هادي البساط
الرئيس التنفيذي لمنصّة DRAPP للإستشارة الطبية الإلكترونية
هادي البساط
DRAPP توفر المساعدة الإفتراضية لتنسيق العلاقة بين الطبيب والمريض
مع دخول العالم في مرحلة الحجر المنزلي بسبب جائحة كورونا Covid-19 وما فرضته من تباعد إجتماعي، بدأ التوجّه نحو العالم الإفتراضي في شتى المجالات. الطب عن بُعد (Telemedicine) كان لها النصيب الوافر حيث عمد الكثير من المرضى إلى التواصل مع أطبائهم عبر وسائل التواصل الإجتماعي والمنصات الإلكترونية حرصا منهم على عدم الخروج والتعرض للعدوى. مجموعة شركات Promedz كانت السبّاقة في إطلاق منصّة DRAPP للإستشارات الطبية الإلكترونية عن بُعد حيث كانت مجرد فكرة منذ أكثر من عام وأصبحت منصة فاعلة اليوم، وذلك في ظل رؤيتها المستقبلية للتوجه نحو الطّب عن بُعد والدخول في العالم الإفتراضي؛ لكن الدافع القوي لتفاعل الناس في هذا المجال كانت جائحة كورونا والحجر المنزلي. مجلة “المستشفى العربي” كانت قد واكبت إنطلاقة المنصّة في منتصف العام الماضي، وها هي اليوم تواكب مسيرة هذه المنصّة مع رئيسها التنفيذي السيد هادي البساط للوقوف على أبرز المحطّات والمراحل التي مرت بها تلك المنصّة وما هي الصعوبات والعوائق التي واجهتها. في ما يلي نص الحوار.
منصّة DRAPP للإستشارات الطبية الإلكترونية عن بُعد سهّلت على المرضى إمكانية التواصل مع الطبيب. ما هي منصّة DRAPP؟ وما هي الخدمات التي تقدمها؟
DRAPP هي عبارة عن منصّة إلكترونية مبنية على المساعدة الإفتراضية والعالم الإفتراضي تسهم في تنسيق العلاقة بين الطبيب والمريض. فالمريض عليه أولا تحميل المنصّة عبر المتاجر المتاحة (App Store- Play Store) ليدخل بعد ذلك ويختار الطبيب الذي يريد وفق الإختصاص الذي يبحث عنه. هنا، يأتي دور المنصّة لتقديم المساعدة الإفتراضية (Virtual Assistant) وهي أشبه بسكرتير أو مساعِدة للطبيب تتواصل مع المريض لتوصله فيما بعد مع الطبيب وفي الوقت نفسه تهتم بالأمور المالية. ينتهي دور المساعدة الإفتراضية بمجرد أن يتم التواصل بين الطبيب والمريض بحيث تصبح العلاقة بين الطرفين مفتوحة. البداية تكون حين يطلب المريض التواصل مع الطبيب فيأتيه جواب إفتراضي أن الطبيب سيقوم بالاجابة في مهلة محددة قد تكون ثلاث ساعات او ثلاثة أيام كحد أقصى وذلك حسب كل طبيب تماما كما يحدث حينما يتصل لأخذ موعد؛ وفي كثير من الأحيان يأتيه الجواب من الطبيب في أقل من هذه المدة. ما إن يجاوب الطبيب على المريض حتى تصبح العلاقة مباشرة بينهما ولا يمكننا الوصول إلى المحادثات بينهما إطلاقا كونها مشفّرة (Encrypted). ويكون التواصل بينهما في البداية عبر الرسائل النصية او الصوتية ويمكن للمريض أن يرسل ما لديه من فحوصات أو صور وإذا دعت الحاجة قد ينتقل الطرفان إلى الإتصال عبر الفيديو (Video Call). الأولوية دائما للرسائل النصية لما توفره من خصوصية و سرعة تجاوب للطبيب والمريض على حد سواء، ومن ثم وبحسب الحاجة يحدد الطرفان الحاجة إلى الاتصال عبر الفيديو.
ما أود التأكيد عليه في هذا الإطار أن هدفنا ليس إستبدال الزيارة العادية بالزيارة الإفتراضية على الإطلاق؛ إن ما نقوم به هو توسيع هامش الزيارات وتنظيمها أكثر لصالح الطرفين. وما إن يحدد الطبيب ضرورة فحص المريض سريريا ينتهي دور المنصّة لينتقل ربما بعد ذلك إلى المتابعة عبرها بدلا من مراجعة الطبيب في العيادة.
إلى أي مدى هناك حاجة إلى مثل هذا النوع من المنصّات الطبية الإلكترونية لاسيما في ظل إنتشار فيروس كورونا المستجد؟
في الواقع، ومن خلال عملي في المجال الطبي في شركة Promedz التي أسستها منذ أكثر من عشرة سنين ومن خلال تعاملنا اليومي مع الأطباء والمرضى، لمسنا الحاجة إلى إنشاء منصّة إلكترونية تتيح اجراء معاينة عن بعد وتجنب بعض الزيارات غير الضرورية لعيادات الأطباء إفساحا في المجال لمن هم أكثر حاجة، في وقت يلجأ فيه بعض المرضى إلى التواصل مع الطبيب عبر وسائل التواصل الإجتماعي دون إدراكهم ان رأي الطبيب واستشارته ولو عن بعد، هي من صلب عمله ولا بد من أن تكون في إطار مهني لا حرج فيه.
وجود منصّة إلكترونية كمنصّة DRAPP له فوائد عديدة للطبيب والمريض على حد سواء. فالطبيب ينظم وقت الإجابة على المرضى ويقلّل من الإزدحام في العيادة خصوصا للحالات التي يمكن حلّها على الهاتف برسالة نصية او عبر الفيديو فقط.
بالنسبة للمريض، فإن إستعماله للمنصّة الإلكترونية له فوائد عديدة؛ فهو يتجنب الخروج بزحمة السير ولا ينتظر فترة طويلة للحصول على موعد قد يكون ليس بحاجة له. ومع وجود جائحة كورونا فإن خطر التعرض للعدوى يزداد وبالتالي الحصول على إستشارة إلكترونية خلال تواجده في المنزل يبعد عنه خطر الإصابة بالفيروس او أي مرض معدي آخر.
بالإضافة إلى ذلك، ووفق دراسة لـ American Medical Association، فإن أكثر من 75 بالمائة من زيارات المرضى يمكن حلّها بواسطة التواصل عبر الهاتف بالصوت والفيديو. إن إستعمال المنصّة الإلكترونية يوفر الجهد والوقت لكلا الطرفين فضلا عن الوقاية من إنتقال العدوى جراء خروج المريض من المنزل. هذه العوامل الثلاثة كان لها الدور الأساس في تنشيط “الطب عن بُعد”؛ وفي آخر دراسة لـ”ماكينزي”، فإن التوقعات تشير إلى أن حوالى 250 مليار دولار من ميزانية الصحة في اميركا سوف تكون مبنية على العالم الإفتراضي.
كيف كان تأثير فيروس كورونا المستجد لجهة الاقبال على المنصّة خلال هذه الفترة؟
شهدت المنصّة تسارعاً كبيراً لجهة الاقبال على استخدامها وتصاعداً هائلاً في عدد المرضى خلال جائحة كورونا. ورغم ان المنصّة كانت موجودة قبل حلول الجائحة، الا ان هذا الفيروس شكل دافعاً أساسياً لحث الناس على استخدامها بسبب عدم قدرتهم على الخروج. فقد ارتفع الإقبال على استخدام المنصّة بنسبة كبيرة جداً تصل إلى حوالى 700 بالمائة والأهم من ذلك هو أن نصف المستخدمين للمنصّة عادوا وكرروا الزيارات أو التواصل عبر المنصة.
ورغم أن الحياة الطبيعية بدأت تعود شيئاً فشيئاً في المجتمعات في شتى أنحاء العالم، إلا أن ذلك لا يعني أننا سنشهد تراجعا لجهة الإقبال على المنصّات الإلكترونية ووسائل التواصل الإجتماعي خصوصا مع ما تشهده من تطور وتحديث.
وأود الإشارة هنا إلى أن الأنظمة والقوانين في لبنان كانت تسمح بالإعتماد على الإستشارات الطبية عن بُعد منذ العام 2016 ولكن لم يكن يتم تطبيق هذا القانون إلى أن جاءت جائحة كورونا فأعلنت نقابة الأطباء قرار الإعتماد على المنصّات الطبية وقبول الوصفات الإلكترونية من قبل الصيادلة، ولذلك أيضا الأمثلة في معظم دول المنطقة والعالم.
ما هو عدد الأطباء الموجود على منصّة DRAPP؟ ومن أي بلدان؟ وماذا عن الإختصاصات؟
لدينا على منصّة DRAPP حوالى 450 طبيب من دول عدة، غالبيتهم من لبنان وهناك نسبة لا بأس بها من مصر والإمارات والسعودية وكل دول الخليج كذلك البرازيل وإنكلترا والهند وغيرها حيث وجدوا المنصّة وأبدوا حماسة للإنضمام إليها. يجد المريض مجموعة شاملة من الإختصاصات الطبية تصل إلى نحو أربعين إختصاصا، كالطب النسائي وطب الأطفال والقلب والجلد والعظام والأورام والطب النفسي وغيرها، وفي كل إختصاص هناك عدد من الأطباء ما يزيد الخيارات أمام المريض.
منصّة DRAPP تضع أمام زوارها خيارات واسعة ليس فقط في المجال الطبي، بل توفر كذلك خدمات العناية بالصحة وجودة الحياة (Health and Wellness) كالتغذية والعلاج الفيزيائي والتمريض وطب الأسنان، قريبا نسعى إلى إدخال مجالات جديدة مثل life coaches and fitness coaches.
خلال فترة فيروس كورونا المستجد، قمنا بإضافة برنامج مؤقت للرّد السريع على المرضى Fast Response يقدم خدمات الطب النفسي وطب العائلة بحيث يرسل المريض العوارض التي يشعر بها ليقدم الطبيب الإستشارة اللازمة والنصيحة ما يجنبه الخروج وتعريض نفسه وغيره لخطر إنتقال العدوى.إنضمام الطبيب إلى المنصّة لا يتطلب سوى التسجيل على المنصة وإرسال الأوراق الثبوتية والشهادات التي تسمح له العمل في مهنة الطب في البلد الذي يتواجد فيه، على أن يقوم قسم التدقيق لدينا بالتحقق منها مع الجهات المعنية والرسمية ومن ثم نجري مقابلة معه عبر الفيديو قبل تفعيل حسابه.
ما هي أبرز المميّزات؟
المنصّة قادرة على تنظيم العلاقة بين الطبيب والمريض بشكل مدروس عبر العالم الإفتراضي فلا يجد الطبيب نفسه محرجاً للإجابة على الهاتف في وقت لا يمكنه ذلك ولا يشعر المريض بالحرج من التواصل مع طبيبه في وقت غير مناسب؛ فضلا عن توفير الجهد والوقت لكلا الطرفان. من مميّزات المنصّة أن الطبيب قادر على إرسال دعوة لكل مرضاه للتعرف عليهم وهو ما يزيد من نسبة الإقبال على المنصّة واستعمالها خصوصا اذا كان الطبيب من الأسماء اللامعة والمطلوبة في مجال إختصاصه. كما أن الدفع مقابل الخدمة الطبية يكون عادة أقل بحوالى 30 بالمائة من الزيارة العادية لعيادة الطبيب وهو توجه عالمي لأن هدف الطب عن بُعد هو تخفيض الفاتورة الصحية فضلا عن أن الطبيب يوفر الجهد والوقت والتكاليف في العيادة.
ماذا عن العوائق التي واجهتكم؟
بالنسبة للعوائق، فكما أي شيء جديد، يجد المريض عائقا كبيرا قبل الإنتقال إلى مثل هذه الخطوة، لكن فيروس كورونا المستجد وما فرضه على العالم أجمع شكل حافزا قويا وحثّ الكثير من الناس نحو هذا الخيار؛ الناس لم يكن لديها الوعي الكافي نحو المنصات الطبية التي توفر الإستشارات الطبية عن بُعد.اليوم إختلف الأمر عمّا كان عليه قبل فيروس كورونا ولكننا لا زلنا بحاجة إلى المزيد من الوعي ونشر الثقافة حول أهمية المنصّة لأن مفهوم الإستشارات الطبية عن بُعد لا يزال مبهما لدى البعض، إلا أنه من الواضح أن من يقوم بتجربة المنصة يكتشف سهولة استخدامها والحالات التي يمكن له ان يستخدمها، بالإضافة الى ما قام بتوفيره من جهد وعناء. من العوائق التي واجهتنا مع إنطلاقة المنصّة كانت وسيلة الدفع حيث أننا نعتمد على الدفع بالبطاقة (Credit Card) وكانت المصارف في لبنان قد أقفلت لفترة أواخر العام الماضي فضلا عن عدم إمكانية الدفع بالليرة اللبنانية، لكننا عملنا على حل هذه العوائق.
ماذا عن فريق العمل الذي يدير عمل المنصّة؟
في الواقع لدينا خبرة تزيد عن عشرين عاما في المجال الطبي وقد لمسنا الحاجة إلى مثل هذا النوع من المنصّات في ظل التوجه العالمي نحو العالم الإفتراضي. وبما أنه لدينا خبرة في إطلاق الأعمال المبتدئة (Startup) كان لدينا الجرأة للدخول في مثل هذا المجال خصوصا أنه لدينا فريق عمل متمرس في مجال التكنولوجيا ولا نعتمد على فريق ثالث في تطوير المنصّة بل نحن من نقوم بذلك.
هل من أهداف مستقبلية تسعون إلى تحقيقها لتطوير عمل المنصّة؟
الهدف الأول هو توسيع قاعدة المشتركين وهو ما بدأنا نلمسه من خلال الإرتفاع الكبير في عدد زوار المنصّة والأهم هو إستمراريتهم أي أن من دخل المنصّة واستفاد من الإستشارة الطبية من خلالها عاد وكرّر الزيارة. كما نسعى إلى التوسع على مستوى البلدان إقليميا وربما أبعد من ذلك خصوصا أن كل طبيب بإمكانه إرسال دعوة لمرضاه للتعرف إلى المنصّة وإستعمالها في بلد في العالم.
الهدف الثاني هو طموح بعيد المدى وهو إنشاء مستشفى إفتراضي للتشخيص (Virtual Diagnostic hospital)، ففي ظل ما نشهده اليوم من تطور لوسائل التشخيص عن بُعد مثل السماعة الذكية وإمكانية فحص الضغط والسكري والنبض من خلال الأجهزة القابلة للإرتداء وغيرها الكثير من الأمور التي يمكن جمعها في مكان واحد على المنصّة لتسهيل عمل الطبيب في مجال التشخيص. نسعى كذلك إلى تطوير الذكاء الإصطناعي (Artificial Intelligence) لمساعدة الطبيب على قراءة الصور والتقارير مع إدراكنا التام أن ذلك لن يحل محل الطبيب إطلاقا لأن الذكاء الإصطناعي هو آلة فقط ولا يمتلك الجانب العاطفي والمعنوي في التعامل مع المريض.