سيده معلّم نصّار
سيده معلّم نصّار
المديرة التنفيذية لمستشفى “واحة الحياة”
“جمعنا بين الرعاية الدقيقة والعناية الكاملة والإدارة الرشيدة فحققنا النجاح”
واحة الحياة، إنها حقاً واحة حياة وأمل وأمان للعديد من الأوضاع الصحية التي تتطلب عناية طبية ونفسية تستدعيها حالات ما بعد الإستشفاء أو بعض الحالات الخاصة. يعمل مركز واحة الحياة “Oasis de Vie- Continuum of Healthcare Center) “ODV)، الذي أنشأته الجمعية الخيرية لطائفة الروم الكاثوليك في بيروت وضواحيها، على استقبال المرضى من مختلف الأعمار والمناطق، والمسنين الذين هم بحاجة للراحة والنقاهة والتعافي. ما جديد هذا المركز اليوم؟ كيف تأسّس وتطوّر وتخطّى أزمتي كورونا والوضع الإقتصادي في لبنان وانفجار مرفأ بيروت؟ وما سرّ نجاحه؟… أسئلة أجابت عنها المديرة التنفيذية لـ“واحة الحياة”، سيده معلّم نصّار في مقابلة خاصة مع مجلة “المستشفى العربي”، وفي ما يلي نَص الحديث:
بدايةً كيف تعرّفين عن مستشفى أو مركز “واحة الحياة”؟
“واحة الحياة” مركز رعائي إستشفائي متخصص. أسسته الجمعية الخيرية لطائفة الروم الكاثوليك في بيروت وضواحيها التي يترأسها الأستاذ روجيه نسناس. يقع المركز في الأشرفية وسط بيروت، وتم افتتاحه في الأول من تموز 2019 برعاية رئيس الجمهورية، وبمباركة بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي. وكان ذلك نتيجة إيمان بأن لبنان سيتعافى وأن علينا جميعا أن نتعاون لبناء مجتمع أفضل. وقد تعاون القيّمون على الجمعية لإتمام هذا المشروع. أنشئ المركز على أرض مقدَّمة هِبَة من المرحومة السيدة ماري يوسف أفتيموس أرملة المرحوم المحامي الأستاذ نمر هبة. ومنطلق الفكرة أن في بيروت مستشفيات كثيرة وكبيرة، لكن لا يوجد مستشفى متمم لها، في حين أن لائحة إنتظار المرضى كانت طويلة للحصول على سرير. من هنا كان قرار إنشاء “واحة الحياة مركز رعائي استشفائي متخصص” وهو الأول من نوعه في لبنان. رؤية المركز بناء مجتمع متماسك ورسالتنا تأمين مجموعة متكاملة وشاملة من الخدمات الصحية للمرضى المحتاجين إلى رعاية داعمة والمصابين بأمراض غير حادة.
مما يتألف المستشفى وماذا تضم أقسامه؟
يتألف مستشفى “واحة الحياة” من 16 طابقاً، ستة سفلية وتسعة علوية، على مساحة بناء 14,630 متراً مربعاً. يضم كنيسة، بهواً للإستقبال، 92 غرفة، 131 سريراً موزعة على غرف مع صالون، غرف فردية وغرف بسريرين. بالإضافة إلى مركز علاج فيزيائي وتأهيلي، نادٍ إجتماعي، طابق لمرضى ألزهايمر، عيادة طب أسنان، عيادات خارجية، صالون لتزيين الشعر، كافيتريا ومواقف سيارات.
وبإمكان المرضى أن يقصدوا النادي حيث تُتاح لهم مشاهدة السينما أو لعب الطاولة أو الرقص والترفيه وغيره من الأنشطة. وما أود الإشارة إليه أن “واحة الحياة” لا ينافس المستشفيات بل يتكامل معها إذ يستقبل المرضى الذين ما زالوا في حاجة إلى رعاية صحية ولا ضرورة لبقائهم في المستشفى فيأتون إلينا، وهذا يشمل المرضى من جميع الأعمار وكذلك بعض حالات الشيخوخة.
ما هي المهام الرئيسية للمركز وأية حالات صحيّة يستقبل؟
يعمل المركز على رعاية المصابين بأمراض دون الحادة أو المتوسطة الحِدَّة، الرعاية الملطّفة، رعاية المصابين بمرض ألزهايمر، رعاية المرضى في المرحلة الأخيرة من حياتهم، العناية بكبار السن والرعاية الإجتماعية. أن الأهل الذين يُقيمون بمفردهم يقصدون النادي الإجتماعي في المركز لتمضية النهار وتناول الغداء والعودة مساء إلى منازلهم، وهذه خدمة توفِّر لهذه الفئة من الناس الراحة النفسية والإكتفاء من بعض المتطلبات. كما نقدّم كل أنواع العلاج الفيزيائي وإعادة التأهيل.
ولا بد من الإشارة إلى أن أعضاء الجمعية الخيرية يؤمنون بأن “واحة الحياة” هو أكثر من مركز رعائي إستشفائي متخصص، إنه علامة الإنتصار على الصعاب في قلب الضائقة التي تحاصرنا، وهو تطور لطموح الجمعية التي قامت بأعمال ومشاريع إجتماعية، صحية، وخيرية منذ تأسيسها. كما يؤكد نائب رئيس الجمعية والرئيس التنفيذي لواحة الحياة السيد ظافر شاوي، أننا نبذل في هذا المركز كل جهودنا وقدراتنا ليكون مرجعاً يؤمّن للمرضى كل ما يصبون إليه من الشفاء والسعادة والراحة.
كيف تصفين الإقبال على المركز خصوصاً أن البعض في ظل الظروف الصعبة بات يتجنب دخول المستشفى إلا في الحالات الملحّة والطارئة؟
التجاوب مع “واحة الحياة” كان إيجابياً جداً، وقد لمسنا ذلك من خلال رضى المرضى وذويهم، فالمريض الذي بحاجة إلى خدمات المركز، يشعر وكأنه في بيته وليس في مستشفى. وما نعمل على تحقيقه هو نيل شهادة اللجنة الدولية المشتركة في الولايات المتحدة الأميركية لاعتماد المستشفيات Joint Commission International – JCI ووزارة الصحة العامة في لبنان، حول جودة الخدمات التي تعطى في المركز وسلامتها.
انطلقتم في العام 2019، أي أن انطلاقتكم واجهت أزمات كورونا والوضع الإقتصادي وتفجير مرفأ بيروت وحققتم النجاح وما زلتم تحققون المزيد، فكيف تمكنتم من ذلك؟
في ظل تركيز القطاع الإستشفائي على وباء كورونا خلال الفترة الماضية وتخصيص المستشفيات مساحات للمصابين، فإن مركز “واحة الحياة” كان يُجري فحوصات الكورونا قبل الموافقة على استقبال أي مريض للحفاظ على سلامة الجميع. بالنسبة إلينا فإن كل لحظة من لحظات العمر ثمينة ونوعيتها قد تكون أهم من كميتها، لذلك كان “واحة الحياة”. وعلى رغم أزمات كورونا والوضع الإقتصادي وتفجير المرفأ كان الطموح كبيراً واليأس ممنوعاً والتفاؤل موجوداً.. استجمعنا جهودنا وقررنا المتابعة، جامعين بين الرعاية الدقيقة والعناية الكاملة والإدارة الرشيدة، فحققنا النجاح وتخطينا الأزمة.
وهناك مسألة مهمة وهي أننا ركزنا على التوعية في المجتمع الذي كان لا يتقبل سابقاً أن يوضع مرضى ألزهايمر في مستشفى فكان ذلك بمثابة التخلي عنهم، أما اليوم فبات يُعتبَر اهتماماً أكثر بهم. استمرّينا صحيح، ولكن بخسارة كبيرة دفعت أعضاء مجلس الإدارة لا سيما السيدان روجيه نسناس وظافر شاوي إلى التضحية من وقتهم وتعبهم ومالهم الخاص إضافة إلى دعم بعض الخيّرين، حتى أنه وصل الأمر إلى تسييل أراضٍ لتخطي الأزمة، وتخطيناها. من أهم أهداف الجمعية أن تدعم من هم بحاجة إلى عنايتنا ولا قدرة مادية لهم على ذلك، فإن الجمعية تساعده كون المساعدة أحد أهدافها. ولكن لتساعد عليك أن تكون قادراً، وهذا ما نعمل على تأمينه، في الجمع بين القدرة على الإستمرار وتوفير أفضل خدمة ودعم لمرضانا.
كيف تصفين الإقبال على المستشفى بعد تخطي الأزمات الكبرى، علماً أن البلد بأسره لم يتخلص بعد من الأزمات؟
الإقبال جيد ويتحسن يوماً بعد يوم وإن كان لم يصل بعد إلى ما نطمح إليه. لكننا نفتح طوابق جديدة ونتوسع باستمرار في الخدمات، وإن كنا أحياناً نضطر إلى فتح طابق وإقفال آخر حسب عدد المرضى ونوعية حالاتهم. فإدارة الأزمات تختلف عن الإدارة في الأوقات العادية. وأنا علمتني خبرتي لأكثر من ثلاثين عاماً في إدارة المستشفيات كيف نتعامل مع الظروف الصعبة والأزمات ونواجه التحديات ونتخذ القرارات الصحيحة لتحقيق النجاح. خصوصاً أننا منذ انطلاقتنا وضعنا نصب أعيننا جودة الخدمات وسلامتها. ووقعنا عقداً مع JCI، وتضم لائحة المواصفات حوالى ألف معيار. ان فريق العمل من موظفين وأطباء يعملون بجهد للتأهل لنكون مستشفى معتمَداً. وهذا يمنح المرضى الثقة بالمستشفى. ونحن فخورون بعملنا المُكمِّل لعمل المستشفيات الكبرى.
في نهاية اللقاء تُصر السيدة نصّار على أن نقوم بجولة في المستشفى من المدخل الذي يبدو مدخل فندق، إلى كامل الطوابق والأقسام، للإطلاع على هندستها وترتيبها الفندقيَين من جهة، وعلى طريقة التعاطي العالية المستوى مع المرضى والراحة المتوفرة لهم مع الأمان النفسي والصحي من جهة ثانية. وتختم بالتأكيد على “رؤية Oasis de Vie“ الفريدة من نوعها والخدمات المتكاملة، حيث هناك مراكز تُقدِّم قسماً مما نقدّم ومراكز أخرى تقدم قسماً آخر، ولكن لا يوجد من يقدم كل ما نوفّره في واحة الحياة من خدمات”.