تكنولوجيا

السجلات الطبية الالكترونية… تطوّر طبي في خدمة المريض والطبيب

السجلات الطبية الالكترونية

تطوّر طبي في خدمة المريض والطبيب

في ظل الاندماج الهائل بين الطب والتكنولوجيا، جاءت الفوائد لمصلحة كل من المريض والطبيب على حد سواء؛ المريض بات يحصل على خدمة طبية وتشخيصية بوقت أقل وبدقة عالية مع إمكانية مقاربة النتائج والعلاجات ومقارنتها. أما الطبيب فهو قادر اليوم على الاطلاع على ملف المريض وتاريخه الطبي ومراجعة تلك البيانات في أي وقت مع إمكانية مقارنتها مع مرضى آخرين. كل ذلك من خلال الأنظمة والبرامج المعتمدة في المستشفيات والمراكز الطبية.

لقد حققت العديد من دول العالم الأول نجاحاً كبيراً في مستشفياتها على مستوى تطبيق أنظمة وبرامج السجلات الالكترونية بعد أن أدركت ما لها من أهمية لجهة تطوير الرعاية الصحية المقدّمة بحيث أنها لا تقل أهمية عن أي انجاز طبي أو علاجي آخر. السجل الطبي الالكتروني هو بمثابة المصدر الأساس للمعلومات التي يعتمد عليها الطبيب في اتخاذ القرارات الطبية المختلفة. إن ظهور برمجيات وأنظمة حديثة للسجلات الطبية الإلكترونية وانتشارها على نطاقٍ واسع سهَّل عمل الأطباء والطاقم التمريضي في المستشفيات والمراكز الطبية وساهم كذلك في تقديم رعاية أفضل وأكثر شمولية للمريض. في الواقع، لقد أتاحت تكنولوجيا المعلومات في القطاع الصحي إمكانات هائلة من خلال برمجيات متطورة للسجلات الطبية الإلكترونية.

لقد تم تنظيم هذه الأنظمة لتسهيل عمل الطبيب وتوفير مراقبة الكترونية كاملة بحيث أصبحت السجلات الصحية الالكترونية مركزا من مراكز القوة في مساعدة الطبيب في أداء عمله بصورة أفضل من خلال ما تقدمه من معلومات طبية خاصة بالمريض في شكل متكامل ومتناسق؛ ولعل أهميتها تكمن في انها مرتبطة مع نظم معلومات المستشفيات وخدماتها المتنوعة مثل قسم المختبرات والاشعة والصيدلية وغيرها.

إن تطبيق مثل هذه الأنظمة في المنشآت الصحية يسهم في تقليل الأخطاء أقل بكثير من السّجلات الورقية، كما يحسّن التواصل بين الأطباء بشكل كبير ما يسمح لكل طرف بالوصول الكامل إلى التاريخ الطبي للمريض بدلاً من النظرة السّريعة خلال زيارة المريض إلى العيادة. تمنح السجلات الطبية الالكترونية الطبيب إمكانية توثيق جميع خطوات رعاية المريض بدقة وتوفير مراقبة الكترونية كاملة وبشكل مركزي سواء من جانب المريض او عن بُعد من خلال برامج توفر حلولاً برمجية رائدة. 

لكن لابد لنا في هذا المجال ان نفرّق بين السجل الطبي الإلكتروني والسجل الصحي الإلكتروني، السجل الطبي الالكتروني (Electronic Medical Records-EMR) هو عبارة عن نظام إلكتروني لحفظ جميع معلومات المريض الشخصية والطبية، شاملة تاريخه المرضي والطبي، والفحوصات المخبرية والأشعة، والوصفات الدوائية، الى جانب جميع الخدمات الطبية المقدمة للمريض منذ إنشاء السجل. يتم تطبيق هذا النظام في مستشفى واحد ولا يمكن تبادل المعلومات مع أي منشأة طبية أخرى.

السجل الصحي الإلكتروني (Electronic Health Records-EHR) يربط عدة منشآت صحية مستقلة، سواء داخل المستشفى أو خارجه، فكل منشأة من تلك المنشآت تمتلك نظام السجل الطبي الإلكتروني، وبالتالي يتم ربطها جميعاً في منظومة واحدة متكاملة تسمى نظام السجل الصحي الإلكتروني EHR)) فتصبح بذلك معلومات المريض متوفرة على مستوى قطاع أو دولة.

تصميم النظام الآلي

عند تصميم نظام المعلومات الآلي، يجب الأخذ بعين الاعتبار درجة النمو في حجم المستشفى مستقبلاً والتغيرات التي قد تطرأ على المعلومات من حيث الكم والنوع. ومن الضروري دراسة الجدوى الاقتصادية للنظام قبل تطبيقه والتأكد من توافر الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لإدامته. 

يتوجب على الإدارة وضع خطة متكاملة للتحول من السجلات الورقية إلى السجلات الآلية والإلكترونية، من خلال خطة عمل واضحة لكل من يعمل على هذا النظام ويستخدمه. 

ماذا يحتوي السجلِّ الطبِّي الشخصي؟

يحتوي السجل الطبي لكل مريض على معلومات طبية وتمريضية تغطي الجوانب المتعلقة بالحالة المرضية التي يعاني منها، وتشمل عادة الأعراض والتاريخ المرضي ونتائج الفحوصات السريرية والتشخيصية والتشخيص النهائي والحالة المرضية والإجراءات الطبية والجراحية والعلاجية التي خضع لها المريض ومدى تقدم حالة المريض واستجابته لهذه المداخلات والعلاجات فضلاً عن معلومات تعريفية خاصة بالمريض.

بالإضافة الى ذلك، هناك معلومات عامة يجب ان تكون متوفرة أمام الطبيب المعالج عند تحديد بروتوكول العلاج، وهي:

  • الامراض المزمنة او المشاكل الصحية التي يعاني منها المريض.
  • الادوية التي يتناولها او أي نوع من العلاجات الأخرى.
  • وجود حساسية تجاه دواء معين.
  • العمليات الجراحية التي سبق وخضع لها مع تواريخها واسم الطبيب وتقرير يتضمن تشخيص الحالة التي استدعت إجراء الجراحة.
  • نتائج الفحوصات المخبرية والصور التشخيصية التي أجراها المريض.
  • التاريخ الطبي للعائلة في حال وجود أمراض مزمنة او حالات سرطانية وغيرها.
  • اللقاحات وتواريخها.
  • الزيارات السابقة للمريض وما هو التشخيص وتاريخ كل زيارة وسببها. 

فوائد ومميزات

الفائدة الأهم للسجلات الالكترونية هي الوصول السريع إلى معلومات المريض مع الملاحظات الخاصة عن الحالة وإمكانية مشاركتها مع غيرهم من الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية وشركات التأمين والصيدليات ومراكز التشخيص، بحيث تصبح تلك المعلومات أسرع وأكثر قابلية للتتبع.

يمكن للأطباء الوصول إلى تشخيص دقيق بسرعة أكبر عبر الإطلاع بسهولة على نتائج الإختبارات للمرضى والتحقق من النتائج السابقة أو أي ممارسات طبية قام بها المريض في وقت سابق.

إستخدام السّجلات الإلكترونية يسمح لمقدمي الرعاية الصحية بالوصول في الوقت نفسه إلى سجل المريض من أي جهاز كمبيوتر. ويمكن للسجل الإلكتروني توفير معلومات حديثة عن التاريخ الطبي الكامل للمريض، بما في ذلك نتائج الفحوصات الحالية وتوصيات الأطباء الآخرين، ما يسمح بمزيد من التعاون الفاعل في جوانب متعددة من رعاية المريض. كما يمكن للممارسين الطبّيين نقل بيانات المرضى بسرعة إلى الإدارات أو مقدمي الخدمات الآخرين، مع تقليل الأخطاء بما يؤدي إلى تحسين إدارة النتائج.

هذه السجلات كفيلة بحصول المريض على تشخيص أفضل بنسبة خطأ منخفضة جداً حيث يحصل المريض على نصائح واجراءات وقائية تسهم في تحسين إدارة حالته المرضية. هذه المرونة في الوصول إلى السجلات الكاملة للمريض تعني عدم الحاجة لملء الأوراق والبيانات ذاتها في كل زيارة إلى الطبيب لأن النتائج والصور كلها في مكان واحد. والنتيجة هي تحسين إدارة الحالات المرضية لاسيما الحالات المزمنة وتقديم رعاية أفضل وتشخيص أكثر دقة.

أعمال ورقية أقل وتخزين أكبر

الإستفادة من السجلات الطبية الالكترونية ليس محصوراً فقط بالطبيب والمريض، بل ان إدارة المستشفى من أكثر المستفيدين نظراً لما تحتاجه المهام الإدارية من وقت وجهد وتكاليف، حيث يمضي مختلف الأفرقاء في أي منشأة صحية وقتاً طويلا في تعبئة النماذج الورقية الخاصة بكل مريض. لكن السجلات الالكترونية غير ورقية ما أسهم في تبسيط المهام الروتينية، ومع انخفاض كمية الأوراق لا حاجة الى مساحات واسعة للتخزين؛ فمع التخزين الفوري واسترجاع الملفات الرقمية، أصبحت مكاتب مقدمو الرعاية الصحية أقل ازدحاماً.

رفع مستوى الجودة

توفر السجلات الطبية الالكترونية القدرة على تبادل المعلومات الكاملة حول المريض في وقت قياسي، وهي معلومات دقيقة وحديثة وشاملة الامر الذي يؤدي بطبيعة الحال إلى رفع مستوى الجودة للرعاية التي يحصل عليها المريض، بدءًا من التشخيص وانتهاءً بالأخطاء المخفّضة. فمن خلال إرسال رسائل تذكير تلقائية للزيارات والإجراءات الوقائية، يمكن أن تساعد سجلات المرضى على تحسين إدارة ظروفهم والمشاركة بشكل أكبر في الرعاية الصحية. كما تسمح الوصفات الإلكترونية للأطباء بالتواصل مباشرة مع الصيدلية، والحد من الأخطاء وتوفير الوقت عن طريق القضاء على الوصفات الطبية المفقودة. وقد تم تحسين سلامة المرضى، حيث أن الوصفات الإلكترونية تتحقق تلقائيًا من التفاعلات الدوائية المحتملة.

رفع الكفاءة والإنتاجية

السجلات الصحية الالكترونية تعتبر أكثر كفاءة من السجلات الورقية لأنها تتيح إمكانية الوصول السريع لملف المريض والحصول على المعلومات المتعلقة به والتي يحتاجها مقدمو الرعاية الصحية في وقت قياسي ومن أي مكان، بالإضافة الى إمكانية الاستعلام عن حالة محددة مع غيرهم من الأطباء والصيدليات ومراكز التشخيص وهي طريقة أسرع وأكثر قابلية للتتبع، كما أنها تقلّل من الرسائل المفقودة ومكالمات المتابعة. إن تبسيط إدارة الملفات والسجلات الالكترونية ووجود جدولة متكاملة بين مختلف الأفرقاء المعنيين والتشفير الآلي، كلها مميزات ترفع الكفاءة وتزيد من الإنتاجية. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى