القطاع الصحي في سلطنة عمان
القطاع الصحي في سلطنة عمان
مؤشرات ايجابية وإنجازات نوعية
يعتبر النظام الصحي في سلطنة عمان نموذجيا على صعيد المنطقة من خلال ما تم تحقيقه من انجازات متميزة، تمثلت في توفير جميع خدمات الرعاية الصحية الأساسية للمواطن والمقيم وكان لهذا التطور انعكاسا إيجابيا على جميع المؤشرات الصحية منها الانخفاض في معدل الوفيات، ولاسيما معدلات وفيات الأطفال، ومكافحة الأمراض السارية.
سلطنة عمان، ومن خلال وزارة الصحة، تسعى الى توفير عناية راقية وصحة مستدامة عبر توفير أحدث ما توصل إليه العلم من خدمات طبية. كما تهتم مستشفيات السلطنة بتقديم الرعاية الصحية والخدمات الصحية الأولية والثانوية وفق أساليب علاجية متخصصة عالية الجودة، فضلا عن توافر التقنيات الحديثة مواكبة منها للتطور الحاصل في هذا المجال.
استراتيجية تعاون مع منظمة الصحة العالمية
انطلاقا من حرصها على الحفاظ على المستوى المرموق الذي وصلت إليه سلطنة عمان على مستوى الخدمات الصحية، قامت وزارة الصحة بتوقيع استراتيجية تعاون قُطري مع منظمة الصحة العالمية «اليونسيف» للسنوات الخمس 2018 – 2022، وذلك تحت رعاية معالي الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة وبحضور معالي الدكتور تيدروس ادهانوس غيبريسوس مدير عام منظمة الصحة العالمية قال معالي وزير الصحة الدكتور أحمد بن محمد السعيدي: “إن هذه الاستراتيجية التي تم تدشينها بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية تعد الثالثة، ووجود وزارة الصحة كمكتب منذ عام 1974 كان له دور كبير في تطور القطاع الصحي في السلطنة، التعاون بين وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية في مجالات عدة، تتغير هذه المجالات مع تطور الوضع الصحي في السلطنة، في بداية السبعينات من القرن الماضي كانت الأمراض المعدية في السبب الأساسي للوفيات وهي المتفشية في المجتمع مثل الملاريا والسل وغيرها”. وأضاف: “تم التحكم في أغلب تلك الأمراض والقضاء على بعضها بالتعاون مع المنظمة وبجهود العاملين في القطاع الصحي في السلطنة، تغيرت الخريطة الوبائية في السلطنة اليوم وأصبحنا نعاني من الأمراض المزمنة المتعلقة بأنماط الحياة غير الصحية مثل قلة النشاط البدني والأكل غير الصحي والتبغ والخمول البدني”. تمثل استراتيجية التعاون القُطري رؤية متوسطة الأجل تُرشد عمل المنظمة في البلدان، وتحدد آفاق تعاونها مع الدول الأعضاء في دعم السياسات أو الاستراتيجيات أو الخطط الصحية الوطنية للبلد.
أطر عمل الاستراتيجية
وفي السنوات الخمس المقبلة ستركز استراتيجية التعاون القطري بين السلطنة والمنظمة على أولويات دعم الإنجازات المتحققة في مجال الوقاية من الأمراض المعدية ومكافحتها، بما في ذلك القضاء على الأمراض المعدية ذات الأولوية ومواءمة الأهداف الوطنية مع برنامج التنمية المستدامة 2030 وأهداف التنمية المستدامة، والتعاون مع الجهود الوطنية العُمانية التي تهدف إلى الوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها، والصحة النفسية، والإدمان ووضع وتنفيذ برنامج عُمان للمعوقين، والبناء على إنجازات الأهداف الإنمائية للألفية التي حققتها السلطنة، وعلى ما تحقق من تطورات صحية ملحوظة في كافة البرامج الصحية، ومعالجة المحددات الاجتماعية للصحة ومواءمة السياسات مع أهداف التنمية المستدامة، ومواكبة جهود الدولة في تعزيز النظام الصحي لضمان التغطية الصحية الشاملة، والمساعدة في تعزيز القدرة المؤسساتية للدولة من أجل التأهب لحالات الطوارئ، والمراقبة والاستجابة الفعّالة لتفشي الأمراض.
إن تعاون المنظمة ودورها في دعم السلطنة للحد من هذه الأمراض بالوقاية والعلاج واختيار السلطنة ضمن 12 دولة للتمثيل العالمي في هيئة الأمم المتحدة كقصة نجاح في مجابهة هذه الأمراض دليل على هذا التعاون، وهناك تعاون في الحالات الطارئة، حيث إن السلطنة شريك في تنمية الموارد البشرية والخبرات للاستعداد لهذه الحالات والطوارئ.
أهداف الاستراتيجية
من جهته قال معالي الدكتور تيدروس ادهانوس غيبريسوس مدير عام منظمة الصحة العالمية إن الاستراتيجية تركز على 5 عوامل وهي الأمراض المعدية مثل السل والملاريا، والأمراض غير المعدية من الأمراض النفسية والإعاقات، وضمان تقديم الرعاية خلال فترة حياة الإنسان عن طريق معالجة المحددات الاجتماعية للصحة.
وأضاف: «رؤيتنا تقوم على القناعة نفسها التي كانت لدينا منذ تأسيس منظمة الصحة العالمية قبل 70 سنة وهي أن الصحة حق للجميع بلا تمييز، جميع الناس في السلطنة لديهم حق الحصول على الخدمات الصحية بشكل مجاني، ومثال على ذلك أن نسبة الولادات وإعطاء التطعيمات التي يشرف عليها عاملين صحيين يتمتعون بمهارة عالية.
تخفيض الوفيات
لقد حققت سلطنة عمان نجاحا مميزا في تخفيض عدد وفيات الأطفال وتحسين صحة الأمهات، مشيداً بالخطوة المهمة التي اتخذتها السلطنة مؤخرا وهي مضاعفة الضرائب على التبغ بمال من شأنه تقليل استخدام التبغ وفي الوقت نفسه زيادة العائدات التي من الممكن أن يعاد استثمارها في مجال الصحة ولا يكفي بأن نتوسع في نطاق الخدمات بل أنه من المهم أن نقدم خدمات ذات كفاءة من خلال وضع الأشخاص المناسبين في المواقع المناسبة.
التصدي للأمراض المعدية
وبحسب ممثلة منظمة الصحة العالمية للسلطنة الدكتورة أكجيمال ماجتيموفا، فقد نجحت بالتصدي للأمراض المعدية حيث قامت بعمل هائل في العامين الماضيين في مجال الحوكمة، والوقاية، والمراقبة والرعاية الصحية؛ كما تم اعتماد سياسة وطنية وخطة عمل في هذا الشأن. كما تم أيضا زيادة الضرائب على منتجات التبغ، بالإضافة الى ضرائب جديدة على المشروبات السكرية، وتم أيضا إطلاق حملة لتعزيز النشاط البدني لمدة سنة واحدة، وبدأت بعض المخابز الرئيسية بالتقليل من إضافة الملح للمخبوزات.
الدراسات الاستقصائية
ممثلة منظمة الصحة في سلطنة عمان قالت: “تم إجراء بعض الدراسات الاستقصائية التي تتعلق بدراسة عوامل الخطر السريرية والسلوكية وذلك بين السكان من البالغين والشباب منها : STEP-wise survey، المسح الصحي العالمي للمدارس، المسح العالمي للتبغ بين الشباب، والمسح الوطني للتغذية، كم تم أيضاً بذل الجهود لتعزيز خدمات الرعاية الأولية من أجل تمكين الأشخاص المصابين بالسكري وبالأمراض الأخرى المزمنة في الحصول على علاج أفضل، وتعتبر عُمان نموذجا في اتباع نهج شامل للتصدي للأمراض غير المعدية، التي تعتبر وباء العصر، ونحن ما زلنا ملتزمين بعرض الأعمال الجيدة”.
الحياة الصحية
وأضافت: “الصحة مسؤولية الجميع، ولضمان الحياة الصحية، وهو الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة، فإن ذلك يتطلب على الجميع من مختلف القطاعات، القيام ما يلزم، على سبيل المثال، فإن كل ما يقوم به القطاع الصحي لتحسين الخدمات الصحية لن يوقِفَ موجة العدد المتزايد للأشخاص الذين يزورون مؤسساتنا الصحية والمصابين بالسكري، وأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم والسمنة وإصابات حوادث الطرق الناتجة عن أنماط الحياة الحديثة والمخاطر. الوقاية أفضل وأرخص من العلاج، وهي التي يعتمد عليها القطاع الصحي على الشركاء من القطاعات الأخرى، كما أن الغايات الصحية التسعة للهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة ترتبط ارتباطا وثيقا بالأهداف الاقتصادية، والاجتماعية والبيئية، وبتكاتفنا، يمكن أن نحقق غاياتنا بحلول عام .”2030
السياسة الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة غير المعدية
وزارة الصحة كانت قد دشنت مؤخرا “السياسة الوطنية والخطة التنفيذية متعددة القطاعات لمكافحة الأمراض المزمنة غير المعدية” وذلك تحت رعاية صاحب السمو السيد شهاب بن طارق ال سعيد مستشار جلالة السلطان. تهدف الخطة الوطنية متعددة القطاعات إلى خفض عدد حالات الوفاة المبكرة الناجمة عن الأمراض غير المعدية بنسبة 25% بحلول عام 2025 وتحتوي الخطة على ثمانية فصول تتناول الجوانب المختلفة لأعمال الوقاية ومكافحة الأمراض غير المعدية في السلطنة، وتركز الخطة على التصدي للأمراض الأربعة الرئيسية وهي أمراض القلب والشرايين والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي والسكري، كما ستفسح حيزا كبيرا لمجابهة عوامل الخطورة الأساسية وهي قلة النشاط البدني والغذاء غير الصحي والتدخين ، بالإضافة إلى تركيزها على التوعية والإعلام لما لها من أهمية في مجابهة مثل هذه الأمراض، وقد تم إشراك جميع القطاعات ذات الصلة في وضع هذه الخطة، التي تمت مراجعتها من قبل فريق منظمة الصحة العالمية وتمت ترجمتها للغة الإنجليزية.
الدكتور أحمد بن محمد السعيدي وزير الصحة قال بالمناسبة ان هذه السياسة الوطنية جاءت تتويجا لمرحلة شاقة من العمل الجماعي المضني استمر لقرابة العامين شارك فيه ممثلون عن جميع القطاعات ذات الصلة بالصحة وعدد من الشركاء الوطنيين والدوليين، فأثمر سياسة وطنية واضحة المعالم ترجمت لاحقا في خطة وطنية شاملة لمواجهة الأولويات والتحديات التي يواجهها النظام الصحي في السلطنة.
وأضاف معاليه: تعتبر الأمراض المزمنة غير المعدية الخطر الحقيقي الذي يشكل أحد أكبر التحديات الماثلة أمام التنمية في القرن الحادي والعشرين وذلك لما تسببه من وفيات ومراضة، فعلى المستوى العالمي وحسب منظمة الصحة العالمية تودي هذه الأمراض بحياة 38 مليون نسمة كل عام نصفهم تقريبا دون سن السبعين من العمر.
وتقف الأمراض القلبية الوعائية وراء حدوث معظم الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية، إذ تتسبّب في وقوع 17.5 مليون حالة وفاة سنوياً، تليها السرطانات 8.2 (مليون حالة وفاة) ثمّ الأمراض التنفسية 4 (مليون حالة وفاة) وأخيرا السكري 1.5 (مليون حالة وفاة).
وفي السلطنة، تعزى ما نسبته ٧٢،٩ % من الوفيات للأمراض غير المعدية منها ما نسبته ٢٤،٣ % بسبب امراض القلب الوعائية وارتفاع ضغط الدم و٧% بسبب أمراض السرطان و٢،٢ % بسبب مرض السكري بموجب إحصاءات ٢٠١٦. وأردف معاليه: تسعى وزارة الصحة لتقوية مشاركة جميع القطاعات ذات الصلة، وعملا بتوصيات مجلس الوزراء الموقر بهذا الخصوص، صدر في عام 2015 قرار وزاري بتشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة الأمراض المزمنة غير المعدية برئاسة سعادة وكيل الوزارة لشؤون التخطيط وعضوية ممثلين عن العديد من الوزارات ذات الصلة شملت وزارة التجارة والصناعة، وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه، وزارة الزراعة والثروة السمكية، وزارة البيئة والشؤون المناخية، وزارة الشؤون الرياضية، وزارة الإعلام، وزارة التربية والتعليم، والمجلس الأعلى للتخطيط، إضافة إلى عدد من الجمعيات الأهلية، مثل الجمعية الأهلية لمكافحة السرطان والجمعية الطبية العمانية والرابطة العمانية لمكافحة التدخين وبعض من المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف، إلى جانب ممثلين عن القطاعات الصحية الأخرى بالسلطنة، وذلك بهدف تعزيز وتوحيد جهود كل القطاعات الحكومية والخاصة والمؤسسات المجتمعية الأهلية في مكافحة الأمراض غير المعدية.