مقابلات

السيد جمال حمّاد

نائب الرئيس التنفيذي للمستشفى الأهلي  في قطر ومدير المشاريع

السيد جمال حمّاد

“تمكّنا من تجاوز المحنة بالقليل من الأضرار”

يشكل المستشفى الأهلي أحد أهم المؤسسات الخاصة المساندة للقطاع الصحي في دولة قطر، متبعاً منهجية عمل واضحة لتحقيق المعايير العالمية في إطار الحفاظ على صحة المريض وسلامته. نائب الرئيس التنفيذي للمستشفى الأهلي ومدير المشاريع السيد جمال حماد تحدّث إلى مجلة “المستشفى العربي” حول تجربة المستشفى الأهلي في مواجهة فيروس كورونا والتحول الرقمي بالإضافة الى الرؤية المستقبلية لمرحلة ما بعد كورونا. 

واجه القطاع الصحي خلال العام 2020 تحديات ومصاعب عديدة في ظل تفشي جائحة كورونا في العالم. كيف تقيّمون واقع القطاع الصحي اليوم مع استمرار هذه الجائحة؟ وما هي رؤيتكم للعام الجديد؟

برأيي استطاع القطاع الصحي في دولة قطر أن يتأقلم مع القيود والتعاليم العامة التي فرضتها الجائحة من أجل الحفاظ على الصحة العامة لأفراد المجتمع. وعلى الرغم من الأثر السلبي الذي نتج من الإلتزام بهذه القيود وخاصة على القطاع الخاص إلا أن الحس المجتمعي والإدراك بما هو أخطر كان له – بلا شك – الأثر الأكبر  لتقليل خطر انتقال الوباء وتفشيه. ولعل أكبر دليل على ذلك (وأنا هنا أتكلم من منظور المستشفى الأهلي) هو قلّة عدد المصابين ضمن صفوف العاملين لدينا ولله الحمد. 

أما في ما يتعلق برؤيتنا للعام الحالي 2021؛ فبرأينا ان استمرار سبل وإجراءات الوقاية من جهة وبدء برنامج التلقيح من جهة أخرى كفيلة إن شاء الله لتخطي المرحلة القادمة والتي تتطلب تكاتف جميع الجهات المعنية.

برأيكم، كيف أسهم الوباء في إحداث تغيير على مستوى الرعاية الصحية؟ ما هي الفوائد المرجوة من هذا التغير؟

أستطيع القول بما لا يدع مجالاً للشك بأن أحد أهم أوجه التغيير على مستوى الرعاية الصحية من أثر الوباء هو انتشار الوعي والإدراك بين صفوف العاملين عن أهمية نظافة اليدين باستمرار كأحد أسرع الوسائل لانتقال العدوى بين العاملين والمرضى أو بين العاملين أنفسهم. فنحن نحاول منذ التشغيل أن نزرع هذا الوعي لكي يصبح ممارسة يومية بين العاملين في المستشفى وجعلنا حضور الورش الدورية والتدريب إلزامياً في هذا المجال؛ والوباء ساعد في نشر وتثبيت هذا الوعي. وأحد أهم الفوائد من ذلك هو الوقاية الصحية والحد من انتشار العدوى عن طريق نظافة اليد باستمرار.

نود الحديث عن تجربتكم في مكافحة فيروس كورونا المستجد. كيف تقيّمون هذه التجربة؟

لم تكن بالتجربة التي نود الخوض فيها بالتأكيد، ولكن وجدنا أنفسنا مجبرين على خوضها حفاظاً على السلامة العامة وأفراد المجتمع حيث يعتبر العاملون لدينا جزءً منه. كما أن المستشفى الأهلي يشكل أحد المؤسسات الخاصة المساندة للقطاع الصحي. 

التجربة أعطتنا الكثير من الخبرة والميزات التي لم نكن ندركها ومنها سرعة الاستجابة وتنويع مصادر الموارد وتقدير سعة المخزون الاحتياطي من المواد والعمل الجماعي عبر اللجان المختصة وتنمية طبيعة العمل عن بُعد واستخدام أحدث التقنيات لتحقيق الكفاءة والانتاجية ضمن معايير السلامة التي فرضتها المصلحة العامة على الجميع. لقد كانت ولا تزال تجربة مميزة وفريدة اختلطت فيها جوانب محاسن الوباء ومساوئه بشكل غريب؛ ولكننا كنا ولا نزال دائما ننظر إلى الجزء الممتلئ من الكأس، إن صح التعبير.  

ما هي آليات العمل والمنهجية التي تم اتباعها لديكم للتصدي للوباء؟

نحن جزء من المجتمع وآليات العمل والمنهجية التي اتبعناها لم تختلف عن تلك التي فرضتها علينا المصلحة العامة عبر القيود الضرورية التي وضعتها وزارة الصحة العامة من حيث التباعد الاجتماعي وغسل اليدين باستمرار والعمل عن بُعد وتقليص عدد العاملين والمراجعين ومنع العمليات الاختيارية وغيرها العديد من الضوابط الأخرى.

هلا حدثتنا عن التحول الرقمي في المستشفى الاهلي من حيث الإستشارات الإلكترونية وغيرها؟ 

هذه أيضاً كانت أحد الحلول التقنية التي وجدنا أنفسنا نستكشف مدى فعاليتها في تقديم الرعاية الاكلينيكية عبر بعض العيادات وكان لها ولا يزال إهتمام واسع لدى العديد من المرضى والمراجعين الذين لا يتطلب تواجدهم الجسدي بالعيادة. وقمنا بالفعل بتطبيقها بنجاح في العديد من العيادات التي يصح معها استخدام الاستشارات الإلكترونية.

ماذا عن جهوزيتكم لهذا التحوّل؟ 

نحن جاهزون تماماً وقمنا بتطبيق ذلك كما ذكرت في العديد من التخصصات التي يصح معها الاستشارة الإلكترونية عن بعد؛ ناهيك عن أن المستشفى الأهلي لديه استراتيجية متوسطة المدى للتحول الرقمي الكامل خلال 7 سنوات بدأت منذ العام 2015؛ وتقلص فيها استخدامنا للورق ولله الحمد بنسبة 83% حتى الآن. 

“المصاعد الذكية” كانت من أهم الإنجازات التي تم تنفيذها في المستشفى لمواجهة فيروس كورونا. هلا حدثتنا عن هذه الميزة؟ ما أهميتها؟ وما هو أثرها اليوم؟

منع ملامسة الأزرار في المصاعد من قبل العديد من المرضى والعاملين والمراجعين والزوار عن طريق طلب المصعد من الخارج وتوجيهه من الداخل كانت أحد الأفكار التي جاءت بها الإدارة وقامت بتنفيذها الإدارة الهندسية للحد من انتشار العدوى وانتقالها عن طريق اللمس المتكرر والمتعدد لهذه الأزرار. الفكرة تعتمد على استخدام مجسّات الأشعة تحت الحمراء وإيماءات حركة اليد عن بُعد بدون ملامسة الأزرار. 

طبّقنا الفكرة ونجحت في الاستخدام ولاقت استحساناً ورواجاً لم نكن نتوقعه؛ فبادرنا بتسجيل الفكرة لدى الجهات المعنية بالدولة وعلمنا بأن الفكرة لم تطبق قبل ذلك بأي مكان غير كوريا الجنوبية والصين؛ وبهذا لنا الفخر في قطر بأن نقف بمصاف هاتين الدولتين بهذه المبادرة. والمستشفى الأهلي على استعداد لنشر هذا الفكرة وتطبيقها لدى أي مؤسسة بهدف الحد من انتشار العدوى.   

لقد كان لدولة قطر سواء الحكومة أو وزارة الصحة دوراً أساسياً في هذا الإطار. ما هو حجم التعاون مع الجهات الرسمية؟ وكيف تقيّمون أداء الدولة في هذا الإطار؟

لقد أثبتت دولة قطر بما لا يدع مجالاً للشك بأن الاستراتيجية التي قامت الحكومة الرشيدة ووزارة الصحة باتباعها لمواجهة الجائحة كانت (وبحمد الله لا تزال) من بين أنجع وأنجح الخطط التي تم اتباعها بمختلف دول العالم في الوقت الذي ظن فيه الكثيرون بأن الأرقام لا تتبع المنحنيات المتعارف عليها؛ وجاءت الأيام لتثبت عكس ذلك ولله الحمد.

 ولأن يد واحدة لا تصفق فكان (ولا زال) للتعاون من قبل القطاع الخاص وجميع فئات المجتمع من أفراد ومؤسسات مع الجهات الرسمية أكبر الأثر في إنجاح الخطة الاستراتيجية التي وضعتها الدولة ووزارة الصحة، وهو ما أسميه بـ “الوعي المجتمعي” إن صح التعبير. 

فرضت  جائحة كورونا أعباء كبيرة على القطاع الصحي، كيف تصفون هذه التجربة وما هي الخلاصات التي خرجتم بها؟

كما ذكرت سابقاً، جاءت الأعباء على مختلف المستويات من حيث الكادر ووفرة المواد؛ ومادياً من حيث تكاليف التشغيل وإدارة الإيرادات. وقد وفقنا الله بأن نوّر بصيرتنا وأرشدنا بأن الإبحار عبر هذه الصعاب لن يتم من دون تكاتف وتضحية الجميع مجتمعين لمصلحة المؤسسة والأفراد. 

فتمكنا من تجاوز المحنة حتى الآن بالقليل من الأضرار ومن دون التضحية بأي كادر. هذه التجربة صقلت العديد منا ومتّنت الروابط بين فرق الإدارة وزادت من “وعي المخاطر” لدى الجميع وكيفية التعامل معها بما في ذلك تنويع المصادر وإدارة الأمور خارج نطاق المألوف والمتعارف عليه مهنياً.  

ماذا عن مرحلة ما بعد كورونا، ما هي رؤيتكم للمرحلة المقبلة؟

نقوم بوضع استراتيجية بديلة تأخذ بعين الاعتبار أكثر من سيناريو يتضمن زوال هذه الغمة أو استمرارها  للمدى المتوسط للبعيد. وما نعرفه الآن مما خضناه بأنه أعطانا دعماً نفسياً قبل كل شيء وثقة بالنفس وبأن التكاتف كفيل بإخراجنا من أي أزمات مستقبلية لا قدر الله، متسلحين بهذه النظرة وبالأمل بالله ننوي المضي قدماً في خطط توسعة المستشفى الأهلي والخدمات التي يقدمها وفي تنفيذ الاستراتيجية التي وضعناها واعتمدها مجلس الإدارة. ونسأل الله أن يوفقنا في ذلك ويهدينا لأقرب من هذا رشداً. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى