كليات الطب

باحثون في مجال سرطان المبيض يحدّدون الأهداف الجينيّة الأساسيّة للمريضات اللواتي يقاومن العلاج الكيميائي

باحثون في مجال سرطان المبيض يحدّدون الأهداف الجينيّة الأساسيّة للمريضات اللواتي يقاومن العلاج الكيميائي

من مستشفى جامعة شيكاغو

إن ّ أكثر أنواع سرطان المبيض شيوعا هو سرطان المبيض المصلي ّ عالي الدرجة (HGSOC)، الذي يمثّل ما يصل إلى 70٪ من جميع حالات سرطان المبيض. هو مرض يصحبه معدّل وفيّات مرتفع، وغالبًا ما يُشخَّص في مرحلة متقدّمة (3 أو 4). يتمثّل العلاج الأوّلي ّ في إجراء جراحة لإزالة أنسجة الورم والخضوع للعلاج الكيميائيّ.

قالت طبيبة الأورام النسائيّة في مستشفى جامعة شيكاغوميليسا جافيلانا”: “في البداية، تستجيب معظم مريضات HGSOC بشكل جيّد للعلاج الكيميائيّ. ومع ذلك، في معظم الحالات، من المحتمل جدًّا أن يعود السرطان ويصبح أقلّ استجابة للعلاج الكيميائي بمرور الوقت. ونظرًا لعدم وجود علامات تنبّؤيّة محدّدة، من الصعب جدًّا معرفة مدى استدامة استجابة كل ّ مريضة للعلاج. وفي كثير من الأحيان، لا تتطابق طريقة استجابة السرطان التي تظهر في التصوير الطبّيّ، مع ما يظهر عند النظر إلى عيّنات الأنسجة تحت المجهر. ولا تُعتبر أي من هاتين الوسيلتين جيّدة في التنبّؤ بما إن كان السرطان سيعود ومتى سيعود، الأمر الذي يشكّل تحدّيًا في تدبير أمور هؤلاء المرضى”.

ركّزت أحدث استراتيجيّات العلاج بالدرجة الأولى على اتباع العلاج الكيميائي لتقليص أنسجة الورم، تليه الجراحة لإزالة أكبر قدر ممكن من الورم، ثم ّ مواصلة العلاج الكيميائيّ. أدّى هذا النهج إلى تحسينات لدى بعض المريضات. ومع ذلك، ثمّة سيدات يعود مرضهن بسرعة. وهنا يُطرح السؤال عن سبب استجابة بعض المريضات بشكل جيّد، مع فترة تعاف لا تقل ّ عن ستّة أشهر، في حين أن ّ البعض الآخر يستجبن للعلاج الكيميائي على فترة قصيرة الأجل. لذلك، تُعتبر المريضات اللواتي يعود السرطان لديهن في أقل ّ من ستّة أشهرمقاومات للعلاج الكيميائيّ”.

أجرى فريق من الباحثين بقيادة الدكتورإرنست لينجيل، وهو بروفيسور في أمراض النساء والولادة في Arthur L. and Lee G. Herbst  ورئيس قسم أمراض النساء والولادة في مستشفى جامعة شيكاغو ، دراسة لمعالجة هذا السؤال. هذه النتائج يمكن أن تساعد العلماء على تحديد الأهداف الجزيئيّة لتطوير علاجات جديدة للمريضات المقاومات للعلاج الكيميائيّ .

أولا، بدأ الفريق بالتحقيق في التغييرات التي أحدثها العلاج الكيميائي  في التركيب  الجيني للورم. فقد استخدم الفريق تسلسل الحمض النوويّ  (DNA) والحمض النوويّ الريبوزيّ (RNA) على عيّنات  متطابقة من الورم، تم ّ جمعها من مريضات

HGSOC قبل العلاج الكيميائي  وبعده. وقيّم الفريق أيضًا طفرات السلالة الجرثوميّة، أو الجينات الطافرة التي تُمرّر إلى الأبناء، في عيّنات هؤلاءالمريضات، ووجد طفرات BRCA1 في 3 مريضات، أي 10٪ من أصل 34 مريضة، وطفرات BRCA2 في مريضة واحدة، أي 4٪ من إجمالي المريضات.

كشف تحليل تسلسل الحمض النووي ّ الريبوزي ّ أن التعبير الجيني ارتفع بالنسبة إلى 77 جينًا (تنظيم بالزيادة)، وانخفض بالنسبة إلى 15 جينًا (تنظيم بالإنقاص)، بعد العلاج الكيميائيّ. من بين الجينات التي تم ّ تنظيمها بالزيادة، تلك التي برزت للباحثين كانت جينات عامل النسخ AP-1، التي أظهرت تعبيراً عاليًا باستمرار في عيّنات المريضات المقاومات للعلاج الكيميائيّ. ومن المثير للاهتمام، أنّه لا يوجد تغيير كبير في التعبير الجينيّ، بما في ذلك عامل النسخ AP-1، في المريضات اللواتي لديهن  حساسية للعلاج الكيميائيّ، ممّا يشير إلى أن مقاومة العلاج الكيميائي  يتم ّ تحفيزها جزئيًّا من خلال تنظيم هذه الجينات بالزيادة.

قالتجافيلانا، وهي المؤلّفة الأولى لهذه الدراسة التي وردت في مجلّة أبحاث السرطان: “تم توثيق التغييرات في جينات عامل النسخ AP-1، بشكل جيّد في الكتابات عن سرطان المبيض. وبالتالي، كان AP-1 محور تركيزنا الأساسي تجارب المتابعة لدينا. نحن مهتمّون أكثر بعامل النسخ هذا لأنّه في الغالب يحفّز نمو ّ الورم. لكن هذا لا يعني أن ّ الجينات الأخرى التي تُنظّم بالزيادة ليست مهمّة، وهي تشكّل مجالات تركيز محتملة في دراساتنا المستقبليّة”.

افترضتجافيلاناوالمؤلّفون المشاركون أن تثبيط جينات عامل النسخ AP-1، يمكن أن يقلّل عبء الورم. ولاختبار فرضيّتهم، عالجوا خطوط الخلايا المقاوِمة للعلاج الكيميائي بمثبّط AP-1، وهو عقار يُسمّى SR11302، بالإضافة إلى العلاج الكيميائيّ. ووجدوا زيادة في موت الخلايا مقارنة بالعلاج الكيميائي وحده، ما يشير إلى أن ّ نشاط AP-1 ناتج عن العلاج الكيميائيّ، وقد يساهم في نجاة الخلايا السرطانيّة.

وسلّطتجافيلاناالضوء على أن ّ ثمّة الكثير من مثبّطات AP-1 التي طُوِّرت وخضعت لاختبارات أوّليّة على البشر. ومن الممكن التفكير في استهداف AP-1  لدى مريضات HGSOC المقاومات للعلاج  الكيميائيّ . وذكرت أيضًا أن ّ تضخيم الكروموسوم 23.1q11، الذي يشمل (2 -SIK)، كان مرتبطًا بمقاومة العلاج الكيميائي لدى المرضى. 

يخضع مثبّط الجزيء الصغير يشمل (2 -SIK) حاليًّا لتحقيق الباحثين في مركزإم دي أندرسونللسرطان، التابع لجامعة تكساس، لعلاج السرطان المتكرّر في المبيض وسرطان البريتوني الابتدائي وسرطان قناة فالوب. وعلى الرغم من أن ّ دراسة جامعة شيكاغو توفّر نظرة ثاقبة عن الآليّات الجزيئيّة الكامنة وراء الاستجابة للعلاج الكيميائي لدى مريضات HGSOC، فالدراسات المستقبليّة قد تكشف عن العمليّات التكييفيّة والتطوّريّة الكامنة وراء استجابة الخلايا السرطانيّة للعلاج الكيميائيّ، ما قد يسمح للعلماء بتطوير علاجات فعّالة لمريضات HGSOC. 

قالتجافيلانا”: “للأسف، نظرًا لعدم وجود علاج لهذا المرض عند انتكاسته، نحن بحاجة إلى علاجات أفضل من العلاج الكيميائي  التقليدي ّ لعلاج نسبة أكبر من هؤلاء المرضى بشكل فعّال. وبالنسبة إلى السرطانات النسائيّة، قطعنا خطوات كبيرة في علاج المريضات بطرق أكثر تعقيدًا، على سبيل المثال، باستخدام مثبّطات الجزيئات الصغيرة والعلاج الموجَّه والعلاج المناعيّ. وأظهرت هذه العلاجات بعض النتائج الواعدة، وتحمّلتها المريضات بشكل جيّد مقارنة بالعلاج الكيميائي التقليديّ. هذا هو ما سيؤول إليه المستقبل”.

تشمل مجموعة المؤلّفين الإضافيّين للدراسة،العلاج الكيميائي المساعد الجديد يحفّز التغيّرات الجينوميّة والنسخيّة في حالة سرطان المبيض، كلا منمارك إيكيرتوجانا هايدوكاتارزينا زافيراتشوميلاني ويغيرتوسارة آشليوإليزابيثستوكوديفيد تشابلولي هوانغوس.ديان ياماداوريكاردو لاستراومينغجي تشينمن جامعة شيكاغو، وأحمد عاشور أحمد من جامعة أكسفورد بالمملكة المتّحدة. وموّل هذه الدراسة المعهد الوطني للسرطان، التابع للمعاهد الوطنيّة للصحّة وتيمبوس.

للمزيد من المعلومات، يُرجى زيارة الرابط التالي www.uchicagomedicine.org/global

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى