أمراض وعلاجات

التهاب المفاصل الروماتويدي

التهاب المفاصل الروماتويدي

علاجات حديثة للتحكم في الألم والحفاظ على جودة الحياة

التهاب المفاصل الروماتويدي من أمراض المناعة الذاتية التي تحدث عندما يهاجم جهاز المناعة عن طريق الخطأ الغشاء الذي يحيط بالمفاصل، غالباً ما يؤدي إلى التهاب وتيبس وألم وانتفاخ في العضلات.

وفي أمراض المناعة الذاتية، يرسل الجهاز المناعي عن طريق الخطأ الالتهاب إلى الأنسجة السليمة، فيتسبب بحدوث الكثير من الالتهابات التي تنتقل إلى المفاصل مسببة الألم والتورم؛ وإذا استمر الالتهاب لفترة طويلة يمكن أن يتسبب في تلف المفصل. إنه من الأمراض الشائعة لدى النساء أكثر من الرجال، وذلك بنسبة 8 حالات من النساء مقابل 1 حالة من الرجال. وهناك العديد من العوامل التي تسبّب مرض التهاب المفاصل الروماتويدي منها العامل الوراثي، التدخين، وبعض العوامل البيئية. يُصيب التهاب المفاصل الروماتويدي بطانة المفاصل، مما ينجم عنه تورم مؤلم يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تآكل العظام وتشوه المفاصل.

يحدث تلف المفاصل الذي يسببه التهاب المفاصل الروماتويدي عادةً على جانبي جسمك، وذلك يعني أنه إذا تأثر أحد المفصلين في الذراعين أو الساقين، فمن المحتمل أن يتأثر المفصل نفسه في الذراع أو الساق الأخرى أيضاً، وهي إحدى الطرق التي يميز بها الأطباء التهاب المفاصل الروماتويدي عن الأشكال الأخرى من التهاب المفاصل.

الأعراض

تظهر الأعراض عادة في اليدين أو المعصمين والكاحلين والركبتين على جانبي الجسم، وإذا تركت من دون علاج يمكن أن يؤدي التورم المتكرر إلى تلف المفاصل. فالمفاصل التي تعاني من الإلتهاب تكون في حالة تورّم وإحمرار، وذلك الإحساس بوجود حرارة فيها.

عند إستخدام اليد التي تعاني من الإلتهاب في القيام بالأعمال والأنشطة المختلفة فإن الألم سوف يزداد؛ وعند الإستيقاظ من النوم غالباً ما يكون هناك صعوبة في تحريك اليد وذلك بسبب وجود شد في المفصل وقد يستغرق بعض الوقت إلى أن يتحسن الحال.

قد تظهر الأعراض في بعض الأحيان ثم تختفي من تلقاء نفسها، وقد تسبب الحالة أعراضًا مثل:

    • التعب
    • الحمى
    • ألم أو تصلب في مفاصل متعددة
    • ضعف
    • فقدان الوزن

مع تطور المرض، فقد يؤدي ذلك إلى مضاعفات طويلة الأمد مثل:

    • مرض القلب المبكر
    • ضغط دم مرتفع
    • داء السكري من النوع 2
    • فقدان التوازن
    • مشاكل في الرئتين والعينين والأعضاء الأخرى

صحيح أن هذا المرض يؤثر في البداية على المفاصل ولكنه لا يقتصر عليها، فإذا تُرك المرض من دون علاج قد يؤدي ذلك الى خروجه عن السيطرة ولن يؤدي إلى إتلاف المفاصل والعظام والغضاريف فحسب بل قد يؤثر أيضًا على العديد من الأعضاء الداخلية مثل العينين والجلد والرئتين. لذلك، يلعب التشخيص المبكر والعلاج في الوقت المناسب دورًا رئيسيًا في منع المضاعفات.

تتأثر المفاصل الأصغر بالدرجة الأولى خاصة المفاصل التي تربط أصابع اليدين باليدين وأصابع القدمين بالقدمين، وكلما تطور المرض انتشرت الأعراض إلى المعصمين والركبتين والكاحلين والمرفقين والفخذين والكتفين.

من أهم العلامات المبكرة التي يشعر بها المريض:

التعب غير المبرر

يشعر المريض بتعب ووهن شديد من دون وجود سبب وذلك قبل بدء اعراض المرض الاساسية بالظهور ربما بأسابيع او أشهر، على ان يشتد التعب او تتغير حدّته بين الحين والآخر. التعب والوهن الشديدين يعتبران من سمات امراض المناعة الذاتية.

تصلب المفاصل في الصباح

عند الإستيقاظ تكون حالة المفاصل في أسوأ حالها وذلك لعدم تحريكها لساعات خلال النوم، واكثر المفاصل تأثراً هي مفاصل اليدين بحيث يعجز المريض عن ضم الأصابع في قبضة اليد بشكل كامل؛ وتتأثر المفاصل في الغالب بشكل متماثل على جانبي الجسم. تصلب المفاصل في فترة الصباح يستمر لمدة نصف ساعة في أغلب الحالات، ولكن تزداد الحالة مع تقدم المرض وتتزايد مع عدم تلقي العلاج المناسب.

ألم المفاصل وتورمها

غالباً ما يتبع تصلب المفاصل آلام شديدة عند الضغط على المفصل أو عند تحريكه مع تورم بسيط، ويؤثر ذلك على مفاصل بناحيتي الجسم بشكل متماثل. مع تطور الأعراض يصبح الألم موجوداً بدون ضغط أو حركة ويكون أكثر شدة في الصباح أو بعد فترات من الراحة. كما يصاحب التورم سخونة تحدث بسبب زيادة الالتهاب وتأثر الأنسجة المحيطة بالمفصل بهجوم الخلايا المناعية الذي يحدث عن طريق الخطأ مسبباً الروماتيزم.

ارتفاع بسيط في درجة حرارة الجسم

عندما يصحب الأعراض المبكرة من تصلب وألم المفاصل ارتفاع بسيط في درجة حرارة الجسم فإن ذلك يعتبر إشارة تحذيرية لاستشارة الطبيب وإجراء الفحوصات وتحاليل المختبر الخاصة بالروماتيزم.

الشعور بالوخز والتنميل

التهاب الأوتار المحيطة بالمفاصل والتي تنظم حركتها يؤدي إلى الضغط على بعض الأعصاب فيتسبّب بالشعور بالوخز والتنميل في بعض المناطق المحيطة بالمفاصل المتأثرة. كما يمكن أن يصاحب ذلك حدوث طقطقة مع تحريك المفصل بسبب تأثر المفصل بالالتهاب.

علاجات متطورة

تسهم العلاجات المتطورة اليوم في السيطرة على الألم والحد من شدة النوبة التي قد تحصل مع المريض فتؤدي في كثير من الحالات إلى تهدئة الأعراض وتقليل الإلتهاب ما يساعد في منع المزيد من تلف المفاصل والأعضاء. 

تحديد العلاج يعتمد على نوع الإلتهاب الحاصل بعد تشخيصه من قبل الطبيب المختص، ولكن هناك بعض العلاجات المشتركة التي يمكن من خلالها تقليل الألم والأعراض ويتم اختيارها على أساس الحالة أو مرحلة الألم ومدى استجابة المريض لها.

تساعد الأدوية مريض التهاب المفاصل الروماتويدي في إدارة الألم والتحكم في الاستجابة الالتهابية؛ بعضها يساعد على تخفيف الألم الذي تُسببه أعراض المرض، والبعض الآخر يساعد في الحدِّ من الأضرار التي يُحدثها التهاب المفاصل الروماتويدي ويمكن لهذا النوع من الادوية ان يبطئ تطور المرض فيحافظ على المفصل والانسجة المحيطة به من خطر التعرض للضرر. قبل تحديد العلاج، يقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوصات الضرورية للحصول على تشخيص دقيق يحدد من خلاله حالة المفضل والمرحلة التي وصل اليها الالتهاب؛ فيطلب من المريض اجراء بعض الفحوصات المخبرية لسوائل الجسم، تشمل فحص الدم وفحص البول بالإضافة إلى السوائل التي يتم جمعها من المنطقة التي حصل فيها الالتهاب حول المفاصل.

يعتمد الأطباء كذلك على العديد من طرق التصوير المختلفة كالتصوير بالأشعة السينية والتصوير الطبقي بالإضافة إلى التصوير بالأمواج الصوتية للمساعدة في تشخيص التهاب المفاصل.

بحسب الحالة المرضية، يصف الطبيب المعالج مضادات الالتهاب غير الستيرويدية التي تخفف الألم وتقلل الإلتهاب أو الستيرويدات التي تقلل من الإلتهاب والألم وتبطئ تلف المفاصل ولكن يمكن أن تشمل الآثار الجانبية للدواء ترقق العظام وزيادة الوزن ومرض السكري، لذلك يصفها الأطباء لتخفيف الأعراض الحادة.

يتوافر كذلك بعض الأدوية المضادة للروماتيزم المعدلة للمرض والتي تعمل عن طريق التقليل من مهاجمة جهاز المناعة للمفاصل.

أحيانا، تفضل العلاجات الدوائية في تهدئة الحالة المرضية فيلجأ الطبيب عندها الى العملية الجراحية لإصلاح المفاصل التالفة. وقد تساعد العملية الجراحية على استعادة قدرة المريض على استخدام المفاصل المتضررة، كما يمكنها أن تقلل الألم وتصحح التشوّهات.  يمكن أن تتضمن العملية الجراحية لالتهاب المفاصل الروماتويدي استئصال الغشاء الزليلي الملتهب أي بطانة المفصل ويمكن إجراء هذه العملية على الركبتين والرسغين وأصابع اليدين والوركين. كما يمكن ان يقوم الطبيب خلال العملية بإصلاح الوتر، فقد يؤدي الالتهاب وتلف المفصل إلى ضعف أو تمزق المفصل وقد يتمكن الجراح الخاص من إصلاح الأوتار حول المفصل. أحيانا، تتطلب بعض الحالات الجراحة لدمج المفصل بهدف تثبيت أو إعادة محاذاة المفصل وتخفيف الألم عندما لا يكون استبدال المفصل خياراً مناسباً. أما عمليات استبدال المفصل بالكامل، فيقوم الجراح بإزالة الأجزاء التالفة من المفصل وإدخال الأطراف الصناعية المصنوعة من المعدن والبلاستيك.

أسلوب حياة المريض

بما ان التهاب المفاصل الروماتويدي من الأمراض المزمنة التي ترافق المريض طوال حياته، ومع العلاجات المتطورة التي تتوافر في الوقت الراهن، بإمكان المريض التحكم بحالته المريض الى حد كبير والعيش لفترات طويلة من دون حدوث أي هجمة أو نوبة للمرض وحتى إن حصلت يمكن أن تكون أعراضها خفيفة. إن أسلوب حياة المريض يسهم الى حد كبير في السيطرة على الحالة أيضا، ولا يمكن للعلاجات بمفردها أن تحقق الهدف المنشود من دون أن يقوم المريض ببعض التغييرات في نمط حياته اليومي.

ما إن يعرف المريض إصابته بهذا المرض، عليه أن يتبع نظاما خاصا من التمارين الرياضية التي تعمل على تقوية العضلات المحيطة بالمفصل؛ ورغم أنها تمارين بسيطة إلا أنها مع مرور الوقت تحقق الغاية المرجوة وتزيد من قدرة المريض على التحمل نظرا لتقوية المفصل فيتمكن عندها من زيادة تلك التمارين وقد يصل الى مرحلة ممارسة رياضة المشي او السباحة البسيطة بشرط ان لا يرهق المفاصل المصابة. على المريض أيضا خلال حياته اليومية ان يبتعد عن التوتر والقلق والعصبية الزائدة لان ذلك يزيد الحالة سوءا؛ عليه ان يحرض على استرخاء العضلات وتهدئة الاعصاب. بإمكان المريض تطبيق الحرارة أو البرودة لأن يمكن ان تساعد على تخفيف الألم وإرخاء العضلات المؤلمة والمشدودة. وقد تساعد البرودة على تقليل الإحساس بالألم، كما أنها تعطي تأثير التخدير وتقلل من تشنجات العضلات. في حال كان المريض مدخنا، يجب أن يتوقفعن التدخين مباشرة لأن ذلك يقلل من فعالية العلاجات ويزيد الحالة سوءا. كما أن خسارة الوزن الزائد في حال كان المريض بدينا هي حاجة ملحة للتحكم أكثر في المرض وإدارته بشكل أفضل.

وبما أن للغذاء دور فاعل في حياتنا لجهة الأمراض والتحكم بها، فقد يوصي الطبيب بنظام غذائي خاص  مضاد للإلتهابات يساعد في السيطرة على الأعراض؛ يتضمن هذا النوع من النظام الغذائي الأطعمة التي تحتوي على الكثير من أحماض أوميغا 3 الدهنية، مثل الأسماك الدهنية. كما تساعد أيضاً مضادات الأكسدة مثل الفيتامينات A وC وE والسيلينيوم في تقليل الالتهاب. ينبغي تناول الكثير من الألياف لأنها تقلل الإستجابات الالتهابية بحسب ما توصلت إليه الدراسات الحديثة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى