مقابلات

الدكتور محمد علي رضا

الدكتور محمد علي رضا

الأخصائي في أمراض الروماتيزم في مركز كليمنصو الطبي في بيروت

نمط الحياة الصحي أساسي في حياة مرضى الفيبروميالجيا

يعاني مرضى متلازمة الألم العضلي الليفيفيبروميالجيامن آلام مزمنة في مختلف أنحاء الجسم إلى جانب الكثير من الأعراض الأخرى؛ لكن اتباع نمط حياة صحي والحصول على الدعم اللازم يساعد المرضى في تحسين نوعية حياتهم بشكل كبير والعيش حياة طبيعية وفعّالة.  الأخصائي في أمراض الروماتيزم في مركز كليمنصو الطبي في بيروت الدكتور محمد علي رضا أكد أن الأبحاث والدراسات العالمية في هذا الشأن تؤكد على أهمية نمط الحياة الصحي في السيطرة على آلام مرضى الفيبروميالجيا. وفي ما يلي نص الحوار.

ما هو سبب انتشار الفيبروميالجيا الآن أكثر من قبل؟ وما هو التعريف الطبي المناسب لهذه الحالة؟

تؤثر متلازمة الفيبروميالجيا على 2-4% من السكان حول العالم مسبّبةً ألماً مزمنًا في جميع أنحاء الجسم، ويتزايد انتشارها في منطقتنا بسبب ارتفاع مستويات القلق والتوتر والإكتئاب فكلما زاد التوتر ازدادت حدة الألم. لكن تحسّن مستوى الوعي ساعد على فهم هذه الحالة وتشخيصها بشكل أفضل.

متلازمة الألم العضلي الليفي أوفيبروميالجياهي حالة مرضية مزمنة تصيب الجهاز العصبي وتتميز بانتشار الألم في أنحاء الجسم كافة وتؤثر على النساء أكثر من الرجال. 

تُصنّف هذه المتلازمة ضمن اضطرابات الجهاز العصبي وليست من أمراض المناعة الذاتية أو الإلتهابية، حيث تحدث بسبب اختلالات في مستويات الناقلات العصبية مثل السيروتونين والنورأدرينالين، ما يؤدي إلى تغيير طريقة استجابة الجسم للألم. 

إنه اضطراب عصبي وليس مناعي ويُصنف على أنه متلازمة بسبب عدم التوصل إلى السبب الأساسي لحدوثه، ولكن ما تبيّن بحسب الدراسات القائمة هو أنه ناتج عن خلل في الجهاز العصبي يؤثر على طريقة استجابة الجسم للألم.

أنا أصف الحالة للمريض على أنها دوّامة ما بين الألم والكآبة، فكلما ازداد معدل الكآبة ارتفع منسوب الألم والعكس صحيح.

مع ارتفاع منسوب الوعي، هل من سبل للتشخيص الدقيق؟

التشخيص يعتمد فقط على الفحص السريري الدقيق والإستماع إلى شكوى المريض وآلامه إذ لا يوجد في الوقت الراهن فحص دم أو صورة شعاعية للتشخيص؛ وما نقوم به بعد الفحص السريري هو إجراء فحوصات دم لاستبعاد بعض الأمراض الأخرى مثل الروماتيزم، مع الإشارة الى إمكانية وجود الفيبروميالجيا مع حالات مرضية أخرى أو يمكن أن ينتج هذا الإضطراب بسبب حالة مرضية أخرى يعاني منها المريض.

في السابق كان التشخيص يعتمد على وجود 11 نقطة ألم من أصل 18، لكن هذا الفحص لم يعد يُعتد به اليوم لأنه ليس دقيقاً ما يكفي إذ قد يحرم الكثير من المرضى من التشخيص.

واليوم، تسير الأبحاث على قدم وساق من أجل البحث عن مؤشرات معيّنة في الدم تحدد وجود هذه الحالة من عدمها أو تنذر بحدوثها.

ماذا يشعر مريض الفيبروميالجيا؟

 بالإضافة إلى الألم المزمن في أنحاء الجسم كافة، يعاني المصابون من الإرهاق واضطرابات النوم ومشاكل نفسية مثل القلق والتوتر. 

لكن أعراض متلازمة الألم العضلي الليفي تختلف بين مريض وآخر، وأكثر الأعراض شيوعاً:

  • ألم واسع النطاق يصيب مختلف أنحاء الجسم.
  • بعض نقاط الجسم تصبح شديدة الحساسية حتى لأقل الضغوط.
  • إرهاق شديد ومشاكل في النوم.

بالإضافة إلى هذه الأعراض الرئيسية، قد يعاني المصابون بألم العضلي الليفي من:

  • صعوبة في التركيز والذاكرة.
  • اضطرابات نفسية مترافقة مع المرض.
  • صداع نصفي أو صداع توتري.
  • مشاكل في الهضم مثل القولون العصبي. 
  • فرط نشاط المثانة أو مشاكل في التبول.
  • آلام الحوض: آلام في منطقة الحوض.

ما هي إذن العلاجات المقترحة والموصى بها؟

إن علاج متلازمة الألم العضلي الليفي يتطلّب مقاربة متعددة تجمع بين الأدوية والعلاجات غير الدوائية مع ضرورة استشارة الطبيب لتحديد خيارات العلاج المناسبة بحسب الحالة. 

فالتعايش مع المرض وتحسين نوعية الحياة باتباع خطة علاجية مناسبة ونمط حياة صحي يسهمان بشكل كبير في السيطرة على آلام المريض. اتباع نمط حياة صحي يشمل ممارسة الرياضة، وتناول طعام صحي، والحصول على نوم جيد، إلى جانب العلاج السلوكي المعرفي، كلها خطوات تساعد بشكل كبير في تخفيف الأعراض وتحسين نوعية حياة المصابين.

يمكن التعايش مع هذه المتلازمة بشكل أفضل من خلال مجموعة متنوعة من العلاجات التي تشمل الأدوية وغيرها. 

تشمل العلاجات غير الدوائية والتي تتعلق في غالبيتها بنمط حياة المريض:

  • التمارين الرياضية: تعتبر التمارين من أهم العلاجات الفعّالة، ويفضل التركيز على تمارين منخفضة إلى متوسطة التأثير مثل المشي، السباحة، أو اليوغا أو الـPillates.
  • العلاج السلوكي المعرفي (CBT) يساعد هذا العلاج على اكتساب مهارات إدارة الألم والتوتر والقلق المرتبطة بالمرض.
  • تقنيات التأمل والإسترخاء: مثل اليقظة الذهنية (mindfulness) التي يمكن أن تساهم في تحسين النوم وتقليل الألم.
  • التخفيف من التوتر والإسترخاء: تقنيات مثل التأمل والتنفس العميق والتدليك يمكن أن تساعد في تهدئة الجسم والعقل، وتخفيف التوتر وتحسين النوم.
  • العلاجات التكميلية: قد تساعد علاجات مثل الوخز بالإبر، العلاج بتقويم العمود الفقري، والتدليك في تخفيف بعض الأعراض بشكل محدود، لكن الأدلة العلمية على فعاليتها مازالت غير قاطعة.

إن الأبحاث في الوقت الراهن تركّز على مدى تأثير العلاجات غير الدوائية على مرضى الفيبروميالجيا. 

أما العلاجات الدوائية الموافق عليها من قِبل الـFDA، فهي الأدوية التي تؤثر على الناقلات العصبية والتي تعمل على تعديل مستويات الناقلات العصبية لتخفيف الألم المزمن، وهناك أدوية تمنع نشاط الخلايا العصبية المفرط المرتبط بالألم. مضادات الإكتئاب القديمة قد يكون لها تأثير أيضاً ولكن بعد الحصول على استشارة الطبيب حول مدى ملاءمتها للحالة أم لا. وهنا أود التأكيد أن المسكنات الأفيونية والأدوية المنومة ومضادات الإلتهاب غير الستيروئيدية لا يُنصح بتناولها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى