كارين نصّار
الأخصائية في الطب النفسي في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز انترناشيونال
كارين نصّار
“الصحة النفسية المستقرة تعزز العلاج الطبي”
يشكل الدعم النفسي لمرضى فيروس كورونا المستجد حافزا أساسيا لنجاح العلاج الطبي والدوائي، نتيجة القلق والتوتر الشديد الذي يعيش فيه المريض؛ القلق ناتج بالدرجة الأولى عن طبيعة الفيروس الجديد وعدم التوصل إلى علاج نهائي له، وكذلك ناتج عن الإجراءات الاحترازية التي فُرضت على المجتمعات فبات المريض يعيش لفترة بعيدا عن الأهل والأقارب والأصدقاء ما ينتج عنه الإكتئاب والقلق بشكل كبير ما لم يحظى المريض بالدعم النفسي اللازم.
كارين نصّار، الأخصائية في الطب النفسي في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز انترناشيونال، تحدّثت إلى مجلة “المستشفى العربي” حول أهمية حصول المريض على الدعم النفسي خلال تلقيه العلاج أو خلال مرحلة العزل لما لذلك من أهمية لنجاح العلاج الطبي في ظل ما نشهده من تدفق للمعلومات المغلوطة المتعلقة بالفيروس على وسائل التواصل الإجتماعي منها ما هو صحيح ومنها ما هو غير صحيح ولكن كل ذلك يتسبب بقلق كبير. لفتت نصّار في هذا الإطار بالقول: “أن مريض فيروس كورونا المستجد يشعر بالوصمة والتمييز والبعض منهم يشعرون بالذنب والخوف من العودة إلى المنزل تجنبا لنشر العدوى بين أفراد العائلة، فالصعوبات والمشاكل النفسية سوف تستمر حتى بعد أن يشفى المريض من الفيروس وهناك دراسة نشرت في العام 2007 تشير إلى أنه وبعد مرور عام على الإصابة بمرض ما فإن المريض يعاني من قلق واكتئاب دائم”.
الصحة النفسية مسألة مهمة للغاية بالنسبة لمرضى فيروس كورونا من أجل نجاح العلاج الطبي، وأهم ما في الأمر هو أن يخضع المريض لمتابعة يومية من قبل الأخصائيين المعنيين لتقييم مستوى القلق والإكتئاب والعمل على علاجهما بالتزامن مع تلقيه العلاج الطبي لأن الصحة النفسية المستقرّة تعزز العلاج الطبي وترفع من قدرة الجهاز المناعي على محاربة الفيروس. وفي سؤال حول ما يواجهه مرضى فيروس كورونا من صعوبات، أشارت الدكتورة كارين نصّار إلى أن فيروس كورونا قد يؤثر سلبا على الجانب النفسي للمريض مخلفا الكثير من المضاعفات منها القلق المزمن والإكتئاب وقد يظهر لدى البعض صدمات نفسية كانت موجودة في السابق وعادت لتظهر من جديد من خلال الفيروس.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المريض يواجه صعوبات إضافية إلى جانب إصابته بالفيروس وهي العزلة التي يُفترض أن يعيش بها؛ وهنا فإن التدخل من قبل أخصائيين ومعالجين نفسيين ضروري جدا في مرحلة العزل لتقديم العون والمساندة.
تشير الدكتورة نصّار في هذا المجال إلى وسائل التواصل الإجتماعي وما تقوم به من دور إيجابي في هذه المرحلة من خلال تسهيل التواصل بين المريض وبين أهله وأصدقائه وهو ما يخفف من صعوبة المرحلة ويجعلها تمر بشكل سلس وبأقل مشاكل نفسية ممكنة.
“لكن الصعوبات النفسية التي يعاني منها المريض في قسم العناية الفائقة هو أكثر صعوبة من المريض الذي لا يزال مرضه في المراحل الأولى؛ المريض في قسم العناية يشعر بخطر يتربص به وآلام جسدية شديدة يرافقها صعوبة في التنفس ما من شأنه أن يفقده قوته الجسدية ويؤدي إلى الشعور بالخوف والقلق”. هؤلاء المرضى هم بأمس الحاجة إلى الدعم النفسي لكي لا يشعر المريض أنه وحيدا خصوصا في فترة العزل التي تولّد الشعور بالوحدة والكآبة.
في المقابل يسود القلق في المجتمع بين أناس لا يعانون من الفيروس. تقول الدكتورة نصّار عن هذه الفئة أن ظهور فيروس كورونا أدى إلى حالة من الهلع نتيجة عدم وجود علاج نهائي له، لكن إنتشار المعلومات المغلوطة جعل الناس تعيش في قلق أكبر وما نعرفه أن الجسم عادة يستجيب مع الحالات العادية ويتكيف مع الخطر قصير المدى، ولكن لا يمكن أن يبقى كذلك لفترة طويلة لأنه يتعب مع مرور الوقت وبالتالي تنخفض المناعة فتبدأ مظاهر التعب النفسي والجسدي فينتج عنه مشاعر الحزن واليأس والتوتر الدائم.
إن مساعدة هذه الفئة من الناس مهم جدا ويتم ذلك من خلال جلسات محددة قد تتم عبر الفيديو لتقديم الدعم النفسي وإعطائهم النصائح والإرشادات حول كيفية التأقلم مع الوضع الجديد. “نقوم عندها بتقييم الحالة العامة ونخلق لهم محيط نفسي ملائم يعبّرون من خلاله عما يشعرون به، وننصحهم دائما بممارسة هوايات يرغبون بها لأنها تسهم في التخفيف من الضغط النفسي الذي يعيشون فيه”. ولعل أهم ما في الأمر في مثل هذه المرحلة هو وجود أسرة داعمة وأفراد يتبادلون أطراف الحديث فيما بينهم فينشأ عن ذلك الدعم والمساندة لبعضهم البعض في وقت هم بأمس الحاجة الى ذلك بسبب ما فرضته الإجراءات الإحترازية والعزل المنزلي؛ كما يمكن للأفراد القيام ببعض النشاطات والمواهب كالرسم والرياضة وغيرها من الأمور التي تسهم في التخفيف من الضغط النفسي.