أمراض وعلاجات

أمراض القلب… عوامل الخطر مشتركة بين الجنسين فماذا عن النساء؟

أمراض القلب

عوامل الخطر مشتركة بين الجنسين فماذا عن النساء؟

أظهرت العديد من الدراسات والأبحاث وجود إختلافات في نظام القلب والأوعية الدموية بين الجنسين ما ينعكس على كيفية إصابة النساء والرجال بأمراض القلب؛ للأسف لا يعي العديد من النساء مخاطر أمراض القلب وتأثيرها على صحّتهن، لذلك، هنّ أقلّ إدراكاً من الرجال بعوامل الخطر وما ينجم عنها من أعراض. في المقابل، إن ما نشهده من حملات توعية ومؤتمرات وندوات تثقيفية ساهم في رفع مستوى الوعي.

لدى النساء أوعية دموية وحجرات قلب أصغر وعدد أقل من خلايا الدم الحمراء، كما أن التغيرات الهرمونية التي تتعرض لها النساء خلال فترة الحمل والرضاعة وفترة ما قبل انقطاع الطمث تؤثر على مدى تعرضها للإصابة بأمراض القلب فيما بعد.

قبل انقطاع الدورة الشهرية، تكون النساء أقل عرضة للإصابة بنوبة قلبية بـ4 مرات من الرجال. للأسف، فإن تغير نمط حياتهن قبل الوصول الى هذا السن واتباعهن لسلوكيات غير صحية مثل التدخين والطعام غير الصحي والتوتر كلها عوامل جعلت المرأة أكثر عرضة للإصابة. 

إن الخطر المحدق بالنساء يزداد بمجرد إنقطاع الدورة الشهرية وغياب هرمون الإستروجين ولكنه ليس هو السبب الوحيد، بحيث يمكن للمرأة أن تعيش بمنأى عن الأزمات والنوبات القلبية فيما لو كانت تتبع نمط حياة صحي من حيث الغذاء والنشاط البدني. هذه الخطوات كفيلة في الحد من خطر التعرض لأمراض القلب. إضافة الى ذلك، هناك بعض المخاطر الأساسية الخاصة بالمرأة والتي تجعلها أكثر عرضة من الرجل. فيزداد الخطر عند تعرض المرأة لضغط نفسي كبير لتصاب بحالة تسمى “متلازمة القلب المكسور” والتي تُترجم بفشل في عضلة القلب؛ ومع إنقطاع الدورة الشهرية ودخول المرأة في مرحلة سن اليأس فإن الخطر المحدق بها جرّاء تعرضها لنوبة من العصبية الزائدة أو الضغط النفسي يضاعف هذا الخطر.

كما تعاني النساء المصابات بداء السكري وإرتفاع ضغط الدم من خطر الإصابة بأمراض القلب بشكل أكبر من الرجال المصابين بداء السكري. مضاعفات الحمل مثل ضغط الدم المرتفع أو داء السكري خلال فترة الحمل يجعلان المرأة في دائرة خطر الإصابة على المدى الطويل بإرتفاع ضغط الدم وداء السكري وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب لدى الأمهات. ولا يُخفى ما للتدخين من أثر كبير على صحة القلب لدى الجنسين، وبما أن الأوعية الدموية لدى المرأة أصغر حجما من تلك الموجودة لدى الرجل، فإن مضاعفات التدخين على قلب المرأة تكون أكبر وإمكانية إنسدادها تتم بشكل أسرع.

على النساء مراقبة وضعهن الصحي، خصوصاً إذا توفر عامل خطر واحد على الأقل، لأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل التدخين والإجهاد النفسي والتوتر والاكتئاب والكوليسترول وارتفاع ضغط الدم وداء السكري والسمنة، وغيرها من العوامل. فالنساء يشعرن بأعراض غير نمطية لمرض القلب وهي: الشعور بالإرهاق بدون سبب وضيق التنفس عند المجهود والغثيان.

انسداد الشرايين التاجية هو أكثر أمراض القلب شيوعا بين النساء، فهي المسؤولة عن معظم النوبات القلبية التي تصيبهن؛ وكلما تقدمت المرأة في السن كلما ارتفعت نسبة إصابتها بالأمراض القلبية. السبب الأكثر شيوعاً لأمراض القلب هو تضيُّق أو انسداد الشرايين التاجية، أي الأوعية الدموية التي تزود القلب نفسه بالدم. تُدعى هذه الحالة باسم “داء الشرايين التاجية”. وهي تحدث على نحو بطيء مع مرور الزمن. إنَّ داء الشرايين التاجية مسؤول عن معظم النوبات القلبية. 

والوقاية من هذا الداء أمر مهم. ولا يُشفى شفاء كاملاً نحو ثلثي النساء اللواتي تصيبهن نوبات قلبية. كلما ازداد سن المرأة، ازداد احتمالُ إصابتها بالأمراض القلبية. لكن على النساء من جميع الأعمار القلق فيما يخص الأمراض القلبية. 

كما أن السمنة المفرطة والوزن الزائد يزيدان من خطر إرتفاع نسبة الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية في الدم وهي كلها من العوامل والأسباب الرئيسية لأمراض القلب. فالبدانة هي السبب الذي يقف وراء الإصابة بأمراض القلب والضغط والسكري وغيرها الكثير إلى حد وصفته منظمة الصحة العالمية بالوباء. وفي ربط بينها وبين أمراض القلب لدى النساء، فإن تراكم الدهون في البطن تعتبر أكثر نشاطا من غيرها، حيث تفرز موادا تسهم في تكلس الشرايين، بينما لا تؤثر الدهون المتراكمة في الأرداف على القلب والشرايين. 

عوامل تؤثر على النساء

هناك بعض عوامل الخطر المشتركة بين الجنسين لكن تأثيرها على النساء مختلف مثل المرأة المصابة بداء السكري أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب من الرجل المصاب بالسكري. والشيء نفسه ينطبق على التدخين وأمراض المناعة الذاتية أو الالتهابات. أضف الى ذلك، وجود عوامل خطر أخرى تنفرد بها النساء مثل تلك المتعلقة بالحيض أو انقطاع الطمث أو ارتفاع ضغط الدم والسكري أثناء الحمل. كثيرة هي العوامل التي تخص المرأة فقط وتجعلها أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب؛ ومن هذه العوامل:

الحمل

الحمل يزيد من العبء على جهاز المرأة الدوري، ما يسبب الإجهاد للقلب أثناء فترة الحمل. أضف الى ذلك، يزداد الخطر إذا أصيبت المرأة الحامل بسكري الحمل أو ارتفاع ضغط الدم أو تسمم الحمل. كلها إشارات خطيرة تدل على إمكانية إصابتها بأمراض القلب حيث يزداد خطر حدوث المشاكل طيلة فترة الحمل مع ازدياد واجبات القلب، فقد تصبح النساء الحوامل المصابات باضطراب في القلب متعبات بشكل غير طبيعي وقد يحتجنَ إلى الحدّ من أنشطتهن.

حالات مرضية خاصة بالنساء

هناك بعض الحالات المرضية مثل بطانة الرحم المهاجرة، ومتلازمة تكيس المبايض وسكري الحمل أو المضاعفات ذات الصلة مثل تسمّم الحمل، تسهم في زيادة خطر الإصابة بمرض القلب التاجي.

الاكتئاب والوحدة

السيدات هن أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب من الرجال، لذا تزداد عندهن نسبة هرمون الكورتيزول cortisol، المعروف بهرمون التوتر، وهو مرتبط بأمراض القلب. فالاكتئاب يزيد من فرص الإصابة بأمراض القلب والضغط العالي والكوليستيرول.

كما أن الوحدة والعزلة تزيد من خطر تعرض المرأة لأمراض القلب بنسبة عالية، لذلك ينبغي ان تشغل وقتها وتنشئ علاقات اجتماعية كارتياد النوادي الرياضية التي تفيدها على المستوى الصحي وعلى مستوى العلاقات.

الانكسارات القلبية

تتأثر المرأة عاطفياً بدرجة كبيرة بكل المواقف التي تحيط بها، ما يجعلها معرضة للإنكسارات القلبية والإحباط بشكل مستمر، هذه المواقف تجعلها أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب الخطيرة.

البلوغ قبل عمر الـ12

كلما وصلت المرأة إلى سن البلوغ مبكراً، زادت فرصها للتعرض لأمراض القلب؛ ربما يرجع ذلك لزيادة معدلات الأستروجين oestrogen والتي تزيد من فرص تكون جلطات الدم والأزمات القلبية عند الكبر.

الإصابة بدور انفلونزا حاد

يشير الخبراء الى زيادة خطر التعرض لأمراض القلب في حال الإصابة بدور حاد من الانفلونزا التي تسببها بكتيريا وفيروسات خطيرة والتي يمكن أن تنتقل للقلب مسببة أمراضا خطيرة.

تناول حبوب التنحيف

معظم أنواع حبوب التنحيف لا تعطي النتائج المرغوب بها، لكنها تتسبب في مشاكل بالقلب. فهي قد ترفع ضغط الدم وتزيد من ضربات القلب ما يؤدي الى إجهاد القلب. لذا يحذر الأطباء من تناول حبوب التنحيف لمدة طويلة.

الالتهابات المتكررة

التهاب المفاصل الروماتويدي عادة ما يصيب السيدات بنسبة أكبر من الرجال، وهو يزيد من فرص إصابتهن بأمراض القلب. فهو يسبب الالتهابات بالجسم ويؤثر على الأوعية الدموية. لذا ينصح الأطباء وخبراء التغذية بالإكثار من تناول الأطعمة المضادة للالتهابات للوقاية من أمراض القلب.

من هي المرأة الأكثر عرضة؟

بعد انقطاع الدورة الشهرية تصبح جميع النساء معرّضات لأمراض القلب؛ ولكن تزيد هذه النسبة او تقل بحسب وضع المرأة الصحي بشكل عام.  من عوامل الخطورة التي تزيد من نسبة تعرض المرأة لأمراض القلب:

  • ارتفاع معدل الكوليسترول او التريغليسريد من الأمراض التي تجعل المرأة في دائرة الخطر، لأنها تعمل على تضيق شرايين القلب شيئا فشيئا وتأثيرها يكون أكثر فتكا بالنساء نظراً لطبيعة شرايينها القلبية صغيرة الحجم ما يعني انها معرضة للتضيق بشكل أسرع من شرايين الرجال.
  • التدخين يعتبر من العوامل التي تزيد من خطر النوبة القلبية بنسبة قد تصل الى ستة أضعاف مقارنة مع غير المدخنات، حيث ان التدخين يشجّع على توزّع الدهن في الجسم بشكل أكثر خطورة في حال تشارك مع عوامل الخطورة الأخرى مثل ارتفاع الكولسترول والكآبة وغيرها.
  • الإصابة بداء السكري هو من عوامل الخطر ايضا، فعندما يبقى الغلوكوز مرتفعا في الدم او على الأقل غير مضبوطا لفترات طويلة فان ذلك يضع المرأة أمام خطر التعرض لأمراض القلب والأوعية. كما تكون معدّلات المرض القلبي الوعائي في المصابات بداء السكري أكثر من غير المصابات به بنحو 25 مرّات.
  • ضغط الدم المرتفع يقف عاملا مساعدا يسرّع من ظهور أحد أمراض القلب لدى النساء بحيث يجب أن لا يزيد الضغط الطبيعي عن 90/140، ويجب عدم التهاون في علاجه لأنه يسبب تصلب الشرايين.
  • البدانة هي السبب الذي يقف وراء الإصابة بأمراض القلب والضغط والسكري وغيرها الكثير الى حد وصفته منظمة الصحة العالمية بالوباء. وفي ربط بينها وبين أمراض القلب لدى النساء، فان تراكم الدهون في البطن تعتبر أكثر نشاطاً من غيرها، حيث تفرز موادا تسهم في تكلس الشرايين، بينما لا تؤثر الدهون المتراكمة في الأرداف على القلب والشرايين. 
  • العامل النفسي والكآبة: قلب المرأة لا يتحمل الهزات العاطفية والأزمات النفسية وهي ظاهرة أطلق عليها الأطباء اسم Broken Heart؛ وجاءت الدراسات لتؤكد ان للكآبة تأثير سلبي على عضلة القلب، وهو منتشر بين النساء، وله تأثيرات وتغييرات فيزيولوجية على جسم الإنسان، ومنها عضلة القلب.
  • قلة النشاط البدني لأنها تولّد غالبية الأمراض المذكورة أعلاه وبالتالي تزيد خطورة التعرض لأمراض القلب؛ نصف ساعة يوميا من الرياضة كفيلة بإبعاد شبح الأمراض.
  • حجم المرأة: من المعروف ان شكل جسم المرأة بيولوجيا أصغر من الرجل، والأمر ينطبق على القلب ايضا فهو أصغر حجما لدى المرأة. فالنساء تكون قلوبهن وشرايينهن الإكليلية أصغر؛ ويعتقد بعض الخبراء أنّ الشرايين الإكليلية (التاجية) الصغيرة قد تسدّ بالتصلّب العصيدي بشكل أسهل من الشرايين الكبيرة.

أعراض أمراض القلب عند النساء

يغلب ظهور الأعراض على النساء خلال الراحة أو النوم مقارنة بالرجال، وقد يكون للإجهاد النفسي دور في تحفيز أعراض النوبة القلبية لدى النساء. وفي كثير من الأحيان قد تُكتشف إصابة المرأة عن طريق الصدفة إذ ليس شائعاً أن تُشخّص الحالة فور بدء المرض؛ وتُعد أكثر تلك الأمراض شيوعاً هي أمراض الشرايين التاجية، وهي السبب وراء الإصابة بالنوبة القلبية فيما بعد، ما يؤدي الى ظهور الأعراض التالية:

  • الغثيان.
  • التعرق.
  • قصور في التنفس.
  • ألم وضيق بالصدر.
  • الشعور بالإرهاق والتعب.
  • ألم بالجزء العلوي من الظهر والبطن.
  • انتقال الألم إلى مناطق مختلفة من الجسم، كالرقبة والفكين والذراع.

يمكن لهذه الأعراض أن تزول في أوقات الراحة فتشعر المرأة أنها بخير وأن ما مرّت به هو نتيجة الإرهاق أو نتيجة التغير الهرموني الذي يحدث مع انقطاع الدورة الشهرية وغياب هرمون الاستروجين. لكن في هذه الأثناء خطر النوبة القلبية يتفاقم من دون ان تشعر. ومع تقدم المرض، قد تظهر أعراض مختلفة لدى النساء، وذلك تبعاً لنوع المرض وطبيعته؛ فقد تعاني المرأة من:

  • التعرق.
  • الكحة.
  • ازدياد الوزن.
  • خفقان القلب.
  • عسر الهضم.
  • حرقة المعدة.
  • صفير الصدر.
  • التوتر والقلق.
  • الشعور بالصداع.
  • اضطرابات بالنوم.
  • الإغماء وفقدان الوعي.
  • تورمات بالقدمين والكاحل.

آليات العلاج

تشتمل المعالجة بالدرجة الأولى على تغييرات في نمط الحياة، استخدام الأدوية، إجراءات طبية، أو عملية جراحية. بعد إدخال تغييرات على نمط الحياة من حيث الغذاء والرياضة والتدخين، ينبغي معالجة بعض الحالات الصحية مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول من خلال تناول أدوية لضبط معدلاتها. في حالات أخرى، يوصي الطبيبُ بإجراءات محدَّدة مثل توسيع الشرايين التاجية من خلال إدخال قثطرة في أحد الأوعية الدموية في الذراع أو في المنطقة الأربية. ثم يجري إدخال بالون صغير إلى الشريان المسدود، حيث يتم نفخه من أجل فتح الشريان وتركيب دعامة لإبقائه مفتوحاً. كما ان استخدام بعض أنواع الأدوية القلبية، كالأدوية التي تذيب الجلطات مثلاً، يكون أكثر فعالية لدى النساء منه لدى الرجال. 

يمكن أن يكونَ لتناول الأسبرين يومياً عدد من الفوائد بالنسبة للمرأة. إن الأسبرين يقي من النوبات القلبية ومن السكتات، وهو يقلل خطر الداء القلبي. وعلى المريضة استشارة الطبيب في ما يخص مخاطر الأسبرين وفوائده.

نصائح وإرشادات لتقليل  خطر الإصابة 

  • العيش بأسلوب حياة صحي يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب. 
  • الإمتناع عن التدخين بمختلف انواعه وتجنب التدخين السلبي أولى الخطوات.
  • اتباع نظام غذائي صحي واختيار الحبوب الكاملة والفواكه والخضروات ومشتقات الحليب قليلة الدسم وتجنب الدهون المشبعة أو المتحولة، والسكريات المضافة، والكميات الكبيرة من الملح.
  • ممارسة تمارين رياضية منتظمة.
  • الحفاظ على وزن صحي. 
  • السيطرة على المشاعر والتحكم في التوتر قدر الإمكان. ومن بين طرق التغلب على الضغوطات النفسية ممارسة التمارين الرياضية بمعدل أكبر، وأداء تمارين اليقظة الذهنية، والتواصل مع الآخرين وإنشاء علاقات اجتماعية للتغلب على الوحدة.
  • الإلتزام بخطة العلاج في حال وجود أمراض مثل ضغط الدم ومضادات التخثر والأسبرين.
  • التحكم في المشكلات الصحية الأخرى مثل ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم ومرض السكري التي تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب.

كل امرأة قادرة على اتخاذ خطوات لوقاية نفسها من خلال الالتزام بعادات صحية جيدة في حياتها. سواءٌ أكان الداء القلبي خفيفاً أم شديداً، فإن إحداث تغييرات في نمط الحياة هو جزء أساسي من خطة العلاج التي يضعها الطبيب. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى