مقابلات

البروفيسور مروان غصن

شارك في الإجتماعات الإفتراضية للمؤتمر العالمي للأورام السرطانية ASCO 2020

مدير مركز السرطان في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز انترناشيونال

البروفيسور مروان غصن

“المستقبل يعتمد على دمج العلاجات للحصول على نتائج أفضل”

شارك البروفيسور مروان غصن، مدير مركز السرطان في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز انترناشيونال، بالمؤتمر العالمي للأورام ASCO 2020 American Society of Clinical Oncologyالذي عقد جلساته الإفتراضية هذا العام على مدى ثلاثة أيام Virtual Meetings بمشاركة ما يزيد عن أربعين ألف طبيب أورام من مختلف أنحاء العالم لتبادل المعلومات والأبحاث حول أحدث ما توصل إليه العلم في مجال معالجة الأمراض السرطانية. مجلة “المستشفى العربي” إلتقت البروفيسور غصن للحديث عن أحدث العلاجات السرطانية، ليؤكد أن المستقبل يعتمد على دمج العلاجات فيما بينها للحصول على نتائج أفضل. 

قال بروفيسور غصن: “إن التقدم الكبير على مستوى علاجات مرض السرطان يعتمد على دمج أكثر من نوع من العلاجات المتاحة وهو ما نعتمد عليه؛ بروتوكولات العلاج الحديثة تعتمد على دمج نوعين من الأدوية التي تعمل على تقوية المناعة في الجسم، أو دمج دواء لتقوية المناعة مع العلاج الكيميائي أو العلاج الموجه، أو الأنواع الثلاثة معا بحسب نوع المرض وحجم إنتشاره وحالة المريض الصحية وغيرها من المعايير التي نأخذها بعين الإعتبار قبل تحديد بروتوكول العلاج المناسب”.

“ما بين العام الماضي وهذا العام، فإن التقدم الكبير الذي حدث في مجال علاج الأورام السرطانية يكمن في الدمج بين أكثر من نوع من العلاجات المعتمدة على أن يكون الأساس بينها هو العلاج المناعي”.

وفي هذا العام، يقول البروفسور غصن، هناك بعض الأمور التي باتت أكثر وضوحًا عن أنواع الأورام التي يمكن القضاء عليها بواسطة الدمج بين أنواع العلاجات المختلفة، فالأورام التي لا تستجيب على الأدوية المناعية يمكن أن ترتفع نسبة إستجابتها إذا ما دُمجت مع نوع آخر من العلاجات.

الأمر الثاني الذي يمكن إستخلاصه من المؤتمر لهذا العام هو التقدم الكبير على مستوى العلاجات الهرمونية لاسيما في مجال علاج سرطانات الثدي؛ يقول بروفيسور غصن: “مريضات سرطان الثدي اليوم لديهن فرصة أكبر من خلال توافر العديد من الخيارات العلاجية التي يمكن أن تفيد حتى في المراحل المتقدمة؛ في السابق كانت الأدوية تعمل على بناء حاجز بين الهرمونات النسائية والخلية السرطانية التي تتكاثر نتيجة تلك الهرمونات؛ أما اليوم فهناك أكثر من خيار، فإلى جانب الأدوية التي تبني حاجزًا ضد الخلية السرطانية يمكن دمجه مع علاج آخر يحث الخلية على عدم المقاومة، بالإضافة إلى أنواع علاجات أخرى وظيفتها العمل على الخلل الموجود في الـDNA الخاص بالخلية السرطانية”. 

في المؤتمر كذلك، كان هناك الكثير من الأمور الجديدة والمستحدثة التي لها علاقة بعلاج العديد من الأورام مثل سرطان البروستات والرئة والورم النقوي المتعدد (Multiple myeloma) وسرطان المسالك البولية والقولون وسرطان الجلد والكلى، كل العلاجات الحديثة مبنية على مبدأ دمج العلاجات وهو توجه الطب الحديث.

عن العلاج الكيميائي والمخاوف التي تحوم حوله من جانب المرضى نتيجة المضاعفات والعوارض الجانبية التي غالبا ما ترافقه، يقول بروفسور غصن إن التقدم الطبي الحاصل في هذا المجال أسهم في التوصل إلى تركيبات متطورة من العلاج الكيميائي تجعله أكثر فائدة من قبل وتحد من قوة العوارض الجانبية التي ترافقه.

في هذا الإطار، يقول بروفيسور غصن: ”لا بد من الإضاءة أولا على مسألة مهمة وهي أنه مع الوقت تغير المفهوم الذي كان سائدا للعلاج الكيميائي؛ ففي الماضي كان البروتوكول العلاجي يعتمد على  إعطاء المريض العلاج بالقدر الذي يمكن أن يتحمله ولا بأس إذا كان هناك الكثير من المضاعفات لأن الأهم هو القضاء على الخلايا السرطانية وحتى لو تضررت الخلايا الطبيعية فهي قادرة على إعادة بناء نفسها بين جلسة العلاج والأخرى أي حوالى 21 يوما”.

“لكن الفكرة تغيرت اليوم، إذ لم يعد من الضروري إعطاء المريض هذا الكم الكبير من جرعات العلاج الكيميائي للقضاء على السرطان بل يمكن الوصول إلى النتيجة المرجوة بكمية أقل، الأمر الثاني هو الحصول على نتائج جيدة مع عوارض جانبية أقل نتيجة تطور تركيبة العلاج الكيميائي”. 

وأضاف بروفسور غصن أنه حتى العوارض الجانبية التي عادة ما ترافق المرضى الذين يخضعون للعلاج الكيميائي باتت أخف وطأة بسبب التوصل إلى أدوية تحد من تلك المضاعفات ويمكن إعطاؤها للمريض بوقت استباقي أي قبل البدء بالعلاج وخلاله لتحد من العوارض الجانبية مثل الإسهال والغثيان والدوخة وغيرها.

عن دمج العلاج الكيميائي مع علاجات أخرى للحصول على نتائج أفضل، يقول بروفيسور غصن: “أود التأكيد هنا على أن العلاج الكيميائي لا يمكن دمجه مع العلاج الهرموني أو مع العلاج الموجّه عمومًا؛ أكثر أنواع الدمج التي تحدث اليوم هي إما الدمج بين نوعين من أنواع العلاج المناعي أو دمج العلاج المناعي والموجه. حاليًا، الدمج بين العلاج المناعي والعلاج الكيميائي هو بروتوكول العلاج المعتمد لعلاج الكثير من الأمراض السرطانية خصوصا سرطان الرئة حيث كان هذا النوع من أوائل السرطانات التي استفادت من العلاج المناعي”.

حتى اليوم العلاج الكيميائي هو من العلاجات الأساسية لمرض السرطان ولم نصل إلى مرحلة تجعلنا نستغني عنه، لاسيما في الوقت الراهن في ظل التوصل إلى تركيبات جديدة بعوارض جانبية أقل.

ولكن، رغم هذا التطور ألا أن السرطان لا يزال يفتك بالمرضى؟ يقول بروفيسور غصن إن الخدمات الطبية ليست هي ذاتها في جميع البلدان بل تتفاوت بين بلد وآخر، والأمر الثاني الذي لا يقل أهمية هو التوعية وحث الناس على القيام بفحوصات الكشف المبكر خصوصًا في بعض المجتمعات التي لا تزال تتعامل مع السرطان على أنه من المحظورات؛ يجب أن يكون هناك المزيد من الوعي لدى بعض فئات المجتمع من أجل الكشف المبكر لاسيما في حال ظهور أي من العوارض فالتوعية هي مسألة غاية في الأهمية.

 “في الوقت الراهن، أتخوف من إنخفاض نسبة الأشخاص الذين يقومون بالفحوصات الدورية بسبب ما نشهده من ضائقة إقتصادية فرضتها ظروف فيروس كورونا المستجد بعد أن كنا شهدنا الأعوام الماضية إرتفاعًا ملحوظًا في نسبة الوعي”.

لكن التطور الحاصل في مجال العلاجات أسهم في إطالة أمد حياة المرضى حتى عند إكتشاف الحالة في مراحل متأخرة وفي حالات كثيرة تحول مرض السرطان من مرض حاد إلى مزمن يتعايش معه المريض وبدلاً من العيش لأشهر بات يمكن أن يعيش لسنوات وخلال هذه الفترة قد يكون هناك إكتشاف جديد لحالته يسهم في شفائه.

“بالتأكيد إكتشاف المرض في مراحله الأولى يزيد من مروحة الخيارات العلاجية ويرفع من نسبة فعاليتها في القضاء على السرطان. وتبقى المسألة المهمة هي وجود طاقم طبي متكامل من تخصصات عدة إلى جانب طبيب الأورام مثل الجراح وطبيب الأشعة وطبيب الإختصاص بحسب نوع السرطان مثل أخصائي المسالك البولية أو الجهاز الهضمي وغيرها، ليتم وضع خطة متكاملة لمراحل العلاج كافة على أن يتم إعادة تقييمها بعد كل مرحلة لربما تحتاج إلى تعديل ما”.

يؤكد بروفيسور غصن على أهمية الدعم النفسي للمريض وبناء جسور من الثقة والمحبة بين الطبيب ومريضه فهي القيمة المضافة التي تسهم في نجاح العلاج أكثر فأكثر وترفع نسبة قابليته للشفاء. 

في ختام الحوار، تطرق بروفيسور غصن إلى تأثير فيروس كورونا المستجد Covid-19 على مرضى السرطان، لافتا إلى أن هذه الفئة من المرضى هم أكثر عرضة لإلتقاط العدوى أولا بسبب الحاجة إلى الخروج للذهاب إلى المستشفى وتلقي العلاجات بالإضافة إلى إنخفاض المناعة لدى البعض بسبب العلاجات التي يحصلون عليها وربما بسبب وجود مشاكل صحية أخرى.

وأضاف: “التعامل مع مرضى السرطان خلال مرحلة إنتشار الوباء تطلب إدخال بعض التعديلات على بروتوكولات العلاج، فكلما كان بالإمكان تفادي العلاجات التي تخفّض المناعة كنا نقوم بذلك، إضافة للتوجه نحو خيار العلاج الهرموني بدلاً من الكيميائي في حالات معينة طبعًا، مع تعديل الزيارات وجعلها كل أسبوعين مثلا بدلاً من كل أسبوع، وأكرر هنا أن تحديد هذه الأمور يعتمد على حالة المريض”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى