أمراض وعلاجات

التسمم الغذائي… ضيف ثقيل في فصل الصيف لكن الوقاية ممكنة

التسمم الغذائي

ضيف ثقيل في فصل الصيف لكن الوقاية ممكنة

تعتبر الأجواء الحارّة والرطبة بيئة مثالية لتكاثر الجراثيم والطفيليات وهو ما يبرر ارتفاع حالات التسمم الغذائي في فصل الصيف ما لم يتم اتباع الارشادات العامة للنظافة أثناء إعداد الطعام؛ يتزامن ذلك مع فترة الإجازات الصيفية والسفر وتناول الطعام في المطاعم رغم من إمكانية الإصابة بالتسمم الغذائي خلال تناول الطعام في المنزل في ظل غياب الشروط الصحية أثناء إعداد الطعام.

التسمم الغذائي هو عبارة عن مرض يُنقل الى الإنسان عبر الغذاء الملوث، وتعد الكائنات الحية المعدية أي البكتيريا والفيروسات والطفيليات أو سمومها من أكثر الأسباب شيوعاً للتسمم الغذائي. تتسبب الأطعمة الملوثة بأعراض عدة مثل آلام في المعدة وغثيان واسهال او قيء، وقد يتطور الأمر الى اضطرابات في الجهاز الهضمي أو قد يصل الى التسمم الغذائي. غسل اليدين أهم ما يمكن القيام به قبل تناول الطعام لأن البكتيريا تتكاثر على اليدين وليس فقط في الطعام، إضافة الى التأكد من سلامة الغذاء ومعايير النظافة أثناء إعداده.

كيف تنتقل الجراثيم عبر الغذاء؟

يمكن للجراثيم التي تتسبب في الإصابة بالتسمم الغذائي الانتقال إلى الطعام في مراحل إعداد الطعام كافة وبطرق عدة. فقد تتلوث المواد الغذائية وهي في مصادرها الأولى، او أثناء نقلها وتسويقها، أو أثناء طهيها وإعدادها للأكل، او حتى بعد طهيها وتركها مكشوفة للتلوث عن طريق الحشرات او المبيدات الحشرية. 

يمكن ان يحدث التلوث الغذائي ايضا أثناء عمليات تجهيز الطعام وتوزيعه بسبب عدم الالتزام بالنظافة او بسبب وجود أشخاص حاملين للميكروبات من بين المشتغلين في عمليات التجهيز والتوزيع او بسبب تعرض المأكولات للحشرات الناقلة للمرض، او بسبب فسادها بعد طهيها، او بسبب استخدام زيوت رديئة او مغشوشة.

الغذاء الخام يعد أهم مصادر الجراثيم والتسمم الغذائي، وهناك أغذية يطلق عليها الأطباء «عالية المخاطر» لكونها من أكثر الأطعمة التي تسبب التسمم الغذائي إذا لم يتم تحضيرها أو طهيها بطريقة جيدة، او أنها أكثر عرضة للتلوث من غيرها، مثل منتجات الألبان غير المبسترة، اللحوم والدواجن النيئة، البيض النيء، المأكولات البحرية، الخضروات النيئة. يمكن للجراثيم أن تنتقل إلى الطعام إذا لم يتم اتباع إرشادات ومعايير النظافة في أي مرحلة من مراحل تحضير الطعام؛ فالنظافة الشخصية وارتداء القفازات أثناء تجهيز الطعام ضروري في المطاعم، حيث يمكن انتقال الجراثيم من أحد العاملين إلى الطعام بمجرد لمسه أو من خلال السعال والعطس.

بالإضافة الى ذلك، استخدام الماء الملوث في غسل الأطعمة يمكن أن يسبب تلوثه بالجراثيم وبالتالي الإصابة بالتسمم الغذائي. كما ان الحشرات او الحيوانات الأليفة يمكن ان تساعد على نقل الجراثيم إلى الطعام وتلويثه.

يمكن اختصار أسباب حدوث التسمم الغذائي على النحو التالي:

  • عدم طهو الطعام جيداً.
  • عدم تخزين الطعام بشكل صحيح، وخصوصاً الطعام الذي يحتاج إلى تبريد في درجة حرارة أقل من 5 درجات مئوية.
  • حفظ الطعام المطبوخ من دون تبريدلفترة طويلة.
  • تناول الطعام الذي لمسه شخص مريض أو كان على اتصال بشخص مصاب بالإسهال والقيء.
  • انتقال التلوث من مكان لآخر أثناء أعداد الطعام من خلال لوح التقطيع بسبب عدم غسله وتعقيمه بعد كل استعمال، حيث يُنصح باستخدام لوح تقطيع خاص باللحوم ولوح خاص بالخضار.

أما أبرز أنواع البكتيريا التي تسبب التسمم الغذائي:

السالمونيلا

تنتقل الى الإنسان بعد تناول المياه والغذاء الملوث بها بعد مرور حوالى 6 إلى 48 ساعة من تناول البيض أو اللبن الملوث بهذه البكتيريا؛ من أعراض الإصابة الصداع وآلام شديدة في المعدة والقيء.

المكورات العنقودية

تصل إلى الجهاز الهضمي بعد حوالى ساعتين إلى 6 ساعات من تناول بعض الأطعمة مثل منتجات الألبان غير المبردة، والأطعمة المعالجة صناعيًا، واللحم المقدد، ما يؤدي إلى الإصابة بالتسمم الغذائي الذي يصاحبه ألم شديدة في المعدة والإسهال المستمر.

الليستريا

تنتقل الى الإنسان نتيجة تناول منتجات الألبان والخضروات المعبّأة وغير الطازجة؛ ومن أبرز أعراضها الحمى والصداع، وقد يصل الأمر إلى حد الإصابة بالتهاب السحايا وتسمم الدم.

الأعراض

يمكن أن تبدأ الأعراض في غضون ساعات من تناول الطعام الملوث او بعد أيام من تناوله، وقد تتخذ الأعراض علامة واحدة أو أكثر مثل غثيان، إسهال، قيء، ألم وتشنجات في البطن، وأحيانا الحمى. وقد تستمر هذه الاعراض بين ساعات إلى عدة أيام، وبعض الحالات تستدعي الذهاب إلى الطبيب، وتعتمد قوة الأعراض او ضعفها على كمية الطعام الملوث الذي تم تناوله، وكذلك على عمر المصاب وحالته.

من الأعراض الخطيرة التي تستدعي التدخل الطبي:

  • الحُمَّى.
  • القيء الذي يدوم لأكثر من يومين.
  • الإسهال لأكثرَ من ثلاثة أيَّام.
  • الإسهال او القيء المصحوب بدم.
  • عدم القُدرة على الاحتفاظ بالسَّوائل في الجسم بسبب الإسهال الشديد والقيء.
  • اضطراب في القدرة على الكَلام.
  • جفاف الجسم من السوائل.

إن ضمان جودة الغذاء وسلامته من الأمور الضرورية للحفاظ على الصحة العامة؛ ورغم ان معظم حالات التسمم الغذائي تزول سريعا من خلال الإكثار من شرب السوائل والراحة ولا تحتاج الى معالجة، الا ان بعض الحالات الأخرى قد تكون أكثر تعقيداً وتستدعي الدخول الى المستشفى لاسيَّما إذا كان لديه حساسيَّة زائدة لتأثيرات العدوى، مثل المسنِّين بعمر 65 سنة أو أكثر، أو المُصابين بنقص المناعة. من خطوات الوقاية من التسمم الغذائي الحرص على نظافة المطبخ، وتنظيف الخضار وغسلها بشكل جيد قبل تقطيعها، وغسل اليدين دائما وتجفيفهما، وينصح أيضا بتقطيع اللحوم النيئة أثناء عملية الطهي بسكين غير التي استخدمت لتقطيع الخضار.

غسل اليدين وتجفيفهما دائما بعد استعمال الحمام وقبل تناول الطعام، التأكد من أن تكون درجة حرارة الثلاجة في المعدل الصحيح لحفظ الطعام، الحرص على إبقاء الزجاجات والعصائر مغلقة بإحكام، عدم تناول بقايا الطعام المحفوظة التي تزيد مدة تخزينها عن يومين، إبقاء اللحوم النيئة بعيدا من اللحوم المطبوخة وتخزينها في أسفل الثلاجة وحفظ الأسماك واللحوم النيئة منفصلة عن غيرها من المواد الغذائية، استخدام سكين نظيفة في تقطيع المواد الغذائية غير السكين المستخدمة عادة في تقطيع اللحوم النيئة، الحرص على غسل الخضراوات جيدا قبل استخدامها، الطهي ضمن درجة الحرارة الصحيحة، وتنظيف المطبخ باستمرار كلها إجراءات احترازية من شأنها الوقاية من انتقال البكتيريا.

العلاج

تحديد العلاج المناسب يتم بعد معرفة مصدر التسمم وكذلك بحسب شدة الأعراض؛ معظم المرضى تزول الأعراض لديهم بعد مرور أيام قليلة حيث يُنصح هؤلاء بالإكثار من شرب السوائل لما له من دور في التخفيف من حدّة التسمم. لكن في حالات أخرى، يمكن ان تطول فترة التسمم الغذائي ما يستدعي التدخل الطبي من خلال المحلولات الوريدية لتعويض السوائل والمعادن المفقودة مثل الصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم التي تحافظ على توازن السوائل في الجسم والتي فُقدت بسبب الإسهال المستمر. 

بعض الفئات مثل الأطفال وكبار السن، او حتى البالغين الذين يعانون من أعراض متقدمة، قد يحتاجون للدخول الى المستشفى لتلقي الأملاح والسوائل عن طريق الوريد والوقاية من الجفاف. في حال كان نوع التسمم بكتيري يلجأ الطبيب الى المضادات الحيوية، لكنها لا تساعد في حال كان التسمم ناجما عن الفيروسات. العلاج المناسب يعتمد على التشخيص الدقيق.

خطوات للوقاية من التسمم الغذائي

هو أمر ممكن إذا ما اتبعنا شروط النظافة لمنع وصول الميكروبات للغذاء ومنع نموها وذلك باتباع الخطوات التالية:

  • شراء الأطعمة فقط من مصادر موثوق بها وخصوصا اللحوم والدجاج النيء ومشتقات الألبان.
  • غسل اليدين جيدا بالماء والصابون قبل تحضير الطعام وبعده وكذلك الأمر قبل تناوله وبعده.
  • الاهتمام بنظافة أدوات المطبخ وغسلها جيدا بعد استخدامها في تجهيز الأغذية النيئة مثل اللحوم والدواجن.
  • عدم ترك الأغذية المطهية أكثر من ساعتين في درجة حرارة الغرفة لمنع نمو الميكروبات وتكاثرها.
  • لتخزين الأغذية المطهية، يجب تبريد الغذاء في درجة حرارة أقل من 5 درجات مئوية وذلك بحفظه في الثلاجة.
  • حفظ الأغذية المطبوخة في الرف العلوي والخضار في الرف الأوسط والأغذية النيئة في الرف السفلي.
  • فك تجميد الطعام بطريقة آمنة وذلك عن طريق فك تجميده في الثلاجة، حيث إن ترك الطعام ليذوب في درجة حرارة الغرفة يعطي البكتيريا فرصة للنمو.

بعد التسمم الغذائي

ينبغي أولا تجنب الطعام والشراب لبضع ساعات لإعطاء فترة من الراحة للمعدة خصوصا بعد القيء والإسهال، وذلك على الأقل لفترة أسبوعين لاستعادة توازن البكتيريا النافعة في المعدة وتجدّدها، وكذلك لتطهير الجسم من التسمم الذي حصل وعودة الجهاز الهضمي الى مساره الصحيح.

يجب الإكثار من السوائل وبشكل خاص المياه المعدنية موثوقة المصدر للحفاظ على ترطيب الجسم وتعويض ما خسره من سوائل. خلال فترة الأسبوعين بعد الشفاء من التسمم الغذائي، يجب تناول الأطعمة الخفيفة مثل الدجاج المشوي بدون جلد والأرز وبياض البيض والشوفان وزبدة الفول السوداني والبطاطس المسلوقة. يُنصح كذلك بتأخير تفريش الأسنان لساعة على الأقل بعد تناول الطعام لأن تنظيف الأسنان بعد القيء يزيد من تآكل المينا. يجب الإستحمام بشكل دوري لما له من دور في تطهير الجسم من البكتيريا الضارة.

أطعمة تجنبوها بعد التسمم الغذائي:

  • الأطعمة المقلية الغنية بالدهون مثل الدجاج المقلي والبطاطس المقلية.
  • التوابل والأطعمة الحارة لأنها تؤدي الى اضطراب في المعدة.
  • الأطعمة التي تسبب الغازات مثل الفاصوليا واللوبيا والكرنب والقرنبيط والبصل والثوم.
  • تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين مثل الصودا ومشروبات الطاقة والقهوة، لأنها يمكن أن تهيج المعدة وبعضها قد يسبب فقد الجسم المزيد من السوائل ويجعله أكثر جفافا.
  • مشتقات الألبان لأنها تزيد من تهيج المعدة بعد التسمم الغذائي. 
  • تجنب التدخين بجميع أنواعه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى