أمراض وعلاجات

تجلّط الأوردة العميقة

تجلّط الأوردة العميقة

هذه هي أعراضها ومضاعفاتها وسبل علاجها

عندما تتكوّن جلطة دموية في وريد عميق تحت سطح الجلد تسمى هذه الحالة تجلط الأوردة العميقة والتي غالباً ما تحدث في الساقين أو الفخذين؛ قد يعاني المريض من الآلام والتورم ولكن من المحتمل ان لا تظهر أي علامات او اعراض الا بعد تطور الإصابة فتنتقل الجلطة في مثل هذه الحالة إلى الرئتين لتسبب الانسداد الرئوي.

هناك عوامل عدة تسهم في تطور الاصابة منها السفر لساعات طويلة وعدم الحركة لوقت طويل كما يحدث بعد القيام عملية جراحية ما، او تناول بعض الادوية وكذلك العديد من الحالات الطبية. لكن التشخيص المبكر وتجنب هذه العوامل يمنع تجلط الأوردة ويحول دون انتقال الجلطة الى الرئة.

فالجلطات الدموية هي عبارة عن كتل من الدم تغيرت حالتها من سائلة إلى ما يشبه الهلام، وعادة لا تسبب أي ضرر لأنها تحمي الجسم من النزيف عند الإصابة بجرح. ولكن عندما تظهر جلطات الدم في الأوردة العميقة، يمكن أن تكون خطيرة للغاية لأنها يمكن أن تعيق حركة الدم في الأوعية. ترتبط الجلطات الدموية الوريدية بحالتين تشكل كل منهما خطراً على حياة الإنسان؛ فإمّا هي جلطة في الأوردة العميقة وغالباً ما تحدث في الساق، وإما هي جلطة في الأوردة العميقة تنطلق فجأة وتسري في الأوردة لتصل إلى الرئتين فتتسبب بانسداد الرئة وتمنع تدفّق الدم ما يؤدي إلى الوفاة.  من أخطر المضاعفات الناجمة عن الإصابة بجلطات الأوردة العميقة انفصال جزء من الجلطة وانتقاله عبر مجرى الدم إلى الرئتين، مسبباً انسدادًا يسمى الانسداد الرئوي؛ إذا كانت الجلطة صغيرة، يمكن الشفاء منها مع تلقي العلاج المناسب لكنها تترك بعض الأضرار على الرئتين  بالإضافة إلى مضاعفات طويلة الأجل بسبب الأضرار التي تحدثها الجلطة؛ أما اذا كانت الجلطة كبيرة فقد تمنع وصول الدم الى الرئتين وربما تكون قاتلة ما لم يتم إسعاف المريض بسرعة. الأعراض الشائعة لتجلط الأوردة العميقة هي تورم في الساق أسفل الركبة، وربما يظهر احمرار وطراوة، أو ألم في منطقة الجلطة، إلا أن هذه الأعراض ربما لا تظهر على نصف المصابين ممن يعانون من جلطات وريدية.

لكن هناك بعض العوامل التي تسهم في زيادة فرص الإصابة  بتجلط الأوردة العميقة:

  • وجود تاريخ عائلي. 
  • الرحلات الطويلة التي تتطلب الجلوس لساعات في الطائرة او القطار.
  • تضرر الأوعية الدموية، بحيث يمكن أن يؤدي جدار الوعاء الدموي التالف إلى تكوين جلطة دموية.
  • الحاجة الى المكوث بالسرير لوقت طويل مثلما يحدث بعد القيام بجراحة ما، حيث يتباطأ جريان الدَّم خلال فترة الراحة الطويلة في الفراش أي عندما لا تتحرك الساقين بشكلٍ طبيعي.
  • وجود حالات أو علاجات معينة تؤدي إلى تجلط الدم بسهولة أكبر من المعتاد مثل السرطان او العلاج الكيميائي الإشعاعي، وأمراض القلب والرئة وفرط التخثر.
  • الحمل، إذ يتجلط الدم بسهولة أكبر أثناء الحمل.
  • زيادة الوزن أو السمنة.
  • تناول أقراص منع الحمل والعلاج بالهرمونات البديلة على هرمون الإستروجين الأنثوي لسنوات، وهو ما يتسبب في تجلط الدم بسهولة أكبر. تناول هذا النوع من العلاجات يزيد من خطر التعرض لتجلط الأوردة العميقة بشكل طفيف.

الجوارب الضاغطة

تسهم الجوارب الضاغطة في الضغط على الأوعية الدموية لكي يتسنى لأوردة الساق ضخ كميات أكبر من الدم باتجاه القلب أثناء الوقوف، لأنه إذا لم يضخ الجسم كميات وفيرة من الدم إلى أعلى فغالباً ما يؤدي ذلك للإصابة بتورمات وتغيرات جلدية على الساق. الضغط الخارجي الناتج عن ارتداء الجوارب الضاغطة يعمل على تصغير قطر الأوردة، ما يؤدي لسرعة سريان الدم بداخلها؛ تؤكد الدراسات في هذا المجال إلى أن المرضى الذين يرتدون جوارب لمدة عامين بعد جلطة دموية كبيرة هم أقل عرضة للإصابة بمضاعفات طويلة المدى في الساقين مثل التورم ومشاكل الجلد. 

فقد تبيّن أن ارتداء الجوارب الضاغطة لمدة سنتين بعد العلاج من أول إصابة بتجلط الأوردة العميقة يحد من خطر حدوث متلازمة ما بعد الجلطة بنسبة تصل إلى 50%. تعمل هذه الجوارب الضاغطة على انتظام الدورة الدموية وتدفق الدم إلى أعلى الجسم لعدم تعريض المريض للآلام والتورم بالقدم. لقد ثبت أن ارتداء الجوارب يعد أمراً حيويا في حالة التدخل لاذابة الجلطة عن طريق الأدوية لتجنب وصول بعض أجزاء منها إلى الرئة أو القلب.

ارتداء الجوارب الضاغطة بات من الأمور الاساسية بعد كل عملية جراحية والمكوث لفترة طويلة في السرير، كما ينصح الأطباء كل من لديه اصابة سابقة ويريد ان يسافر رحلة طويلة ان يرتدي تلك الجوارب الضاغطة لمنع حدوث التجلط إذ من المعروف أن عدم الحركة لفترة طويلة يزيد فرص تكون هذه الجلطات الخطيرة ولذلك ينصح الأطباء المسافرين بالوقوف على القدمين أو الحركة لبعض الوقت خلال الرحلات الطويلة.  

وسائل التشخيص

أولى الفحوصات التشخيصية التي يعتمدها الأطباء هو فحص D-Dimer الذي يعمل على قياس مادة موجودة في الدم يتم ظهورها عندما تتحلل بروتينات الفايبرين (Fibrin) في الكتلة الدموية؛ في حال أظهر الفحص ارتفاعاً في هذه المادة يكون المريض مصاباً بتجلط الاوردة العميقة. لكن الامر يتطلب المزيد من وسائل التشخيص لأن هذه النسبة يمكن أن تزداد بعد إجراء عمليةٍ جراحية، أو بعد حدوثِ إصابة، أو خلال فترة الحمل، لذلك هنالكَ فحوصات أخرى كالسونار الذي يتم إجراءُه للتأكيد على وجود جلطة الأوردة العميقة. التصوير بواسطة الـ”Ultrasound” هي تقنية تساعد الطبيب في النظر الى الكتل الدموية في حال تكونها داخل الوريد. في الحالات المتقدمة، قد يحتاج المريض لتصوير الأوعية الطبقي المبرمج لأخذ صور للأوعية الدموية، وللتمكن من رؤية التخثر في الساق أو الرئة في حال، ويُعد الفحص التشخيصي الأكثر شيوعًا للانسداد الرئوي. يمكن استخدام تقنية تصوير الأوعية الرئوية للتأكيد على وجود الجلطة الرئوية. هناك فحوصات لحالات طبية أخرى للتعرف على ما إذا كانت هناك أمراضٌ أخرى قد تسببت في حدوث الأعراض. يطلب الطبيب فحص دم يحدد من خلاله ما إذا كان المريض يعاني من أمراض الدم الوراثية خاصةً إذا تكرر حدوث الكتل الدموية، بالإضافة إلى أن حدوثها في مناطق كالدماغ، والكبد، والكلى قد يُدَلل على وجود اضطراب تجلط وراثي.

كما يطلب كذلك الأشعة السينية للصدر للحصول على معلوماتٍ كافية عن السبب وراء الأعراض، كالالتهاب الرئوي أو وجود سائل في الرئة، مع الإشارة الى أن الأشعة السينية للصدر غير قادرة على توضيح وجود الجلطة الرئوية. التخطيط الكهربائي للقلب ECG من الفحوصات التي يطلبها الطبيب لتحديد وجود حالاتٍ أخرى قد تسببت في ظهورِ علامات الجلطة الرئوية.

سبل العلاج

عادة ما يتم علاج DVT بأدوية مضادة للتخثر وهي الأكثر شيوعاً في علاج جلطات الأوردة العميقة. تعمل هذه الادوية على منع تجلط الدم ويمكن تناولها على شكل حبوب أو حقنة أو عن طريق الوريد وذلك بحسب حالة المريض الطبية وشدة المرض. بعض الحالات الأخرى، يضطر الطبيب إلى القيام  بإجراءات داخل الوريد مثل جهاز استئصال الخثرة بالنفث الوعائي أو بالقسطرة الحالة للخثرة. تعمل هذه الأساليب عن طريق تقديم علاج التخثر أو تكسير الجلطة الدموية وإزالتها أحيانًا؛ على سبيل المثال في الحالات الشديدة سيؤدي ذلك إلى إذابة الجلطة الدموية بسرعة. يمكن العلاج بواسطة فلتر الوريد الأجوف IVC-Filter والذي يتم استخدامه كبديل لمضادات التخثر وذلك لأسباب تتعلق بعدم تأثير الأدوية، أو أن المريض لا يستطيع أخذها. هذا الفلتر هو عبارة عن جهاز على شكل شبكة يتم وضعه في الوريد، يعمل على التقاط الكتلة المتخثرة؛ وبالتالي منعها من الوصول إلى القلب أو الرئة، ويمكن وضعه بشكل دائم أو مؤقت، وتتم إزالته حين يقل خطر حدوث التخثر في الدم، مع الإشارة إلى أن هذا الفلتر لا يمنع تكون كتلة دموية جديدة ولكنه يمكن أن يمنع جلطة كبيرة من الانتقال إلى الرئتين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى