دكتورة يولا يوسف
دكتورة يولا يوسف
الأخصائية في الأمراض الجرثومية والمناعة عند الأطفال في مركز كليمنصو الطبي في بيروت
”لقاح الإنفلونزا درع حماية للطفل والمجتمع“
الحصول على لقاح الإنفلونزا في الوقت المناسب يعد خطوة أساسية لحماية المجتمع. فالتطعيم المبكر يساعد على تقوية جهاز المناعة ويقلّل من خطر الإصابة بمضاعفات الإنفلونزا الحادة وعوارضها. ويُعد فصل الخريف الوقت المثالي لتطعيم الأطفال ضد الإنفلونزا، خاصة وأنهم أكثر عرضة للإصابة خلال هذه الفترة. الدكتورة يولا يوسف، الأخصائية في الأمراض الجرثومية والمناعة عند الأطفال في مركز كليمنصو الطبي في بيروت، تحدّثنا عن أهمية اللقاح ودوره في بناء مناعة مجتمعية. وفي ما يلي نص الحوار.
أين تكمن أهمية الحصول على لقاح الإنفلونزا في فصل الخريف؟
إن بداية فصل الخريف هي الفترة الأنسب لتلقي لقاح الإنفلونزا (نهاية شهر أكتوبر كحد أقصى) سواء للأطفال أو الكبار، حيث تبدأ موجة انتشار فيروس الإنفلونزا عادة مع بداية أكتوبر وتبلغ ذروة الإصابات في منتصف فصل الشتاء، أي خلال الفترة ما بين ديسمبر وفبراير.
لتحقيق أقصى استفادة من لقاح الإنفلونزا، يُنصح بتلقي الجرعة في بداية الموسم، وذلك لأن الجسم يحتاج إلى فترة تتراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع لتطوير المناعة الكافية ضد الفيروس. لذا، فإن التطعيم المبكر يضمن حصول الجسم على الحماية اللازمة قبل بدء موجة الإصابات.
وما أود الإشارة إليه في هذا السياق هو اختلاف مواسم انتشار الأمراض المعدية من بلد إلى آخر، وذلك بسبب اختلاف المناخ . على سبيل المثال، يبدأ موسم الإنفلونزا في أوستراليا قبل الموسم لدينا في لبنان والمنطقة، ما يتيح للعلماء هناك تحديد السلالات الفيروسية المنتشرة وتطوير لقاحات فعّالة.
ماذا عن الأطفال؟ من هي الفئة الأكثر عرضة للأمراض؟
تعتبر فئة الأطفال دون سن الخامسة، وتحديداً عمر السنتين أو أقل، من الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالإنفلونزا ومضاعفاتها مثل الالتهاب الرئوي الحاد. لذا، يُنصح بتطعيم الأطفال منذ سن ستة أشهر والأطفال الذين يعانون من أمراض مزمنة كالربو والحساسية، والأطفال الخدج، وأولئك الذين يعانون من مشاكل قلبية أو عصبية أو ضعف في جهاز المناعة. كما يُنصح بتطعيم الأطفال الذين يعيشون مع أشخاص مرضى أو كبار في السن أو امرأة حامل، وذلك لحمايتهم وحماية أفراد أسرهم.
لا بد من التنويه ان الأطفال دون سن الثماني سنوات ويتلقون اللقاح للمرة الأولى هم بحاجة إلى جرعتين من اللقاح بفارق زمني قدره شهر واحد، وهنا تكمن أهمية البدء بتلقي الجرعات في وقت مبكر من الموسم ابتداءً من شهر سبتمبر بالتحديد لهذه الفئة العمرية.
ما هو الدور الأهم الذي يلعبه الأطباء في التوعية بلقاح الإنفلونزا؟
تلعب التوعية المستمرة من قِبل الأطباء دورًا حيويًا في دحض الشائعات المتعلقة بسلامة اللقاحات.
يجب التأكيد مرارًا وتكرارًا على أن اللقاحات آمنة تمامًا ولا تسبب أي مضاعفات خطيرة، حيث أن لقاح الإنفلونزا الذي يُعطى بالعضل يحتوي على بروتينات لا يمكن أن تسبب العدوى ومن الشائع أن يعاني الأطفال من أعراض شبيهة بالإنفلونزا بعد تلقي اللقاح، مثل الحرارة والصداع، ولكن هذه الأعراض خفيفة ومؤقتة وتدل على استجابة الجسم الطبيعية للقاح. يجب التأكيد على أن نسبة أمان اللقاحات عالية جدًا ولا توجد أدلة علمية تربطها بأي آثار جانبية خطيرة. كما أن اللقاحات لا تتفاعل مع الأدوية الأخرى بشكل عام.
ومع ذلك، قد يعتقد بعض الآباء أن أطفالهم أصيبوا بالإنفلونزا بعد تلقي اللقاح. من المهم توعية هؤلاء الآباء بأن تركيبة لقاح الإنفلونزا يتم تحديثها سنويًا بناءً على السلالات المنتشرة في أماكن أخرى من العالم. فالعوارض التي يعاني منها الطفل بعد تلقي اللقاح من حرارة او تعب كلها طبيعية وهي عوارض شبيهة بالإنفلونزا، وعلى الأهل أن يدركوا أن الهدف من التطعيم ليس القضاء على المرض تمامًا، بل تقليل نسبة الإصابة به وحدّته ومضاعفاته في حال الإصابة.
ولكن، عندما نشرح للأهل الفوائد المتعددة لتلقي لقاح الإنفلونزا، والمخاطر المحتملة للإصابة، وخاصة المضاعفات الخطيرة مثل الالتهاب الرئوي، تزداد قناعتهم بأهمية التطعيم. إذن أن اللقاح لا يوفر حماية مطلقة ضد جميع سلالات الفيروس وتلك التي تسبب مشاكل رئوية، ولكن فوائده تفوق بكثير مخاطره.
ما هي الفوائد الصحية التي يوفرها التطعيم للأفراد والمجتمع؟
تلعب اللقاحات دورًا حاسمًا في بناء مناعة مجتمعية قوية. فعندما يتم تطعيم طفل ما، فإننا لا نحمي هذا الطفل فقط، بل نساهم في حماية جميع الأشخاص الذين يتفاعل معهم، مثل أفراد عائلته، زملائه في المدرسة، وغيرهم. فمن خلال تقليل فرص إصابة الطفل بالمرض، نحد من انتشار العدوى في المجتمع. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأطفال الذين يتم تطعيمهم ويتم إصابتهم بالمرض، فإن المرض يكون عادةً أقل حدّة، وتكون مدة العدوى أقصر، ما يقلل من خطر انتقال العدوى إلى الآخرين.
تؤكد الدراسات العالمية، مثل تلك التي تجريها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، على أهمية التطعيم في بناء مناعة مجتمعية. وقد أظهرت هذه الدراسات أن التطعيم يقلّل بشكل كبير من انتشار الأمراض المعدية.