مقابلات

د. حسان عبد العزيز

أخصائي بالشبكية وأورام العين في مركز كليمنصو بالتعاون مع جونز هوبكنز انترناشيونال

د. حسان عبد العزيز

“مضاعفات السكري على شرايين العين ليست وليدة اللحظة”

تبدو العلاقة بين مرض السكري وأمراض العيون وثيقة للغاية، حيث تبدأ تأثيرات المرض السلبية على أجزاء العين ربما قبل أن يدرك المريض أنه مصابا بالسكري كما هو الحال بالنسبة لمرضى السكري من النوع الثاني، إذ من الممكن أن يكون المرض قد بدأ يستفحل في أعضاء الجسم قبل اكتشافه. اما النوع الاول فيستلزم الأمر البدء بفحص العين بشكل دوري بعد حوالى خمس سنوات من اكتشاف الإصابة. الدكتور حسان عبد العزيز، الأخصائي بالشبكية وأورام العين في مركز كليمنصو بالتعاون مع جونز هوبكنز انترناشيونال، تحدث الى مجلة “المستشفى العربي” عن التأثيرات السلبية التي يخلّفها مرض السكري على العين وشرايينها.

البداية مع تأثير مرض السكري على العين. كيف يحدث ذلك؟

مع ارتفاع معدل السكري في الدم، فإن أعضاء الجسم كافة تتأثر به وتحديدا الشرايين الصغيرة والمتوسطة والتي تتواجد بكثرة في العين والكلى وكذلك الأطراف؛ يستلزم الأمر رعاية حثيثة من قبل المريض للحفاظ على اعضائه من اجل تأخير ظهور المضاعفات أو الحد من تطورها. شرايين العين الصغيرة والمتوسطة سرعان ما تتأثر فتصاب بالتضيق ويتوقف الدم عن الوصول الى منطقة ما في شبكية العين، فتقوم بإفراز مواد في تلك المنطقة ومع الوقت تبدأ بعض الشرايين الجديدة بالظهور وهي صغيرة جدا وحساسة كما وتتجمع المياه في مكان ما بالشبكية والنتيجة هنا ضعف في النظر. ثم إن هذه البقعة المتضررة من شبكية العين والتي تفرز تلك الشرايين الصغير والحساسة، سرعان ما تنفجر اثر تعرض العين لارتفاع في الضغط ما يؤدي الى حدوث نزيف داخل العين.  

ولكن، كم من الوقت تتطلب تلك المضاعفات للظهور؟ 

المسألة هنا تعتمد على نوع السكري؛ ففي حالات الاصابة بالنوع الاول سرعان ما يدرك الأطباء لحظة بداية المرض وينبغي عندها البدء بزيارة طبيب العيون بشكل دوري بعد حوالى خمس سنوات من اكتشاف الاصابة؛ اما في حالات السكري من النوع الثاني فمن الضروري أن يبدأ المريض مباشرة بفحص العيون لأنه من غير المعروف متى أصيب بالسكري ما يعني أن امكانية استفحال المرض في جسمه قائمة وقد تكون الآثار السلبية على العين قد بدأت.  اما النوع الثاني فمنذ أن يعرف المريض انه مصاب بالسكري يجب ان يبدأ بفحص العين لاننا لا نعرف منذ متى بدأ المرض معه. “لدينا أحدث آلة لجراحة الشبكية بمواصفات عالمية هي الأولى في لبنان” 

وما العلاقة بين طول فترة الاصابة بالسكري وعدم استقراره بسرعة ظهور المضاعفات؟ 

انه سؤال مهم جدا لان غالبية المرضى عندما يزورون طبيب العيون يقولون إن السكري لديهم مستقر منذ مدة طويلة؛ ولكن المضاعفات التي تصيب العين بسبب داء السكري ليست وليدة اللحظة بل انها تعود الى سنوات طويلة من معايشة هذا الداء حتى لو كان مستقرا. نعم، فإنه كلما حافظ المريض على معدل السكري لسنوات كلما أسهم ذلك في تأخير ظهور المضاعفات لاسيما إذا كان يتابع مع الطبيب المختص بشكل دوري، ولكن بشكل او بآخر فإن العين لدى مريض السكري سوف تتأثر بمرضه في نهاية المطاف.

ولكن، اذا لم يكترث المريض بمعدل السكري لديه وبقي يتأرجح ويرتفع أكثر بكثير من معدله ولفترات طويلة، فمهما خضع من علاجات لن يغير الامر شيء لأنه لا يساعد.

كيف تتأثر أجزاء العين بداء السكري من شبكية وقرنية والجهاز البصري؟

عندما تبدأ القرنية بتجميع المياه، سرعان ما يشعر المريض بضعف في بصره وهو أمر غير ثابت وإنما بحسب مستوى السكري لديه. المسألة الثانية هي ان كل انسان فوق الأربعين يبدأ بالمعاناة من المياه الزرقاء التي تتفاقم بعد سن الـ65 بحسب كل حالة. أما مريض السكري، فإن مشكلة المياه الزرقاء تبدأ مبكرا. من الأمور التي تحدث كذلك مع مريض السكري هو ارتفاع ضغط العين والتي تظهر في مراحل المرض المتأخرة؛ فالشرايين التي تواجدت في أماكن لا يجب أن تتواجد فيها داخل الشبكية لاسيما المنطقة الملونة ومكان تصريف مياه العين، تمنع تصريف المياه ويرتفع الضغط في العين؛ المشكلة هنا انه اذا بقي مرتفعا لوقت طويل من دون أن يتم اكتشافه ومعالجته يمكن أن يؤثر على النظر لدى المريض وللأسف لا يمكن أن يعود نظره الى ما كان عليه.

ماذا عن العلاجات وقدرتها على مساعدة المريض؟

العلاج الأهم والأكثر جدوى هو ضبط مستوى السكري لان اي علاج لن ينفع ما لم يتم السيطرة على المرض، والوقاية هي أهم علاج في هذا الشأن.  بعد ذلك، يتوجب على المريض أن يزور طبيب العيون بشكل دوري لأن الاكتشاف المبكر يسهم في الحد من تطورها وبالتالي يحافظ المريض على نظره لفترة أطول.

أما العلاجات، فقد شهد طب العيون تطورات مهمة منها على سبيل المثال العلاج بالليزر وهو ما نلجأ إليه للتخلص من أطراف الشبكية التي أصيبت بالضمور ولم تعد تنفع، فتتخلص منها لكي  تتوقف عن إفراز ما يضر العين فيصبح الأمر تحت السيطرة. 

من ضمن العلاجات الحديثة نقوم بإجراء حقن في العين وهي تحتوي على مواد مضادة للمادة التي تفرزها الشبكة، فيصبح جدار الشرايين متماسكا ولا يتم إنتاج المياه فيه ولا شرايين جديدة. يحتاج المريض لأكثر من حقنة وذلك بحسب الحالة. صحيح أن الفكرة مخيفة للمريض بعض الشيء الا انه اجراء سهل جدا فلا يشعر المريض متى بدأنا ومتى انتهينا. في مركز كليمنصو اليوم لدينا نوع متطور من الليزر اسمه Code laser؛ الليزر ايضا  يعمل على التخفيف من الشرايين الصغيرة التي نشأت وكذلك التخفيف من المياه المتواجدة على مركز النظر. على مستوى الجراحة يتوافر لدينا احدث آلة لجراحة الشبكية Vitesse بمواصفات عالمية هي الاولى في لبنان وفي الشرق الاوسط يوجد اربع او خمس مراكز فقط يمتلكونها.  بعض الحالات تتطلب عمليات جراحية مثل المياه الزرقاء او النزيف نتيجة ارتفاع الضغط أو انفصال الشبكة.  نحن نوفر لمرضى السكري فحص العين الدقيق بمختلف انواعه وذلك كله في يوم واحد وهو أمر يميزنا عن الكثير من المستشفيات الأخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى