مقابلات

البروفيسور ​جورج غانم​

المدير الطبي في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية – مستشفى رزق

البروفيسور ​جورج غانم​

الـ LAU Mobile Clinic هي ضمن إستراتيجية المستشفى للـ“العمل بإنسانية”

“العمل بإنسانية” شعار أطلقه المركز الطبي منذ ما قبل إنتشار وباء كورونا Covid-19، ليتجسّد اليوم  بمبادرة عيادة LAU النقالة المبدعة. هلا حدثتنا  عن الترابط بين مبدأ العمل بإنسانية مع هذه المبادرة؟

“العمل بإنسانية” Act of compassion هي مبادرة إنسانية قام بها أطباء المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية – مستشفى رزق بعد الأزمة الإجتماعية والإقتصادية الحادة التي أصابت لبنان مع نهاية العام الماضي واستمرت إلى هذا العام. 

ففي ذلك الوقت، قام الأطباء بمبادرة إنسانية هي إنشاء صندوق لجمع الأموال من مداخيلهم الخاصة وإنشاء مركز للرعاية الصحية الأولية وإستقبال المرضى المتعسّرين ماديًا كل نهار سبت مقابل تعرفة رمزية؛ هناك أطباء من مختلف الإختصاصات كالطب الداخلي والطب العائلي وصيادلة وممرضات وأطباء أنهوا الإختصاص وهم في مرحلة التدريب ومساعدين إجتماعيين وغيرهم. بالإضافة إلى توفير الأدوية المجّانية بالتعاون مع شركات أدوية وجمعيات عدة رغبت في تقديم المساعدة. 

مبادرة الـAct of Compassion توسعت فيما بعد لتشمل مساعدات إلى خارج المستشفى عبر تقديم إعانة غذائية وغيرها من الأمور لمحتاجين مثل مراكز كبار السن ومآوي العجزة في مناطق عدة في بيروت وضواحيها.

عيادة LAU النقالة LAU Mobile Clinic كانت من ضمن إستراتيجية المستشفى للعمل بإنسانية حيث كان هدفها إقامة حملات توعية وفحوصات في مناطق لبنانية نائية؛ لكن مع بداية أزمة فيروس كورونا المستجد أدركنا تماما أن الفحوصات هي عصب مقاومة هذا الوباء، إذ لا يمكن مقاومته ما لم يكن لدينا فحوصات شاملة على الأراضي اللبنانية كافة لكي نتمكن من توفير الخريطة الصحية لهذا الفيروس ومدى إنتشاره لكي لا يفاجئنا في أي مرحلة من المراحل.

من حسن الحظ، في ذلك الوقت إنتهى العمل بعيادة LAU النقالة LAU Mobile Clinic التي كنّا نعدها في الأساس لمشروع مع كلية الطب في الجامعة اللبنانية الأميركية ومع قسم الطب العائلي بهدف زيارة المناطق اللبنانية مع الأطباء والأطباء المتمرنين والممرضات بهدف نشر التوعية والعناية الصحية الأولية في المناطق لأمراض عدة مثل أمراض القلب وتصلب الشرايين والضغط والسكري والكولسترول والتدخين وسرطان الثدي والبروستات وغيرها. عيادة LAU النقالة وصلت مع بداية الفيروس فارتأينا أن نحولها إلى العمل لمواجهة الفيروس ولتلبية الحاجة الماسة الموجودة في البلاد ولنقوم بالفحوصات مجانًا للناس غير القادرين على دفع ثمن الفحص أو لا يحبّذون فكرة التنقل في ظل إجراءات السلامة المتّبعة.

ما قمنا به هو الوصول إلى هذه الفئة من الناس من خلال التعاون مع البلديات والمستشفيات الحكومية في المناطق التي كنا نزورها بالإضافة الى جمعيات المجتمع المدني وقد لمسنا تعاونا كبيرا من الجميع. التعاون كان يتم لإختيار الأشخاص الذين يجب أن نجري لهم الفحوصات لاسيما الأشخاص الأكثر عرضة لإلتقاط العدوى أي الفئة التي لم تلتزم بالحجر المنزلي لدواعي العمل.

من خلال تواجدكم على الأرض، هل لمستم وعي لدى المواطنين؟ وإلى أي مدى هناك إلتزام بالإجراءات الوقائية؟

مع وصول أول حالة فيروس كورونا المستجد الى لبنان في الواحد والعشرين من شهر شباط\ فبراير وما تلاها من حالات، كانت ردة فعل المجتمع اللبناني قوية والجميع كان يحبذ فكرة إغلاق المطار وإقفال الحدود خوفا من تفشي الوباء. ورغم التأخير في إتخاذ القرار بالإقفال والدخول في مرحلة التعبئة العامة، إلا أنه سرعان ما تجاوبت الجهات المعنية في ظل حملات التوعية والضغط الكبير من قبل الخبراء والمتخصصين في المستشفيات.

بالفعل في الحادي عشر من شهر آذار\ مارس أعلنت منظمة الصحة أن هذا الوباء تحول الى جائحة منتشرة في العالم وفي الخامس عشر من الشهر نفسه دخلنا مرحلة التعبئة العامة ومرحلة الإقفال الجزئي (partial lockdown) واستمرت التوعية من قبل الجهات المعنية من إعلام ومستشفيات وأطباء ومجتمع مدني لمساعدة اللجنة الوزارية التابعة لمجلس الوزراء التي تم تكليفها لإدارة الأزمة بهدف نشر الوعي وتفعيل التعبئة العامة على الأرض. من خلال تواجدنا على الأرض، لمسنا الدور الفاعل الذي قامت به البلديات من حيث التواصل مع المواطنين ونشر التوعية ومتابعة الحالات الإيجابية ومنع الخروج والولوج إلى الشارع والتعقيم والحرص على المعايير اللازمة من ناحية الفحوصات والعزل الصحي لأي حالة مشبوهة وغيرها. 

نحن اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من تخفيف إجراءات التعبئة العامة. كيف تقيّمون الحالة العامة؟

في المراحل الأخيرة من التعبئة العامة بدأنا نشعر بوجود تلاشي للتدابير الوقائية التي كانت متبعة لأن الناس يبدو أنها تعبت فضلا عن الأزمة الإقتصادية أثقلت كاهل اللبنانيين فجعلتهم يسعون إلى تحصيل لقمة العيش غير آبهين بمخاطر الفيروس. أعتقد أنه كان من المفترض تعيين أشخاص لديهم كفاءة ومهارة في هذا المجال للتوجه إلى الناس بضع مرات أسبوعيا لنشر معلومات حول كل مرحلة نمر بها لمعرفة نتائجها وإيجابيتها  من حيث إنتشار الفيروس وذلك بهدف بناء جسور من الثقة بين الدولة والناس وهي أمر مهم في هذه الأزمة، فالمواطن يحتاج إلى من هو على مقربة منه لإعطائه النصائح اللازمة عن قرب.

هل من الممكن أن تكثفوا جولاتكم على القرى والمحافظات تحسبا من خطر تفشي العدوى؟

في الواقع، ما قمنا به في عيادة LAU النقالة مع بداية الأزمة هو إجراء فحوصات لكل من يشتكي من عوارض (Testing for treating) ليتم عزله ومعالجته ضمن الأطر اللازمة. ثم انتقلنا إلى مرحلة ثانية فيما بعد وهي (Testing for Screening) حيث قمنا بزيارة سائر المحافظات والعديد من القرى بهدف معرفة حجم إنتشار الفيروس. اليوم نحن في مرحلة إعادة فتح البلد (unlocking) ما يعني أننا دخلنا في مرحلة جديدة إستدعت منّا الإنتقال إلى مرحلة جديدة تقضي بالتوجه إلى القرى والبلدات التي تشهد إرتفاعا في عدد الحالات المسجلة وتكاثر سريع للفيروس (Outbreak)؛ نقصد تلك المناطق بهدف محدد وهو البحث عن المخالطين لنحمي أهل البلدة ونساعد السلطات الصحية والمحلية من خلال تلك الفحوصات المجانية التي تكشف حجم الإصابة على أساسها يتم عزل الناس للحد من إنتشار الوباء.

هل تتوقعون زيادة في عدد الإصابات في هذه المرحلة؟ 

نتوقع زيادة في عدد الإصابات وهو خطر موجود في العالم أجمع في ظل دخول مرحلة جديدة وهي التخفيف من الإجراءات حيث عادت الناس إلى ممارسة حياتها اليومية بشكل طبيعي، منهم من يستمر في تطبيق إجراءات السلامة العامة من وضع كمامة والحفاظ على التباعد الإجتماعي ومنهم من لا يأبه بذلك. 

في هذه المرحلة، يقع على عاتق الأطباء والمستشفيات وغيرها من الجهات المعنية تفعيل التدابير الوقائية والتركيز على أهميتها في هذه المرحلة وتوعية الناس لكي تبقى ملتزمة بإجراءات السلامة العامة. بالنسبة لنا، نحن مستمرون في زيارة المناطق لإجراء المزيد من الفحوصات وأعتقد أننا نسيطر على الوباء إلى حد كبير، وسنتمكن من السيطرة عليه في فصل الصيف ونتأمل عدم حدوث أي موجة ثانية في فصل الخريف، ويبقى الأمل بالتوصل إلى علاج أو لقاح هو الخطوة الأهم لحماية أنفسنا وحماية المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى