كليات الطبمقابلات

الدكتورة‭ ‬عائشة‭ ‬هند‭ ‬الرفاعي

الأستاذ‭ ‬المساعد‭ ‬للطب‭ ‬ النفسي‭ ‬السريري‭ ‬في‭ ‬وايل‭  ‬ كورنيل‭ ‬للطب‭ ‬–‭ ‬قطر

الدكتورة‭ ‬عائشة‭ ‬هند‭ ‬الرفاعي

برنامج‭ ‬“شهادة‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبية”‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬التعرف‭ ‬على‭ ‬التطبيقات‭ ‬العلاجية‭ ‬الراسخة‭ ‬للعلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبية

الدكتورة‭ ‬عائشة‭ ‬هند‭ ‬الرفاعي‭ ‬تشغل‭ ‬منصب‭ ‬الأستاذ‭ ‬المساعد‭ ‬للطب‭ ‬النفسي‭ ‬السريري‭ ‬في‭ ‬وايل‭ ‬كورنيل‭ ‬للطب‭ ‬–‭ ‬قطر،‭ ‬وهي‭ ‬باحثة‭ ‬وممارسة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبية‭ ‬وتؤمن‭ ‬بالإمكانات‭ ‬الاستشفائية‭ ‬للفنون‭ ‬عامةً،‭ ‬وحاصلة‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬البورد‭ ‬الأميركي‭ ‬للطب‭ ‬النفسي‭ ‬والعصبي‭ (‬ABPN‭) ‬في‭ ‬كلّ‭ ‬من‭ ‬الطب‭ ‬النفسي‭ ‬والطب‭ ‬النفسي‭ ‬للمسنّين،‭ ‬وعلى‭ ‬شهادة‭ ‬البورد‭ ‬الأميركي‭ ‬للطب‭ ‬الباطني‭ (‬ABIM‭)‬،‭ ‬وعلى‭ ‬شهادة‭ ‬“دكتور‭ ‬في‭ ‬الطب”‭ ‬من‭ ‬كلية‭ ‬الطب‭ ‬بجامعة‭ ‬حلب‭ ‬في‭ ‬الجمهورية‭ ‬العربية‭ ‬السورية‭. ‬قبل‭ ‬انضمامها‭ ‬إلى‭ ‬هيئة‭ ‬التدريس‭ ‬في‭ ‬وايل‭ ‬كورنيل‭ ‬للطب‭ – ‬قطر،‭ ‬عملت‭ ‬محاضراً‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأكاديمية‭ ‬والسريرية‭. 

تدير‭ ‬الدكتورة‭ ‬الرفاعي،‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬زميلة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬التدريس‭ ‬برنامج‭ ‬شهادة‭ ‬اعتماد‭ ‬من‭ ‬جزأين‭ ‬يطرحه‭ ‬قسم‭ ‬التعليم‭ ‬الطبي‭ ‬المستمر‭ ‬بالكلية‭ ‬لتزويد‭ ‬المهنيين‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬بالمهارات‭ ‬والمعارف‭ ‬الأساسية‭ ‬بشأن‭ ‬التطبيقات‭ ‬العلاجية‭ ‬للعلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المرافق‭ ‬السريرية‭. ‬ويتألف‭ ‬برنامج‭ ‬“شهادة‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبية‭: ‬التطبيقات‭ ‬السريرية”‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬وحدات‭ ‬تتمحور‭ ‬حول‭ ‬تطبيقات‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬العلاج‭ ‬بالمعالجة‭ ‬السردية،‭ ‬والعلاج‭ ‬بتذكّر‭ ‬مسيرة‭ ‬الحياة،‭ ‬والعلاج‭ ‬بالفنون‭ ‬التشكيلية‭ ‬بين‭ ‬المرضى‭ ‬المصابين‭ ‬بحالات‭ ‬سريرية‭ ‬معيّنة‭.  ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬يدير‭ ‬الدكتور‭ ‬الشعري‭ ‬سلسلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الحلقات‭ ‬الدراسية‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ ‬ينظمها‭ ‬قسم‭ ‬التعليم‭ ‬الطبي‭ ‬المستمر‭ ‬في‭ ‬وايل‭ ‬كورنيل‭ ‬للطب‭ – ‬قطر‭ ‬بعنوان‭ ‬“أمراض‭ ‬اختلال‭ ‬تطوّي‭ ‬البروتين‭ ‬والتنكس‭ ‬العصبي‭: ‬من‭ ‬النهج‭ ‬التجريبي‭ ‬إلى‭ ‬العلاج‭ ‬الإكلينيكي”‭. ‬وتتواصل‭ ‬هذه‭ ‬السلسلة‭ ‬حتى‭ ‬25‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023‭. ‬وكان‭ ‬إطلاق‭ ‬هذه‭ ‬السلسلة‭ ‬قد‭ ‬تزامن‭ ‬مع‭ ‬اليوم‭ ‬العالمي‭ ‬لمرض‭ ‬ألزهايمر‭ ‬بهدف‭ ‬نشر‭ ‬التوعية‭ ‬بأحد‭ ‬أبرز‭ ‬الأمراض‭ ‬الشائعة‭ ‬بين‭ ‬المسنّين‭.‬

حدّثينا‭ ‬عن‭ ‬برنامج‭ ‬“شهادة‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبية”‭ ‬والتطبيقات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭.‬

أديرُ‭ ‬البرنامج‭ ‬جنباً‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬زميلتي‭ ‬في‭ ‬وايل‭ ‬كورنيل‭ ‬للطب‭ – ‬قطر‭ ‬الدكتورة‭ ‬كريستينا‭ ‬جولكوسكا،‭ ‬إذ‭ ‬بادرنا‭ ‬إلى‭ ‬إعداد‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬بهدف‭ ‬إتاحة‭ ‬الفرصة‭ ‬للممارسين‭ ‬الصحيين‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬التخصصات‭ ‬للتعرف‭ ‬على‭ ‬التطبيقات‭ ‬العلاجية‭ ‬الراسخة‭ ‬للعلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬المرافق‭ ‬السريرية‭. ‬

يتألف‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬من‭ ‬جزأين،‭ ‬ينصب‭ ‬تركيز‭ ‬أولهما‭ ‬على‭ ‬الفوائد‭ ‬المتأتية‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬السردية‭ ‬ونُهج‭ ‬الفنون‭ ‬الإبداعية،‭ ‬فيما‭ ‬يركّز‭ ‬ثانيهما‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬نُهج‭ ‬علاجية‭ ‬فعالة‭ ‬ذات‭ ‬أساس‭ ‬متين‭ ‬في‭ ‬البحوث‭ ‬العلمية،‭ ‬والمقصود‭ ‬بذلك‭ ‬العلاج‭ ‬بالمعالجة‭ ‬السردية،‭ ‬والعلاج‭ ‬بتذكّر‭ ‬مسيرة‭ ‬الحياة،‭ ‬والعلاج‭ ‬بالفنون‭ ‬التشكيلية‭. ‬

ويستكشف‭ ‬البرنامج‭ ‬أيضاً‭ ‬منهجية‭ ‬هذه‭ ‬التدخلات‭ ‬وفعالياتها‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬معيّنة‭ ‬مثل‭ ‬اضطراب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصدمة،‭ ‬والرعاية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الاحتضار،‭ ‬والرعاية‭ ‬التلطيفية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬بيئات‭ ‬سريرية‭ ‬مختلفة‭. ‬وفي‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف،‭ ‬كثيراً‭ ‬ما‭ ‬تفيد‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبية‭ ‬المرضى‭ ‬وأحبائهم‭ ‬والقائمين‭ ‬على‭ ‬رعايتهم‭ ‬على‭ ‬حدّ‭ ‬سواء‭.‬

هل‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬المزيد‭ ‬عن‭ ‬هذه النُّهج‭ ‬الثلاثة؟

العلاج‭ ‬بالمعالجة‭ ‬السردية‭ (‬NPT‭) ‬يُعدّ‭ ‬اليوم‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬العلاجات‭ ‬النفسية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬شواهد‭ ‬علمية‭ ‬ويستعان‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬حالات‭ ‬اضطراب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصدمة‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬تجارب‭ ‬مختلفة‭ (‬مثل‭ ‬الاغتصاب،‭ ‬والإيذاء،‭ ‬وتجارب‭ ‬المدنيين‭ ‬والعسكريين‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬الحروب‭ ‬والناجين‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭). ‬ويستخدم‭ ‬نهج‭ ‬العلاج‭ ‬بالمعالجة‭ ‬السردية‭ ‬تقنيات‭ ‬سردية‭ ‬وتقنيات‭ ‬قصصية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التذكّر،‭ ‬ويُدار‭ ‬إمّا‭ ‬فردياً‭ ‬أو‭ ‬جماعياً‭. ‬وقد‭ ‬وثّقت‭ ‬دراسات‭ ‬حديثة‭ ‬فعالية‭ ‬العلاج‭ ‬بالسرد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دورات‭ ‬قصيرة،‭ ‬وتبيّن‭ ‬استمرار‭ ‬الفوائد‭ ‬المتأتية‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الدورات‭ ‬لفترة‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬سنة‭ ‬كاملة‭ ‬وربما‭ ‬أكثر‭. ‬كما‭ ‬أظهرت‭ ‬البحوث‭ ‬أن‭ ‬الذين‭ ‬يكملون‭ ‬دورة‭ ‬قصيرة‭ ‬في‭ ‬العلاج‭ ‬بالمعالجة‭ ‬السردية‭ ‬يُظهرون‭ ‬تحسّناً‭ ‬ملموساً‭ ‬في‭ ‬أعراض‭ ‬اضطراب‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الصدمة‭.‬

نَهج‭ ‬العلاج‭ ‬بتذكّر‭ ‬مسيرة‭ ‬الحياة‭ (‬LRT‭) ‬طوّره‭ ‬عالم‭ ‬نفس‭ ‬النمو‭ ‬والمحلل‭ ‬النفساني‭ ‬الألماني‭-‬الأميركي‭ ‬إريك‭ ‬إريكسون‭. ‬وأظهرت‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬أجريت‭ ‬على‭ ‬كبار‭ ‬السنّ‭ ‬بشأن‭ ‬التذكّر‭ ‬واستعراض‭ ‬مسيرة‭ ‬الحياة‭ ‬وعلم‭ ‬النفس‭ ‬السردي‭ ‬أن‭ ‬الأحداث‭ ‬الماضية‭ ‬بحدّ‭ ‬ذاتها‭ ‬لا‭ ‬تهمّ‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬تهمّ‭ ‬معانيها‭ ‬ومغازيها‭ ‬الشخصية‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بمسار‭ ‬تطوّر‭ ‬هوية‭ ‬الإنسان‭ ‬وكذلك‭ ‬رفاهه‭ ‬وصحته‭ ‬العقلية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مراحل‭ ‬حياته‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬الرجوع‭ ‬الى‭ ‬الماضي‭ ‬تبعا”‭ ‬لتقنية‭ ‬“تذكر‭ ‬مسيرة‭ ‬الحياة”،‭ ‬قد‭ ‬يفكّر‭ ‬الإنسان‭ ‬ملياً‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬ويجد‭ ‬في‭ ‬ماضيه‭ ‬البصيرة‭ ‬والإلهام‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬خضمّ‭ ‬مواجهته‭ ‬للشدائد‭. ‬

وأظهرت‭ ‬دراسات‭ ‬فعالية‭ ‬تذكّر‭ ‬المرء‭ ‬لحياته‭ ‬الماضية‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الاكتئاب‭ ‬والرعاية‭ ‬التلطيفية‭ ‬وفي‭ ‬حالات‭ ‬الحزن‭ ‬لدى‭ ‬كبار‭ ‬السن‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التدخُّل‭ ‬كان‭ ‬يُستخدم‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬مع‭ ‬شريحة‭ ‬المسنّين،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬أثبت‭ ‬فعاليته‭ ‬أيضاً‭ ‬عند‭ ‬تطبيقه‭ ‬مع‭ ‬شريحة‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬يواجهون‭ ‬مرضاً‭ ‬حرجاً‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬صدمة‭ ‬نفسية‭.‬

العلاج‭ ‬بالفنون‭ ‬التشكيلية‭ (‬VAT‭) ‬ثبتت‭ ‬فائدته‭ ‬للمرضى‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الفئات‭ ‬العمرية‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مرافق‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬لكن‭ ‬برنامجنا‭ ‬يركّز‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬استخدامه‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الرعاية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الاحتضار‭ ‬والرعاية‭ ‬التلطيفية،‭ ‬وفوائده‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬المريض‭ ‬بل‭ ‬تشمل‭ ‬أيضاً‭ ‬مقدّمي‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬أنفسهم‭. ‬والمرض‭ ‬العضال‭ ‬يتجسّد‭ ‬في‭ ‬مظاهر‭ ‬جسدية‭ ‬ونفسية‭ ‬وروحية‭ ‬عند‭ ‬المريض،‭ ‬وقد‭ ‬أظهرت‭ ‬بحوث‭ ‬أن‭ ‬الفنّ‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬الشعور‭ ‬بالألم‭ ‬وأيضاً‭ ‬في‭ ‬تقليل‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تناول‭ ‬مسكّنات‭ ‬الألم‭. ‬وهذا‭ ‬مفيد‭ ‬لأن‭ ‬مسكّنات‭ ‬الألم‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُضعف‭ ‬المشاعر‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفاقِم‭ ‬الإعاقة‭ ‬الإدراكية،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬تؤثر‭ ‬في‭ ‬قدرة‭ ‬المريض‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬أسرته‭ ‬وقدرته‭ ‬على‭ ‬إظهار‭ ‬عواطف‭ ‬تجلب‭ ‬مشاعر‭ ‬إيجابية‭ ‬للمريض‭ ‬وأحبائه‭ ‬في‭ ‬تقبّل‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬حصل‭. ‬

يمكن‭ ‬أن‭ ‬يسهم‭ ‬الفنّ‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬تهدئة‭ ‬مشاعر‭ ‬القلق‭ ‬بشأن‭ ‬الموت‭ ‬وتعزيز‭ ‬الأمل‭ ‬وتقبّل‭ ‬ما‭ ‬سيكون‭ ‬عند‭ ‬المريض‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الاحتضار‭. ‬وبالمثل،‭ ‬وجدت‭ ‬الفرق‭ ‬المنخرطة‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الرعاية‭ ‬للمصابين‭ ‬بأمراض‭ ‬مستعصية‭ ‬الدعم‭ ‬اللازم‭ ‬والتوازن‭ ‬المرجو‭ ‬في‭ ‬العلاج‭ ‬بالفنون‭ ‬البصرية‭ ‬لمساعدتهم‭ ‬على‭ ‬تجاوز‭ ‬المواقف‭ ‬الصعبة‭ ‬مع‭ ‬مرضاهم‭ ‬وأسر‭ ‬مرضاهم‭ ‬والحؤول‭ ‬دون‭ ‬إنهاكهم‭ ‬مهنياً‭. ‬ونعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النهج‭ ‬فعّال‭ ‬لأن‭ ‬الإنسان‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬مغزى‭ ‬لحياته‭ ‬ولأن‭ ‬الأعمال‭ ‬الإبداعية‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬أشياء‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬إضفاء‭ ‬معانٍ‭ ‬إلى‭ ‬حياتنا‭ ‬والتجارب‭ ‬التي‭ ‬نعيشها‭.‬

مَن‭ ‬هي‭ ‬الفئة‭ ‬المستهدفة‭ ‬من‭ ‬برنامج‭ ‬شهادة‭ ‬في‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الصحية؟

يمكن‭ ‬للمهنيين‭ ‬الصحيين‭ ‬كافةً‭ ‬الالتحاق‭ ‬بهذا‭ ‬البرنامج،‭ ‬يشمل‭ ‬ذلك‭ ‬الأطباء‭ ‬والممرضين‭ ‬والصيادلة‭ ‬وأطباء‭ ‬الأسنان،‭ ‬مثلما‭ ‬يشمل‭ ‬المهن‭ ‬الطبية‭ ‬المسانِدة‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬طلاب‭ ‬الطب‭ ‬والأطباء‭ ‬المقيمين‭.  من‭ ‬المهم‭ ‬الإشارة‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬في‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُنظر‭ ‬إليها‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬الأطباء‭ ‬النفسيين‭ ‬أو‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭ ‬فقط‭. ‬فقد‭ ‬تبيّن‭ ‬أن‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبية‭ ‬تفيد‭ ‬المرضى‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬بيئات‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬تقريباً‭ ‬مثلما‭ ‬تفيد‭ ‬الممارسين‭ ‬الصحيين‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬كافة‭ ‬تقريباً‭. ‬

في‭ ‬الحقيقة،‭ ‬عندما‭ ‬بدأت‭ ‬حركة‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبية‭ ‬في‭ ‬اكتساب‭ ‬زخم‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬قبل‭ ‬15‭ ‬عاماً‭ ‬تقريباً‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الزخم‭ ‬مهنيون‭ ‬صحيون‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬التخصصات‭. ‬

كذلك،‭ ‬نجد‭ ‬اهتماماً‭ ‬واسعاً‭ ‬من‭ ‬الممرضين‭ ‬الذين‭ ‬يشعرون‭ ‬بالحاجة‭ ‬إلى‭ ‬اكتساب‭ ‬مهارات‭ ‬جديدة‭ ‬تسمح‭ ‬لهم‭ ‬بتجاوز‭ ‬قيود‭ ‬النهج‭ ‬الطبية‭ ‬التقليدية أو‭ ‬الاعتيادية‭.‬

وكيف‭ ‬تطرح‭ ‬الكلية‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج؟

يقوم‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬وحدات‭ ‬دراسية‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت‭ (‬وحدة‭ ‬دراسية‭ ‬واحدة‭ ‬كل‭ ‬أسبوع‭) ‬تناقش‭ ‬النّهج‭ ‬العلاجية‭ ‬الثلاث‭ ‬بالترتيب،‭ ‬وأديرها‭ ‬بالاشتراك‭ ‬مع‭ ‬الدكتورة‭ ‬جولكوسكا،‭ ‬وتستغرق‭ ‬الواحدة‭ ‬منها‭ ‬قرابة‭ ‬خمس‭ ‬ساعات‭. ‬ونقوم‭ ‬بالتعريف‭ ‬بكلّ‭ ‬وحدة‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اجتماع‭ ‬متزامن،‭ ‬يبدأ‭ ‬كلّ‭ ‬واحد‭ ‬منها‭ ‬باستعراض‭ ‬النّهج‭ ‬العلاجي‭ ‬قيد‭ ‬الدراسة،‭ ‬تليه‭ ‬مناقشة‭ ‬جماعية‭ ‬وجلسة‭ ‬أسئلة‭ ‬وأجوبة‭. ‬وثمة‭ ‬أنشطة‭ ‬أخرى‭ ‬تشمل‭ ‬تأملات‭ ‬في‭ ‬نصوص‭ ‬متعددة‭ ‬الوسائط‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إنجاز‭ ‬ثلاث‭ ‬مهام‭ ‬كتابية‭. ‬ويمتد‭ ‬كل‭ ‬برنامج‭ ‬لثلاثة‭ ‬أسابيع‭.‬

ولكن‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬للمهنيين‭ ‬الصحيين‭ ‬دمج‭ ‬العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الصحية‭ ‬الطبية‭ ‬بالممارسة‭ ‬الاعتيادية‭ ‬لمهامهم‭ ‬اليومية؟

العلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبية‭ ‬بطبيعتها‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬السلوكيات‭ ‬البشرية،‭ ‬لذا‭ ‬يقوم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المهنيين‭ ‬الصحيين‭ ‬ببعض‭ ‬توصيات‭ ‬النّهج‭ ‬الثلاثة‭ ‬بطريقة‭ ‬تلقائية‭ ‬أو‭ ‬عفوية‭. ‬ونجد‭ ‬اهتماماً‭ ‬لافتاً‭ ‬بهذه‭ ‬المهارات‭ ‬لأنها‭ ‬تبدو،‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكثيرين‭ ‬من‭ ‬المهنيين‭ ‬الصحيين،‭ ‬مهمة‭ ‬وإن‭ ‬أغفلتها‭ ‬منظومة‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬ما‭. ‬

ويُظهر‭ ‬كثيرون‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يختارون‭ ‬مهن‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬اهتماماً‭ ‬بالعلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبية،‭ ‬ربما‭ ‬كونهم‭ ‬متعاطفين،‭ ‬أو‭ ‬كونهم‭ ‬يتساءلون،‭ ‬أو‭ ‬يرغبون‭ ‬بمعرفة‭ ‬المزيد‭ ‬عن‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يقدّمون‭ ‬لهم‭ ‬الرعاية‭. ‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬نقدّمها‭ ‬إليهم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬هي‭ ‬مهارات‭ ‬تصقل‭ ‬أو‭ ‬تكمل‭ ‬مهارات‭ ‬لديهم‭ ‬بالفعل،‭ ‬وتؤكد‭ ‬قناعتهم‭ ‬بأهمية‭ ‬وفعالية‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬من‭ ‬مهنتهم،‭ ‬وتعطيهم‭ ‬الحافز‭ ‬والمهارات‭ ‬اللازمة‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‭ ‬بأفضل‭ ‬طريقة‭ ‬ممكنة‭ ‬بحيث‭ ‬تحقق‭ ‬الفائدة‭ ‬المرجوّة‭ ‬منها‭.‬

ما‭ ‬ثغرات‭ ‬الكفاءات‭ ‬التي‭ ‬يسعى‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬إلى‭ ‬معالجتها؟

ثمة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬بأدلة‭ ‬واضحة‭ ‬الفوائد‭ ‬المتأتية‭ ‬من‭ ‬التدخلات‭ ‬الثلاثة‭ ‬التي‭ ‬نستكشفها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج،‭ ‬لكن‭ ‬النمذجة‭ ‬البيولوجية‭ ‬للطب‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬أكثر‭ ‬هيمنة‭ ‬في‭ ‬العشرين‭ ‬إلى‭ ‬الثلاثين‭ ‬عاماً‭ ‬الماضية‭ ‬مع‭ ‬اكتشاف‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأدوية‭ ‬الأكثر‭ ‬فعالية‭ ‬جعلت‭ ‬البعض‭ ‬يتغافل‭ ‬عن‭ ‬تقاليد‭ ‬الطب‭ ‬التي‭ ‬ندعو‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬إليها‭.‬

فالأطباء‭ ‬العظماء‭ ‬عبر‭ ‬التاريخ‭ ‬الذين‭ ‬يمثلون‭ ‬نموذجاً‭ ‬أعلى‭ ‬يُحتذى‭ ‬به‭ ‬فطنوا‭ ‬إلى‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬الجسد‭ ‬والروح‭ ‬معاً‭ ‬لأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬فصل‭ ‬أحدهما‭ ‬عن‭ ‬الآخر‭. ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬نظرنا‭ ‬في‭ ‬السيرة‭ ‬الذاتية‭ ‬لشخصيات‭ ‬مثل‭ ‬السير‭ ‬وليام‭ ‬أوسلر‭ (‬طبيب‭ ‬وأكاديمي‭ ‬كندي‭ (‬1849-1919‭) ‬يُلقّب‭ ‬بـ‭ ‬“أبو‭ ‬الطب‭ ‬الحديث”‭) ‬أو‭ ‬جان‭ ‬مارتن‭ ‬شاركو‭ (‬عالم‭ ‬الأعصاب‭ ‬والأكاديمي‭ ‬الفرنسي‭ (‬1825-1893‭) ‬الملقّب‭ ‬بمؤسس‭ ‬طب‭ ‬الأعصاب‭ ‬الحديث‭) ‬لرأينا‭ ‬أنهما‭ ‬يمتلكان‭ ‬فهماً‭ ‬واهتماماً‭ ‬واسعين‭ ‬للجسد‭ ‬والروح‭ ‬معاً‭. ‬

وأفضل‭ ‬الأطباء‭ ‬هم‭ ‬الأقرب‭ ‬إلى‭ ‬مرضاهم،‭ ‬والذين‭ ‬يعرفون‭ ‬مرضاهم‭ ‬حق‭ ‬المعرفة،‭ ‬والذين‭ ‬يصغون‭ ‬إلى‭ ‬مرضاهم‭ ‬وقصصهم‭ ‬ومشكلاتهم،‭ ‬ولا‭ ‬تقتصر‭ ‬علاقتهم‭ ‬بهم‭ ‬على‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أعراض‭ ‬أمراضهم‭ ‬وحاجتهم‭ ‬إلى‭ ‬دواء‭ ‬ما‭. ‬

وخلال‭ ‬15‭ ‬إلى‭ ‬20‭ ‬عاماً‭ ‬الماضية‭ ‬حدّدت‭ ‬هذه‭ ‬الحركة‭ ‬في‭ ‬الطب‭ ‬السردي،‭ ‬والعلاجات‭ ‬السردية،‭ ‬والعلوم‭ ‬الإنسانية‭ ‬الطبية‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الفجوة‭ ‬أو‭ ‬الثغرة‭ ‬وطوّرت‭ ‬برامج‭ ‬بحثية‭ ‬وتدريسية‭ ‬لمعالجتها‭. ‬وفي‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر،‭ ‬تدمج‭ ‬اليوم‭ ‬برامج‭ ‬الطب‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬كليات‭ ‬الطب‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬هذه‭ ‬النّهج‭ ‬في‭ ‬مناهجها‭ ‬الدراسية،‭ ‬ويهدف‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬إلى‭ ‬ردم‭ ‬هذه‭ ‬الفجوة‭ ‬ولكن‭ ‬بتركيز‭ ‬أوسع‭ ‬يتيح‭ ‬لشريحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬المهنيين‭ ‬الصحيين‭ ‬من‭ ‬اكتساب‭ ‬المهارات‭ ‬المطلوبة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المضمار‭. ‬

نحن‭ ‬نعتقد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النّهج‭ ‬سيسمح‭ ‬لأعداد‭ ‬متزايدة‭ ‬من‭ ‬المرضى‭ ‬وأحبائهم‭ ‬والمهنيين‭ ‬الصحيين‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬التدخلات‭ ‬السردية‭ ‬البالغة‭ ‬الفعالية‭ ‬التي‭ ‬نعتقد‭ ‬أنها‭ ‬تمثل‭ ‬إسهامات‭ ‬مهمة‭ ‬في‭ ‬الجوانب‭ ‬المختلفة‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬ورفاهه‭.‬

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى