيراً كتلك التي يوفرها مستشفى مركز كليمنصو الطبي وهي جهاز التصوير بالرنين الحديث (3 تسلا) لإنتاج صور واضحة ومفصلة لكل أعضاء الجسم حيث يمكن ان تكشف الورم بحجم أقل من 5 ميلليمتر.

العلاجات

بالحديث عن العلاجات، تؤكد الدكتورة بركه أن آفاق العلاجات لا تزال واسعة جداً والمستقبل يعد بالمزيد؛ واليوم هناك مجموعة من العلاجات بحسب نوع الهرمون الذي يجب ضبط مستواه. في المقابل، هناك بعض الحالات التي تحتاج الى الجراحة لاستئصال الورم أو ربما العلاج بالأشعة لتقليص حجمه، على أن يتم التنسيق فيما بين أخصائي الغدد والجراح وطبيب الأشعة لتقييم الحالة واختيار العلاج الأنسب حيث من الممكن ان يستمر العلاج الدوائي قبل التدخل الجراحي وبعده وكذلك الأمر بالنسبة للعلاج بالأشعة. 

أما في حال كسل الغدّة النخامية، فمن الممكن التعويض عن وظائفها من خلال بدائل الهرمونات التي تؤدي بشكل دقيق، وفق العيارات المناسبة، عمل الغدّة الطبيعي.

إن أمراض ومشاكل الغدّة النخامية في غالبيتها تُعالج ويُشفى منها المريض، لكن في بعض الحالات يمكن ان تتحول هذه الامراض الى مشاكل مزمنة تستدعي تناول الدواء بشكل دائم ربما يكون سببها مشكلة جينية أو خلقية أو ربما يكون قد مرّ وقت طويل على وجود الورم فلا تتمكن الغدّة من العمل بشكل طبيعي حتى بعد تناول العلاج. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى