مقالات طبية

القطاع الصحي في السعودية

القطاع الصحي في السعودية

ميزانية ضخمة لبناء مستشفيات متطورة ومدن طبية

تحتضن المملكة العربية السعودية أكبر قطاع للرعاية الصحية بين دول الخليج، مستحوذة على نحو 48% من إجمالي إنفاق الحكومات الخليجية على الرعاية الصحية  بكلفة من المتوقع ان تصل الى 40 مليار دولار في العام 2020؛ كما تعتزم المملكة إنشاء مدن طبية حيث خصصت لها ميزانية تصل الى نحو 4.3 مليار دولار، وهو ما يدل على الميزانية الضخمة التي توفرها الحكومة من أجل النهوض بهذا القطاع الحيوي. أما ميزانية القطاع الصحي، فقد بلغت نحو 25 مليار دولار في العام الماضي.

لقد جاءترؤية المملكة 2030” لتركز على إشراك القطاع الخاص لاسيما في القطاع الصحي؛ وفي هذا الإطار، تؤكد وزارة الصحة السعودية أن جوهر مشروع التحول الصحي هو بناء نظام صحي يقوم على نموذج جديد للرعاية الصحية، تُقدم من خلاله الرعاية الصحية وفق مبادئ ومفاهيم مهمة لنجاحه، بحيث تكون الشراكة مع القطاع الخاص المحور الأهم ضمن محاور التحول الصحي، إضافة إلى أدوات أخرى مهمة مثل التحول المؤسسي والصحة الإلكترونية وبناء آليات جديدة لتمويل وشراء الخدمة وغيرها، وهي أدوات يريد مشروع التحول الصحي من خلالها تمكين نموذج جديد للرعاية الصحية في المملكة.  وتسعى المملكة إلى تحقيق الاستفادة المثلى من المستشفيات والمراكز الطبية من خلال سعيها المستمر الى تحسين جودة الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية على حد سواء، إضافة إلى تركيز القطاع العام على توفير الطب الوقائي للمواطنين، وتشجيعهم على الاستفادة من الرعاية الصحية الأولية كخطوة أولى في خطتهم العلاجية. الرعاية الصحية تعتبر واحدة من أهم المقومات المذكورة ضمن «رؤية السعودية 2030» التي من شأنها أن تضع المملكة في مقدمة دول العالم، إذ جاء في نص الرؤية أن «ما نطمح إليه ليس تعويض النقص في المداخيل فقط، أو المحافظة على المكتسبات والمنجزات، ولكن طموحنا أن نبنيَ وطناً أكثر ازدهاراً، يجد فيه كل مواطن ما يتمناه، فمستقبل وطننا الذي نبنيه معاً لن نقبل إلا أن نجعله في مقدمة دول العالم، بالتعليم والتأهيل، بالفرص التي تتاح للجميع، والخدمات المتطورة، في التوظيف والرعاية الصحيّة والسكن والترفيه وغيره». هذه الرؤية هي بمثابة فرصة غير مسبوقة لتطوير القطاع الصحي تحمل توجهاً حكيماً يتيح تقديم خدمات صحية مميزة، من خلال نماذج عمل متطورة تضمن الاستدامة وتحقيق أعلى مستويات الكفاءة. ويتم العمل على استقطاب القطاع الخاص وتشجع على إشراكه في القطاع الصحي بنسبة تصل الى 35 بالمائة، وذلك وفق رؤية المملكة 2030  عبر توفير فرصا غير مسبوقة لتطوير القطاع الصحي وتقديم خدمات صحية مميزة. رؤية السعودية 2030 تركّز على محاور عدة في سبيل تطوير الرعاية الصحية عن طريق تعزيز نمط الحياة الصحي والتركيز على مكافحة الأوبئة والأمراض المعدية إلى جانب الطب الوقائي. وزارة الصحة السعودية كانت قد أكدت دعمها لمنظومة الرعاية الصحية الأولية وتشجيع المواطنين للإستفادة منها، كما وسيتم تعزيز جودة الخدمات الصحية وسلامة المرضى والمرافق الصحية، إلى جانب زيادة تأهيل وقدرات الأطباء وتوفير التدريب الأفضل لمواجهة الأمراض المزمنة مثل السكري والقلب والسرطان.

ومن الأمور التي تركّز عليها وزارة الصحة:

  • زيادة حصة القطاع الخاص من الإنفاق.
  • زيادة كفاءة استخدام الموارد المتاحة.
  • استخدام تقنية المعلومات والتحول الرقمي لتحسين كفاءة قطاع الرعاية الصحية.
  • زيادة التدريب والتطوير على الصعيد المحلي والدولي.
  • زيادة جاذبية موظفي التمريض والدعم الطبي.
  • تطوير الرعاية الصحية الأولية.
  • تحسين البنية التحتية وإدارة المرافق ومعايير السلامة في مرافق الرعاية الصحية.

مبادرات أولية

وكانت وزارة الصحة السعودية قد أعلنت مؤخرا عن إطلاق 3 مبادرات أولية ضمن برنامج تحفيز منشآت القطاع الخاص للتحول لشركات مساهمة عامة، تماشيا مع برنامج تطوير القطاع المالي الذي يعد أحد البرامج التنفيذية الـ12 التي أطلقها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية لتحقيق مستهدفات رؤية 2030.

المبادرات الثلاث هي:

  1. الأولى تتضمن منح الشركات الوطنية المدرجة في السوق المالية السعودية الأفضلية للوصول للبرامج التدريبية التي تقدمها الوزارة مع منحها امتيازات خاصة، وذلك بتقديم البرامج برسوم تشجيعية.
  2. الثانية تتضمن منح الصحة الأفضلية للحصول على معلومات وبيانات إضافية للتقارير والبيانات الإحصائية الخاصة بالوزارة لجميع الشركات الوطنية المدرجة في السوق المالية السعودية.
  3. الثالثة يتم بموجبها منح امتيازات التحدث والإعلان لهذه الشركات الوطنية في الفعاليات التي تقيمها الوزارة.

الطب الإتصالي

من جانب آخر وفي نقلة نوعية ضمن رؤية المملكة 2030 وفي زمن قياسي لم يتجاوز الشهرين وتمكيناً للتقنية الحديثة وآخر ما توصلت له التكنولوجيا في الخدمات الصحية، فقد كانت وزارة الصحة قد أعلنت مؤخراً عن توسيع نطاق خدماتها في الطب الاتصالي ليغطي تطبيقصحةالذي يُقدم الاستشارات الطبية المرئية ويتيح لجميع المواطنين ومن أي مكان الحصول على استشارة طبية وجهاً لوجه مع أطبائهم جميع مناطق المملكة، حيث تهدف الصحة إلى زيادة أعداد المستفيدين من هذا التطبيق وتمكينهم بشكل أكبر للحصول على الاستشارات الطبية المرئية عبر الهواتف الذكية، سعياً منها إلى استثمار التقنيات الحديثة في تعزيز التواصل مع المستفيدين من خدماتها وإتاحة الفرصة لهم للحصول على الاستشارات الطبية من المختصين.

ويوفر التطبيق خدمة التواصل المرئي والسمعي والكتابي في الفترة منالساعة 8 صباحاً وحتى منتصف الليل طوال أيام الأسبوع ومن 4 عصراً إلى 12 مساءً خلال إجازة نهاية الأسبوع، بحيث يمكن الدخول على التطبيق والتواصل مباشرة مع الطبيب المختص وتُعرض عليه حالة المتصل التي بإمكانه مشاهدتها عبر هذا التطبيق ومن ثم يقوم بالرد على استفسارات المتصل وتقديم الاستشارة الطبية بخصوص الحالة والإجراء الطبي الواجب اتخاذه حيالها.

مشاريع تطويرية

تشهد مختلف المناطق والمحافظات في المملكة العربية السعودية تطورات ملحوظة على مستوى المرافق الصحية المتوفرة فيه، إنْ لجهة إدخال التعديلات والتطورات في المستشفيات والمراكز الطبية القائمة حاليا او لجهة افتتاح مشاريع وأقسام جديدة ومتطورة لخدمة اكبر قدر ممكن من المواطنين والمقيمين على ارض المملكة وفق أرقى المستويات.

فقد شهدت المنطقة الشرقية سلسلة من المشاريع الصحية الإنشائية والتطويرية التي تعمل على رفع مستوى الخدمات والتوسع فيها والذي يهدف لخدمة المستفيدين ورفع مستوى الجودة في الأداء. جميع المشاريع تهدف الى تطوير بيئة العمل وتحقيق قفزة نوعية في مستوى الخدمات الصحية لترتقي إلى تطلعات المسؤولين في وزارة الصحة والمواطنين.

المشاريع السبعة التي يجري العمل فيها تمثلت في مشروع تصميم وإنشاء وتجهيز وحدة العناية المركزة النموذجية الحديثة للأطفال حديثي الولادة بمستشفى الولادة والأطفال بالدّمام بتكلفة 70.270.860 ريالًا ومدة إنجاز المشروع 8 أشهر لكل مرحلة، ومشروع تطوير وتجهيز قسم العناية المركزة وعناية القلب بسعة  18 سريرا بمركز سعود البابطين لطب وجراحة القلب بالدّمام ومدة المشروع 6 أشهر بتكلفة إجمالية (26.118.541) ريالا، ومشروع تطوير أقسام التعقيم في المستشفيات الحكومية بالمنطقة الشرقية ومدة المشروع 6 أشهر، إضافة إلى مشروع تطوير مبنى الإسعاف القديم بمجمع الدّمام الطبي ومدة المشروع شهران بتكلفة (739.000) ريال، ومشروع أعمال تطوير بالموقع العام للمركز الإقليمي لمراقبة السموم بالدّمام ومدة العقد 3 شهور بتكلفة إجمالية بلغت (462.000) ريال، إضافة إلى مشروع تطوير الموقع العام في المديرية العامة للشؤون الصحية بالمنطقة الشرقية ومدة العقد شهران بتكلفة إجمالية (651.000) ريال، ومشروع تأهيل مبنى مديرية صحة الشرقية ومدة تنفيذ العقد 4 شهور بتكلفة إجمالية بلغت (5.485.770) ريالًا. تعكس هذه المشاريع العمل الدؤوب الذي تقوم به وزارة الصحة في اطار مواكبتها لرؤية المملكة 2030، والحرص على استثمار جميع المخصصات المالية المعتمدة للمشاريع، وتحقيق الاستفادة المثلى منها بما يحقق تطوير الخدمات وجودتها بما ينعكس إيجابيا على تلبية احتياجات المواطنين وخدمات المرضى.

من ضمن المشاريع التطويرية، قام وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة مؤخرا بتدشين بعض المشاريع الصحية بكلفة إجمالية بلغت 44 مليون ريال وهي 12 مشروعا صحيا في حفر الباطن، حيث شملت مستشفيات الولادة والأطفال والملك خالد، والمستشفى المركزي ومستشفى القيصومة، بالإضافة إلى تدشين المختبر الإقليمي وبنك الدم المركزي ووضع حجر الأساس لمشروع وحدة قسطرة وجراحة القلب.

نقطة تحول

وزارة الصحة كانت قد أوضحت أن هذه المشاريع تشكل نقطة تحول جديدة في الخدمات الصحية بحفر الباطن بعد تشغيل تخصصات نوعية جديدة لم تكن موجودة في مستشفيات المحافظة التي تبلغ طاقتها الاستيعابية 1000 سرير، وستسهم في التقليل من تحويل الحالات المرضية التي تحتاج لهذه التخصّصات إلى خارج المحافظة.

اشتملت المشاريع الصحية التي تم إطلاقها على مستشفى الولادة والأطفال، ووحدة كلى الأطفال التي تقوم بخدمة الأطفال المصابين بأمراض الكلى المزمنة ومتابعتهم الدورية ومتابعة أطفال الغسيل الكلوي البريتوني مع توفير الأدوية والمحاليل اللازمة؛ كما تضمنت المشروعاتتركيب وتشغيل جهاز الرنين المغناطيسيحيث تم تركيب جهاز أشعة الرنين المغناطيسي وتشغيله بهدف تحسين خدمات الأشعة المقدمة داخل المستشفيات، عن طريق استخدام التقنية الرقمية في المستشفيات لتوفير الخدمة الطبية المتميزة للمستفيدين وبجودة عالية؛ كما سيسهم في تقليل فترة انتظار المواعيد لدى المرضى.

مشروع تفعيل دور الأسرة في الرعاية الصحية بالعناية المركزة لحديثي الولادة (أداء) هو من ضمن المشاريع التي دشنها وزير الصحة ايضا والذي سيسهم في تفعيل دور الأبوين في الرعاية الصحية بالعناية المركزة لحديثي الولادة، ما يعني تخفيض مدة تنويم الطفل بالعناية المركزة؛ إضافة إلىوحدة التغذية الوريديةوهي تعد من الأعمال التطويرية الهادفة الى تحسين الخدمة المقدمة والتي تعمل على توفير التغذية الوريدية المتكاملة للمرضى الذين لا يمكنهم تحمل التغذية عن طريق الفم أو أنبوب التغذية لفترة زمنية طويلة، وكذلك المواليد ذوي الأوزان المنخفضة ومرضى السرطان.

اشتملت المشاريع أيضا على مستشفى الملك خالد العاموحدة جراحة وعلاج السمنةالتي تم دعمها بكادر طبي وفني متميز وبأحدث التقنيات والأجهزة الطبية المتطورة،الرنين المغناطيسي”.

كما تم تركيب جهاز أشعة الرنين المغناطيسي في مستشفى الملك خالد وذلك سعياً إلى تجويد الخدمة المقدمة وتقليص فترات انتظار المستفيدين، ليضاف إلى الجهاز الموجود في المستشفى مسبقاً؛  ومستشفى حفر الباطن المركزي (وحدة الطب النووي), الذي يعد من أهم الأقسام في مجال الصحة لتشخيص مختلف الحالات المرضية والدقيقة، وكشف وعلاج السرطانات مثل سرطان الغدة الدرقية، ويخدم شريحة واسعة بالمحافظة والقرى والهجر التابعة لها، بجانب المناطق القريبة للمحافظة, واستحداث قسم التنويم الخاص بأمراض الأورام وعيادة متابعة دورية.

من المشروعات التي تم تدشينها، مركز الكلى بمستشفى القيصومة بسعة 11 سريراً، وهو مركز متخصص يخدم أهالي المدينة ومجهّز بكامل التجهيزات الطبية اللازمة والقوى العاملة من كادر طبي وتمريضي ومؤهل بأحدث الأجهزة لعمليات غسيل الكلى على نفقة مزنة سليمان الطحيني، فيما جرى في العيادات الخارجية توسعة قسم العيادات الخارجية بتجهيز مدخل خاص بالعيادات الخارجية، ومكتب خاص لاستقبال المرضى وتسجيل المواعيد، بالإضافة إلى تجهيز عدد 3 استراحات خاصة بالمرضى. كما أنهت صحة حفر الباطن العمل على تطوير قسم الإسعاف والطوارئ بمستشفى القيصومة، بشكل يفعّل جودة الخدمات الطبية المقدمة إلى المرضى، مع توفير مواقف خاصة لأصحاب الهمم، وإنشاء 6 استراحات لمراجعي الطوارئ، ومنطقة استقبال مجهزة بأحدث الأجهزة الحديثة ذات المواصفات العالية.

تضمنت المشروعات أيضا المختبر الإقليمي وبنك الدم المركزي الهادف إلى توفير احتياج المرضى من أكياس الدم والصفائح الدموية والبلازما، وفق أعلى معايير الجودة المعتمدة دولياً ويتكون بنك الدم المركزي من طابقين يضم الأول قسمين قسم خاص بالرجال يحتوي على غرفة انتظار وغرفة خاصة بالمتبرعين بالصفائح الدموية مجهزة بأحدث الأجهزة، مزودة بعدد ثلاث كراسي وتعتبر من الخدمات الجديدة في المنطقة، كما يضم كذلك غرفة متبرعين للرجال مكونة من خمس كراسي وغرفة للرعاية بعد التبرع بالإضافة إلى عيادتي أطباء لفحص المتبرعين والتأكد من سلامتهم قبل التبرع.

كما تم استحداث وتجهيز قسم متكامل خاص بالنساء ، يضم غرفة انتظار للنساء، وغرفة للتبرع بالصفائح الدموية مجهزة بعدد ثلاث كراسي، وغرفة تبرع بالدم مستقلة بعدد 3 كراسي مزودة بغرفة رعاية بعد التبرع، وكذلك عيادة طبية مستقلة لفحص المتبرعات، بالإضافة لمكاتب إدارية متكاملة، وغرف اجتماعات، ومصعد لنقل عينات الدم. ويتكون الدور العلوي في بنك الدم من عدد 7 معامل مجهزة بأحدث الأجهزة لتأمين أكياس الدم، يتم من خلالها استقبال جميع عينات بنوك الدم في المنطقة وفحصها من جميع الأمراض المعدية بتقنية الـ(Pcr) كأمراض الإيدز والالتهاب الكبدي الوبائي C والتهاب B وفحص الزهري، والخلايا اللمفاوية، وفحص البكتيريا بالصفائح الدموية.

وقد وضع وزير الصحة حجر الأساس لمشروع وحدة قسطرة وجراحة القلب وهو الأول من نوعه في حفر الباطن، حيث تعدّ وحدة قسطرة وجراحة القلب على جانب كبير من الأهمية والدقة من الناحية التشخيصية والعلاجية لأمراض القلب.  وسعياً لإنهاء معاناة المرضى في حفر الباطن بسبب تحويل الحالات التي تحتاج رعاية قلبية متقدمة إلى مراكز ومستشفيات مرجعية خارج نطاقها، فقد تم اعتماد وحدة متخصصة في قسطرة وجراحة القلب لخدمة أهالي المحافظة والقرى والمناطق المجاورة لها والذي سيكون له مردود إيجابي على مرضى القلب بحفر الباطن والمناطق المجاورة من خلال سرعة تلقي العلاج وإنهاء مشقة السفر، كما أنه سيتم عمل جميع عمليات جراحة القلب المفتوح وعملية القسطرة وهي عبارة عن قسطرة قلب تشخيصية وعلاجية (تداخلية) كما يوجد وحدة تروية وجراحة قلب مفتوح كاملة إضافة الى جميع الخدمات المساندة لها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى