الدكتور وائل جارودي
الأخصائي في أمراض القلب في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز إنترناشيونال
الدكتور وائل جارودي
“إمرأة من أصل تسع نساء معرضة لحدوث مشاكل في القلب ما بين عمر الـ45 والـ64”

تحتل أمراض القلب لدى النساء مراتب متقدمة من حيث الخطورة تماما كسرطان الثدي والرئة لاسيما عندما تصل المرأة إلى سن اليأس حيث تتساوى مع الرجل من حيث خطر الإصابة نظرا لغياب هرمون الاستروجين. مجلة “المستشفى العربي” التقت الدكتور وائل جارودي، الأخصائي في أمراض القلب في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز إنترناشيونال، للإضاءة على امراض القلب لدى النساء وكيفية الوقاية. في ما يلي نص الحوار.
نود بداية الحديث عن الإختلافات في البنية بين قلب المرأة وقلب الرجل؟ ما هي تلك الإختلافات من حيث حجم الشرايين وغيرها؟
هناك بعض الإختلافات البنيوية بين قلب المرأة وقلب الرجل؛ عضلة القلب عند المرأة تعتبر أصغر نسبيا من عضلة قلب الرجل وسماكتها أقل، كما أن الشرايين لدى المرأة تعتبر رفيعة مقارنة مع شرايين الرجل. عندما يتم تشخيص الحالة المرضية لدى المرأة على أنها مشكلة في العضلة فهي تكون عشر سنوات أكبر من الرجل بشكل عام.
ما هي أبرز أمراض القلب التي تصيب المرأة؟ هل من إختلاف بينها وبين تلك التي تصيب الرجل؟
إن أمراض القلب التي تصيب المرأة هي ذاتها التي تصيب الرجل، فهي تعاني من تصلب وتضيق في الشرايين وآلام في الصدر؛ في الحالات المتقدمة، يمكن أن تصاب المرأة بذبحة صدرية أو نوبة قلبية، وقد تعاني من ضعف في عضلة القلب ما يؤدي إلى قصور في عضلة القلب وأحيانا قد يصل الأمر إلى وفاة فجائية نتيجة أزمة قلبية حادة.
الأمراض هي ذاتها، ولكن الإختلاف يكمن في أن مشاكل القلب لدى المرأة تتأخر في الظهور لحوالى عشر سنوات عن الرجل أي إلى ما بعد عمر الخمسين في كثير من الحالات؛ وفي بعض الأحيان يختلط الأمر على الطبيب من حيث العوارض التي غالبا ما تتشابه مع عوارض إنقطاع الدورة الشهرية والتغيرات الهرمونية التي ترافق هذه المرحلة.
ما هي أهمية هرمون الإستروجين للوقاية من أمراض القلب؟ كيف يسهم بذلك؟
هرمون الإستروجين أو كما يعرف بـ”هرمون الأنوثة” يوفر الحماية اللازمة للمرأة من أمراض القلب ويؤخر ظهورها إلى ما بعد إنقطاع الدورة الشهرية، وهو ما يبرر إرتفاع نسبة الإصابة في أمراض القلب بعد هذا العمر لتتساوى مع الرجل من حيث المخاطر.
في الواقع، تصل نسبة الوفيات جراء الإصابة باأمراض القلب والشرايين لدى النساء إلى ما بين 20 و25 بالمائة ما يجعل أمراض القلب تتصدر أسباب الوفيات بين النساء.
الإحصاءات تشير إلى انه ما بين عمر الـ45 والـ64، إمرأة من أصل تسع نساء معرضة لحدوث مشاكل في القلب، وما فوق عمر الـ65، إمرأة من أصل ثلاث ما يعني أن ثلث النساء لديهن عوارض ومشاكل في شرايين القلب.
بعد سن اليأس وغياب هذا الهرمون، ما هي نسبة الخطر لاسيما إن ترافقت مع نمط حياة غير صحي؟
المرأة معرضة لمشاكل القلب مثلها مثل الرجل وقد تتأخر العوارض قليلا لعشر سنوات مقارنة مع الرجل، ولكن بعد سن اليأس وغياب هرمون الإستروجين فإن نسبة الخطر والإستعداد للإصابة يصبح كبيرا لاسيما مع اتباع نمط حياة غير صحي.
لذلك، يجب أن تبدأ الوقاية قبل وصول المرأة إلى سن اليأس لكي تؤسس لمرحلة جديدة من حياة مليئة بالصحة؛ كما يجب أن تحرص المرأة خلال مراحل حياتها المختلفة على اتباع نمط حياة صحي وممارسة التمارين الرياضة خصوصا إذا كانت تعاني من أمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم أو السكري أو ارتفاع الكوليسرول لاسيما مع وجود العامل الوراثي. والأخطر من ذلك ما نشهده اليوم من إرتفاع نسبة التدخين وتدخين النرجيلة بين النساء وهو ما يزيد من خطر أمراض القلب في المستقبل.
ما هي العلامات والأعراض التي تنذر بقرب حدوث نوبة قلبية لدى المرأة؟ كيف تختلف هذه العلامات ما بين الرجل والمرأة؟ والأهم من ذلك، كيف تختلف عن عوارض سن اليأس؟
تتشابه الأعراض والعلامات بين الجنسين، فالمرأة تعاني من آلام في الصدر وضيق في التنفس وقد يصل الأمر إلى “اللهتة” لاسيما خلال النوم إلى حد يمكن أن تستيقظ في منتصف الليل وهو دليل على وجود قصور في عضلة القلب؛ كما تعاني من ضيق في الصدر عند قيامها بأي مجهود مع ضغط على الصدر يشبهّه بعض المرضى وكأنه “بلاطة على الصدر”.
للأسف في بعض الأحيان قد تكون العوارض شديدة وقد تحدث فجأة فتؤدي إلى الوفاة الفجائية سواء بين النساء أو الرجال.
بالنسبة للفرق بين العوارض بين الجنسين، قد لا نجد الكثير من الفوارق؛ لكن الفارق الوحيد يكمن في أن المرأة تعاني من العوارض في فترة الراحة أو خلال النوم أو خلال تعرضها لضغط نفسي كبير وحزن شديد، بينما الرجل تظهر العوارض خلال قيامه بنشاط بدني ما.
الفارق الثاني هو أن المرأة عندما تذهب إلى الطوارئ يستبعد الطبيب إحتمال تعرضها لأزمة قلبية ويعزو سبب ما تشعر به إلى التغيرات الهرمونية التي ترافق هذه المرحلة من حياتها فلا يهتم للأمر بينما تكون الحالة هي بداية لأزمة قلبية، وهو أمر خاطئ تماما لأن المرأة في هذا العمر معرضة مثلها مثل الرجل لأمراض القلب. والأخطر من ذلك وجود بعض النساء اللواتي يعانين من مشاكل في القلب ربما قبل سن اليأس لأسباب وراثية وعوامل تتعلق بنمط الحياة غير الصحي. على الطبيب أن يجري الفحوصات المتعلقة بالقلب من تخطيط وتصوير وغيرها لكي يستثني وجود أمراض أو مشاكل في القلب، على أن يتوجه بعلاجه بعد ذلك إلى المشاكل الهرمونية والتغيرات التي تحدث بسبب دخول المرأة في سن اليأس. أهم ما في الأمر هو عدم إهمال العوارض.
متلازمة القلب المكسور والحزن الشديد من الأمور التي تؤثر على قلب المرأة بشكل كبير. كيف يتأثر قلب المرأة؟
تسمى هذه الحالة “Takatsubo Syndrome” تعاني منها المرأة أكثر من الرجل خصوصا بعد سن اليأس وهو ما يحدث عندما تتعرض لحزن شديد أو تسمع خبر وفاة أحد الأقرباء أو عند تعرضها لضغط نفسي كبير. السبب المباشر غير معروف تماما، ولكن ما نعرفه هو أنه عند التعرض لهذا الحزن الشديد فإن الجسم يفرز هرمونات معينة تؤثر على عضلة القلب تؤدي إلى ضعفها بشكل مفاجئ وتتضيق الشرايين الرفيعة فلا يمر الدم بالشكل اللازم إلى باقي أجزاء القلب. تشعر المرأة عندها بعوارض أزمة قلبية والتخطيط يدل على أن هناك تضيق في الشريان وصورة عضلة القلب تظهر ضعف في العضلة لكن القسطرة تظهر أن الشرايين غير متضيقة.
“المرأة معرضة لمشاكل القلب مثلها مثل الرجل وقد تتأخر العوارض قليلا لعشر سنوات مقارنة مع الرجل، ولكن بعد سن اليأس وغياب هرمون الإستروجين فإن نسبة الخطر والإستعداد للإصابة يصبح كبيرا لاسيما مع اتباع نمط حياة غير صحي.”
في معظم الأحيان تعود وتتحسن حالة عضلة القلب والشرايين تعود إلى طبيعتها وتتحسن تلقائيا مع حصولها على الدعم النفسي والمعنوي. لكن في حالات نادرة قد ينتج عنها مضاعفات تصل إلى أزمة قلبية حادة تحتاج للدخول إلى العناية المركزة لبضعة أيام إلى أن تتحسن الحالة وبعض الحالات قد يصل الأمر إلى الوفاة.
ما هي أهم النصائح التي تقدمها للمرأة بعد سن اليأس للوقاية من أمراض القلب؟
أولى النصائح التي نقدمها للمرأة هي عدم إنتظار الوصول إلى مرحلة سن اليأس لكي تفكر بخطر التعرض لأمراض ومشاكل القلب خصوصا في حال وجود عامل وراثي في العائلة ما يحتم عليها البدء بإجراء الفحوصات الدورية في عمر مبكر، حيث أن بداية تصلب الشرايين وتضيقها يبدأ في عمر صغير.ولا يختلف إثنان حول أهمية اتباع نمط حياة صحي من غذاء ورياضة والإمتناع عن التدخين لما لذلك من أهمية في الوقاية من أمراض القلب.
كما أن وجود أمراض مزمنة كالسكري أو الضغط أو الكوليسترول يحتّم على المرأة ضرورة المتابعة الدورية مع الطبيب المعالج وإتباع نمط حياة صحي يحميها من مضاعفات ومخاطر أمراض القلب في مرحلة ما من مراحل حياتها.