مستشفيات بيروت وضواحيها… على قدر عال من المسؤولية
مستشفيات بيروت وضواحيها… على قدر عال من المسؤولية
الكارثة لم تمنع الجسم الطبي من إستكمال عمله وإسعاف الجرحى
تمر مستشفيات العاصمة بيروت وضواحيها بظروف أليمة إثر تخطيها قدرتها الإستيعابية بعد أن غصّت بآلاف الجرحى فضلا عن الأضرار الجسيمة التي لحقت ببعضها، في وقت أثبت الطاقم الطبي والإستشفائي قدرة هائلة على لملمة الجراح وتلبية النداء رغم الظروف الصعبة والمأساوية حيث تجنّدت الطواقم الطبية كافة ووصلت ليلها بنهارها لتقديم الخدمة الطبية اللازمة والإستجابة السريعة في إسعاف المصابين جراء التفجير.
تضررت 4 مستشفيات بشكل كبير جرّاء الإنفجار فوجهت نداءات إستغاثة ما أوجب إخلاء بعضها نتيجة الضرر البالغ، كما غصّت مستشفيات بيروت والضواحي بآلاف الجرحى في غرف الطوارئ مع الأخذ بعين الإعتبار حالة الإستنفار بسبب فيروس كورونا المستجد في ظل إرتفاع عدد الحالات يوميا. لم تسلم المستشفيات في بيروت ومحيطها من تداعيات الإنفجار، حيث تعرّض المرضى وأفراد الطاقم الطبي لإصابات جرّاء الدمار الذي لحق بها وتناثر الزجاج عليهم من شدة الإنفجار. فقد تعذّرت إمكانية تقديم الرعاية الصحّية في المستشفى اللبناني الجعيتاوي ومستشفى القديس جاورجيوس للروم الأرثودكس ومستشفى راهبات الوردية (الجميزة) ومستشفى الكرنتينا؛ إلا أن ذلك لم يمنع الجسم الطبي من متابعة عمله وإسعاف الجرحى وإجراء العمليات الجراحية اللازمة. إن قرب هذه المستشفيات من مكان الإنفجار يُفسّر حجم الخسائر البشرية والمادية التي لحقت فيها. المستشفى اللبناني الجعيتاوي يبعد حوالى 1200 متر عن عصف الإنفجار.
أمّا مستشفى القديس جاورجيوس للروم الأرثودكس فهو على مسافة 1000 متر من المرفأ والذي غرق في الظلام بعد إنقطاع التيار الكهربائي، ما عرّض حياة مرضى العناية الفائقة للخطر؛ بينما يقع مستشفى راهبات الوردية على مسافة قريبة من موقع المرفأ.
مستشفيات العاصمة والضواحي… على قدر المسؤولية
مع خروج هذه المستشفيات عن الخدمة التطبيبية، تحول الضغط إلى سائر مستشفيات العاصمة والضواحي التي أثبتت قدرتها على إحتواء الجرحى وتقديم الخدمة الطبية اللازمة. ومن بين المستشفيات التي احتضنت الإصابات المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية – مستشفى رزق الذي استقبل الحالات الطارئة في جميع أقسامه على الرغم من الأضرار الكبيرة التي لحقت بمبنى المستشفى مع تسجيل إصابات طفيفة في الجسم الطبّي.
مستشفى أوتيل ديو في منطقة الأشرفية استقبل ما يزيد عن الـ500 جريحا في الساعات الأولى من مساء ذلك اليوم المشؤوم، حيث تمدد عدد من الجرحى عند مدخل الطوارئ الذين لم يتمكن المستشفى من استيعابهم. الطاقم الطبي والتمريضي وضع كل إمكاناته لإسعاف الجرحى والقيام باللازم.
أما مركز الجامعة الأميركية الطبّي، فقد استقبل بدوره مئات الجرحى والمصابين في قسم العمليات بالرغم من أنّه ما زال يحصي الأضرار التي طالت مبانيه المتعدّدة. كما استقبل مستشفى أوتيل ديو ما يزيد عن 400 جريح و14 جثة فيما تضرّرت إحدى غرف العمليات فيها وأقسام أخرى في مختلف الأبنية الإدارية والطبّية.
كما أعلن مستشفى بعبدا الحكومي الجامعي عن رفع جهوزيته من أطباء وممرضين وممرضات وتقنيين وإداريين، وتقديم كل الخدمات والعناية الطبية اللازمة لكل من يقصده مع تدفق عشرات الجرحى إلى قسم الطوارئ.
مستشفى رفيق الحريري الذي يعتبر في خط المواجهة الأول مع Covid-19، أعلن عن إستقباله أكثر من 66 جريحاً.
مستشفيات خارج الخدمة… ولكن
المباني في هذه المستشفيات معدّة لحالات الطوارئ والكوارث وهي مجّهزة كذلك للصدمات، لكن هذا التفجير كان أكبر من أي تجهيزات؛ فقد سقط فيها قتلى وجرحى، وتعطّلت وتهدّمت أقسام داخلية كثيرة فيها. خلاصة القول ان هذه المستشفيات تدمرت تدميراً داخلياً كاملاً. رغم هذا الدمار الهائل الذي لحق فيها وحاجتها إلى مستلزمات طبية وأدوية وغيرها، لكن الطواقم الطبية والتمريضية كانت على قدر المسؤولية في إحتضان الجرحى ولملمة الجراح على الرغم من كل الصعوبات. هذه الكارثة لم تمنع الجسم الطبي من إستكمال عمله وإسعاف الجرحى وتطبيبهم وكذلك إجراء العمليات الجراحية اللازمة.
فقد تعرض مستشفى الروم في بيروت للدمار بشكل كامل واضطر إلى إجلاء جميع المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج داخله بمن فيهم 19 مصابا بفيروس كورونا. واليوم، هناك خلية عمل متواصلة على مدار الساعة في مستشفى الروم رغم الأضرار التي لحقت به من أجل إعادة تفعيل خدمة الطوارئ. هذا المستشفى لم يكتف بالخسائر المادية والدمار، بل كان له النصيب الوافر في تقديم الأرواح حيث لاقت خمس ممرضات حتفهن في التفجير الذي هزّ العاصمة وضواحيها.
كما تم إنشاء وتجهيز مستشفى ميداني تقدمة من دولة قطر للبنان في باحة مستشفى الروم؛ ويعد المستشفى الميداني أحد مستشفيين تبرعت بهما دولة قطر للبنان لمواجهة كارثة التفجير، كما تواصل فرق الإنقاذ القطرية أعمالها في الميدان لمساعدة لبنان على لملمة الجراح تنفيذاً لتوجيهات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حيث وجه سموه بتسيير جسر جوي إلى بيروت يحمل معدات وتجهيزات طبية للمساعدة في جهود الإغاثة لضحايا التفجير الدامي.
في مستشفى الوردية (الجميزة)، توفيت ممرضة من الطاقم الطبي وتم إجلاء جميع المرضى منه بعد تدمّر مبنيي المستشفى بشكل كامل وانقلابه رأسا على عقب حيث انه يبعد 850 مترا فقط عن مكان الإنفجار، ممرات وغرف المستشفى تساقطت أسقفها وتحطمت نوافذها، وأصبحت غير صالحة للاستشفاء.
يقع مستشفى “بيروت الحكومي- الكرنتينا” على بعد نحو 500 متر من مرفأ بيروت، مقصد الأطفال حديثي الولادة ودون العشرة أعوام من أصحاب الحالات الحرجة لاقى نصيبا وافرا من الدمار ولم يعد صالحا لاستقبال المرضى بل اضطر كذلك إلى إخراج المرضى.
وكان وزير الصحة العامة في لبنان الدكتور حمد حسن قد تفقد مستشفى الكرنتينا مطلعاً على الأضرار التي لحقت به، وأعلن عن وضع المستشفى الميداني الذي وصل من قطر في تصرفه. كما استقبل وفدا من إدارة مستشفى الكرنتينا عرض له ما تعرض له المستشفى من نكبة أدت إلى إنهيار المبنيين القديم والجديد للمستشفى الذي أصبح غير قادر على الإستمرارية حيث تم نقل المرضى إلى مستشفيات أخرى.