أمراض وعلاجات

مريضات سرطان الثدي في ظل جائحة كورونا

مريضات سرطان الثدي في ظل جائحة كورونا

تحديات هي الأولى من نوعها

تساؤلات عدة تطرحها مريضات سرطان الثدي؛ ما هو تأثير جائحة كورونا على الرعاية الصحية المقدّمة لهن؟ لماذا بعض العلاجات يمكن أن تزيد من خطر التعرض للفيروس ومضاعفاته؟ ما الذي تفعله المرافق الصحية لتقليل خطر التعرض للفيروس؟ هل من تأثير لتغير خطة العلاج على تقدّم المرض؟ وماذا عن آلية الكشف المبكر وضرورة إعادة تنشيط هذه المبادرة في الشهر العالمي للتوعية؟

لقد أحدث فيروس كورونا المستجد إرباكا بشكل كبير على القطاع الصحي عموماً، فكان مرضى السرطان هم الأكثر تأثراً خصوصاً من تم إكتشاف حالتهم في ذروة تفشي الوباء فتم تأجيل جلسات العلاج وعمليات الإستئصال مع الإستجابة فقط للحالات الطارئة نظراً للخوف من خطر إنتقال  العدوى لما تسببه بعض علاجات السرطان من إنخفاض في مناعة الجسم، فضلاً عن الخوف من التنقل وضرورة إتباع الإجراءات الإحترازية التي فُرضت في معظم دول العالم. في الشهر العالمي للتوعية، تواجه مريضات سرطان الثدي تحديات عدة لجهة متابعة الخطة العلاجية في المرافق الصحية وخطر إنتقال العدوى، ومن جهة أخرى الناجيات اللواتي يقمن بالفحوصات الإستقصائية أو اللواتي يتبعن فحوصات الكشف المبكر يخشين التوجه إلى  المستشفى.

لكن اليوم بدأت هذه الهواجس والتحديات تزول شيئاً فشيئاً في ظل إعادة فتح المرافق العامة والعودة شبه الطبيعية إلى الحياة العملية مع إتباع شروط الوقاية للحد من تفشي العدوى؛ المرافق الصحية والمستشفيات التي تعنى باستقبال مريضات سرطان الثدي أدركن ضرورة إتباع المعايير الصحية الصارمة لجهة ضمان عدم تفشي العدوى لتعود بذلك إلى عملها الطبيعي بعد دراسة ملف المريضة وإعطائها موعداً يكفل الحفاظ على مبدأ التباعد الإجتماعي والتعقيم بعد التأكد من أن المريضة لا تعاني من أي أعراض تنذر بإصابتها بالعدوى المستجدة.

من جهة أخرى، إن ما قامت به المستشفيات والمرافق الصحية طوال الأشهر الماضية هو تعديل في إدارة سرطان الثدي لتقليل خطر التعرض للفيروس في ظل التحديات التي يواجها القطاع الصحي عموماً والتي تعتبر فريدة في نوعها لم يسبق أن واجهها من قبل؛ وعليه، فقد تم تحديد مريضات سرطان الثدي اللواتي يحتجن إلى رعاية ملحة أكثر من غيرهن ومريضات يمكنهن الإنتظار لفترة قد تنخفض وتيرة إنتشار الفيروس.

المستشفيات تبذل جهوداً جبارة من أجل تقديم الرعاية الصحية الآمنة لمريضات سرطان الثدي وما قامت به غالبيتها هو تصنيف المريضات إلى  الحالات الأكثر خطورة والتي تحتاج إلى  تدخل علاجي على الفور والحالات التي لا تتطلب علاجاً فورياً ويمكنها الإنتظار إلى حين إنخفاض موجة الوباء، بالإضافة إلى الحالات التي يمكن تأجيلها إلى ما بعد إنتهاء الجائحة.

المرافق الصحية التي اعتمدت مبدأ فرز الحالات الصحية بهذا الشكل حددت ذلك بعد دراسة معمقة من قبل فريق متعدد التخصصات لكل حالة من أجل التوصل إلى قرار صائب لا يشكل خطراً على حياة المريضة، بالإضافة إلى الأخذ بعين الإعتبار حجم إنتشار الوباء في المنطقة أو البلدة وما إذا كان هناك تواجد بكثرة لمرضى الفيروس في هذا المرفق الصحي. في الحالات الخطرة التي لا يمكن تأجيلها، يقوم مقدمي الرعاية الصحية باتباع أقصى معايير السلامة العامة والإجراءات الإحترازية من أجل حصول المريضة على الخدمة الطبية المطلوبة من دون التعرض لخطر إنتقال العدوى. 

وفي مثل هذه الحالة، على الفريق الطبي الموازنة بين ما يمكن أن تتعرض له المريضة من مخاطر تتعلق بتطور المرض مقابل تعرضها وتعرض الطاقم الطبي إلى مخاطر إنتقال العدوى.

لقد نجحت المؤسسات الصحية في اتباع الإرشادات الصحية والإجراءات الإحترازية التي تحمي مريضات سرطان الثدي والطاقم الطبي والتمريضي على حد سواء من مخاطر إنتقال العدوى، حيث يتم بذل جهود حثيثة في هذا الإطار وهي جهود متتابعة في وقت من غير المسموح بوجود أي خطأ مهما كان بسيطاً لأن عواقبه سوف تكون وخيمة.

 وعلى الأطباء اتباع التوصيات العالمية التي تحتم عليهم تحديد الأولويات المتعلقة بتوفير الرعاية والعلاج اللازم للمريضة ومدى تكيّفها مع السياق المحلي ضمن المستشفى فيما إذا كانت تستقبل مرضى فيروس كورونا.

العالم الإفتراضي والرعاية الصحية الخاصة بمريضات سرطان الثدي؟

لقد فرضت هذه الجائحة العالمية تغيرات في طريقة رعاية مريضات سرطان الثدي، فلم يعد بمقدورهن التوجه إلى المرافق الصحية أو المشاركة في جلسات الدعم النفسي والمعنوي التي تتبعها معظم المؤسسات الصحية التي تعنى بالسرطان لما لها من دور في تعزيز الجانب النفسي للمريضة وتحفيزها على مواجهة المصاعب التي يمكن أن تواجهها خلال مرحلة العلاج. لكن هذا التأثير كان مع بداية الجائحة، ومع التأقلم مع الظروف الجديدة من حجر منزلي وتباعد إجتماعي وصعوبة إجراء لقاءات أو ندوات شخصية، قامت الكثير من المرافق الصحية والجمعيات التي تعنى بسرطان الثدي بالإنتقال إلى العالم الإفتراضي عبر إجراء لقاءات عبر الشبكة العنكبوتية وعقد ندوات وحلقات دعم والتواصل مع المريضات لتقديم الدعم النفسي لهن.

كما تحولت الزيارات الروتينية إلى منصات إفتراضية تمكّن المريضة من التواصل مع الطبيب المتخصص وتشاركه هواجسها وما هي التغيرات التي تمر بها ليحدد لها ما إذا كان هناك من ضرورة للتوجه إلى المستشفى أم لا.  باختصار، يمكن التأكيد في هذا الإطار على أن الفريق الصحي الذي يقوم بالتواصل مع المريضة إستمر بهذه المهمة ولكن بطريقة مختلفة من دون التعرض لمخاطر التنقل والتعرض لمخاطر إنتقال العدوى. الطب عن بعد والفيديو وغيرها من وسائل التواصل كفيلة في البقاء على تماس تام مع المريضة مع إمكانية الزيارة إلى المستشفى في حال اضطر الأمر.

على صعيد العلاجات، ففي المستشفيات والمرافق الصحية التي شهدت أعداداً كبيرة من مرضى فيروس كورونا المستجد تم تأجيل العمليات الجراحية؛ وفي حالة المريضات التي تم تشخيص حالتهن في مرحلة مبكرة فقد عمل أطباء الأورام على تغيير الخطة العلاجية عبر إتباع العلاج بالغدد الصماء بدلاً من العلاج الكيميائي وفي الحالات المتقدمة كان لابد من إتباع بروتوكول العلاج كما هو مع الحرص الشديد. 

حالات سرطان الثدي التي تم تشخيصها حديثاً، فهناك علاجات مساعدة حديثة أثبتت فعالية عالية في العلاج مهما كانت مرحلة السرطان بدلاً من البدء فوراً بالعلاج الكيميائي أو الجراحة؛ في حالات أخرى فقد يكون من المفيد تناول العلاج الهرموني لاسيما في حال الإصابة بنوع ductal carcinoma in situ DCIS. وفي حال الجراحة، فبإمكان المريضة الإنتظار بضع أسابيع قبل البدء بجلسات العلاج الإشعاعي. في حالات إنتشار المرض، قد يلجأ الطبيب إلى علاجات تكون أقل سمية من غيرها لاسيما لدى المريضات الأكبر سنا من أجل إبقائهم قدر الإمكان بعيداً عن بيئة المستشفيات؛ ولكن، مع التأكيد على أن حالة المريضة عموماً هي التي تمكّن الطبيب من إتخاذ قرار في تعديل الخطة العلاجية أم لا، حيث تبين أن إجراء بعض التعديلات الطفيفة على الخطة العلاجية لا يؤثر بشكل كبير على مسار المرض.

لماذا بعض العلاجات يمكن ان تزيد من خطر التعرض للفيروس؟

من الضروري الإشارة إلى أن بعض العلاجات المتبعة لسرطان الثدي قد تجعل المريضة أكثر عرضة لخطر الإصابة بعدوى Covid-19، والسبب هو أن تلك العلاجات تسهم في إضعاف الجهاز المناعي فيعجز عن محاربة الفيروسات الجديدة التي تدخل الجسم ومن هذه العلاجات العلاج الكيميائي.

مريضات سرطان الثدي المتقدم أي أنه منتشر إلى أعضاء أخرى في الجسم، ومنها الرئة، يواجهن خطراً في حال تعرضهن لفيروس كورونا المستجد بحيث يصبح وضعهن الصحي أكثر صعوبة؛ وهو ما حث غالبية المرافق الصحية والمستشفيات على تأجيل ما يمكن تأجيله من علاجات قد تضعف الجهاز المناعي لمريضات سرطان الثدي. رغم صعوبة القرار، إلا أن مقدمي الرعاية الصحية أمام خيارين أحلاهما مر؛ فهم من جهة يخففون من تعرض المريضات لخطر إضعاف الجهاز المناعي والمجيء إلى المستشفى مع ما تحمله من خطر التعرض للفيروس، ومن جهة أخرى يدخرون أي جهد أو علاج لمرضى الفيروس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى