كليات الطب

فريق زراعة الخلايا الجذعيّة يتطلّع إلى تحسين معدّلات نجاة المرضى

فريق زراعة الخلايا الجذعيّة يتطلّع إلى تحسين معدّلات نجاة المرضى

من مستشفى جامعة شيكاغو

طبيب الأورام الدكتور “مايكل ر. بيشوب”، مدير برنامج العلاج الخلويّ للبالغين، يقف داخل مرفق متطوّر وحديث للعلاج الخلويّ في مستشفى جامعة شيكاغو

عندما تتوقّف السيّارة عن العمل، عادة ما يتبين أن السبب هو قطعة معطّلة بحاجة إلى الاستبدال. وبالمثل، في النخاع العظميّ لدى المرضى المصابين بأمراض الدم، فإنّ الخلايا الجذعيّة المسؤولة عن تكوين خلايا الدم لا تعمل كما ينبغي. ولكن، من خلال عمليّة تُعرف بزراعة الخلايا الجذعيّة، التي يُشار إليها أحيانًا بزراعة نخاع العظم، يمكن استبدال نخاع العظم ونظام المناعة لدى المريض، بخلايا جذعيّة سليمة من متبرّع.

اليوم، تُجرى هذه العمليّة للكثير من أنواع السرطان وأمراض الدم التي كانت تُعتبر في السابق غير قابلة للشفاء. فبالنسبة إلى بعض أنواع أمراض الدم، تُعتبر زراعة الخلايا  الجذعيّة معيار الرعاية؛ أمّا بالنسبة إلى أنواع أخرى، فلا تُجرى هذه العمليّة إلّا إذا لم تنجح العلاجات الأخرى. على الرغم من أن آلاف الأشخاص المصابين بالسرطان وأمراض أخرى قد عولجوا من خلال زراعة الخلايا الجذعيّة، ثمّة مخاطر مرتبطة بالعلاج. أمّا المضاعفات فهي أمر شائع. أخطر المخاوف هي عودة المرض أو الانتكاس، ومضاعفات أخرى حيث يهاجم الجهاز المناعي الجديد المزروع الخلايا الطبيعيّة لدى المريض، وهو ما يُعرف بمرض الطعم حيال الثوي.

يجب متابعة المرضى عن كثب بعد الزراعة لمعالجة هذه المضاعفات عند ظهورها. يوثّق الأطبّاء ومحلّلو البيانات، بدقّة، المضاعفات التي تعقب الزراعة، ونجاة المريض على المدى الطويل. وتُطلع هذه البيانات الأطبّاء على أفضل السبل لعلاج المرضى، مع مرور الوقت. ويمكن أن تكون مؤشّرًا على كيفيّة أداء البرامج الفرديّة. يقوم مركز ُ الأبحاث الدوليّة لزراعة العظام والنخاع (CIBMTR) بجمع البيانات، وهو منظّمة مكرّسة  لتحسين القدرة على النجاة، والعلاج، ونوعيّة الحياة لمرضى الزرع. كل ّ عام، تصدر المجموعة تقريرًا ببيانات من جميع برامج زراعة الأعضاء، البالغ عددها 172 في جميع أنحاء الولايات المتّحدة، بما في ذلك جامعة مستشفى شيكاغو. يمكن أن تساعد هذه المعلومات المرضى والأسر ومقدّمي خدمة الإحالة وشركات التأمين، على تحديد مراكز الزرع الأفضل في علاج سرطانات الدم، مثل اللوكيميا ومتلازمات خلل التنسّج النقوي والتليّف النقوي والورم النقوي والورم الليمفاوي. كما أنّها توفّر لمراكز الزرع طريقة لتقييم جودة برامجها وفعاليّتها على أساس سنويّ.

تعكس أحدث بيانات النتائج في مستشفى جامعة شيكاغو نتائج العمل الذي بدأه فريق زراعة الخلايا الجذعيّة المكوِّنة للدم منذ سنوات عدّة. في العام 2015، رأى الطبيب “مايكل بيشوب”، وهو أستاذ في الطب وخبير في زراعة الخلايا الجذعيّة والعلاج الخلويّ، وقد وصل حديثًا إلى مركز الأبحاث الدوليّة لزراعة العظام والنخاع، أن ّ تصنيف المركز يشكّل فرصة هائلة لجعل برنامج مستشفى جامعة شيكاغو نموذجًا رائدًا لزراعة الخلايا الجذعيّة، على الصعيدين الوطني والدوليّ.

سارت الأمور بداية ً بشكل رائع، وذلك بسبب نقاط القوّة في البحث في مستشفى شيكاغو الجامعي، حيث يوفّر المستشفى للمرضى إمكانيّة الوصول إلى تجارب سريريّة أكثر ابتكارًا من أي مستشفى آخر في المنطقة. وأطباؤه خبراء في مجالاتهم ومعترف بهم دوليًّا. مستشفى شيكاغو الجامعي هو أيضًا موطن لمركز “ديفيد وإيتا جوناس” للعلاج الخلويّ، حيث يعمل العلماء على تحقيق الإنجازات المستقبليّة في العلاج الخلويّ، وبخاصّة علاج المستقبلات الخيمريّة للخلايا التائيّة (CAR-T)، وهو شكل ناشئ من علاج السرطان. جمع “بيشوب”، بصفته مديرًا لبرنامج زراعة الخلايا الجذعيّة المكوِّنة للدم، فريقه. وبدأوا معًا رحلة لتقديم “أفضل رعاية سريريّة على الإطلاق”.

استراتيجيّة للنجاح

من خلال مشاركة “بيشوب” بشغف، فحص فريق الزراعة كل ّ جانب من جوانب البرنامج للعثور على المجالات التي تحتاج إلى تحسين، وصولّا إلى طريقة إدخال البيانات. وقال “بيشوب”: “لم نهمل أي ّ تفصيل”. بقيادة “بيشوب” ومساعد مدير العمليّات السريريّة “ميلوف مورتيل”، وهو ممرّض مسجّل ومعتمد في علم الأورام، وحاصل على شهادة ماجستير في العلوم في الصحّة العامّة،

تضمّنت المبادرات إعادة النظر في الرسوم البيانيّة عن مدّة ثلاث سنوات، والنظر في كيفيّة اختيار العلاج الكيميائيّ، وكيفيّة مراقبة المرضى بعد الزرع، وما تم القيام به لمنع الالتهابات، 

وكيف جرت مساعدة المرضى في حين كان جهاز المناعة لديهم يتكيّف. إذا لم تنجح أي ّ من هذه الخطوات كما ينبغي، فقد كانت تُغيّر. قال “بيشوب”: “إنّها ليست مشكلة واحدة كبيرة بشكل عامّ، بل هي مشاكل صغيرة كثيرة. يجب تعديل التفاصيل وتحسين كل ّ مكوّن على حدة حتّى يتحسّن المريض”.

وضعت التحسينات التي أجراها الفريق معيارًا لكيفيّة تقييم المرضى وعلاجهم ومتابعتهم في كل ّ مرّة. ووفقًا لـ”بيشوب”، إن الاتّساق في الرعاية هو ما يؤدّي إلى نتائج أفضل. وفي الوقت نفسه، شهد كل ّ من برنامجَي زراعة الخلايا الجذعيّة للبالغين وللأطفال، زيادة مطّردة في عدد عمليّات الزراعة وعدد المتخصّصين في الزراعة العاملين في العيادة.

وقال “جيمس بيل”، وهو طبيب حاصل على شهادة الدكتوراه، وأستاذ مشارك في طبالأطفال ومدير برنامج زراعة الخلايا الجذعيّة المكوِّنة للدم في مستشفى الأطفال “كومر تشلدرن” (Comer Children’s) في مستشفى جامعة شيكاغو، إنّه عندما وصل إلى مستشفى “كومر تشلدرن” في العام 2012، كان هناك طبيبان مختصّان في الزراعة وممرّض ممارس متقدّم في الزراعة.

منذ ذلك الحين، نما البرنامج ليشمل أربعة أطبّاء، وثلاثة ممرّضين ممارسين متقدّمين، مدير بيانات، وطاقم من شركاء البحوث السريريّة. ونظرًا لهذا النموّ، يصنّف مركز الأبحاث الدوليّة لزراعة العظام والنخاع مستشفى “Comer Children’s”  بشكل منفصل عن برنامج البالغين التابع لمستشفى جامعة شيكاغو، منذ العام 2016. ويقول “لابيل” إن ّ الأمر لم يكن ممكنا إلّا لأن ّ برنامج طب الأطفال لديه فريق متخصّص خاص به. 

قال “لابيل” إنّه نظرًا لأن ّ مجموعتَي البالغين والأطفال تتشاركان البنية التحتيّة نفسها والقيادة العلميّة نفسها، هما قادرتان على التواصل بشكل متكرّر والتعلّم إحداهما من الأخرى، ممّا يساعد أيضًا على تحسين الرعاية السريريّة. وأضاف: “أحد الجوانب التي تجعل مستشفى جامعة  شيكاغو فريدا من نوعه هو أنّه على الرغم من أن ّ لدينا برنامجًا للأطفال وبرنامجًا للبالغين، إن ّ فريقَيْنا متكافلان جدًّا. يمكننا تقديم علاجات للبالغين تُستخدم عادة لليافعين، والعكس صحيح. تتخطّى الكثير من علاجاتنا الحواجز العمريّة”.

أعضاء الفريق خلال عملهم في غرفة نظيفة في مركز “ديفيد وإيتا جوناس” الجديد للعلاج الخلويّ

النتائج

في حين أظهر برنامجا زراعة الخلايا الجذعيّة للبالغين وللأطفال تحسّنًا تدريجيًّا وثابتًا على مر ّ السنين، لم تكن النتائج غير قابلة للجدل حتّى إصدار التقرير السنوي ّ لمركز الأبحاث الدوليّة لزراعة العظام والنخاع للعام 2020: فقد حقّق مستشفى جامعة شيكاغوأفضل النتائج لمدّة  عام واحد في شيكاغو، وأعلى نسبة للنتائج المتوقّعة. واحتلّ برنامج الأطفال في مستشفى “Comer Children’s” مرتبة عالية، حيث تجاوزت أعداد النجاة النتائج المتوقّعة.

وقال “لابيل”: “تُعتبر تصنيفات مركز الأبحاث الدوليّة لزراعة العظام والنخاع مقياسًا موضوعيًّا يعكس مدى تفاني موظّفينا السريريّين. نتوقّع أن يزيد عدد الأطفال الذين يمكننا مساعدتهم بشكل أكبر بسبب شراكتنا الحديثة مع تحالف “شيكاغولاند تشلدرنز هيلث ألاينس (Chicagoland Children’s Health Alliance). 

وتشكّل نتائج تقرير مركز الأبحاث الدوليّة لزراعة العظام والنخاع، الآن، معيارًا مرجعيًّا للأهداف المستقبليّة. “بيشوب” متحمّس لما يحمله المستقبل لمعدلات النجاة في حين يتقدّم مجال العلاج الخلويّ. وقال: “سوف نتحدّى الوضع الراهن باستمرار من خلال الاستفادة من العلم الرائع الذي ثمر في مستشفى جامعة شيكاغو لتوفير أحدث خيارات العلاج للمرضى”.

للمزيد من المعلومات، يُرجى زيارة الرابط التالي www.uchicagomedicine.org/global

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى