مقابلات

د. سعده علامة

آفاق جديدة في علاج التوحد وتطورات واعدة في الفهم والتشخيص

د. سعده علامة، الأخصائية في طب أعصاب الأطفال في مركز كليمنصو الطبي في بيروت   

يُعتبر اضطراب طيف التوحد (ASD) اضطرابًا نمائيًا عصبيًا حيث تشير الدراسات الحديثة إلى أن العوامل الوراثية والتحورات الجينية تزيد من احتمالية الإصابة به. الأخصائية في طب أعصاب الأطفال في مركز كليمنصو الطبي في بيروت الدكتورة سعده علامة، وفي حوار مع مجلةالمستشفى العربي، تطرّقت إلى العلامات المبكرة التي قد تثير انتباه الأهل والمختصين حول احتمالية وجود طيف التوحد لدى الطفل وأهمية الكشف المبكر في توجيه التدخلات العلاجية والداعمة بشكل فعّال.

ما هي الأسباب الرئيسية أو العوامل التي يُعتقد أنها تساهم في ظهور اضطراب طيف التوحد؟

يُعد اضطراب طيف التوحد (ASD) اضطرابًا نمائيًا عصبيًا معقّدًا متعدد العوامل. تُشير الأدلة الحديثة إلى أن العوامل الوراثية تلعب دورًا رئيسيًا في ظهوره، حيث تم تحديد العديد من الطفرات الجينية المرتبطة بزيادة القابلية للإصابة. كما أن هناك عوامل بيئية قد تتفاعل مع الاستعداد الجيني، مثل مضاعفات الحمل، الولادة المبكرة، التهابات الأم أثناء الحمل، أو التعرض لبعض السموم البيئية.

ما هي العلامات المبكرة التي قد تثير الشكوك حول احتمال وجود طيف التوحد لدى الطفل؟

تبدأ العلامات المبكرة عادةً في الظهور خلال العام الأول أو الثاني من العمر، وتشمل:

  • تأخر أو ضعف في التواصل البصري والاستجابة الاجتماعية.
  • غياب المؤشرات الاجتماعية مثل الإشارة بالإصبع أو متابعة نظرات الآخرين.
  • تأخر أو فقدان مهارات اللغة الشفهية (النطق)  واللغة غير الشفهية.
  • ظهور سلوكيات نمطية متكررة (كالرفرفة، أو الدوران، أو التعلق بروتين معين).
  • ضعف في مهارات اللعب التفاعلي أو التخيلي.
  • الكشف المبكر عن هذه العلامات يُعد مفتاحًا للتدخل الفعّال.

ماذا عن عملية تقييم وتشخيص اضطراب طيف التوحد؟ وما هي الأدوات والأساليب المستخدمة؟

يعتمد التشخيص على تقييم سريري شامل من قِبل فريق متعدد التخصصات، ويشمل:

  • مقابلات مفصّلة مع الأهل لرصد تطور الطفل وسلوكياته (مثل أداة ADI-R).
  • تقييم مباشر لسلوك الطفل باستخدام أدوات مثل مثل (Autusm Diagnostic observational schedule).
  • استبعاد الأسباب العضوية الأخرى كفقدان السمع أو الاضطرابات العصبية الأخرى.
  • تقييم القدرات اللغوية، الحركية، والإدراكية بالتعاون مع أخصائيي النطق والعلاج الوظيفي.

ما هي أهمية التدخل المبكر للأطفال ذوي طيف التوحد؟ وما هي أنواع التدخلات التي يوصى بها؟

التدخل المبكر له تأثير بالغ الأهمية على مسار النمو لدى الطفل، خاصة إذا بدأ قبل عمر 3 سنوات. ومن أبرز أنواع التدخل:

  • برامج تحليل السلوك التطبيقي (ABA).
  • جلسات النطق والتواصل.
  • العلاج الحسي حركي والإنشغالي  لتحسين المهارات الحركية الدقيقة والتكامل الحسي.
  • دعم نفسي وتربوي للأهل لتمكينهم من التعامل مع التحديات اليومية.

ما هي الأساليب العلاجية السلوكية والتعليمية الأكثر فعالية للأشخاص ذوي طيف التوحد؟

تُعتبر الأساليب السلوكية القائمة على الأدلة العلمية من أنجح طرق التدخل، وتشمل تحليل السلوك التطبيقي (Applied Behavior Analysis-ABA) وغيرها من برامج تدريب على المهارات الاجتماعية والتواصل غير اللفظي.

ما هي أهمية توفير بيئات دامجة وداعمة للأشخاص ذوي طيف التوحد في المدارس والمجتمع؟

تشكل البيئات الدامجة عنصرًا جوهريًا في دعم الأطفال ذوي طيف التوحد وتمكينهم من التفاعل والتعلّم في بيئة تحترم الفروقات الفردية. وتشمل هذه البيئات:

  • صفوف تعليمية مُهيّأة بمساعدة معلّمين مدرّبين.
  • خطط تعليمية فردية مرنة.
  • إشراك الأهل ومقدمي الرعاية في الخطة التعليمية والسلوكية.
  • حملات توعية مجتمعية لكسر الوصمة وتعزيز ثقافة الشمول.

ما هي التوجهات الحديثة في أبحاث وعلاج التوحد؟

تشهد أبحاث التوحد تطورات سريعة في مجالات عدّة، من أبرزها:

  • الدراسات الجينومية واسعة النطاق لفهم الأساس الوراثي للتوحد.
  • البحث عن مؤشرات حيوية (Biomarkers) لتسريع وتبسيط عملية التشخيص.
  • تطوير علاجات دوائية تستهدف الدارات العصبية المتأثرة في الدماغ.

يبقى اضطراب طيف التوحد تحديًا معقدًا يتطلب تكاملًا بين الرؤية الطبية، النفسية، والتربوية. ومن موقعنا كأطباء أعصاب أطفال، نؤكد على أهمية الكشف المبكر، التقييم المتعدد التخصصات، والتدخلات السلوكية المكثفة في تحسين جودة حياة الأطفال ودمجهم الفعّال في المجتمع.

هل لديك ما تودّين إضافته في ختام الحوار؟

في الواقع، لديّ بعض التوصيات المتعلّقة باضطراب طيف التوحد وتشمل:

  • تعزيز برامج الفحص المبكر في مراكز الرعاية الأولية.
  • تدريب مقدمي الرعاية الصحية على رصد العلامات المبكرة لطيف التوحد.
  • اعتماد أدوات تشخيصية موحدة مبنية على الدليل العلمي.
  • دعم الأهل وتمكينهم من خلال الإرشاد والتدريب المستمر.
  • الدفع نحو سياسات تعليمية دامجة مدعومة بموارد بشرية ومادية كافية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى