د. جنان أبو ضاهر عواضة
د. جنان أبو ضاهر عواضة
أخصائية في أمراض الكلى وضغط الدم في مركز كليمنصو الطبي في بيروت
”إدارة مرض الكلى متعدد الكيّسات بالعلاج الدوائي والحياة الصحية“
يسلّط مركز كليمنصو الطبي في بيروت الضوء على مرض الكلى متعدد الكيّسات وهو مرض مزمن يؤثر على الآلاف من المرضى ويفتقر إلى التوعية الإجتماعية الكافية. الدكتورة جنان أبو ضاهر عواضة، أخصائية في أمراض الكلى وضغط الدم في مركز كليمنصو الطبي في بيروت، تشاركنا أحدث المعلومات حول هذا المرض وكيفية الوقاية من مضاعفاته وعلاجه، لنفهم أهمية الكشف المبكر عن هذا المرض الصامت.
نود في البداية الإضاءة على مرض الكلى متعدد الكيّسات.
مرض الكلى متعدد الكيّسات هو حالة وراثية تؤثر على الكلى ويمكن أن تؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة في حال لم يتم التشخيص المبكر ومعالجة الأعراض لتقليل المضاعفات. يُطلق على هذا المرض لقب الصامت لأنه يتطور تدريجيًا من دون ظهور أعراض واضحة في مراحله المبكرة. ومع ذلك، فإن وجود ارتفاع مفاجئ وغير مبرر في ضغط الدم أو وجود بروتين أو دم في البول هي دلالات على مشكلة ما في الكلى تستدعي زيارة الطبيب.
يجب على الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للمرض استشارة الطبيب المختص لإجراء الفحوصات اللازمة لأن العامل الوراثي مسؤول عن 50 بالمئة من الحالات، وليس بالضرورة أن ينتقل إلى كل الأبناء.
يتطلب هذا المرض توعية اجتماعية واسعة نظراً لمضاعفاته التي قد تصل إلى الفشل الكلوي ما لم تتم إدارته في وقت مبكر؛ تشير التقديرات في هذا الشأن إلى أن عدد المصابين في الولايات المتحدة يصل إلى 600 ألف شخص، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد ليصل إلى 12.5 مليون بحلول عام 2025. يعود السبب الرئيسي لهذا الإرتفاع إلى نقص الوعي العام وعدم وجود برامج وقائية فعّالة.
ما هي الأعراض التي تستدعي زيارة الطبيب؟
ما أود الإشارة إليه هو تشابه الأعراض بين مرض الكلى متعدد الكيّسات وأمراض كلوية أخرى، لكن الهدف الأساس هو زيارة الطبيب لمعرفة السبب الكامن وراء هذه الأعراض. كما أنه وفي المراحل المبكرة من مرض الكلى متعدد الكيّسات، قد لا تظهر أي أعراض واضحة، ما يجعل تشخيصه صعباً.
تتنوّع أعراض مرض الكلى متعدد الكيّسات بشكل كبير وقد تختلف من شخص لآخر، فالبعض قد لا يعاني من أي أعراض واضحة لسنوات طويلة.
من بين الأعراض الشائعة ارتفاع ضغط الدم، آلام في الظهر أو الجانب، ظهور دم أو بروتين في البول أو عدوى في المسالك البولية بشكل متكرر.
هذه العلامات أو الأعراض يمكن أن تكون مؤشراً مبكراً على وجود المرض. لذلك، من المهم إجراء فحوصات دورية خاصة للأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للمرض لأنه ومع تقدم الحالة المرضية، تزداد الأعراض خطورةً وقد تصل إلى الفشل الكلوي وبالتالي ينتقل المريض إلى الغسيل الكلوي.
ما هي إذن المضاعفات التي يمكن أن يتسبّب بها هذا المرض؟
من أخطر مضاعفات مرض الكلى متعدد الكيّسات على المدى الطويل هو الفشل الكلوي الذي يستوجب اللجوء إلى غسيل الكلى؛ قد يستغرب البعض هذا الأمر لكن هذا المرض يعتبر من عوامل الخطر الرئيسية التي قد ينتج عنها الوصول إلى مرحلة الفشل الكلوي وبالتالي الخضوع لجلسات الغسيل الكلوي تماماً مثل تأثير داء السكري على الكلى المسؤول عن ثلث حالات غسيل الكلى وكذلك ارتفاع ضغط الدم والسمنة المفرطة.
من المضاعفات أيضاً التدخل الجراحي لإزالة الكلية أو جزء منها إذا استمر نمو الكيّسات لتصل إلى حجم كبير مع تكرار الإصابة بالتهابات المسالك البولية.
اللجوء إلى الجراحة أو الغسيل الكلوي من أخطر المضاعفات لهذا المرض؛ ولذلك، فإن التوعية والكشف المبكر والتشخيص الدقيق باستخدام أحدث التقنيات الطبية هو أمر بالغ الأهمية.
ما هي الإختبارات التي يجب إجراؤها لتشخيص مرض الكلى المتعدد الكيّسات؟
في الواقع، التشخيص الدقيق لمرض الكلى متعدد الكيّسات يتطلب تقييمًا شاملاً من قبل الطبيب المتخصص وهناك مجموعة من الفحوصات الطبية الدقيقة بعد التعرف على التاريخ المرضي وإجراء الفحص السريري اللازم.
ما أود الإشارة إليه في هذا المجال أنه ليس كل من لديه كيس أو كيسين على الكلية (Unilateral Cyst) يندرج ضمن إطار مرضى الكلى متعدد الكيّسات؛ في مثل هذه الحالات لا داعي للقلق بل ينبغي فقط المتابعة الدورية لدى الطبيب المختص من أجل مراقبة حجم الكيس خوفاً من تمزق في النسيج الكلوي. من بين الإختبارات التي نقوم بها لتشخيص الحالة: التصوير بالموجات فوق الصوتية للكشف عن وجود الكيّسات، التصوير المقطعي المحوسب (CT scan) للحصول على صور أكثر تفصيلًا للكلى وبالتالي تقييم حجم الكيّسات وعددها، التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) يُستخدم أيضًا لتقديم صور دقيقة للكلى ويمكن أن يكون مفيدًا في بعض الحالات.
من الفحوصات المخبرية المهمة التي نلجأ إليها كذلك تحليل البول الذي قد يُظهر وجود بروتين أو دم في البول، ما قد يشير إلى مشاكل في الكلى؛ هناك تحليل البول الروتيني للبحث عن وجود دم أو بكتيريا أو بروتين، أو زراعة البول لتحديد وجود أي عدوى في المسالك البولية.
هناك أيضاً مجموعة من فحوصات الدم لقياس وظائف الكليتين ومدى كفاءتهما في تصفية الدم؛ فحص البروتين في البول ضروري لأن وجوده بنسب مرتفعة قد يشير إلى تلف في الكلى، بالإضافة إلى فحص الكرياتينين وهو مادة تنتجها العضلات ويتم تصفيتها عن طريق الكلى؛ ارتفاع مستوى الكرياتينين في الدم قد يشير إلى ضعف في وظائف الكلى. هذه الإختبارات تُساعد الأطباء في تشخيص المرض ومتابعة تطوره بمرور الوقت.
ما هي وسائل العلاج المتبعة؟ وما أهمية نمط الحياة الصحي لهذه الفئة من المرضى؟
مرض الكلى متعدد الكيّسات هو مرض مزمن لا يوجد له علاج شافٍ حتى الآن، ولكن هناك العديد من العلاجات للمضاعفات التي تنتج عنه والتي يمكن أن تساعد في إدارة الأعراض وإبطاء تطور المرض وحماية وظائف الكلى المتبقية.
الأدوية الخافضة للضغط مهمة جداً، حيث يساعد التحكم في ضغط الدم على حماية الكلى من التلف، وقد يصف الطبيب أدوية أخرى لتخفيف الألم أو علاج المضاعفات الأخرى المرتبطة بالمرض.
نمط الحياة الصحي يلعب دوراً حاسماً في إبطاء تطور المرض وتحسين نوعية الحياة للمرضى.
السيطرة على ضغط الدم يعد أمراً بالغ الأهمية. الحفاظ على الأكل الصحي قليل الملح والبروتين، ممارسة الرياضة بانتظام، شرب كمية كافية من الماء لطرد السموم من الجسم، تجنب التدخين، وعدم تناول مسكنات الألم من دون استشارة الطبيب، كلها خطوات تبطئ من تطور الحالة المرضية.الفحوصات الدورية هي ركن أساسي في متابعة مرضى الكلى متعدد الكيّسات، حيث يجب على المريض الإلتزام بها بانتظام حتى يتمكن الطبيب من مراقبة تطور المرض وتغيير الخطة العلاجية إذا لزم الأمر، على أن يحدد الطبيب الفترة الزمنية بين هذه الفحوصات بناءً على حالة المريض وسرعة تطور المرض.