د. وائل جارودي
الأخصائي في أمراض القلب في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز
د. وائل جارودي
“علاج الرجفان الأذيني يعتمد على دقة التشخيص”
نبضات القلب السريعة حالة نشعر بها عند التعرض لموقف ما سواء توتر شديد أو خوف وهلع أو ربما حب؛ لكن استمرار هذه الحالة لوقت طويل يدل على وجود مشكلة صحية في كهرباء القلب حيث يوجد أنواع عدة منها وأكثرها شيوعا “الرجفان الأذيني”. الدكتور وائل جارودي، الأخصائي في أمراض القلب في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز، يحدثنا عن هذه الحالة المرضية وأبرز عوامل الخطر بالإضافة الى وسائل التشخيص والعلاجات المتطورة.
الرجفان الأذيني حالة مرضية يعاني منها الكثير من الناس. ما هي هذه الحالة؟ وما هي مخاطرها؟
الرجفان الأذيني أو عدم انتظام ضربات القلب هي حالة مرضية شائعة تصيب البعض أحيانا بسبب التوتر الشديد والضغط النفسي فتزداد سرعة دقات قلبهم بشكل كبير، وفي حالات اخرى تصيب هذه الحالة كبار السن لأسباب عدة منها الاصابة بأحد الامراض المزمنة وعدم القدرة على السيطرة عليه او بسبب انقطاع التنفس اثناء النوم وعدم معالجتها أو وجود مشكلة ما في الشرايين او عضلة القلب أو الصمامات.
وفي العادة يكون مصدر تلك النبضات السريعة الأذين أي الخلايا المحيطة بالشرايين والآتية من الرئة؛ قد تكون نوبات الرجفان الأذيني عابرة ولا تسبب أي ضرر، أو قد يحتاج المريض الى التدخل الطبي المناسب للحد من تطور الحالة قبل أن تؤثر على عضلة القلب وتضعفها؛ فالخوف في مثل هذه الحالة تكمن في أن الدم خلال النبضات السريعة يتختّر ومن ثم يعود لطبيعته مع انتظام النبضات والمشكلة هنا يكمن في أن هذا الدم المختّر يصعد الى شرايين الدماغ ويمكن ان يؤدي الى حدوث جلطة. من هنا، فإن المعالجة ضرورية ولا تستدعي التأخير على الإطلاق.
ما هي وسائل التشخيص الحديثة؟ وإلى أي مدى أسهمت في الحد من تطور الحالة؟
في الواقع، تتوافر اليوم وسائل عدة لتشخيص حالات الرجفان الأذيني وتكون البداية دوما بتخطيط القلب الكهربائي (ECG)، وهو فحص يساعد الطبيب في التعرف على كيفية تقدّم الموجة الكهربائية التي تنظّم عمل عضلة القلب.
من وسائل التشخيص المعتمدة أيضا هولتر وهو عبارة عن بطارية يضعها المريض لمدة 24 او 72 ساعة تقوم بمراقبة نبضات القلب على مدار الساعة فتعطي للطبيب تشخيصا دقيقا عن الحالة ويكتشف خلالها الحالة.
بعض الحالات تتطلب نوعا آخر من التشخيص وهو Event Monitor وهي آلة حديثة يتم وضعها لمدة شهر لمراقبة نبضات القلب لحظة بلحظة؛ أهمية هذه الآلة تكمن في أن الطبيب او فريق خاص من مقدمي الرعاية الطبية يقوم بقراءة نبضات القلب ومتابعتها على مدار الساعة ما يعني امكانية اكتشاف الحالة المرضية بمجرد حصولها وبالتالي يقوم الطبيب المعالج فورا باستدعاء المريض والبدء بالمعالجة.
كما أن المريض بدوره يمكنه ارسال انذار الى الطبيب في حال شعر بأمر ما خارج عن المألوف. الساعات الذكية التي تعطي المريض مؤشرات حول نبضات قلبه وينظر في حال كانت سريعة وغير منتظمة، ورغم أن غالبية الحالات تكون عابرة إلا أن هذه الساعات قد تنذر بوجود الرجفان الأذيني.
ما هي العوامل التي تزيد من خطر التعرض للرجفان الأذيني؟
هناك الكثير من عوامل الخطورة التي جعلت من مرض الرجفان الأذيني حالة مرضية منتشرة لدى صغار السن ولم تعد محصورة فقط مع التقدم في السن. من عوامل الخطورة انقطاع التنفس اثناء النوم ونقص الاوكسيجين لاسيما لدى من يعانون من الوزن الزائد، هذه الحالة كفيلة بزيادة خطر التعرض للرجفان الأذيني أكثر بثلاث مرات. وجود أمراض مزمنة كالسكري والضغط وعدم القدرة على ضبطها وابقائها ضمن المعدلات الطبيعية تزيد من خطر الرجفان الأذيني؛ وكذلك أمراض القلب ووجود اعتلال في عضلة القلب من عوامل الخطر ايضا. ومن الممكن أيضا أن يكون فرط نشاط الغدة الدرقية هو سبب لحدوث نبضات قلب سريعة.
كما ان رجال الاعمال وما يتعرضون له من ضغط وكثيري الأسفار الذين يشتكون من قلة النوم وكل من لديه حساسية زائدة في مشاعره ويتأثر بسرعة بالمواقف اليومية في حياته، هؤلاء هم عرضة للإصابة بالرجفان الأذيني مع مرور الوقت.
السيطرة على هذه الحالات تسهم الى حد كبير في الحد من خطر الرجفان الأذيني في حال حصل المريض على العلاج المناسب لحالته.
ما هي آلية العلاج المتبعة؟
بعض الحالات يتم معالجتها بالادوية وتجدر الاشارة هنا الى ان هذه الفئة من المرضى بحاجة الى تناول دواء لتنظيم دقات القلب ودواء مسيل للدم طوال الوقت. بعض الحالات التي لا تستجيب للدواء تتم معالجتها بواسطة الكي وهو ما نقوم به من خلال القسطرة حيث شهدت هذه التقنية تطورا مذهلا لجهة التشخيص والعلاج في آن معا.
في البداية نقوم بتخطيط القلب اللازم لتشخيص الحالة وهو فحص تقليدي نقوم به بشكل روتيني؛ وفي حال عدم تحديد مصادر الرجفان او الكهرباء الزائدة في القلب نلجأ الى القسطرة الكهربائية للحصول على تشخيص دقيق نحدد خلاله مكان الكهرباء الزائدة ونقوم في الوقت نفسه بتعطيلها عبر الكي بواسطة قسطرة رفيعة يتم إدخالها عبر الأوعية الدمويّة إلى داخل حُجرات القلب.