السيدة سلمى الجاعوني
المدير التنفيذي لمجلس اعتماد المؤسسات الصحية
السيدة سلمى الجاعوني
“مؤسسات الرعاية الصحية المعتمدة لديها قدرات أفضل للإستجابة مع جائحة كوفيد- 19”
تعهد مجلس اعتماد المؤسسات الصحية بأن يكون منارة للمرضى ومقدمي الرعاية الصحية ومؤسساتهم منذ تفشي جائحة (كوفيد- 19)، من خلال توجيهم باستمرار والتوصل الفعّال معهم خلال الظروف الراهنة فأثبت فعالية عالية في هذا الإطار. المدير التنفيذي لمجلس اعتماد المؤسسات الصحية السيدة سلمى الجاعوني خصّت مجلة “المستشفى العربي” بحوار حول الاعتماد والجائحة تناولت فيه أبرز نشاطات المجلس واستعداده للمرحلة المقبلة. وفي ما يلي نص الحوار.
ما هو دور وتأثير رحلة الإعتماد على استعداد مؤسسات الرعاية الصحية لمواجهة الوباء الحالي؟
الآن، وأكثر من أي وقت مضى، تحتاج مؤسسات الرعاية الصحية إلى أن تكون مجهزة بأدوات تحسين الجودة وسلامة المرضى كافة من أجل التكيّف مع الظروف المتقلّبة والمتغيّرة في الوقت الحالي داخل البيئة الصحية الخاصة بمؤسسات الرعاية؛ ومن هنا، ساعدت الإعتمادية وبرامج التقييم ومؤشرات الجودة على ضمان تلبية هذه الحاجات الإستثنائية من أجل زيادة مرونة واستعداد مؤسسات الرعاية الصحية للتكيّف مع الإضطرابات الناشئة في بيئة المؤسسات الصحية بشكل علمي وممنهج.
على مدار الثلاثة عشر عامًا الماضية، عمل مجلس اعتماد المؤسسات الصحية عن كثب مع مجموعة من مؤسسات الرعاية الصحية في الأردن وخارجه، لتحديد الثغرات وتحسينها في ما يتعلق بجودة الخدمات الصحية وسلامة المرضى والعاملين عبر أكثر من محور مثل ضبط ومنع العدوى، وإدارة الأدوية، ورعاية المرضى ومسيرة علاجهم، والسلامة البيئية بهدف توفير رعاية آمنة وشاملة لجميع متلقي الخدمات الصحية. واستنادًا إلى الأبحاث التي تم إجراؤها خلال فترة الحظر الشامل في الأردن (منتصف مارس إلى منتصف يونيو 2020)، وجد فريق عمل المجلس أن مؤسسات الرعاية الصحية المعتمدة لديها قدرات واستعداد أفضل للإستجابة والتعامل مع جائحة (كوفيد- 19) من خلال اعتمادهم على مجموعات معايير المجلس العلمية والدقيقة، وخصوصًا ضمن مجموعات: (1) الإستعداد للطوارئ (2) ضبط ومنع العدوى (3) بناء القدرات (4) إدارة الحالة (5) الاتصال والتواصل (6) الخدمات التشخيصية في المختبرات.
وأشارت النتائج إلى الآثار الإيجابية البارزة لرحلة الاعتماد ودعمها لمؤسسات الرعاية الصحية بحيث تمكنت من الإستجابة بصورة فعّالة وصحيحة، ومنها:
- وجود برامج فعالة للوقاية من العدوى وضبطها.
- قدرة ومهارات أعلى على تطوير وتفعيل خطط إدارة الكوارث والأزمات الخاصة بإدارة حالات الكوفيد- 19.
- توافر وتفعيل لجان خاصة بالإستجابة السريعة.
- تفعيل السياسات والإجراءات الخاصة بمعايير مجلس اعتماد المؤسسات الصحية بما يدعم التواصل الفعّال واتخاذ القرارات المناسبة في الأوقات المناسبة.
- توافر كوادر مدرّبة ومؤهلة للتعامل مع الأزمات، بالإضافة لوجود ثقافة مراقبة الجودة في المؤسسة بما في ذلك جمع البيانات، ومؤشرات الأداء، والتوثيق الدقيق لسجلات المرضى والبيانات السريرية.
كما أفادت المستشفيات المعتمدة أنه تم طلب التوجيه والمشورة منها حول كيفية تفعيل الخطط والأنظمة للتعامل مع الوباء، شهادةً على أن معايير الاعتماد كانت بمثابة محفز وخارطة طريق أثناء إدارة المؤسسات للوباء الحالي.
كيف أثبت مجلس الاعتماد نفسه خلال الجائحة، وما دوره في تعزيز مبادئ الصحة والسلامة؟
منذ ظهور وتفشي جائحة (كوفيد- 19)، تعهد مجلس اعتماد المؤسسات الصحية بأن يكون منارة للمرضى ومقدمي الرعاية الصحية ومؤسساتهم من خلال توجيهم باستمرار والتوصل الفعّال معهم خلال الظروف الراهنة.
التواصل الفعّال هو الحل
من هنا اتخذ المجلس أولى خطواته الفورية نحو نشر الوعي حول الجائحة، من خلال إطلاق حملة رقمية على وسائل التواصل الإجتماعي تحت مسمى “كن مستعدًا تكن آمنًا” حيث هدفت الحملة إلى ضمان حصول مؤسسات الرعاية الصحية ومقدمي الخدمات الصحية ومتلقيها والجمهور ككل، بشكل مستمر على أفضل وأحدث التوصيات والإرشادات العلمية والعالمية المتعلقة بجائحة (كوفيد- 19)، وذلك بهدف تعزيز الإلتزام بالممارسات الآمنة في حالات الطوارئ.
مصدر ومرجع سهل الاستخدام
تمكّن فريق عمل المجلس متعدد التخصصات من الخبراء والمستشارين من تصميم وتطوير ونشر مرجعية مبنية على أهم وأحدث الموارد العلمية الموثوقة باللغتين العربية والانجليزية، بالإضافة لأدوات تحسين الجودة والتحقق من الجاهزية، ووفرها بشكل مجاني للأردن والعالم، وباستطاعتنا القول أن هذه الموارد قد توجت لاحقًا بمنتجين قيمين رئيسيين:
- دليل الجاهزية لـ(كوفيد- 19).
- مجموعة أدوات تحسين الجودة المساندة.
التوجيه لم يتوقف فقط عند مؤسسات الرعاية الصحية
من أجل تمكين مؤسسات الرعاية الصحية بأشكالها كافة من التعامل بمرونة خلال الأزمة ومساعدتها على بناء خارطة طريق داعمة، طوّر المجلس عددًا من قوائم الجاهزية وبرامج الإستعداد لكل من مرافق الرعاية الصحية وغير الصحية، مثل المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية والمختبرات ودور الإيواء ومراكز رعاية الأشخاص ذوي الإعاقة والمدارس ودور الحضانة والمطاعم لتعزيز إجراءات ضبط ومنع العدوى، وتطوير وتنفيذ خطط إدارة الأزمات وإدارة المخاطر، وكيفية الإلتزام بالإرشادات الحكومية والدولية الخاصة بالسلامة العامة، فضلاً عن تدريب العاملين في هذه المؤسسات على هذه المتطلبات والسلوكيات أثناء الجائحة.
بناء القدرات وتبادل المعرفة هي الجوهر
كما صممّ المجلس سبع ورش تدريبية متخصصة عن بُعد وبصورة مجانية عبر منصته الإلكترونية Ejawda للتدريب الإلكتروني، بهدف تقديم أفضل التوصيات وأحدث المعلومات لإدارة حالات (كوفيد- 19) والتعايش مع الجائحة من خلال إستضافة أبرز خبراء المجال وشارك بها أكثر من 850 مشارك من مختلف المؤسسات الصحية. شملت الورش والدورات التدريبية مواضيع ضبط ومنع العدوى، إدارة الحالات المصابة بـ(كوفيد- 19)، العناية الطبية الحثيثة للمرضى المصابين، رعاية حديثي الولادة للأمهات المصابات أو المشتبهات، التأهب لحالات الطوارئ، العناية السنية أثناء الجائحة، الرضاعة الطبيعية أثناء الجائحة، وغيرها من المواضيع. علاوةً على ذلك، وبهدف الحفاظ وتعزيز التشاركية مع المجتمع المحلي والشركاء وأصحاب المصلحة بالإضافة لمؤسسات الرعاية الصحية ومقدمي الخدمات فيها من العاملين في خطوط الدفاع الأمامية، أطلق المجلس سلسلتين من الندوات عبر الإنترنت وشارك في عدة ندوات دولية تناولت مجموعة متنوعة من الموضوعات المتعلقة بالاستعداد والاستجابة لـجائحة (كوفيد- 19). تألّفت السلسلة الأولى من أربع ندوات عبر الإنترنت تم تقديمها على شكل مقابلات أجرتها المدير التنفيذي لمجلس اعتماد المؤسسات الصحية مع أبرز قادة وروّاد القطاع الصحي في الأردن، للحديث حول دور الجودة وسلامة المرضى والعاملين في القطاع العام والخاص وكذلك دور طب الأسرة والصحة النفسية، أما السلسلة الثانية فضمت عدد من الاستضافات مع مختلف مؤسسات الرعاية الصحية المعتمدة لدى المجلس لمشاركة تجاربها في التعامل مع الجائحة ودور الاعتماد وبرامج الجودة والمعايير في التصدي ومواجهة الأزمة.
برأيك، هل سيكون التطبيب والمداواة عن بُعد هي السمة الجديدة في أنظمتنا الصحية؟
دفع تفشي جائحة (كوفيد- 19) كل العالم إلى تفعيل أشكال جديدة وبديلة من الممارسات في مجال الأعمال والتعليم ومما لا شك فيه مجال الرعاية الصحية، حيث من المعروف أن أطروحة التطبيب عن بُعد كانت موجودة منذ سنوات في الأنظمة الصحية العالمية، لكن سرعان ما تم تفعيلها الأشهر الستة الماضية ونقلها من خانة ممارسات مرغوبة فقط إلى اعتبارها شرط أساسي في التخطيط المستقبلي للرعاية الصحية. وأمام العديد من مشاهداتنا للعقبات التي تخطتها التكنولوجيا لتساهم باستمرارية الرعاية الصحية، وبالرغم من إدراكنا أن نظام التطبيب عن بُعد لن يحل أبدًا محل تقديم خدمات الرعاية الصحية وجهًا لوجه، إلّا أننا نؤمن بمنهجة وتطوير عملية توصيل الخدمات الصحية عبر الانترنت وباستخدام التكنولوجيا لدفع عجلة الرعاية الصحية وضمان عدم توقف مسيرة المرضى العلاجية. وظهرت في الأردن العديد من المبادرات الرائعة لضمان استمرارية الرعاية الصحية، كمبادرة الحكومة الأردنية بإنشاء منصة “e-Med Hakeem” بهدف تسهيل وصول أصحاب الأمراض المزمنة إلى أدويتهم الشهرية المتكررة من خلال واجهة سهلة الاستخدام لصرف الوصفات الطبية، وأثق بقدرتهم على التطور والاستمرار. وبهذا الحال، فإن اعتماد أنظمة التطبيب عن بُعد بشكل أوسع والتكيّف معها يتطلب تطوير سياسات واجراءات خاصة بسير عملية رعاية المرضى وكيفية التواصل الفعّال معهم، والتي سيكون مجلس اعتماد المؤسسات الصحية على أتم الاستعداد لتوفيرها ومواكبتها وطرحها.
ما هي خارطة الطريق لمجلس اعتماد المؤسسات الصحية للتعامل مع الوباء وللمضي قدمًا إلى ما بعد (كوفيد- 19)؟
من الآن وصاعدًا، سيواصل مجلس اعتماد المؤسسات الصحية بالعمل على تفعيل رؤيته ومهمته في جعل مؤسسات الرعاية الصحية في حالة تأهب واستعداد مستمر للطوارئ مثل الجائحة الحالية أو عند حدوث أي أزمات مستقبلية، كما نؤمن بضرورة تفعيل قدرة المؤسسات على استمرارية تقديم الرعاية الصحية في ظل هذه الظروف الإستثنائية وبعد تخطي الجائحة الحالية، وهذا هو جوهر ما ننادي به الآن. بالإضافة إلى ذلك، يعمل مجلس الاعتماد حاليًا على تعزيز وتوسيع متطلبات الإستعداد للطوارئ في معايير الاعتماد الخاصة به مع ضمان تحديث وإضافة أحدث الإرشادات العلمية والعالمية بشأن ضبط العدوى ومنعها وإدارة الحالات وإدارة الطوارئ من خلال جميع دورات مراجعة المعايير الخاصة به. كما تكيف المجلس مع القيود الحالية من خلال تصميم وتنفيذ نموذج تقييم إفتراضي وعن بُعد لضمان استمرار تقديم خدمات الاعتماد وعدم انقطاع دورة التحسين وتقييم الجودة، وهذا ما يؤسس لتطوير مستمر في منهجياتنا وآلية عملنا وخدماتنا المقدمة.
وفي وسط حالة عدم اليقين السائدة حاليًا، نعي بأنه ما زال أمامنا طريق طويل لنقطعه، إلّا أن مجلس اعتماد المؤسسات الصحية مؤسسة مجهزة بجودة عالية وتتسم بالتطور المستمر والكفاءة الفنية العالية والوعي بالظروف المحيطة، مما يسمح لها بتجاوز التحديات الواقعة في الأنظمة الصحية في مختلف القطاعات والبلدان ومد يد العون لمؤسسات الرعاية الصحية دومًا، نحن هنا وسنبقى بخدمة سلامة المرضى ودعم مبادئ الجودة في جميع الأوقات.