السيد نسيب نصر
السيد نسيب نصر
المدير العام لمستشفى أوتيل ديو
“شبكة مستشفياتنا ستتوسّع هذا العام وفي الأعوام المقبلة”
أدّت تداعيات انفجار مرفأ بيروت في 4 آب / أغسطس 2020، بالإضافة إلى الأزمة المالية المستمرة التي يعاني منها البلد، إلى وضع لبنان على حافة الإنهيار. وبالإضافة إلى ذلك، تأثّر العديد من القطاعات في لبنان بسبب هذا الوضع، وخصوصاً قطاع الصحة الذي يعتمد بشكل كبير على التغطية العامة. وبهدف تسليط المزيد من الضوء على هذا الموضوع، التقت مجلة “المستشفى العربي” السيد نسيب نصر، المدير العام لمستشفى Hôtel-Dieu de France، أحد أبرز المستشفيات في لبنان، والذي تديره جامعة القديس يوسف في بيروت.
ما هي أبرز المخاوف اليوم بالنسبة لقطاع الرعاية الصحية في لبنان؟
إحدى العقبات الرئيسية بوجه القطاع الصحي اللبناني اليوم، هي تراجع التغطية الصحية العامة في لبنان، والوضع الإقتصادي الحالي للبلد، بالإضافة إلى ندرة بعض الأدوية والمستلزمات الطبية الأخرى.
مع التراجع الشديد في قدرة المواطنين على الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية، ما هو دور Hôtel-Dieu de France وشبكة مستشفيات USJ-HDF في مساعدة الناس للحصول على الخدمات التي يحتاجون إليها؟
إن أحد أهدافنا الرئيسية هو الحفاظ على بعض معايير الرعاية الصحية السابقة لدينا، والتي كانت مرتفعة جداً. لا شك أن هذا أمر صعب، إذ ليست مهمة بسيطة في ظل ما يواجه البلد من أزمات. ومع ذلك، أعتقد أن مرحلة الخطر باتت وراءنا. ومن أجل تخطي تلك الفترة الحرجة، عملنا بجد لإنقاذ ثلاثة مستشفيات متوسطة، وتتم الآن إدارتها بواسطة مستشفى أوتيل ديو. وحالياً بات لدينا أكبر شبكة مستشفيات وأكبر عدد أسرّة في لبنان تتمتع بأعلى معايير الجودة. ليس سهلاً أن يتوفر هذا الأمر في لبنان اليوم، بالنظر إلى ما يحدث من أزمات وصعوبات.
ما هي الجوانب الإيجابية وتلك السلبية لإنشاء شبكة مستشفيات في لبنان؟
الجانب الإيجابي هو أننا نخلق تآزراً بين المستشفيات، وبذلك، يمكننا تحسين العديد من الأمور، مثل الخدمات، والدفعات من الأطراف الثالثة الضامنة، والإمدادات، إلخ. أما الجانب السلبي فهو أننا نكون مسؤولين عن ثلاثة مستشفيات إضافية، جميعها تمتلك تاريخًا ماليًا صعباً للغاية بسبب الأزمة، وعلينا الإستثمار فيها لمساعدتها على العودة إلى ما كانت عليه قبل الأزمة.
وحيال ذلك وضعنا خطة لتخطي هذه العقبات تتمثّل المرحلة الأولى منها بمساعدة هذه المستشفيات والإستثمار فيها. وأعتقد أن النتائج ستبدأ في الظهور خلال الأشهر المقبلة.
بالنسبة إلى مستشفى أوتيل ديو ما هي رؤيتكم للتطوير ولمزيد من التوسع؟
أولاً، لا بد من الإشارة إلى أن شبكة المستشفيات التي تتمتع بديناميكية كبيرة، ستتوسّع هذا العام وفي السنوات المقبلة. فحالياً نعمل على تطوير عدد من المشاريع التي تشمل المستشفيات إلى جانب العديد من الأفكار الأخرى.
علاوة على ذلك، لبنان بات يتطلب عدداً أكبر من أسرّة المستشفيات، بالتوازي مع إدارة جيدة مماثلة لتلك التي في مستشفى أوتيل ديو، لأن العديد من المستشفيات الأخرى يمرّ في ظروف سيّئة للغاية. ثانيًا، ستتميّز المسؤولية الإجتماعية لجامعة القديس يوسف في بيروت ومستشفى أوتيل ديو بمرحلة إيجابية جدًا حيث سندعم الناس ونسهل لهم الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية.
هل ما زال قطاع الرعاية الصحية يعاني من آثار الأزمات السابقة أم أنه بدأ بالتعافي؟
لا يزال قطاع الرعاية الصحية في مرحلة الركود السابقة، لكن بشكل أخف من قبل، وسوف يستمر في هذا الركود حتى تستعيد المؤسسات الدستورية دورها بعد انتخاب رئيس جمهورية وتشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحية. وهذا بالإضافة إلى وضع سياسي وإقتصادي مختلف، لأن نجاح المستشفى مرتبط ارتباطًا وثيقًا بما يحدث خارج المستشفى.
فالإستشفاء في لبنان يعتمد في شكل أساسي على التغطية العامة، التي تشمل من 40 بالمئة إلى 50 بالمئة من اللبنانيين وهي موزّعة على أفراد الجيش وقوى الأمن الداخلي، والمواطنين المشمولين بتغطية الضمان الاجتماعي. وكل هذه الجهات الضامنة باتت غير قادرة على مواصلة التغطية بالشكل الذي كان سائداً قبل الأزمة.
بعد أن تم تصنيفه في المركز 23 عالمياً من حيث كفاءة الرعاية الصحية في عام 2019، هل ما زال لبنان اليوم بلدًا حيث الخدمات الصحية من الدرجة الأولى؟
الوضع في البلاد صعب. لا أعتقد أن لبنان لديه اليوم الترتيب نفسه كما في السابق على المستوى الدولي. ومع ذلك، يحل مستشفى أوتيل ديو وشبكة مستشفياتنا، إن لم يكن في المرتبة الأولى، فالثانية في لبنان والمنطقة من حيث جودة الرعاية الصحية.
يُعرف لبنان بخدماته الصحية المتميزة، حيث يأتي الناس من أنحاء العالم لتلقّي العلاج بمستويات عالية الجودة. هل شهد قطاع السياحة العلاجية تراجعاً أيضاً بنتيجة الأزمة الاقتصادية؟
نعم تراجع هذا القطاع، وذلك في الغالب بسبب المشكلة السياسية مع جميع البلدان المحيطة، وليس فقط بسبب الأزمة الإقتصادية. في الوقت الحاضر لا يسافر مواطنو دول الخليج أو المناطق المحيطة قاصدين لبنان للسياحة. الأمر نفسه ينطبق على الرعاية الطبية. فالخليجيون بات لديهم رعاية طبية جيدة وذات جودة عالية، لذلك لم يعودوا يقصدوا لبنان كما في السابق. هم يبنون مستشفياتهم الخاصة بهم والمتطورة بإمكانيات كبيرة، وبالتالي شيئاً فشيئاً يحلّون محل لبنان كمركز للرعاية الطبية. وبذلك، هم يستقطبون العديد من الأطباء والممرضين من لبنان. وهذا الواقع يعقّد المسألة، ويصبح من الصعب الحفاظ على شيء لا مقومات للحفاظ عليه.