السياحة العلاجية في المملكة العربية السعودية
السياحة العلاجية في المملكة العربية السعودية
مستقبل زاهر… وجهات سياحية مميزة ومستشفيات صحية متطورة
تعتبر سياحة الصحة والإستشفاء أحد أنماط السياحة الوطنية الواردة في استراتيجية التنمية السياحية الوطنية التي اعتمدها مجلس الوزراء. ويؤكد الخبراء في هذا المجال أن السنوات المقبلة ستحمل تطورا ملموسا وستأخذ السياحة العلاجية منحىً آخر، ما يساعدها على أن تكون واحدة من أهم البلدان على خارطة السياحة العلاجية إضافة الى ما تمتلكه من سمعة دولية مميزة للقطاع الطبي تساعد في الترويج للسياحة العلاجية والإستثمار السياحي في آن واحد. فالسياحة العلاجية اليوم تشكل أحد الاستثمارات المهمة التي تحقق عوائد مالية عالية مع توافر المقومات الطبيعية والإمكانات الطبية العالية على أرض المملكة والتي تساعد في نجاح هذا النمط من السياحة. وهناك فرص مهمة يمكن أن تستغلها المملكة للاستفادة من السياحة العلاجية حيث تمتلك الوجهات السياحية المميزة والمستشفيات الصحية المتطورة.
إلغاء التأشيرة
تضع الحكومة في المملكة العربية السعودية جل تركيزها على تنشيط القطاع السياحي عموما، فكان لافتا القرار الذي صدر مؤخرا حول إلغاء التأشيرة للقادمين الى المملكة من حوالى 50 دولة حيث يمكن الحصول عليها عبر المنصة الإلكترونية أو عند الوصول. تبلغ مدة التأشيرة 90 يوما، ويمكن الحصول عليها من منصة التأشيرة بموقع وزارة الخارجية، أو جهاز الخدمة الذاتية في صالات القدوم بمطارات المملكة الدولية، أو عن طريق مكتب الجوازات بالمطار.
هذه الخطوة سوف تنجح من خلالها السعودية في استقطاب سياح من فئات أخرى وبالتأكيد سيكون للسياحة العلاجية نصيبا وافرا. كما أن إنعاش قطاع السياحة يشكل جزءا من رؤية 2030 السعودية التي أُطلقت قبل حوالي ثلاث سنوات وتسعى لتقليل الإعتماد على النفط وتنويع مصادر الدخل.
تتمتع المملكة بشواطئ رائعة، ومواقع تاريخية قديمة، ومدن ملاهي، وفنادق فاخرة، إلى جانب المستشفيات المرموقة والمتميزة التي تقدم خدمات طبية عالمية المستوى وفق أحدث الأجهزة الطبية وعلى يد فريق متمرس من مقدمي الرعاية الصحية. كما أن السعودية يمكنها توفير سياحة فريدة ومختلفة من خلال مواقعها الطبيعية والأثرية التي لم يكشف النقاب عنها بعد، بالإضافة إلى معالم فكرية وأدبية وما تتيحه أيضا جزر البحر الأحمر من إمكانيات سياحية.
اليوم، تتضافر الجهود على أرض المملكة في سبيل تشجيع المستثمرين والشركات التي تعمل في القطاع السياحي على الاستثمار في مجال السياحة العلاجية الذي يعتبر من أهم الاستثمارات السياحية التي تستطيع تحقيق عوائد مالية مرتفعة داخل المملكة لا سيما مع توافر العديد من المقومات الطبيعية والإمكانيات الطبية المتميزة بالمملكة. إن المملكة العربية السعودية تشهد في الوقت الراهن نموا في القطاع الصحي يستوجب الاستفادة منه عبر تفعيل السياحة العلاجية وجذب الخبرات الدولية الماهرة، ما سيسهم في زيادة نسبة التشغيل في المستشفيات السعودية من جهة والحد من سفر المواطن السعودي الى الخارج لتلقي العلاج من جهة أخرى.
القطاع الصحي في المملكة يعتبر الأكبر حجماً بين جميع دول الشرق الأوسط بإنفاق يتجاوز الـ 150 مليار ريال سعودي، أي ما يقارب 40 مليار دولار أميركي، وفق ما صرح به وزير الصحة مؤخرا؛ حيث تحدث وزير الصحة في وقت سابق عن جاهزية 19 مشروعاً صحياً، تضم مستشفيات وأبراجاً طبية تم تدشين البعض منها خلال العام الماضي، والبعض الآخر في هذا العام وذلك في عدد من مناطق ومحافظات البلاد، ما من شأنه ان يمثل إضافة مميزة لمنظومة الخدمات الصحية، وستسهم في تجويد هذه الخدمات، ودفع مسيرة العمل الصحي في البلاد.
مقومات وعوامل جذب
تحظى المملكة العربية السعودية ببعض المقومات وعوامل الجذب ولعل أهمها وجود منظومة من المستشفيات المتخصصة في سائر المجالات الطبية وهي مجهزة على أعلى المستويات من حيث التكنولوجيا الطبية والفندقية وإعادة التأهيل مع وجود كادر طبي يتمتع بخبرات عريقة سواء كانوا محليين أو أجانب. في المقابل، توفر المدن السعودية والعاصمة بالتأكيد الشقق والفنادق السكنية المفروشة بأسعار تنافسية تتيح للمرضى وذويهم المكوث براحة وهدوء وعلى مسافة قريبة من المستشفى.
من مقومات السياحة الصحية والإستشفاء بالمملكة:
- الكفاءات الطبية المحلية والأجنبية من سائر التخصصات الطبية.
- مستشفيات متميزة على مستوى عال من التجهيز التقني في سائر مدن المملكة.
- مستشفيات متخصصة ذات الشهرة الإقليمية في معالجتها لعدد من الأمراض المزمنة.
- التنوع الجغرافي وتوافر الموارد الطبيعية مثل الجبال والبحار وغيرها.
- وجود الحرمين الشريفين وما يمثله من أهمية روحانية للمسلمين.
- التحدث باللغتين العربية والإنكليزية على نطاق واسع في مستشفيات المملكة.
- التكلفة المقبولة مقارنة بالدول الغربية.
تنسيق وتكامل بين القطاع العام والخاص
ان ما شهده القطاع الطبي من تطور مذهل خلال العقود الماضية كان له الدور الأساس في إبراز عناصر السياحة العلاجية على أرض المملكة، لاسيما في ظل التكامل بين القطاعين العام والخاص والتنسيق التام على مستوى الخدمات الصحية التي يتم تقديمها. هذا التكاتف بين القطاعين العام والخاص لجهة تطوير السياحة الصحية والاستشفاء بدأت ملامحه تتبلور من خلال النشاطات الاستثمارية للقطاعين بهذا المجال، حيث تتمتع المملكة في الوقت الراهن بنمو عال في قطاعها الصحي والطبي ما يتطلب الاستفادة من هذه الفرصة عبر تفعيل جانب سياحة الصحة والاستشفاء، وأهمية استقطاب الخبرات الدولية واستطلاع التجارب لتطوير هذا القطاع.
لقد أدركت المملكة أن السياحة العلاجية هي من أهم الأنماط السياحية التي تهتم بها الدول للعوائد الإقتصادية لاسيما في ظل ما يتوافر من إمكانات طبية ومقومات طبيعية تساعد على نجاح هذا النمط من السياحة، كما تستهدف المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة ومنظمي الرحلات السياحية المرخصين من الهيئة في المنطقة والفنادق والمنتجعات التي تتوفر بها الخدمات الإستشفائية.
مشاريع صحية تلبي احتياجات السياح
بالتوازي، تشهد مختلف المناطق والمحافظات في المملكة العربية السعودية تطورات ملحوظة على مستوى المرافق الصحية المتوفرة فيه، إنْ لجهة إدخال التعديلات والتطورات في المستشفيات والمراكز الطبية القائمة حاليا أو لجهة افتتاح مشاريع وأقسام جديدة ومتطورة لخدمة أكبر قدر ممكن من المواطنين والمقيمين على أرض المملكة وفق أرقى المستويات. وزارة الصحة كانت قد أوضحت أن هذه المشاريع تشكل نقطة تحول جديدة في الخدمات الصحية بحفر الباطن بعد تشغيل تخصصات نوعية جديدة لم تكن موجودة في مستشفيات المحافظة التي تبلغ طاقتها الاستيعابية 1000 سرير، وستسهم في التقليل من تحويل الحالات المرضية التي تحتاج لهذه التخصّصات إلى خارج المحافظة. من جانب آخر وفي نقلة نوعية ضمن رؤية المملكة 2030 وفي زمن قياسي لم يتجاوز الشهرين وتمكيناً للتقنية الحديثة وآخر ما توصلت له التكنولوجيا في الخدمات الصحية، فقد كانت وزارة الصحة قد أعلنت مؤخراً عن توسيع نطاق خدماتها في الطب الاتصالي ليغطي تطبيق “صحة” الذي يُقدم الاستشارات الطبية المرئية ويتيح لجميع المواطنين ومن أي مكان الحصول على استشارة طبية وجهاً لوجه مع أطبائهم في جميع مناطق المملكة.
وتسعى المملكة إلى تحقيق الاستفادة المثلى من المستشفيات والمراكز الطبية من خلال سعيها المستمر الى تحسين جودة الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية على حد سواء، إضافة إلى تركيز القطاع العام على توفير الطب الوقائي للمواطنين، وتشجيعهم على الاستفادة من الرعاية الصحية الأولية كخطوة أولى في خطتهم العلاجية.