مقالات طبية

عالمنا العربي والتحديات الصحية

عالمنا العربي والتحديات الصحية

الدول العربية لا تختلف كثيرا فيما بينها في طبيعة الأمراض وانواعها واسبابها ولا تختلف المجتمعات العربية كثيرا في عاداتها وتقاليدها وسلوكيات مجتمعاتها ، والدول العربية تقع في مجملها في منطقة جغرافية متوازنة بيئيًا ، والعرب والدول العربية مهد لمعظم الحضارات وملتقى لجميع الحضارات لها تاريخ طويل في العلوم الطبية ومنها من قامت عليها أساسيات الطب والممارسة الطبية الى يومنا هذا ولكن للأسف  الدول العربية في معظمها لازالت تحقق مؤشرات صحية غير مرضية بالرغم من إمكانياتها العظيمة ماليا وبشريا ومقوماتها لما تمتكله من قلاع في صناعة الادوية وما لديها من مراكز وهيئات بحثية وجامعات منها مايزيد عن قرن ونيف في تاريخها ..

والعقول والخبرات العربية تنتشر في ألعالم كله ومنها من يشكل الأساس العلمي والعملي في معظم المراكز البحثية والجامعات  العريقة والمتقدمة عالميا وكذلك لما تشهده بعض الدول العربية من تطور في نظمها الصحية والتي تضاهي بعض الانظمة التي يتوفر لديها  بنى تحتية متطورة في الدول الصناعية المتقدمة حيث نجد في معظم الدول العربية التكنولوجيا والمعرفة والخبرة التي لا تختلف عن ماهو في دول العالم المتقدمة وهذا يعود على حرص الدول بالاهتمام بالصحة والتعليم وتطوير نظمها الصحية التي تتماشى مع التطورات الحياتية والتكنولوجية الا ان تجربة العالم مع جائحة وباء الكورونا المستجد وما عانته الدول والشعوب من ازمات صحية واقتصادية خلصت الى ان الكثير من النظم الصحية تحتاج الى اعادة النظر في هيكلتها وادائها وقدرتها علي الاستجابة وإمكانياتها اللوجستية والادارية والبشرية وقدرة الدول البحثية والصناعية بالاخص في الأدوية والمستلزمات الطبية والطعوم والصناعات البيوتكنولجية والقدرات في مكافحة الاوبئة ووضع البرامج والبروتوكولات الوقائية والتشخيصية والعلاجية وتطورها حسب تطور الوباء وقدرته على التحور والانتشار ومضاعفاته ونظرا للتفاوت الاقتصادي والمعرفي والتنموي بين الدول العربية فإن الحاجة للتكامل وتوحيد الجهود فيما بينهم سوف يصنع الفارق الذي يؤدي الى وضع النظم الصحية العربية في مصاف النظم القوية والقادرة على مجابهة الأزمات الصحية الناجمة عن أنتشار الاوبئة والأمراض السارية مما يستوجب السرعة في وضع السياسات التي توحد الجهود العربية في تطوير إمكانياتهم الصناعية في إنتاج الأدوية والمستلزمات الطبية واللقاحات المطلوبة وتوفير مايلزم للاكتفاء الذاتي منها لما تشكله من أساسيات ألأمن الصحي للشعوب العربية ، وهذا يتطلب التعاون في توحيد إجراءات التسجيل للأدوية واللقاحات وزيادة الاستثمارات في الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية واللقاحات وتوطينها وتأسيس هئية او مؤسسة عربية للغذاء والدواء تعنى بذلك ..

وكذلك ضرورة سرعة التعاون في إنشاء المنصات الموحدة لتبادل المعلومات الطبية والعلمية والتعاون المشترك في البحوت والدراسات العلمية على الفيروسات وتحورواتها والأوبئة بشكل عام ومسبباتها وأساليب وطرق التعامل معها والوقاية منها ومكافحتها ، والتعاون المشترك في وضع البرتوكولات الوقائية والتشخيصية والعلاجية ، وما يترتب عنها من مراجعة للتشريعات والقوانين والإجراءات اللازمة لحماية المجتمعات العربية من الأمراض والاوبئة ومضاعفاتها الصحية والاقتصادية ، ومما يستوجب كذلك التعاون المشترك في الرفع من قدرات النظم الصحية لجعلها قادرة على الاستجابة السريعة والناجعة لكل الأزمات الصحية ، وما تتطلبه الأنظمة الصحية من إعادة هيكلة وتنمية قدرات بشرية بإعادة التوجيه لوظائف هامة جدا في الطب الوقائي وطب المجتمع والصحة العامة والصحة البئية والرعاية الصحية الأولية والتقصي والترصد والتمنيع ، وعلوم الأوبئة والأمراض المعدية والمزمنة ، والتدريب المستمر .. 

والذي يتطلب سرعة إنشاء الهيئة العربية لمكافحة الاوبئة والأمراض 

ومن المهم إيجاد سبل وآليات موحدة للطوارئ والتدخلات السريعة ومنها إنشاء الصندوق العربي للطوارئ والإنقاذ للاستجابة السريعة والعاجلة في توفير الاحتياجات اللازمة من الأدوية والمستلزمات الطبية والكوادر الطبية المطلوبة لأي بلد او مدينة عربية 

وحيث أن معظم الدول العربية أعتمدت تطبيق معايير جودة الخدمات الطبية والصحية ومنها من لديها هيئات محلية متخصصة في الرقابة والإعتماد لضمان تطبيق المعايير المعتمدة ، والجامعة العربية أصدرت المعايير العربية لجودة الخدمات الصحية وتحتاج لتأسيس هئية عربية لإعتماد المرافق الصحية لضمان توحيد تطبيق معايير الجودة في المؤسسات الصحية العربية ..

إن العالم العربي في تكامله يستطيع أن يحقق قدرات عالية لنظام صحي قادر على سرعة الاستجابة في مجابهة الأزمات الصحية ، ويستطيع أن يساهم في توفير متطلبات النظام الصحي العالمي لتخفيف العبء الأكبر على الشعوب والإنسانية صحيا واقتصاديا ..

وإنما إذا استمرت الجهود العربية مشتتة سوف لن تحقق أفضل من هذه المؤشرات المؤسفة التى حققتها الأنظمة الصحية العربية منفردة والتي في بعضها قد يهدد بإنهيار النظم الصحية لبعض البلدان العربية وما قد يترتب عليها من إنهيارات إقتصادية وغيرها من أزمات أخرى ، 

ولهذا على الدول العربية أن تتكاتف وتوحد الجهود فيما بينها لضمان إيجاد واستمرار أمن وأمان صحي للشعوب والبلاد العربية .

إن التجربة المريرة التي مر بها العالم للعام الثالث على التوالي وما عانته الشعوب من أزمات قاسية صحية واقتصادية واجتماعية..

 يتطلب من العالم العربي أن يقوم بواجبه بسرعة توحيد وتظافر الجهود فيما بين الدول العربية التي تتمتع منفردة منها بقدرات مالية هائلة ومنها بقدرات بشرية عظيمة ، ومنها بتاريخ معرفي وحضاري وتجارب في مكافحة العديد من الأوبئة والأمراض 

والاستفادة من قدرات وخبرات الكوادر العربية  التي يعج بها العالم وتوجيه الاستثمار في القوى العاملة الصحية والمراكز البحثية والتعليم والتدريب الصحي والطبي وتنمية قدرات النظم الصحية العربيه بالسياسات والإمكانات التكنولوجية والعلمية الحديثة والقوى البشرية المدربة والقادرة 

الصحة هي الأساس التنموي لكل الشعوب 

والشعوب القادرة على التحدي هي التي تداوي أمراضها وتصنع دوائها وتحافظ على صحتها

العرب مجتمعون قادرون 

وبالعلم والمعرفة والإرادة 

يستطيعون

 د.علي المبروك أبوقرين 

عضو المجلس التنفيذي لأتحاد المستشفيات العربية

عضو اللجنة الفنية الاستشارية لمجلس وزراء الصحة العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى