خدمات الشحن الطبي
خدمات الشحن الطبي
الشركات تطوّر آلياتها والعالم العربي يقتحم الريادة
دخل العالم ثورة الإنفتاح والتواصل السريع وتقريب المسافات، والقطاع الطبي ليس فقط غير بعيد عن هذه الثورة بل هو في صلبها نظرا لحاجات المرضى الملحة والحرجة التي تستدعي السرعة في التوصيل والتنفيذ من جهة، ونظرا لما تتطلبه الأدوية والعلاجات والمواد الطبية من خصوصية في التوضيب والشحن من جهة ثانية.
كذلك زاد انفتاح العالم على بعضه البعض نسبة حركة الشحن في القطاع الطبي ما استدعى تطوير تقنيات هذه الحركة وتوسيعها، بحيث بتنا نشهد تباعا افتتاح مراكز وخطوط جديدة لتلبية الحاجات والمتطلبات الطبية المتزايدة، ولتحسين السلامة والأمان كجزء من جودة الخدمة الطبية التي باتت هدفا متواصل التحقيق لدى جميع العاملين في القطاع. توسّعَ قطاع شحن المواد الطبية ليشكل مجالا جديدا من العمل بين الطبي والتجاري. ومع الوقت وضرورات الخصوصيات الطبية، بات أكثر انتشارا وتطورا، وأكثر تماهيا مع المتطلبات الطبية في المستشفيات. وفي المقابل بات يشكل حركة مالية تصل حول العالم إلى مليارات الدولارات.
تطوّر متعدد المستويات
عمليات الشحن في القطاع الطبي غزت العالم بسرعة، وهي تتوسّع تقنيا ومكانيا. فبعد اعتمادها لحالات محددة خصوصا في أوروبا وأميركا، بدأ ينتشر استخدامها في الغرب والشرق، حيث بدأ عدد من البلدان العربية ليس فقط اعتماد هذه الخدمات بل التوسع في استخدامها وتطوير تقنياتها. في هذا السياق ولتوفير أفضل خدمة شحن طبية، تُجري مثلا شركة “ماترنات” تجارب على طائرة من دون طيار في سويسرا بقصد توصيل ونقل الأدوية بين المستشفيات. ويمكن لهذه الطائرات حمل أدوية يصل وزنها إلى 1.8 كلغ، باعتبارها طائرات صغيرة الحجم. ونُقِل عن الشركة قولها إنها تسعى إلى نقل مواد أخرى عبر هذه الطائرات، غير أن البداية ستكون عبر نقل أكياس الدم والأدوية بين المستشفيات.
وتفيد المعلومات المنشورة أن الأدوية يتم شحنها في علب بحجم علب الأحذية، قبل نقلها إلى إحدى الطائرات من دون طيار التي تبدأ مباشرة عملية التوصيل. وبحسب الشركة، فإن طائراتها يمكن أن تطير لمسافة تصل إلى أكثر من 19 كلم، كما بإمكانها التعرف على المسالك المختصرة في الجو. وتتمتع هذه التقنية بنفس نظام الطائرات في الحالات الاستعجالية، حيث يمكن متابعة موقعها باستمرار. وهي تساهم في تسريع عملية التوصيل، بعد أن كانت المستشفيات تعتمد في السابق على عمليات تقليدية بواسطة شركات شحن أرضي. مثل هذه طائرات لنقل الأدوية استعملتها الحكومة التنزانية في خطوة تعتبر الاولى من نوعها لنقل الأدوية لجميع أنحاء البلاد وخاصة شرق إفريقيا.
وتتعامل حكومة تنزانيا مع شركة “زيبلاين” للخدمات اللوجستية الأميركية لإطلاق ما يقال إنها ستكون “أكبر خدمة نقل للطائرات دون طيار في العالم”، لتوفير إمكانية الحصول على الإمدادات الطبية الضرورية. وأشارت “زيبلاين”، إلى أن الحكومة التنزانية بدأت في الربع الأول من العام 2018 في استخدام طائرات دون طيار، لتنظيم ما لا يقل عن ألفي شحنة يوميا لأكثر من ألف مرفق طبي. وقال مدير عام المخازن الطبية الوطنية التنزانية، لوريان بواناكونو، إن خدمة الطائرات من دون طيار ستكون هامة في وقت الطلب غير المتوقع، أو خلال سوء الأحوال الجوية. يذكر أن “زيبلاين” قدمت خدمة مماثلة عبر الطائرات من دون طيار في تنزانيا لنقل الدم في حالات الطوارئ، منذ أكتوبر عام 2016. وتعتمد لوجستيات توزيع الخدمات الطبية، أدويةً وتجهيزاتٍ ووحدات دم، وسائل النقل المبردة المصممة للحفاظ على الحرارة المطلوبة. وهذا ما تطبّقه وسائل نقل الأدوية في ألمانيا وأوروبا وأميركا وأسيا باعتمادها على اللوجستيات الرئيسية لشبكة الإمداد الخاصة بوسائل نقل الأدوية القائمة على ممارسات التوزيع الجيدة، إذ توفر طريقة مثالية للشحن.
أما في مجال التغليف فإن شركة PharmaindustriePharmaserv Logistics لديها تصريح بتغليف المواد الدوائية (تغليف ثانوي) بموجب المادة 13 من قانون الأدوية. وهي تتولى مهام عمل بسيطة لإعادة التغليف أو إعادة العمل. أما ما يخص عمليات التخزين المبرد (خدمة) فإن شركة Lagerlogistik Pharmaserv Logistics تتولى تخزين المنتجات الحساسة المطابقة للوائح التعامل عملياً مع البضائع وذلك في درجات حرارة مختلفة. وهنا يعمل “مركز توزيع الأدوية الرئيسي” بمثابة محور للتوزيع. هناك أيضا شركة F.lli Sebeto Trasporti وهي احدى الناقلين ولها مثلهم موثوقية في الشحن إلى جميع الوجهات الأوروبية، خاصة إلى ألمانيا وفرنسا وسويسرا والنمسا وهولندا. وهي تقوم بالتجميع على المستويين المحلي والعالمي، ونقل السوائل الغذائية في صهاريج ذات درجات حرارة محكومة.
أول وأكبر منشأة في العالم
في العالم العربي افتتحت أكثر من دولة خطوطا للشحن الجوي لمثل هذه الأدوات واللوازم الطبية. ومن هذه الدول الإمارات التي افتتحت منشأة جديدة لتخزين ومناولة الأدوية، وهي أول وأكبر منشأة في العالم تنال اعتماد الاتحاد الاوروبي لعمليات تتم عبر مطارين. ففي سبتمبر (أيلول) 2016 افتتح الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي لطيران الإمارات والمجموعة، “الإمارات سكاي فارما”، أحدث منشأة للإمارات للشحن الجوي مخصصة لمناولة الأدوية الحساسة للحرارة بسرعة وأمان تام في قرية الشحن بمطار دبي الدولي.
وقال نبيل سلطان، نائب رئيس أول طيران الإمارات لدائرة الشحن: “تعد الأدوية من أهم المنتجات التي ننقلها، وذلك نظراً لضرورتها وتأثيرها على الناس والمجتمعات في العالم. ونظراً لكوننا رواداً في صناعة الشحن الجوي العالمية، فقد رأينا أن بناء وتجهيز منشآت حديثة للشحن المبرد من أجل نقل الأدوية ليس بالأمر الكافي، لذلك اتخذنا خطوة أخرى لضمان امتثال عملياتنا لأعلى المعايير الدولية، وطمأنة عملائنا باستمرار أن شحن بضائعهم القيّمة الحساسة للحرارة مع الإمارات للشحن الجوي هو الخيار الآمن والأمثل لأعمالهم وعملائهم“.
وتعد منشأة “الإمارات سكاي فارما” جزءاً من توسعة جديدة مساحتها 11 ألف متر مربع لمحطة الإمارات سكاي سنترال في مطار دبي الدولي، وتضم منطقتين يمكن التحكم بدرجة حرارتهما (2 – 8 درجات مئوية، و15 – 25 درجة مئوية)، و88 موقعاً مكيف الهواء ضمن نظام منصات المناولة الآلي، و5 أرصفة مكيفة الهواء لتفريغ وتحميل البضائع في الشاحنات. وتعزز المنشأة مجموعة منتجات وحلول الشحن المبرد المبتكرة التي توفرها الإمارات للشحن الجوي، بما في ذلك المنصات المبردة Cool Dolly والحاويات البيضاء White Container والأغلفة البيضاء المتطورة White Cover، التي صممت جميعها للمحافظة على درجة حرارة الشحنات ومنع تذبذبها خلال مختلف مراحل عملية النقل.
وتحظى منشأة “الإمارات سكاي فارما” أيضاً بالاعتماد والمصادقة بموجب توجيهات الاتحاد الأوروبي لممارسات التوزيع الجيد GDP للمنتجات الطبية للاستخدام البشري التي وضعها مكتب فيريتاس Bureau Veritas. وتؤكد شهادة الاعتماد التزام الناقلة بالتوجيهات الصارمة في نقل ومناولة المنتجات الدوائية، وتغطي جميع أنشطة مناولة المنتجات الدوائية التي تقوم بها الإمارات للشحن الجوي في مطار دبي الدولي ومطار آل مكتوم الدولي وخدمة الشحن البري التي تربط ما بين المطارين. وتعد “الإمارات للشحن الجوي” أول ناقلة شحن في العالم تنال اعتماد ممارسات التوزيع الجيد GDP لعمليات مركزها الرئيسي التي تتم عبر مطارين وخدمة الشاحنات البرية على مدار الساعة التي تربط بينهما. كما يعد المركز الرئيسي للناقلة في دبي أيضاً أكبر منشأة في العالم تنال هذا الاعتماد. وتدير الناقلة أكبر مساحة معتمدة أوروبياً على مستوى العالم توفر ما مجموعه 8600 متر مربع مخصصة لمناولة المنتجات الدوائية في مطاري دبي الدولي وآل مكتوم الدولي.
وقد وضعت توجيهات ممارسات التوزيع الجيد من قبل المفوضية الأوروبية بهدف ضمان جودة وسلامة المنتجات الدوائية أثناء نقلها. وتتضمن إجراءات التدقيق التي وضعها مكتب فيريتاس، المعروف عالمياً بمعاييره العالية وخبراته الواسعة، فحص جميع مراحل وجوانب مناولة وتخزين شحنات الأدوية عبر مركزي الإمارات للشحن الجوي في دبي، لضمان توافقها مع توجيهات ممارسات التوزيع الجيد، ويشمل ذلك عدداً من المواضيع بما في ذلك إدارة الجودة وسلامة المنتج والأمن وتدريب العاملين في مناولة المنتجات الدوائية.
وتعمل منشأة “الإمارات سكاي فارما” بالتكامل مع “الإمارات سكاي سنترال“، مركز طائرات الإمارات للشحن الجوي في مطار آل مكتوم الدولي، الذي يحتوي أيضاً على مرافق شحن مبرد للشحنات الحساسة للحرارة. وتساهم إمكانات الإمارات للشحن الجوي في كلا المطارين في تعزيز مكانة دبي كوجهة عالمية رائدة لشحن وتخزين الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية.
خدمة شحن متخصصة
من جهتها، أعلنت شركة الخطوط السعودية للشحن، عن إدخالها خدمة شحن الأدوية والمستلزمات الطبية عبر منتج “Pharma.2.World” باستخدام حاويات متخصصة ومتطورة بمقدورها المحافظة على درجات حرارة داخلية مطلوبة لا تتأثر بالأجواء الخارجية؛ وذلك في إطار تطوير خدماتها ومنتجاتها. وقد أعلنت الشركة أن الخدمة متاحة في الوقت الحالي من وإلى محطة شحن مطار الملك خالد الدولي في الرياض؛ على أن تتوفر في باقي محطات السعودية للشحن الرئيسة خلال الفترة المقبلة.
وقال الرئيس التنفيذي نبيل خوجه: “إن الشركة حرصت على تقديم خدمات شحن ذات جودة عالية تتعلق بالصناعات الدوائية والطبية؛ وفق المعايير والاشتراطات العالمية، وتأتي هذه الخطوة للتأكيد على تطلعات الشركة الجادة في تنويع منتجاتها وخدماتها على مدار العام وتلبية لمتطلبات عملائها في كل مكان“. وأضاف نبيل خوجه: “أبرمت السعودية للشحن اتفاقاً مع ‘Envirotainer” و“CSafe”، وهي شركات متخصصة في مجال حاويات الأدوية؛ إذ ستتيح الاتفاقية الحصول على حاويات من أي نقطة شحن داخل الشبكة، والتي يمكن ضبط درجة حرارتها الداخلية ما بين 20 إلى 25 درجة مئوية، من خلال فريق عمل مدرب، إلى جانب الحصول على مرونة في التخليص الجمركي وتسليم ومناولة الشحنات“.
وتُقَدّم شركة الخطوط السعودية للشحن خدماتها المجدولة على متن 15 طائرة شحن، بالإضافة إلى المساحات المتاحة على متن طائرات الركاب التابعة للخطوط الجوية العربية السعودية، وتمتد شبكتها الحالية إلى 225 وجهة عالمية، كما توفر السعودية للشحن حلولاً عملية وفعالة؛ من حيث التكلفة لخدمات استئجار الطائرات التي تصل لمختلف دول العالم. كل هذه التطورات إن دلت على شيء فهي تدل على الأهمية التي بات العالم يوليها للقطاع الطبي بكل متفرعاته ومستوياته، ولحجم التوسّع الذي بات عليه هذا القطاع والذي لم يعد مقتصرا على المستشفى ومصنع الأدوية والصيدلية، بل تخطى المفاهيم التقليدية للممارسات الطبية ليشمل أمورا وقطاعات عديدة منها مثلا التأمين الصحي والسياحة العلاجية وشحن المواد الطبية وغيرها.