مقالات طبية

المسؤولية الإجتماعية في القطاع الصحي

المسؤولية الإجتماعية في القطاع الصحي

إلتزام أخلاقي تجاه المجتمع وعطاءات لا تتوقف

تحوّل مفهوم المسؤولية الإجتماعية إلى نهج تعتمده المؤسسات الصحية نحو الإرتقاء بالمجتمع، فقد أدركت المستشفيات على مستوى العالم العربي ودول الخليج أهمية دورها الأخلاقي في مجال التوعية فأقدمت على وضع آليات وخطط عمل تتمحور حول كيفية إيصال المعلومة الطبية وحث المجتمع على تبني عادات صحية.

تقوم المستشفيات بإطلاق مبادرات جديدة على نحو متزايد كجزء من برامجها المتعلقة بالمسؤولية الإجتماعية ونزعتها الخيرية التي دخلت في صلب عملها حيث يقع على عاتقها مسؤولية أخلاقية لنشر الوعي والثقافة بين أفراد المجتمع عبر توسيع دائرة الأنشطة التوعوية وتعزيز خدمات التعليم والصحة.ففي ظل التطورات المتسارعة التي يعيشها القطاع الطبي على مختلف الأصعدة، برز مفهوم المسؤولية الإجتماعية ضمن المفاهيم الحديثة على اعتبار أن أي مستشفى هو جزء من المجتمع وبالتالي من واجبه خدمة المجتمع وربطه بحقل الرعاية الصحية وذلك من خلال تبني البرامج وحملات التوعية والمبادرات السنوية.

المستشفيات اليوم تقوم بعمل مميز من حيث تنفيذها لبرامج التوعية الصحية وزيادة الوعي الصحي وزرع المفاهيم الصحيحة التي تساعد على تحسين حياة الأفراد وتصحيح المفاهيم لدى أسرهم وأقاربهم. وإلى جانب تقديم خدمات صحية متميزة وعالية الجودة، أصبحت خدمة المجتمع في صلب الخطط الإستراتيجية لأي مستشفى التزاماً منه في العمل على تحسين حياة الناس في جميع نواحي الحياة.

تعتبر المسؤولية الإجتماعية للمستشفى جزءاً من أخلاقياتها حيث استثمرت المستشفيات في دول المنطقة بقوة في العديد من المبادرات المجتمعية والرياضية والتعليمية والإجتماعية والإنسانية والصحية. وتشمل البرامج والمبادرات الصحة البدنية والعقلية والإجتماعية للفرد والمجتمع وذلك بهدف توفير رعاية صحية شاملة لمجتمعات بأكملها. تُعرف المسؤولية الإجتماعية على أنها استمرار التزام المنشأة الصحية بالتصرف بشكل أخلاقي والإسهام في التنمية الإجتماعية وتحسين نوعية حياة القوى العاملة وأسرهم وكذلك المجتمع المحلي والمجتمع ككل.

كسب ثقة المريض

المستشفيات على مستوى العالم العربي تقدم خدمات طبية عالية الجودة وتقوم بقصارى جهدها للحصول على شهادات الإعتماد العالمية لتكون مصدر ثقة للمريض بالدرجة الأولى وللمجتمع ككل؛ من أجل تحقيق ذلك، تقوم تلك المستشفيات بإنفاق أموال طائلة لاستقطاب أفضل الخبرات والكوادر البشرية وكذلك الأجهزة الحديثة لكسب ثقة المجتمعهنا تأتي أهمية العمل الإجتماعي في إيصال رسالة المستشفى حيث تلعب دوراً رئيسياً في هذا السياق من خلال تسليط الضوء على أداء المستشفى من جهة وتوعية المجتمع من جهة ثانيةيجب أن يكون المريض على ثقة بالمستشفى وبخدمات الرعاية الصحية التي يقدمها وهو أمر لا يأتي بسهولة؛ ولكي تكسب المستشفيات ثقة المريض وولائه، فإنها بحاجة إلى تجاوز خدمات الرعاية الصحية والسعي نحو إنشاء علاقة إجتماعية وعاطفية مع المريض من خلال الممارسات الأخلاقية

إستمرارية الكادر البشري 

إن تعزيز قدرة المستشفى على جذب كادر بشري رفيع المستوى وتوظيفه وضمان استمرارية عمله من الأمور الحيوية لسمعته لأن ذلك يؤكد عدم انتهاك المعايير الأخلاقية في المستشفى. 

هذا الجانب أساسي في ولاء الموظفين الأمر الذي سوف ينعكس على رضى المرضى وكسب ثقتهم. كما أن تبني المسؤولية الإجتماعية تجاه الموارد البشرية في هذا القطاع يلعب دوراً كبيراً في رفع مستوى الرضى الوظيفي للعاملين به وهذا ما يؤدي إلى توليد الرغبة لديهم في الإستمرار بالعمل وبأداء أفضل.

إن إيجاد كادر بشري كفوء والحفاظ على استمراريته يساعد في تجذير الدور المجتمعي وتعزيز روح التعاون والمبادرة لدى الموظفين أنفسهم، ما ينعكس إيجاباً في التعاطي مع أفراد المجتمع ومؤسساته عبر تنفيذ خطط ومبادرات للمسؤولية المجتمعية تشتمل على أنشطة ومهام تتعلق بمحاور متعددة لرفع الوعي تتضمّن سلسلة من البرامج التوعوية والتعليم والبحث العلمي.

مبادرات

دأبت المستشفيات في السنوات الأخيرة على نشر برامج توعوية ومبادرات صحية تهدف بشكل أساسي لخدمة المجتمع وتهدف إلى إيصال المعلومات الصحية للمجتمع بطريقة مبسطة وسلسة انطلاقاً من أهمية التوعية حول بعض المشاكل الصحية التي بدأت تنتشر في المجتمع مثل السمنة والسكر والضغط وغيرها من الأمراض التي يجب محاربتها وتثقيف وتوعية المجتمع بأضرارها وطرق الوقاية منها. لقد شهدت السنوات الأخيرة انطلاق العديد من المبادرات المجتمعية الصحية التي لعبت دوراً أساسياً في تعزيز النظـام الصحي وتحقيق الرعاية الصحية الشاملة، من خلال التركيز على مكافحة الأمراض الأكثر تأثيرًا على المجتمعات بهدف خفض معدلات انتشارها والوفيات، مثل الأمراض المعدية والأمراض المزمنة غير السارية (القلب والسكر والفشل الكلوي)، وسرطان الثدي والقولون وغيرها

وقد استفادت المستشفيات من وسائل التواصل الإجتماعي مثل اليوتيوب والإنستغرام وتويتر وغيرها من المنصات حيث عمدت إلى إنشاء حسابات صحية توعوية لنشر مقاطع ومشاهد توعوية متخصصة بطريقة مختصرة ولكن هادفة.

بالإضافة إلى ذلك، تقوم بعض المستشفيات كذلك بإقامة تجمّعات في الحدائق أو المهرجانات أو المجمّعات التجارية للوصول إلى أكبر شريحة من المجتمع؛ في بعض الأحيان، تتجه المستشفيات إلى المدارس والجامعات لرفع مستوى الوعي 

كما يتم إطلاق قوافل للتوعية كتلك التي تنتشر بكثرة في شهر أكتوبر الوردي بمناسبة شهر التوعية حول سرطان الثدي، أو قوافل توعية حول مرض السكر بشكل عام والقدم السكري بشكل خاص، من خلال طرق الوقاية والتعامل مع الجروح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى