مقالات طبية

الصحة في تونس… سياحة علاجية بمستويات عالمية

الصحة في تونس

سياحة علاجية بمستويات عالمية

تحتل تونس المرتبة الثانية في العالم بعد فرنسا بوصفها وجهة مفضلة للسياحة العلاجية لما تمتلكه من كفاءات طبية وشبه طبية ومصحات، وبإمكان هذا المجال خلق ديناميكية جديدة للنشاط السياحي وتعويض حالة الركود منذ سنوات. وتستقبل تونس سنويًا ما لا يقلّ عن 550 ألف سائح يقصدها قسم كبير منهم طلباً للسياحة العلاجية. فيما يوفر القطاع عائدات مالية سنوية تتجاور الـ 1 مليار دينار. 

ويتجاوز معدّل إنفاق السائح الواحد 3 آلاف دولار في الأسبوع، فيما تمثل عائداته أكثر من 40 بالمائة من عائدات القطاع السياحي ونحو 6 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. ويجري العمل حاليا على إطلاق ورشة تطوير القطاع الصحية بما يتناسب مع تطلعات البلاد المستقبلية وتطورات الصحة العالمية. تضم تونس 50 مركز علاج بالمياه الطبيعية و30 حمّامًا تقليديًا، وأكثر من 60 مركزاً للمعالجة بمياه البحر، و18 نبعاً جوفياً حارّاً، بالإضافة للحمامات التقليدية الموجودة منذ القدم.

فيما توفر 100 مصحّة لطالبي العلاج من السياح. ويشهد هذا القطاع تطوراً بالرغم من الأزمة الصحية العالمية التي حدّت من قدرة القطاعات الصحية حول العالم في السنتين الماضيتين. وتُعَد تونس فاعلاً مهماً في سوق السياحة العلاجية العالمية، وتطمح لزيادة عدد المتخصّصين الصحّيين الأجانب المقبلين على الخدمات الطبية وذلك بفضل الكفاءات التونسية ذات الصيت العالمي والبنية التحتية الملائمة والعصرية.

مشاريع جديدة حيز الاستغلال

للنهوض بقطاع الاستشفاء بالمياه والسياحة الاستشفائية، عملت تونس مؤخراً على إدخال 4 مشاريع جديدة حيز الاستغلال، بكلفة تقدر بـ 12،5 مليون دينار، ويجري استكمال أشغال مركز للسياحة الاستشفائية ببني مطير من ولاية جندوبة،على مساحة هكتار واحد. ويتكوّن المشروع من محطة استشفائية وإقامات في شكل أجنحة وغرف وحمام استشفائي. ونظرا لطابعه الإيكولوجي البيئي فقد استحصل هذا المشروع على منحة من الاتحاد الأوروبي بقيمة 100 ألف دينار، وقد تم اختياره كمشروع نموذجي يُمثّل تونس في مجال السياحة البيئية. يصف خبراء خطوات التحديث والتوسعة هذه بأنها تجعل من تونس قطباً للسياحة الاستشفائية بالمنطقة بما سيسمح باستقطاب طالبي العلاج من تونس والخارج، إذ تقدّر طاقة استيعاب المحطة بـ500 مستحم يوميا. كما سيُمكّن المشروع من خلق حوالى 50 فرصة عمل مباشرة جديدة. وهو بدأ العمل منذ منتصف العام الحالي 2022. وهناك مشروع آخر هو المحطّة الإستشفائية بمنطقة عين أقطر بقربص من ولاية نابل، وهو يتكون من نزل من فئة 5 نجوم ومركز معالجة بمياه البحر ومحطّة إستشفائية ووحدات للإقامة في شكلبنغالواتعلى مساحة 2.87 هكتار وبكلفة استثمار إجمالية تقدّر بـ60 مليون دينار. ومن المتوقع أن يكون قد وفّر ما يناهز الـ 220 فرصة عمل.

أما مشروع المحطّة الاستشفائية بقفصة، فهو يمتد على مساحة 3 هكتارات بكلفة إجمالية تبلغ 15 مليون دينار وبطاقة استيعاب عالية. ويتكوّن بالإضافة إلى المحطة الإستشفائية من جناح للمعالجة الطبّية وجناح للإقامة وجناح للتجميل على مساحة 3500 مترا مربعا .وقد تمّ رصد اعتمادات مالية بقيمة 1,5 مليون دينار لإنجاز الحمام الاستشفائي العصري بسيدي بولعابة القصرين، على أن يدخل حيّز الاستغلال خلال الفترة القليلة القادمة.

في المرتبة الثانية بعد فرنسا

تنفرد تونس في مجال العلاج عن طريق مياه البحر حيث كانت أول دولة عربية تنشئ مركزا للعلاج بهذه الطريقة في العام 1994 لتحتل بذلك المرتبة الثانية بعد فرنسا في قائمة الدول المعالجة بمياه البحر. كما تم اختيار جزيرة جربة لتكون عاصمة متوسطية للعلاج بمياه البحر فى عام 2014، ويقع المركز في مدينة سوسة الساحلية. وتعتبر السياحة العلاجية في تونس من أهم الروافد السياحية التي تدرُّ مبالغ كبيرة للاقتصاد التونسي حيث تتميز البلاد بمياهها الكبريتية الحارة والساخنة التي تعالج العديد من الأمراض، كما تعتمد فكرة العلاج بالمياه على ثلاثة مبادئ أساسية وهي: الفوائد الجمة الموجودة بسبب العناصر المكونة للمياه، والأدوية الكيميائية الطبيعية التي يتناولها المريض، والحالة المناخية. وهناك مواقع عديدة معروفة في تونس تشكل مقصدا لطالبي العلاج، منها مثلاً حمام بورقيبة الذي يشهد إقبالاً كبيراً من السياح سواء العرب أو الأجانب. فهو الأقدم في تونس حيث يقدم العلاج عن طريق المياه المعدنية وأعشاب الزعتر والشيح المنتشرة فى المكان، فضلا عن إستخدام الطحالب البحرية، الأمر الذي يضمن عدم حدوث أية أعراض جانبية أو مضاعفات.

ويُعَدّ المستشفى العسكري بتونس الذي تأسس عام 1958 أول مستشفى جامعي وعسكري ومركزه العاصمة، حيث أتخذ من منطقة العمران مقرا له في مونفلوري عام 1989 وكان رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة قد أصدر قرارا يقضي بإدراج المستشفى ضمن مصالح الصحة العسكرية.

وهناك معهد صالح عزيّز الذي بدأ العمل في العام 1969 تحت مسمى المعهد الوطني للسرطان. 

والمعهد في مجمله متخصص في علاج جميع أنواع السرطان وتقديم العلاج ومتابعة مرضى السرطان بصفة مستمرة. جدير بالذكر أن المعهد تمت تسميته نسبة للجراح التونسى صالح عزيّز تقديرا لجهوده الطبية في البلاد.

من جهته يُعتبَر مستشفى محمد البوعزيزي المستشفى الرئيسي في تونس لعلاج الحروق المختلفة سواء الخفيفة أو بالغة الخطورة، حيث يمتلك حوالى 168 سريراً، فضلا عن 10 غرف للعمليات الجراحية الطارئة. ويقوم المركز أيضاً بإجراء بعض العمليات الجراحية البعيدة عن الحروق في حالات الضرورة. وهو يقع في ضاحية بن عروس وتم افتتاحه عام 2008، وكان يسمى مركز الإصابات والحروق البليغة، ولكنه تحول للإسم الحالي نسبة إلى محمد البوعزيزي ألذي أحرق نفسه اعتراضا على حال البلاد ففجّر الثورة التونسية التي أطلقت ثورات الربيع العربي.

وجهة جاذبة للجراحات التجميلية

أهمية الإستشفاء في تونس أنه يمكن للمرضى الحصول على علاج فعّال من حيث التكلفة بنفس معايير الرعاية الصحية الموجودة في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وأوروبا. 

وقد جذبت تونس غالبية السياح الطبيين من جميع أنحاء العالم لأنها توفر خدمات طبية بأسعار معقولة من دون المساس بالجودة. وتتمتع تونس بسمعة ممتازة في مجال الجراحة التجميلية حيث يمكن للسائحين الطبيين العثور بسهولة على الرعاية الصحية العامة والخاصة إلى جانب الأسعار التنافسية للعلاجات التجميلية. وتتدنّى كلفة علاجات التجميل في تونس إلى ما بين 40 و50 في المئة أرخص مقارنة بأوروبا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية. علما بأن الممارسات الطبية في تونس تعادل المعايير العالمية. تجذب هذه العلاجات الفعالة من حيث التكلفة العديد من المرضى من جميع أنحاء العالم. ولذلك تجعل السياسات المختلفة الصديقة للمرضى من تونس وجهة مفضلة لعمليات التجميل.

لماذا على السائح العلاجي أن يختار تونس ومسشفياتها كوجهة صحيحة لتلقي علاجه؟ 

في الواقع، هناك العديد من الأسباب التي تجعل من تونس وجهة طبية شهيرة، ومنها:

تستثمر الحكومة التونسية بكثافة للحفاظ على معايير جودة المرافق الطبية للمرضى الدوليين. كل نوع من المرافق متاح في المستشفيات لجعل إقامة المريض مريحة قدر الإمكان. يتم تنفيذ إجراءات التكنولوجيا المتقدمة من قبل متخصصين طبيين ذوي خبرة عالية. مدينة الرعاية الصحية في تونس المدينة الاقتصادية على الساحل الشرقي قيد الإنشاء الآن والتي ستضم أحدث المستشفيات والكليات الطبية وعيادات التمريض وغير ذلك. 

يتكون نظام الرعاية الصحية في تونس من القطاعين العام والخاص. توجد مستشفيات متطورة في الدولة تقدم أحدث التقنيات والمعدات للعلاج. توفر هذه المستشفيات علاجات طبية فعالة من حيث التكلفة ويتم تدريب الأطباء في أوروبا وأميركا لتقديم أعلى المعايير لمرضاهم. ويوجد في تونس حاليًا 80 عيادة خاصة بسعة 2500 سرير.

تقدم تونس علاجات طبية أرخص ولا سيما جراحات التجميل مقارنة بأوروبا. سيحصل السائحون الطبيون على سكن معقول وقوة عاملة أرخص وأسعار صرف عملات مواتية للغاية لا يجدونها في الدول الأوروبية. لا تعني التسهيلات ذات الأسعار المعقولة أن العلاجات الطبية لا ترقى إلى المستوى المطلوب لأن الرعاية الصحية في تونس هي واحدة من أفضل خدمات الرعاية الصحية في إفريقيا والتي تتوافق مع المعايير الأوروبية. 

التسويق للسياحة العلاجية في الخليج

الاهتمام التونسي بتسويق السياحة العلاجية بمنطقه الخليج واظهار ما وصلت اليه من تقدم قادر على المنافسة، أصبح هدفا استراتيجيا لعودة السياحة التونسية بشكل قوي مقارنة بجميع الدول التي تسوق للسياحة العلاجية في منطقة الشرق الأوسط والمغرب العربي، لا سيما مع توافد أعداد كبيرة من الزوار من ليبيا والجزائر وفرنسا والعديد من الدول الأوروبية التي تأكدت تماما من سلامة الاجراءات الاحترازية التى تتخذها السلطات الصحية فى تونس لضمان سلامة الزوار والعاملين في الحقل السياحي في تونس بهدف الاستفادة من هذه الخدمة الفريدة والمتميزة.

ومن أجل تسويق السياحة العلاجية سبق وشاركت كل من وزارة السياحة ووزارة الصحة التونسيتان في المعرض الدولي للسياحة العلاجية في مسقط بسلطنة عمان، كأول مشاركة تونسية في مجال السياحة العلاجية بالخليج بالتعاون مع كل مرافق القطاع الخاص المهتم بتسويق السياحة العلاجية ومن بينها نقابة الأطباء ومختبرات وشركات ومصانع الأدوية. فتونس تزخر بكنوز من الامكانيات الطبيعية والقدرات البشرية التى تمرّست بخبرات وتقنيات عالمية خصوصا في الطب التجميلي، حيث بات القطاع الصحي التونسي يتربّع على قمه دول العالم في هذا المجال. وتمتلك تونس نخبة من أكفأ الاستشاريين وأشهرهم فى جراحات الطب التجميلي وفق أحدث المعايير العالمية، وبذلك حققت مكانة مرموقة على خريطة السياحة العلاجية في العالم.

فالاستشفاء بمياه البحر هو الجانب الذي تتميز به تونس على مستوى العالم رغم منافسة فرنسا للظفر بالمركز الأول من حيث الجودة والخدمات المقدمة للطبقات العليا من رجال الاعمال والمشاهير والرياضيين المشهورين من مختلف دول العالم من أجل الاستجمام والتخلص من الارهاق والتوتر. كما يتم الاستشفاء بمياه البحر للمرضى الذين يقضون فترات نقاهة بعد العمليات الجراحية الكبرى والحوادث والولادة. وتعتبر تونس اليوم الثانية في العالم من حيث عدد ومستوى الخدمات التي تقدمها المحطات العلاجية والسياحية. وهكذا أصبحت تونس مع الوقت مركزًا للسياحة العلاجية بفضل الرعاية عالية الجودة والخدمات المعقولة التكلفة. وتعد اليوم وجهة ثابتة للأوروبيين الذين يسعون إلى الجراحة التجميلية. ومستقبلا يُنتظر أن تكون تونس واحدة من أكثر وجهات السياحة العلاجية تفضيلاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى