أمراض وعلاجات

سرطان القولون… الوقاية ليست مستحيلة

المنظار أهم سبل التشخيص

سرطان القولون… الوقاية ليست مستحيلة

يحتل سرطان القولون المرتبة الثالثة عالميا من حيث نسبة الانتشار وهو كذلك السبب الثالث الأكثر شيوعا للوفاة عند نمو الأورام في الأمعاء الغليظة؛ ورغم أن للعامل الوراثي الدور الكبير في نسب الإصابة، ولكن الكشف المبكر يسهم الى حد كبير في القضاء على المرض. كما يمكن لنمط الحياة الصحي من خلال اتباع نظام غذائي غني بالألياف وقليل من الدهون أن يساعد في الوقاية من سرطان القولون.

في المقابل، ومع الإصابة بسرطان القولون، فإن الخيار الجراحي أساسي للسيطرة على الورم يليه جلسات من العلاج الكيميائي المكثف لضمان عدم ظهور الورم مرة جديدة. هذا النوع من أنواع السرطان، وكما باقي أنواع السرطانات، استفاد كثيرا من التطورات الطبية والعلاجات الحديثة لاسيما العلاج الموجه الذي بات اليوم أساسيا في علاج بعض الحالات المرضية وفق ما تظهره الفحوصات اللازمة حول امكانية استفادتهم من هذا العلاج. على صعيد متصل، فإن العلاج المناعي له دور ايضا في تحجيم الورم والقضاء عليه وفق ما أثبتته الدراسات التي بيّنت ارتفاع معدل الحياة للمرضى الذين تلقوا هذا العلاج.

جمعية السرطان الأميركية توصي بفحص سرطان القولون والمستقيم المنتظم للأشخاص الذين يواجهون مخاطر متوسطة ابتداء من سن 45،  ويجب على الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للمرض أو الذين لديهم عوامل خطر أخرى أن يتحدثوا مع طبيبهم حول بدء الفحص في عمر أصغر. في حال وجود أي شيء مريب يثير شك الطبيب فقد يوصي الطبيب بإجراء المزيد من الفحوصات التشخيصية مثل منظار القولون أو التصوير بالأشعة السينية أو الأشعة المقطعية للقولون والمستقيم. سرطان القولون يؤثر على الأمعاء الغليظة ويبدأ عادة في جدار الأمعاء؛ وتنشأ معظم حالات سرطان القولون بكتل صغيرة وغير سرطانية في خلايا تسمى الزوائد الورمية الغدية، ولكن مع مرور الوقت، تصبح بعض هذه الزوائد سرطانًا. وقد تكون الزوائد اللحمية قليلة وينتج عنها أعراضا قليلة؛ ولهذا السبب، يوصي الأطباء بإجراء اختبارات فحص دورية، لمراقبة الزوائد اللحمية قبل أن تصبح سرطانًا. فالخلايا السليمة تنمو وتنقسم بشكل طبيعي ومنتظم للحفاظ على آلية عمل الجسم؛ ولكن عندما تتلف الخلية وتتحول إلى سرطانية، فإنها تستمر في الانقسام حتى عند عدم الحاجة لإنتاج خلايا جديدة. وقد تهاجم هذه الخلايا السرطانية أي نسيج طبيعي قريب منها وتدمره، كما يمكن أن تنتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم. وتكون البداية في أغلب الحالات على شكل تكتلات من الخلايا محتملة التسرطن (الزوائد اللحمية) على البطانة الداخلية من القولون. وقد تظهر الزوائد اللحمية على شكل فطر أو قد تكون مسطحة أو غائرة بداخل جدار القولون. إزالة هذه الزوائد اللحمية قبل أن تصبح سرطانية تسهم في الوقاية من الإصابة بسرطان القولون. قد لا تظهر الأعراض حتى مرحلة لاحقة من الإصابة. لذلك من الأفضل اختبار سرطان القولون قبل حدوث أي أعراض.

النظام الغذائي وخطر الإصابة

هناك الكثير من الدراسات التي تربط بين الإصابة بسرطان القولون والنظام الغذائي الغني بالدهون والسعرات الحرارية وقليل الألياف، فإن خطر الإصابة بسرطان القولون يزيد لدى هؤلاء الأفراد بشكل كبير. ورغم أن السبب المباشر الذي يربط بينهما ليس واضحا، الا ان الباحثون يبحثون إذا ما كان النظام الغذائي ذو نسبة الدهون المرتفعة والألياف المنخفضة يؤثر على الميكروبات التي تعيش في القولون أو يسبب التهابات كامنة قد تسهم في خطر الإصابة بالسرطان. لذلك، ان اتباع نظام غذائيّ غنيّ بالألياف مثل الحبوب الكاملة والخضراوات والفاكهة، وقليل اللحوم الحمراء، الى جانب تجنّب الأطعمة الغنيّة بالدهون المشبعة والأسماك المملّحة والأطعمة المدخّنة والخضراوات المخلّلة هي بداية الطريق نحو الوقاية من سرطان القولون.

منظار القولون أهم سبل التشخيص

مع وجود بعض الأعراض المذكورة أعلاه، لا سيما إذا ما ترافقت مع تاريخ عائلي، فإن ذلك يستدعي اجراء بعض الفحوصات التشخيصية والاختبارات التي تحدد الاصابة من عدمها. استخدام المنظار هو من أهم السبل لتشخيص سرطان القولون، حيث يتم استخدام أنبوبا طويلا ومرنا ورفيعا يتصل بكاميرا فيديو وشاشة لعرض القولون والمستقيم بأكملها. إذا تم العثور على أي مناطق مشتبه في إصابتها بالمرض، يمكن للطبيب تمرير الأدوات الجراحية من خلال أنبوب لأخذ عينات من الأنسجة (خزعات) لتحليلها وإزالة السلائل. ورغم انه لا يوجد فحص دم يدل على الاصابة بسرطان القولون بشكل مباشر، فان الفحوصات العامة واختبارات وظائف الكلى والكبد قد تساعد كثيرا؛ ويبحث الطبيب من خلال فحوصات الدم عن وجود مادة کیمیائیة تنتج في بعض الأحيان عن طريق سرطانات القولون (المستضد السرطاني المضغي أو CEA). 

مع تعقب المستضد السرطاني المضغي على مر الزمن، يمكن أن يعمل مستواه في الدم على مساعدة طبيبك في فهم ما إذا كان السرطان يستجيب للعلاج. في حال وجود السرطان، فإن التشخيص يقود الطبيب ايضا الى تحديد مراحل المرض وعلى أساسها يتم تحديد العلاج المناسب لحالته ولوضعه الصحي. 

العلاجات

يعتمد العلاج على مدى كبر الورم وانتشاره في الجسم أي مرحلة المرض، الى جانب الأخذ بعين الاعتبار حالة المريض الصحية عموما وما يترتب على العلاج من آثار جانبية وقدرة المريض على التحمل.

تعتبر الجراحة هي الوسيلة العلاجية لمعظم أنواع سرطان القولون والمستقيم، وأفضل فرصة للعلاج هو إزالة الورم تماما. يقوم الجراح بإزالة جزء من القولون أو المستقيم الذي يحتوي على الورم فقط، وهذا يترتب عليه ألم أقل وشفاء أسرع.

في حالات أخرى، يمكن تدمير الورم من دون إزالته، حيث يستخدم الأطباء موجات الراديو عالية الطاقة لقتل السرطان، أو حقن الورم بالكحول أو تجميده.    

كما يمكن تدمير الخلايا السرطانية أو منعها من الانتشار في جميع أنحاء الجسم، عن طريق أخذ الأدوية الكيميائية في شكل حبوب أو من خلال الوريد، ويمكن أخذها في الأوعية الدموية بالقرب من الورم. العلاجات الموجهة باتت اليوم تستخدم لعلاج التغيرات في الخلايا التي تؤدي إلى السرطان، وعلى سبيل المثال، بعض الخلايا لديها الكثير من البروتين الذي يساعدها على النمو والازدهار، والأدوية المستهدفة يمكن أن توقف نمو السرطان ولها آثار جانبية أقل من العلاج الكيميائي. كل مريض بحاجة الى رعاية تلطيفية يحصل عليها من قبل فريق متخصص، من أجل التخفيف من آلامه وما يعاني منه من مضاعفات تتعلق بنوع العلاج. فالرعاية التلطيفية إذا ما ترافقت مع العلاج المناسب وسط فريق طبي متكامل، تنعكس ايجابا على حالة المريض عامة وتتحسن حالته ويعيش لفترة أطول.

من هم الفئات الأكثر عرضة؟

هناك بعض العوامل ان توفرت فإنها تزيد من خطر الاصابة، ومن هذه العوامل: 

  • التقدم في السن وهو ما يبرر ما تدعو إليه الحملات التوعوية التي تحث كل من بلغ سن الخمسين وما فوق أن يجري منظار القولون.
  • حالات الأمعاء الملتهبة مثل التهاب القولون التقرحي ومرض كرون، فإنها تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون.
  • توافر العامل الوراثي من خلال تاريخ عائلي لسرطان القولون؛ إذا كان أكثر من فرد من العائلة لديه سرطان القولون أو سرطان المستقيم، فإن خطورة الإصابة تكون أعلى.
  • نظام غذائي قليل الألياف وغني بالدهون، فقد حققت الأبحاث في هذا المجال نتائج متباينة. كما اكتشفت بعض الدراسات ارتفاع خطر الإصابة بسرطان القولون في الأفراد الذين يتبعون أنظمة غذائية بها نسب عالية من اللحوم الحمراء واللحوم المجهزة.
  • الخمول وعدم ممارسة أي نوع من أنواع النشاط البدني.
  • داء السكري. يعاني الأفراد المصابون بداء السكري ومقاومة للأنسولين بارتفاع خطر إصابتهم بسرطان القولون.
  • السمنة. الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة لديهم معدل أكبر للإصابة بسرطان القولون.
  • التدخين وتعاطي بعض المشروبات بشكل مكثف.

هل يمكن الوقاية؟

الوقاية من الاصابة بسرطان القولون ليس بالمستحيل حتى مع توافر العامل الوراثي، اذ يكفي إدخال بعض التعديلات في نمط الحياة والخضوع لفحوصات الكشف المبكر في الوقت اللازم ليصبح المرء في منأى عن ذلك. 

الأشخاص المعرضون لخطر متوسط للإصابة بسرطان القولون يمكنهم الخضوع لفحص بدايةً من سن 50 عاما. أما في حال وجود خطر أكبر مثل هؤلاء الذين لديهم تاريخ عائلي يجب أن يضعوا في الاعتبار الخضوع للفحص قبل ذلك.

إدخال بعض التغييرات على النظام الغذائي تسهم الى حد كبير في الوقاية وذلك من خلال:

  • الإكثار  من تناول الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة لاحتوائها على الفيتامينات، والمعادن، والألياف ومضادات الأكسدة، ما يسهم في الوقاية من السرطان. 
  • الإقلاع عن التدخين.
  • ممارسة تمارين رياضية لمدة لا تقل عن 30 دقيقة في معظم الأيام. 
  • الحفاظ على وزن صحي. إذا كان وزنك صحيًا، فاعمل على الحفاظ على وزنك من خلال الجمع بين نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية اليومية. 

أما أبرز أعراض سرطان القولون

  • تغيير في عادات الأمعاء، مثل الإسهال، الإمساك، أو تغير شكل البراز،  وذلك لبضعة أيام
  • الشعور بأنك بحاجة إلى دخول الحمام وعدم الشعور بالارتياح
  • نزيف في المستقيم
  • براز داكن أو دم في البراز
  • التشنج
  • ضعف وإرهاق
  • فقدان الوزن بدون سبب

مراحل سرطان القولون تنقسم إلى أربع، هي

  • السرطان منتشر في البطانة السطحية للقولون أو المستقيم، ولكنه لم ينتشر خارج جدار القولون أو المستقيم.
  • السرطان منتشر في أو خلال جدار القولون أو المستقيم، ولكنه لم ينتشر إلى الغدد اللمفاوية المجاورة.
  • السرطان أصاب الغدد الليمفاوية المجاورة، ولكنه لم يؤثر بعد على أي أجزاء أخرى في الجسم.
  • السرطان انتشر إلى مواقع بعيدة، كأعضاء الجسم الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى