الدكتور وليد أبو جوده
الدكتور وليد أبو جوده
الأخصائي في أمراض وزراعة الكلى في مركز كليمنصو الطبي في بيروت
”الإفراط في تناول المسكنات له تأثير مباشر على صحة الكلى“
عندما تفقد الكلى قدرتها على أداء مهامها بشكل جيد، تبدأ معاناة المريض بالفشل الكلوي الذي إما أن يكون حادّاً أي عندما لا يتخطى الأسبوعين، أو مزمناً في حال استمر لفترة ثلاثة أشهر أو أكثر حين تنخفض وظيفتها إلى 15 بالمئة وما دون ذلك. الدكتور وليد أبو جوده، الأخصائي في أمراض وزراعة الكلى في مركز كليمنصو الطبي في بيروت والحاصل على البورد الأميركي في الطب الداخلي وأمراض الكلى، تحدّث إلى مجلة “المستشفى العربي” عن أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الفشل الكلوي والتطورات الحاصلة على مستوى العلاجات.
ما هي الأسباب أو العوامل التي تؤدي إلى الفشل الكلوي؟
كثيرة هي الأسباب التي تؤدي الى الإصابة بالفشل الكلوي، ولعل أهمها داء السكري غير المنضبط وهو السبب الرئيسي، يليه إرتفاع ضغط الدم. وهناك أيضاً بعض الأمراض الوراثية مثل تكيّس الكلى والإلتهابات الناتجة عن اضطراب في المناعة أو أمراض وراثية تؤدي إلى إلتهاب الكلى.
السكري عندما يكون غير منضبطاً يؤثر على عمل الكلى ويؤدي تدريجياً إلى تدهور وظائفها، ويظهر ذلك من خلال ارتفاع معدل الزلال في البول؛ يمكن القول إن داء السكري غير المنضبط هو السبب الأول للفشل الكلوي المزمن.
إرتفاع ضغط الدم كذلك له تأثير مباشر على صحة الكلى، حيث يؤدي إلى فشل تدريجي في وظائف الكلى نظراً للضغط المتواصل على وظائف تكرير الدم من قبل الكلى.
بالإضافة إلى ضغط الدم المرتفع والسكري غير المنضبط، هناك عوامل وحالات مرضية قد ينتج عنها الإصابة بالفشل الكلوي، مثل:
- الجفاف نتيجة فقدان سوائل الجسم.
- نقص حجم الدم Hypovolemia نتيجة نزيف ما.
- تناول أنواع مُعيّنة من الأدوية مثل مُدرّات البَول التي قد تتسبّب بخسارة الجسم لكميّات كبيرة من السوائل.
- إنسداد في الشريان الكُلوي أو الوريد الكُلوي، ما يؤدّي إلى زيادة تدفق الدم من وإلى الكليتَين.
- تشكُّل جلطات دمويّة داخل الكلى أو حولها.
- الإصابة ببعض الأمراض مثل إلتهاب الأوعية الدموية أو إلتهاب كُبيبات الكلى وغيرها.
- مشاكل في التخلُّص من البَول نتيجة الإصابة ببعض الأمراض مثل حصى الكلى، تضخُّم البروستات، تلف الأعصاب التي تتحكَّم بالمثانة أو بسبب تكوُّن الأورام السرطانيّة التي تُعيق مرور البَول مثل سرطان البروستات، سرطان القولون وسرطان المثانة.
ما هو تأثير مسكنات الآلام ومضادات الإلتهابات على صحة الكلى؟ وهل تأثيرها السلبي هو ذاته لدى الجميع أم أن هناك فئات تتأثر أكثر من غيرها؟
في الواقع، هناك تأثير فعلي ومباشر على الكلى ناتج عن الإفراط في تناول المسكنات ومضادات الإلتهاب لكن يتفاوت تأثيرها على الناس بحسب حالة كل شخص والأكثر تأثّراً هم كبار السّن أو من يعاني من أمراض مزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب. فالإفراط في تناول المسكنات أو مضادات الإلتهاب من دون إشراف طبي يقلّل من تدفق الدم إلى الكلى. كما يمكن أن يؤدي الإستخدام طويل الأمد بجرعات أعلى إلى الإضرار بالكلى الطبيعية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتعرّض الكلى للإلتهابات إذ تتسبب في زيادة إفراز مادة البروستاجلاندين المسؤولة عن تسكين الألم في المناطق المصابة، وهي متواجدة في الكلى، وتتسبب في اتساع شرايين الكلى من أجل تسهيل تدفق الدم الواصل إليها وبالتالي تحسين التغذية الدموية التي تصل إليها. ولكن مع تناول المسكنات يقل إفرازها في الكلى وبالتالي تتسبب في تقليل الدم الواصل إليها والمسؤول عن تغذيتها وبالتالي تقل كفاءتها الوظيفية المسؤولة عن التخلص من السموم الموجودة في الجسم فتترسب على أنسجة الكلى وتؤدي لتعرضها للإلتهاب.
متى يكون الفشل الكلوي حاداً؟ كيف يتم التشخيص؟ وهل يعود عمل الكلى إلى طبيعته بعد العلاج؟
يتم تشخيص الفشل الكلوي الحاد عند ارتفاع معدل الكرياتينين واليوريا (زلال البول) وذلك لمدة أسبوعين تقريباً. يُشفى المريض من هذه الحالة إذا تمّت معالجة الأسباب التي أدّت لهذا الفشل الحاد وسرعان ما تعود الكلى إلى عملها بشكل طبيعي.
ماذا عن الفشل الكلوي المزمن وتشخيصه؟ ما هي العلاجات المعتمدة؟
إذا تخطت فترة الإصابة بالفشل الكلوي الحاد ثلاثة أشهر من دون أن يتحسّن المريض، يُصنّف عندها أنه فشل كلوي مزمن أي عندما تنخفض وظيفة الكلى إلى ما دون الـ 15 بالمئة، فيحتاج المريض عندها إلى علاجات بديلة وهي إمّا غسيل الكلى الدموي أو البريتوني وإمّا زراعة الكلى إذا وُجد متبرع متوفى أو حي تتطابق مواصفاته مع مواصفات المريض.
ما هو التطور الحاصل في مجال الأجهزة والتقنيات المتبعة في أقسام غسيل الكلى؟
هناك تطورات هامة على مستوى الأجهزة والتقنيات المعتمدة في مراكز غسيل الكلى والتي باتت أكثر كفاءة ودقة وسهولة في عمل أجهزة غسيل الكلى سواء أجهزة الغسيل الدموي أو البريتوني. إضافة إلى ذلك، فإن الإختبارات السريرية على الكلى الإصطناعية تسير على قدم وساق والتي يُفترض أن تكون متاحة في السنوات القليلة المقبلة. وهناك أيضاً إختبارات على زراعة الكلى من حيوانات تتم معالجتها خصيصاً لهذا الغرض.